أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الفرحان - الشباب والحراك الاجتماعي، تساؤلات ما بعد حركة 20 فبراير















المزيد.....

الشباب والحراك الاجتماعي، تساؤلات ما بعد حركة 20 فبراير


أحمد الفرحان

الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 17:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ملخّص المداخلة الشفويّة التي ألقيتها بملتقى شبيبات فيدرالية اليسار ومجموعة أطاك فاس يوم السبت 17 فبراير بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بفاس، تحت شعار: دور الشباب في الحراك الاجتماعي بالمغرب، وذلك بمناسبة ذكرى حركة 20 فبراير بالمغرب.
ملخّص المداخلة:
تعدّ حركة 20 فبراير حدثا سياسيا بامتياز في تاريخ المغرب المعاصر، ومن بين ميزاتها إبداع المبادئ الكبرى لتحرير الوعي السياسي الجماهيري والوطني من الاستبداد، وهي: حرية-كرامة-عدالة اجتماعية. كما فتحت نقاشا عموميا واسعا وعريضا بين كل الفئات الشعبية حول قضايا سياسية كبرى تشكل المقومات الاستراتيجية لإصلاح النظام السياسي بالمغرب وتأهيله للانتقال الديمقراطي السلمي، ومن بينها: مسألة التنمية والتوزيع العادل للثروة، ومسألة السيادة والحكم، ومسألة المحاسبة وربط المال بالسلطة، وتعديل الدستور لتحديد صلاحيات المؤسسات السياسية المنتخبة والمؤسسة الملكية، ومسألة الحريات العامة والفردية... وبهذا، شكّلت فعلا مفصلا تاريخيا في تاريخ النضال السياسي بالمغرب. ويبقى التساؤل المطروح دائما: لماذا لم تتمكّن حركة 20 فبراير من تحقيق الأهداف التي حدّدتها؟ ونقدم هنا إجابة من شقين: الشق التنظيمي: ويتمثّل في عدم قدرة حركة 20 فبراير على تعبئة الجماهير الشعبية حول مبادئها الكبرى: حرية-كرامة-عدالة اجتماعية، من حيث هي مبادئ ذات مشروعية سياسية وحقوقية في بناء دولة مؤسسات حديثة ديمقراطية ومجتمع عادل ومتماسك ومتضامن بدون استغلال أو احتقار، لكنها تفتقر إلى خلفيّة إيديولوجية واضحة قادرة على تأطير وتعبئة الجماهير حولها، ممّا ظلت مجرّد شعارات تردّد بحماس كبير فاقدة لمضمون الرسالة التي تريد إبلاغها ولا تجد آذانا صاغية من عموم المواطنين. ولهذا ظلّت حبيسة بين المناضلين الحزبيين أو النقابيين أو الجمعويين وبعض الفئات المثقفة والمتعاطفة.
لقد كان انخراط الشباب في الحركات التحررية الوطنية بعد الاستقلال في المغرب قادرا على تعبئة الجماهير حول شعار التحرر والاستقلال، وذلك لأنّ هذه الشعارات كانت تحمل مضمونا سياسيا واضحا هو استكمال التحرر من الاستعمار الفرنسي الذي ظلّ مستمرا عبر الموظفين الفرنسيين في الإدارات العامة، ومن الاستعمار الاسباني في الجنوب والشمال، والتحرّر من الأعيان الذين استولوا على الأراضي والمناصب الحساسة وغيرها من المطالب في بناء الدّولة والمؤسسات السياسية الحديثة. وبعدها، بالتأكيد، سيستمر الانخراط الشبابي في التنظيمات اليسارية التي ستقطع مع الوعي الإصلاحي للأحزاب التقليدية التي تآكلت بفعل الصراعات الداخلية والاستقطاب والاحتواء المخزني، ومع هذا التطوّر في الوعي السياسي الجماهيري دخل المغرب في أسوأ مرحلة سياسية من تاريخه الحديث: مرحلة سنوات الرصاص.
