أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - ساعة وخاتم يشعلان الساحة التايلاندية














المزيد.....

ساعة وخاتم يشعلان الساحة التايلاندية


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 5791 - 2018 / 2 / 18 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في عام 2014 قاد الجيش انقلاباً عسكرياً في تايلاند ضد الحكومة المدنية المنتخبة. وكان أحد المبررات وقتذاك استعادة الأمن والهدوء واللحمة الوطنية بعد أشهر طويلة من المظاهرات والاحتجاجات والصدامات ما بين تياري ذوي القمصان الحمراء المؤيدة لرئيس الوزراء الأسبق «تاكسين شيناواترا» المطاح به في انقلاب عسكري في عام 2006 والمتهم بالفساد وعدم الاخلاص للملكية، وذوي القمصان الصفراء المعادين لشيناواترا والمؤيدين للبلاط الملكي ورئيس الوزراء ابهيسيت فيجاجيفا. أما المبرر الثاني فقد كان القضاء على الفساد والإفساد في دوائر السلطة ومناحي الحياة وخلق بيئة نموذجية من أجل استقطاب رؤوس الأموال. وقتها أيضا وعد الجنرالات بإعادة الحكم للمدنيين في غضون عام واحد بعد استكمال بعض الإصلاحات الكفيلة بفرض هيبة القانون والتصدي لمظاهر الفساد والحيلولة دون اتساعه ووصوله إلى قيادات البلاد العليا، ناهيك عن تذكير الشعب بضرورة الهدوء من أجل ضمان عملية الخلافة الملكية بسلاسة حيث كانت صحة الملك بهوميبول ادونياديت تمر في مرحلة حرجة.

نجح جنرالات الجيش مذاك في إعادة الهدوء والاستقرار للبلاد وفرض القانون بالقوة، وإن بقي الانقسام المجتمعي كامناً. لكن ما فشلوا فيه هو ليس القضاء على الفساد فحسب وإنما أيضا التخلي عن السلطة وإعادتها إلى الساسة المدنيين. إذ ظلوا يؤجلون الانتخابات عاما بعد عام بحجة عدم استكمال الإصلاحات التي وعدوا بها، الأمر الذي تآكلت معه شرعيتهم الضعيفة أصلاً وخلقت تذمراً مضاعفاً في أوساط العامة. ثم جاءت وفاة الملك ادونياديت ذي الشعبية الكاسحة، ليخلق الجنرالات مبرراً جديداً لبقائهم في الحكم حتى تنتهي فترة الحداد الطويلة عليه وينصب ولي عهده الامير مها فاجيرالونجكورن ملكاً جديداً.

مع مطلع فبراير الجاري عادت مسألة الفساد تطل برأسها من جديد وتشعل مواقع التواصل الاجتماعي التايلاندية، مذكرة الجماهير بأن فساد الجنرالات الحاكمين حاليا لا يقل عن فساد الساسة المدنيين الذي كان أحد مبررات استيلائهم على الحكم، وأن شرعيتهم باتت محل سؤال أكثر من أي وقت مضى.

وحكاية هذا التطور تتلخص في أن نائب رئيس الحكومة العسكرية الجنرال «براويت وونجسوان» البالغ من العمر 72 عاماً، والذي يعتبر الرجل الثاني في السلطة بعد رئيس الحكومة الجنرال «برايوت تشان ــ أوتشيا» أراد أن يحجب أشعة الشمس عن وجهه بيده خلال التقاط صورة جماعية مع زملائه من أعضاء المجلس العسكري الحاكم، فتبين بعد تدقيق أحد الصحفيين في الصورة الملتقطة أن المسؤول التايلاندي الرفيع يضع في معصمه ساعة ثمينة لا تقل قيمتها عن 80 ألف دولار، ويضع في أصبعه خاتماً ثميناً من الألماس الحر. وبطبيعة الحال انتشر الخبر كالنار في الهشيم بين التايلانديين المتذمرين أصلاً من الجنرالات الذين يحكمونهم منذ عام 2014 دون الوفاء بوعودهم.

