أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع- 17- -يا يهوذا، أبقبلة تسلّم ابن الانسان-؟














المزيد.....

على خطى يسوع- 17- -يا يهوذا، أبقبلة تسلّم ابن الانسان-؟


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 19:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"يا يهوذا، أبقبلة تسلّم ابن الانسان"؟
هناك في الحياة أنواع كثيرة من القبل، منها ما هو للحب ومنها ما هو للخيانة، منها ما هو حياة ومنها ما هو موت، منها ما هو سعادة ومنها ما هو شقاء، منها ما هو عطاء ومنها ما هو أخذ، فيها العشق وفيها الكراهية، فيها العسل وفيها السم.

أمسك الجند بيسوع بعدما قبّله تلميذه المقرب. من كان يظن أن القبلة التي تعبر عن أقصى درجات الحب يمكن أيضا ان تعبر عن أقصى درجات الخيانة؟ قبلة كانت تكفي لتقلب حياة يسوع، تلاميذه، ويهوذا رأسا على عقب. فوجئ التلاميذ عندما امسك الجند بيسوع وسألوه "أنضرب بالسيف؟". لم يكونوا يدركوا بعد أن ملكوت السماء لا يقوم على السيف وأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ. استل بطرس سيفه وقطع به أذن عبد رئيس الكهنة. أجاب يسوع "دعوا الى هذا" ومد يده وأبرأ أذن العبد. أمسك الجند بيسوع، عندها بدا أن الكل قد انتهى. فبداية النهاية قد اقتربت. هرب التلاميذ كل واحد الى صوب ولم يبق منهم سوى بطرس الذي كان يتبع يسوع من بعيد خوفا ان يكشف أمره ويوحنا الذي كان منذ ساعات يتكأ على صدره.

مع نهاية يسوع، انتهى الحلم بالنسبة للإثني عشر. تبخر الملكوت، ماتت الآمال، تبعثرت الأحلام. من كان منهم يحلم بالوزارة أصبح همه الآن أن يختفي عن الانظار. من كان يريد أن يجلس عن يمين ويسار الملك صار الآن يقبع في زاوية مظلمة. من كان يريد منهم أن يرتفع صار يريد الآن ان يختبئ تحت الارض. نظرت خادمة الى بطرس وهو يتتبع يسوع الى بيت رئيس الكهنة. قالت له "أنت منهم". أخذه الخوف. صار يحلف ويلعن أنه ليس يعرفه. وحده يسوع وقف وسط الجند والعبيد لا يجد له مناصرا او معينا.

وقف يسوع أمام رئيس الكهنة. لم ينكر انه ابن الله وانه المستحق انه يجلس عن يمين القوة وأنه الآتي على سحاب السماء. لم ينكر انه ملك وإن كان ملكوته ليس من هذا العالم. لم ينكر انه قال أنه يستطيع نقض الهيكل وبناءه في ثلاثة ايام. بصق الجند على يسوع ولطموه. اعتبره رئيس الكهنة مجدفا. لم يفهم أنه يتكلم عن هيكل جسده، بل جل ما كان يفهمه هو هيكل الحجارة والذهب. أرسل قيافا بيسوع الى بيلاطس. تكرر المشهد هناك. ملك الحياة يقف أمام ملك الموت. واهب الحياة يريد ان يعطي المائت حياة والمائت يريد أن يخضع الحي لسلطان الموت. عرّى الجنود يسوع. جلدوه بالسياط. كانت كتل من الحديد الناتئ على شكل مسامير مربوطة بأطراف السياط. كانت كل ضربة تفلح في ظهر يسوع، تنتف اللحم، تمزق العصب، وتفجر ينابيع الدماء. جعلوا إكليلا من شوك على رأسه وغرزوه في جبينه فسال الدم على العينين والوجه. لم يكن الجنود يدركون ان هذا الدم الذي شربته الارض هو دم الحياة لهم ولاولادهم. داسوا عليه. لطموا يسوع. بصقوا على وجهه وهزأوا به. أراد بيلاطس إطلاق يسوع لأنه أدرك ان اليهود سلموه إليه حقدا عليه، لكنه اصطدم برفض رؤساء الكهنة. وضعوه بين طرفي كماشة وأحكموا القبضة عليه. إن هو أطلق ملك اليهود، يكون خائنا لقيصر، إذ كيف لروما ان تقبل بمن ينافس قيصر في الحكم؟ وإن هو حكم عليه، يكون قد نفذ مخطط اليهود رغما عنه. وبين الانصياع لرغبة اليهود او الوشاية به لقيصر وفقدان وظيفته وربما حياته، لم يكن امام الوالي سوى ان يغسل يديه مبرأ نفسه من جريمة القتل وان يرسل بيسوع الى الصليب.

هناك على الجلجثة اكتملت الرواية. صلب يسوع. سلم الروح. لم يكن من يرافقه في رحلته الاخيرة سوى امه وبعض النساء ويوحنا. التلاميذ تشتتوا. الحلم مات، ولكي يتأكد الجند من موت الحلم، غرز واحدهم جنبه برمحه، فخرج دم وماء. في المساء، أتى رجل من الرامة اسمه يوسف. كان من وجهاء اليهود ومن أتباع يسوع سرا. أخذ الجسد، لفه بكتان نقي ووضعه في قبر جديد منحوت في الصخر، ودحرج الحجر عليه ومضى بعد أن استلم الحرس حراسة القبر حتى لا يأتي أحد ويسرق الجسد.

إنها النهاية بالنسبة لمريم أمه والنساء اللواتي تبعنه وتلاميذه الاثني عشر. يهوذا شنق نفسه. الجميع تشتتوا. ابتدأت الحكاية بقبلة، قبلة كان يفترض ان تعطي الحياة لكنها أدت الى الموت. في منطق الناس الموت هو النهاية، لكن لم يكن أحد ليدرك ان لكل نهاية بداية وأن البداية في النهاية وان الحياة تخرج من الموت وان الموت باب الحياة.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خطى يسوع- 16- ساعة الحقيقة
- على خطى يسوع- 15- لن تغسل رجلي أبدا
- على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم
- على خطى يسوع- 13-الموت والحياة
- من وحي عيد الميلاد
- الخرافة المسيحية والعقل
- على خطى يسوع-12- الأعمى
- على خطى يسوع-11- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر أولا
- شبهة وردود 3- المسيح الارهابي
- على خطى يسوع-10- الرغيف
- على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح
- سارق الحساء
- شحاذ سجائر
- على خطى يسوع-8- إنه سبت آخر
- على خطى يسوع-7- هل يصير الحجر خبزا؟
- على خطى يسوع-6- نؤمن أن لا إله إلا السبت
- عذرا أيها الحب
- على خطى يسوع-5- الابرص
- على خطى يسوع-4- أبانا الذي في السماوات
- في التربية والتعليم-1- مقدمة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع- 17- -يا يهوذا، أبقبلة تسلّم ابن الانسان-؟