أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فتحى سيد فرج - السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 2 / 4















المزيد.....

السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 2 / 4


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 5799 - 2018 / 2 / 26 - 11:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الحاجة إلى فكر إستراتيجي جديد : في ثمانينيات القرن العشرين، أدى بروز الاختلالات الكبيرة في الاقتصاد في بعض الدول الناشئة وأزمة ديون أمريكا اللاتينية إلى تبني "إجماع واشنطن" وأصبحت برامج التكيف الهيكلي هي الواسطة للتفاعل بين البنك والدول ذات الدخل المنخفض. ومع سقوط حائط برلين والبحث عن إجماع جديد، تحول البنك نحو مدخل آخر للتنمية. فقد تبنى تنمية شاملة تركز على التنمية الاجتماعية والحد من الفقر. كما سعى لإدخال شركاء )برلمانيين، ومنظمات مجتمع مدني، وقادة قطاع خاص( في الأجندة الدولية، كما ركز البنك الدولى على إنجاز الأهداف الإنمائية للألفية، وتحسين الحوكمة، وضمان النتائج على الأرض من خلال تقييم صارم للنتائج .
كثير من النقاد فسروا إجماع واشنطن بحيث يمثل سياسات نيوليبرالية مثل تحرير الحساب الرأسمالي، أو النزعة النقدية، أو اقتصاديات جانب العرض، ولكن سبب فشله أنه دعا لمجموعة من مؤسسات السوق المثالية التي قد يكون بعضها مفتقدا في اقتصادات السوق المتقدمة. إنه لم يكن إستراتيجية اقتصادية فعالة بالنسبة لمعظم الدول النامية .
معظم الدول النامية الناجحة، وسعت من قواعدها وانتقلت إلى منتجات صناعية أكثر رقيا. واستهدفت إستراتيجية تشجيع الصادرات بدلا من إستراتيجية بدائل الواردات التي دعت إليها تعاليم البنيويين القدامى. كما أن كلا منها كانت لديها حكومة سباقة تساعد القطاع الخاص على الدخول في صناعات جديدة بدلا من الاعتماد على المنافسة السوقية وحدها كما دعا إجماع واشنطن .
وعلى الرغم من التقدم الفكري الذي لا ينكر، فإن هناك أسئلة واجهت أجيالا سابقة من الباحثين: لو أن النمو يُدفع بدرجة كبيرة بواسطة الابتكار، لماذا تكون بعض الدول ناجحة في الابتكار والتكيف مع التغيير، بينما دول أخرى ليست كذلك؟ أي القوى تدفع التقارب، وأي العوامل تكبت التقدم المادي؟ ما هي الشروط اللازمة لأنواع التغير الهيكلي التي تسمح للدول ذات الدخل المنخفض بأن تصبح اقتصادات ذات دخل متوسط ثم ذات دخل مرتفع؟ ما هي أهم محددات النمو (الشروط الأولية، المؤسسات، السياسات؟) ما هو الدور المناسب للحكومات وللأسواق في ديناميكيات النمو؟ .
بعد نحو مائتي وخمسين عاما من العمل الشاق وصل الاقتصاديون إلى أن يفككوا ميكانيكيات النمو المستدام، ويحاولوا أن يكونوا منها شيئا متسقا وموثوقا به، إلحنان هلبمان، الذي صك تعبير "لغز النمو الاقتصادي"، يحدد مكونات اللغز، ويحكي قصة علم اقتصاد النمو كما انتظمت حول عدد من الموضوعات: أهمية تراكم رأس المال المادي والبشري، وأثر العوامل التكنولوجية على معدل هذا التراكم، وعملية خلق المعرفة وأثرها على الإنتاجية، والاعتماد المتبادل بين معدلات نمو الدول المختلفة، وأخيرا، دور المؤسسات الاقتصادية والسياسية في تشجيع التراكم .
إن الدروس المستمدة من إخفاقات ونجاحات التنمية ومن التحليل الاقتصادي يمكن أن تستخدم في وضع منهج جديد للتحول الاقتصادي، يمكن أن ينطبق على كل الدول، ويمكن صناع السياسات من الدول منخفضة ومتوسطة وعالية الدخل أن يستمدوا منه قرارات سياسات عملية.