ما أقصده هو أنّ مبادئ حركة 20 فبراير لم تكن واضحة الأهداف والمضامين بما يكفي لتكون قادرة على تعبئة الجماهير حولها، ويمكن إعطاء مثال عن ذلك: ما المقصود بالحرية؟ حريّة التعبير، الحريات الفردية التي يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي... هل المقصود بها التحرر من الاستعمار واستكمال الوحدة الترابية؟ هل المقصود منها التحرر من الاستغلال...وما المقصود بالكرامة؟ وما الفرق بين مضامين الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؟ أمام غموض هذه الشعارات في الوعي الجماهيري الراهن تمكّنت الجهات المعادية للتغيير ببلادنا إلى استغلالها للتشويه بشباب الحركة، فاعتبرت أن الحرية التي يطالبون بها هي الإفطار العلني في رمضان، والإباحية والمثلية، وغيرها، وصوّرت هؤلاء الشباب وكأنه شباب منحرف جانح وضال، ومشاغب، ولحسن حظ شباب الحركة أن انخرطت فيها بعض الفئات من النخبة المثقفة والسياسية وأضفت عليها الشرعية السياسية الجماهيرية. وللأسف، بعض الشباب لم يستوعب هذا الانخراط واعتبروا أن انخراطها في دعم الحركة تهريب لروح "الحركة الثوريّة" واحتوائها للركوب عليها حزبيا وتحويلها إلى حركة إصلاحية، فاستمرّت المزايدات وازداد الوضع تعقيدا وضبابية حول مصير الحركة بانخراط التنظيمات الأصولية الإسلامية السياسية فيها. فهل كانت الحركة ذات مضمون ليبرالي أم يساري أم إسلامي؟ وما هي المطالب التي توحِّدهم وبأيّة خلفيّة إيديولوجية ووفق أيّة استراتيجية؟ وهل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية يحمل نفس المضمون الإيديولوجي والسياسي الذي يحمله الليبرالي واليساري والإسلامي؟ ولهذا سنجد أنّ حركة 20 فبراير بدأت تتراجع وتنسحب من الشارع بمجرّد ما أن صار النقاش السياسي بين شبابها ينضج حول المطالب السياسية الأساسية كالموقف من النظام، والموقف من الحريات الفردية، والموقف من طبيعة الدولة: علمانية أم دينية؟ فأدّى ذلك إلى اختلاف وجهات النّظر والرّؤى، وتفكّكت وانحسرت أمام الاختيارات التي طرحتها الدّولة التي كانت قادرة بحكم أدواتها في السلطة والمجتمع أن تعمل على تعبئة المواطنين حولها. لقد كانت بداية الحركة بزخمها النضالي الجماهيري انطلاقة حرّة قويّة للشباب المتعطِّش إلى الأمل والتغيير...الرّاغبين في تغيير الأوضاع في بلادهم نحو الأفضل، باحثين عن خلاص جديد يعيد لهم بعض الأمل في العيش الكريم، ولكن دون إطار إيديولوجي واحد يجمعهم ويوحِّد صفوفهم ويكون قادرا على تعبئة الجماهير، ويمنح الثقة في النخب المعزولة المتردِّدة، وبعضها غير المتحمِّس لحركة بلا هويّة واضحة ولا قيادة محدّدة.
هل يعدّ الحراك الاجتماعي اليوم امتدادا لروح حركة 20 فبراير؟ دون مبالغة ينبغي أن نقول: لا. ليست هناك أية علاقة بين روح حركة 20 فبراير والحراك الاجتماعي اليوم. لماذا؟ لأنّ الحراك الاجتماعي اليوم هو حراك من طبيعة الحراك الذي كان بمدينة صفرو وغيرها من القرى والمدن قبل حدث حركة 20 فبراير، حراك مرتبط بمطالب اجتماعية آنية...وهي من نفس طبيعة الحركات الاحتجاجية التي قادتها حركة المعطلين مع بداية التسعينات وامتدّت وطنيا وتمركزت فيما بعد أمام البرلمان بالرباط. فهي حركات احتجاجية ذات مطالب اجتماعية منفصلة عن المطالب السياسية، كما أنّها ليست من نفس طبيعة الاحتجاجات النقابية الكبرى التي كانت تصل إلى الإضراب العام وتخلِّف نقاشا سياسيا واسعا وعميقا حول أدوار المؤسسات السياسية بالبلاد. هناك فرق بين النضال الاجتماعي الذي تقوده حركات نقابية ومهنية بخلفية إيديولوجية سياسية وحركات احتجاجية حول مطالب آنية تفتقر إلى خلفية إيديولوجية تؤطِّر مطالبها سياسيا، وإن كانت تترك آثارا عرضية في النقاش العمومي حول أدوار المؤسسات السياسية في الاستجابة لمطالب المحتجين.