والحال أن ساعة وخاتم الجنرال براويت أشعلت الساحة المحلية باحتجاجات وصلت صداها إلى خارج الحدود، واضعة حكومة العسكر في موقع حرج داخلياً وخارجياً أيضا. فداخلياً راح كارهو العسكر يبحثون وينقبون وراء الجنرال ليكتشف أحدهم أن الجنرال مولع باقتناء الأفخر والأثمن من الساعات والمجوهرات وأنه يمتلك منها 25 ساعة تزيد قيمته عن 1.25 مليون دولار، ومن ضمنها ساعات رولكس وباتيك فيليب واوديمار بياجيه وغيرها من الساعات التي لا تـٌصنع إلا بإعداد محدودة وبناءً على طلبات خاصة. كما تم الكشف من خلال متابعة صور ألتقطت للجنرال في مناسبات مختلفة سابقة أنه منذ وصوله إلى السلطة تغير ذوقه فأصبح يرتدي ساعات جديدة أكثر حداثة وأغلى ثمناً. ولعل الأمر الذي تسبب في غضب التايلانديين أكثر فأكثر هو أن الجنرال براويت لم يعلن عن أي من هذه الساعات الثمينة في اقرار الذمة المالية التي قدمها حينما تولى منصبه قبل أربعة أعوام، ناهيك عن أن العسكر هم أنفسهم من أسس ما يسمى بـ «وكالة مكافحة الفساد»، بل من اقترح أيضا تطبيق عقوبة الإعدام على الساسة الذين تثبت ضدهم حالات الفساد، وذلك من باب امتصاص غضب المحتجين ضد مظاهر الفساد في الدولة وتطييباً لخواطرهم.

لكن كيف رد الجنرال على اتهامات الفساد التي وجهت له؟

يقولون في مثل هذه المناسبات أن رد فلان من الناس عذر أقبح من ذنبه. وهذا تحديداً ما حدث مع جنرال الساعة والخاتم الذي أراد دفع تهم الفساد عن نفسه فقال إن ساعاته يستعيرها من إصدقائه وأن الخاتم الماسي يخص أمه. أما المتحدث باسم «وكالة مكافحة الفساد» التايلاندية والتي يترأسها جنرال مقرب من براويت ــ وهنا تكمن المشكلة حينما يكون مثل هذا المسؤول مقربا من المتهم ــ فقد قال ما معناه أنه ليس غريباً أن يستعير الأصدقاء من بعضهم البعض أشياء يرتدونها، فبدأ المتحدث كما لو أنه صوت لسيده.

وكانت نتيجة هذا التصريح أن استفز صامتين كثر في مواقع التواصل الاجتماعي وجعلهم يدلون بدلوهم مما زاد الساحة اشتعالاً. فعلى سبيل المثال رد أحد الناشطين ضد الفساد على تصريحات المتحدث الرسمي آنف الذكر متسائلاً بسخرية: «هذه الساعات تصنع منها نسخاً محدودة، فكيف يمكنكم اقناعنا بأن حجم معصم الجنرال هو نفس حجم معصم أصدقائه الذين يستعير منهم على حد زعمه؟».

المراقبون يرون أن المجلس العسكري الحاكم في بانكوك يعيش في ورطة اليوم. فإن عاقب جنرال الساعات بالإقالة، فإنه كما يدين نفسه. وإن لم يعاقبه فإنه سيبدو موافقاً على فساد عضو رئيسي من أعضائه. وفي الحالتين سيشكو من إنعدام ثقة التايلانديين فيه. وفي اعتقادنا أن الموضوع سيكون أول اختبار للعاهل التايلاندي الجديد، بمعنى هل سيكون مثله والده في فرض التغيير بمجرد إشارة مبطنة منه لمن في السلطة التنفيذية؟.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمير البيان.. وشيخ شعراء عمان
- لا جديد في علاقات بكين طوكيو المستعصية
- الحجار.. أول طبيب سعودي من الحجاز
- لا جدوى من الفتوى لإيقاف مسلسل الدم!
- النوري.. عطاء متواصل للكويت عبر الأجيال
- أيقونة جدة الجريئة.. والله واحشني زمانك
- كوريا الجنوبية تعاني من بطالة شبابها
- الخاجة.. رأى الفنون كما يرى الطائر المحلق الأرض
- رجل التعليم الأول في الكويت ومؤسس معارفها
- باكستان بين نار المتشددين وضغوط واشنطن
- بلفقيه.. أدار ظهره للعبث اليمني.. ورحل
- هل ستعجل أزمة كوريا الشمالية برحيل تيلرسون؟
- المردي.. ملك الصحافة الحديثة في البحرين
- هل سينجح راهول غاندي في المهمة؟
- متاعب ما بعد الملكية.. النيبال نموذجًا
- ماذا تريد واشنطون من نيودلهي؟
- قائد الدبلوماسية الإماراتية في سنوات التكوين الأولى
- هل نجحت زيارة ترامب الآسيوية؟
- هدى الغصن.. أول مديرة تنفيذية في تاريخ «أرامكو»
- الشاعر المتمرد على الصمت المنافق


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - ساعة وخاتم يشعلان الساحة التايلاندية