ويقدم الكتاب فى الفصل الخامس إطارا جديدا لاقتصاد بنيوي جديد، يبني على أن الدولة كمُيَسِّر في اقتصاد سوق تساعد البلد النامي على أن يحول بنيته المتخلفة إلى أخرى جديدة. ولكن على العكس من النظرة الجامدة والمقيدة التي يطرحها الاقتصاد البنيوي "القديم"، هذا الإطار الجديد يقترح أن يبدأ التحليل مما تمتلكه الدولة الآن، أي على ميزاتها النسبية، كما أنه يفسر الاختلافات في الصناعات والتكنولوجيات بالنسبة لدول في مستويات مختلفة من التنمية ويرسم طريقا لسد الفجوة بين الدول الفقيرة والغنية.
هذا المنهج الجديد يأخذ في اعتباره الفروق بين الدول المتقدمة والدول النامية باعتبارها إلى حد كبير عوامل داخلية في بنى مؤهلاتها، ويزعم أن الاعتراف بأهمية البنى في التنمية الاقتصادية، وفهم السوق باعتباره المؤسسة الرئيسية لتخصيص الموارد، والقبول بالدولة كميسر إستراتيجي هي أسرار النجاح الاقتصادي في كل مكان. إنه يقدم أيضا تفسيرا متسقا لقصص النجاح والفشل. فعلى مر التاريخ، الدول النامية التي اعتمدت على ميزاتها النسبية أصبحت تنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، وحققت أكبر فوائض اقتصادية ممكنة، وراكمت أكبر رأسمال ممكن، وطورت من رأسمالها البشري وتكنولوجياتها وصناعتها بأسرع طريقة ممكنة. وعلى العكس، الدول النامية التي تجاهلت ميزاتها النسبية واجهت ركودا وأزمات مختلفة .
إن الاقتصاد البنيوي الجديد يتحدى الانفصام بين الدول النامية والمتقدمة، الذي أدى بالمفكرين البنيويين القدامى لأن يغفلوا عن حقيقة أن التنمية الاقتصادية عملية مستمرة تعطي كل دولة تتبع ميزتها النسبية الفرصة لكي تطور وتكيف بنيتها الاقتصادية المثلى عند كل مستوى من التنمية. تلك العملية تجعل الدول تنافسية وقادرة على الاستفادة من مزايا كونها متأخرة في الابتكارات التكنولوجية والصناعية والمؤسسية، وعلى أن تطور مؤهلاتها وبنيتها الصناعية بأسرع طريقة ممكنة. وعلى الرغم من أن البنيويين القدامى أيضا ينظرون غالبا للدول النامية باعتبارها ضحايا معتمدة على الموارد في مواجهة قوى سياسية واقتصادية خارجية مهيمنة تفرض انخفاضا متعمدا في أسعار السلع، فإن الاقتصاد البنيوي الجديد يرفض نظريات التبعية. وهو يرى –في عالم متعولم بشكل متزايد- فرصا للدول النامية لمواجهة الاتجاهات التاريخية السلبية عن طريق تنويع اقتصاداتها واستيعاب المعرفة المتاحة لبناء صناعات متسقة مع ميزتها النسبية لكي تسرع من النمو وتتقارب مع الدول المتقدمة.
هناك فرق رئيسي آخر بين الاقتصاد البنيوي الجديد والقديم، فالاقتصاد البنيوي القديم ينظر إلى التدخل الحكومي باعتباره المكون الرئيسي للتحديث. ومن بين الأدوات الرئيسية التي يجب استخدامها للانتقال من دول "نامية" إلى دول "مصنعة"، الحمائية كسياسة عامة (مثل التعريفة الجمركية من قبل الحكومة على الواردات لحماية الصناعات الوليدة)، وسياسات سعر الصرف الجامدة، وكبح النظام المالي، والمشروعات المملوكة للدولة في معظم القطاعات، أما الاقتصاد البنيوي الجديد فيخلص إلى أن دور الدولة يجب أن يكون محدودا في توفير المعلومات عن الصناعات الجديدة، وتنسيق الاستثمارات ذات الصلة ببعضها فيما بين المشروعات المختلفة في ذات الصناعة، والتعويض عن الآثار الخارجية للمعلومات التي توفرها المشروعات الرائدة، ورعاية واحتضان الصناعات الجديدة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتشجيع التجمعات. وعلى الدولة أيضا أن تكون قائدة في تحسين البنية الأساسية الصلبة والناعمة لكي تقلل من تكلفة المعاملات بالنسبة للمشروعات المنفردة وتيسر عملية التنمية الصناعية للبلاد .