من مكر التاريخ أنّ هذه الحركات الاحتجاجية اليوم تُمكِّن الخطاب السياسي الرّسمي من إعادة ترتيب الأولويّات في قضايا الوطن والإصلاح والتنمية والديمقراطية والعدالة والحقوق، إذ لم يعد النقاش يدور اليوم حول صلاحيات الحكومة وصلاحيّات الملك أو تنزيل الدستور أو وضع حقوق الإنسان أو مسؤوليات المؤسسات المنتخبة أمام المواطنين أو مسؤوليات الأحزاب...بل أصبحت هذه القضايا تأتي في مجرى الحديث عن مدى الولاء للوطن والملك. كيف يمكن أن نفسر ونفهم معنى رفع صور الملك والعلم الوطني في الاحتجاجات الشعبية؟ وأن يصبح الملك هو الملاذ الأوّل والأخير للمواطنين في احتجاجاتهم لتحقيق مطالبهم، فهذا الأمر يستدعي منّا الوقوف والتساؤل والتأمّل قليلا حول طبيعة وعي الناس بتحقيق مطالبهم الاجتماعية، وعن مدى مصداقيّة هذه المؤسسات السياسية والاجتماعية التي تستنزف ميزانية الدّولة من دافعي الضرائب من المواطنين، كما علينا أن نتساءل حول جدوى العملية الديمقراطية ككل من الانتخابات مرورا بالجماعات إلى الحكومة.
لماذا، إذن، هذه المزايدات حول الوطنية والملكية في الاحتجاجات الاجتماعية؟
هل يمكن القول إنّ أحداث الريف شكّلت منعطفاً جديدا في طبيعة وشكل الاحتجاجات الاجتماعية بالمغرب؟ هذا الأمر متروك الآن للتاريخ ليقول كلمته فيما يجري. والذي يجري اليوم يجري في ظلِّ حكومة يتحمّل مسؤولية رئاستها حزب العدالة والتنميّة المنتخب ديمقراطيا، وفي ظل دستور 2011 الذي يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة في الحكم، والذي من أجله منعوا شبيبتهم من الانخراط في حركة 20 فبراير، واغتنموا فرصة القلق والخوف والتيه الذي سكن قلوب المواطنين آنذاك للفوز بالانتخابات. إنّ الخطابات الرّسميّة لحزب العدالة والتنميّة اليوم حول الملكيّة والمزايدة حولها واصطناع الخصوم من التحالف الحكومي وفي نفس الآن ترضيّته والاستمرار في الامتثال لإملاءات المؤسسات المالية الدّولية ومن يدور في فلكها من رجال الأعمال، لا يخدم المسار الديمقراطي ولا يقدِّم شيئا للتاريخ السياسي الحديث المغربي في صراعه من أجل دولة ديمقراطية حديثة، بل يعمل على تشويه النقاش العام حول أولويّات الإصلاح الوطنيّة.
إنّ ما يهدِّد الدّولة، في نظرنا، ويستدعي منّا النّفير الوطني، حقّا، هو ما يهدِّد المسار الديمقراطي من ضعف المؤسسات والأحزاب والجمعيات. إنّ ركود العمل السياسي والحقوقي ببلادنا الآن، وغياب النقاش العمومي حول قضايا التنمية والثروة، وفعالية المؤسسات السياسية والاجتماعية في الحد من الاستغلال والظلم وضمان حقوق المواطنين الأساسية في مقابل عودة النقاش حول الاعتقال السياسي والتضييق على هامش الحريات العامّة ليست بمؤشرات إيجابية عن مصير بلادنا.
حركة 20 فبراير كانت حركة سياسية بامتياز، وهو حدث ارتبط بشروطه التاريخية الوطنية والدولية آنذاك، ولكن مبادئها مازالت حيّة وأساسيّة في حاجة إلى مزيد من التحديد والإيضاح لتصبح إيديولوجيا عمليّة قادرة على تعبئة المواطنين. ودور الشباب اليوم في الحراك الاجتماعي هو أن يعمل على ربط الاحتجاجات الشعبية بالوعي الاجتماعي والسياسي من خلال تأطير وتكوين المواطنين على الإسهام في إصلاح وتقويّة المؤسسات السياسية المسؤولة عن تحريرهم من الاستغلال وحفظ كرامتهم من الاحتقار وتمكينهم من حقوقهم الاجتماعية في العيش الكريم.



#أحمد_الفرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قضية الريف-: نحو نقاش دستوري بحثاً عن الوضوح
- حتى لا تصاب الفلسفة بالزهايمر
- مقترحات من أجل إصلاح التّربيّة الدِّينيّة في المغرب
- المهام التّارخيّة للفلسفة السيّاسيّة بالمغرب، من السّلطة إلى ...


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الفرحان - الشباب والحراك الاجتماعي، تساؤلات ما بعد حركة 20 فبراير