باختصار، فإن الاقتصاد البنيوى الجديد ينتظم حول أربع أفكار، الأولى : هي أن مؤهلات عوامل الإنتاج وبنيتها في أي اقتصاد (معرفة بالوفرة النسبية في الموارد الطبيعية والعمل ورأس المال البشري ورأس المال المادي)، والتي تعكس مستوى تنمية الدولة، تمثل مُعْطى في أي وقت محدد ولكنه قابل للتغير عبر الزمن، الفكرة الثانية هي أن كل مستوى من التنمية الاقتصادية هو حلقة في سلسلة بدءا من اقتصاد كفاف زراعي ذي دخل منخفض وحتى اقتصاد مصنع ذي دخل مرتفع، الفكرة الثالثة : هي أنه عند كل مستوى معين من التنمية تكون السوق هي الآلية الأساسية للتخصيص الفعال للموارد. وبالإضافة لذلك، فإن التنمية الاقتصادية، باعتبارها العملية الديناميكية في الانتقال من مستوى إلى الذي يليه، تتطلب تنويعا وتطويرا صناعيين، وتحسينات مقابلة في البنية الأساسية الصلبة والناعمةالفكرة الرابعة هي أنه لما كان التخصص والتنوع والتكامل عوامل حاسمة في تخفيض تكلفة المعاملات في أي صناعة وفي جعلها تنافسية في السوق العالمي، فيجب على الحكومة أيضا أن تقدم حوافز لحث المشروعات الخاصة على الدخول في القطاعات التي تستوفي المعايير الآتية : أن تكون متسقة مع الميزة النسبية للبلد، وأن يكون لها سوق عالمي كبير، وأن تنطوي على احتمالات كبيرة لمزيد من التطوير والتنويع الصناعيين. مثل هذه الحوافز سوف تساعد المشروعات الخاصة على تكوين تجمعات بسرعة وعلى أن تتجنب الوقت والفاقد الذي تنطوي عليه مجرد عملية تنمية عفوية .
والاقتصاد البنيوي الجديد يوصي باستخدام حصة مناسبة من إيرادات السلع في الاستثمار في البشر، والبنية الأساسية، وفي رأس المال الاجتماعي، حيث إن أفقر المجتمعات في العالم، حيث يعيش (بليون القاع)، سوف تحتاج في العقود القادمة لأن تدير الفرص والمخاطر التي تطرحها الموارد الطبيعية : "إن أفريقيا ووسط آسيا هي آخر جبهات استخراج الموارد الطبيعية، ومع أسعار عالمية مرتفعة لتكنولوجيات التنقيب، فإن الأصول الطبيعية المخبأة في باطن أراضيها سوف تكتشف. وهذا قد يؤدي إلى استنزاف ونهب للبيئة أوإلى انعتاق سريع من الفقر، هذا سيعتمد على الخيارات التي ستتخذها تلك المجتمعات، إن استغلال الموارد الطبيعية يمكن أن يولد إيرادات كبيرة، ولكنه عموما استثمار كثيف رأس المال جدا ويوفر عددا محدودا من فرص التوظف. والبلدان منخفضة الدخل وفيرة الموارد تميل لأن يكون لديها وفرة في العمل واحتياجات توظيف ضخمة، كما إن تسخير الأصول الطبيعية ليس من "الحكم الرشيد" .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 4 /1
- تطور اللغة المصرية فى العصر المسيحى إلى - اللغة القبطية -
- محمود طاهر لاشين -رائد القصة القصيرة- تناساه النقاد وتغافلت ...
- التخازل العربى فى مواجهة العنف الامريكى
- عرض الكتاب الحائز على أفضل أصدار فى عام 2017 -تشريح الهزيمة- ...
- عرض الكتاب الحائز على أفضل أصدار فى عام 2017 -تشريح الهزيمة- ...
- محمود طاهر لاشين رائد القصة القصيره المنسى 2/2
- محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيرة المنسى 1/2
- هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟
- الحداثة والتحديث الناقص
- فى ذكرى الغزو العثمانى لمصر
- معوقات تحقيق العدالة الإنتقالية
- 500عاما على الغزو العثمانى لمصر
- مستقبل العقل
- عرض كتابان عن النمو الاقتصادى
- التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة
- اسرانا حتى لا ننسى
- أسلوب عقيم يساهم فى تفاقم ظاهرة الأرهاب باسم الدين
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 5 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فتحى سيد فرج - السعي إلى الرخاء .. كيف تنطلق الاقتصادات النامية 2 / 4