أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب















المزيد.....

مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 1482 - 2006 / 3 / 7 - 11:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتقد البعض أنه الأوان لسنّ قانون دوليً ملزم يحمي الإسلام وسائر الديانات الأخرى في العالم من الدعايات التي تستهدف التشويه والتحريض على كراهية الأديان وتشويه رموزها. فلن يخرج القانون إلا بمشاركة أصحاب جميع الديانات. وهناك فرق لم يفطن إليه المسلمين من تشريع قانون يحمي رموز الإسلام والديانات الاخري كمطلب ملح لهم وبين قانون يقضي بعدم التحريض ضد العقائد وأصحابها. فهناك فرق. وقبل أن يغرق المسلمون في بحر من التشريعات فعليهم قبل الجلوس علي مائدة للتفاوض أن يتعرفوا علي التشريعات المختلفة ذات الشأن في البلاد الأوروبية وغيرها والتي خاضت تجارب مريرة ودموية فيما بين أديانها وانتهت إلي صيغه علمانية وتصالحية فيما بينها.
فالقانون بات مطلباً ملحا ً لحماية الإسلام والمسلمين ورموزهم من خطاب السخرية والتحريض والكراهية ضدهم. وسيدخلون حلبة التفاوض من اجل القانون متوهمين من وجهه نظرهم أن هناك ما يمكن أن يتنازل عنه أصحاب الديانات الاخري لصالحهم لتتوقف حملات التشويه للإسلام ورموزه الدينية.

الأمر ليس بالسهولة والتبسيط كما صورته الكتابات في هذا الموضوع منذ قضية الرسوم الدانمركية وإعادة نشرها في دول الاتحاد الأوروبي وانضمام سياسيين يؤيدون حق التعبير وحرية الرأي مثل الرئيس بوش - المحافظ. فنشر أي مقال في بلاد الشرق الأوسط تعتريه اعتبارات كثيرة ودرجات متعددة من الرقابة آخرها حاجز الرقابة داخل الكاتب ذاته مما يجعل الابتسار والتشويه وعدم الصراحة جزءا لا يتجزأ من عقلية المفاوض المسلم ضمن الشخصية الشرق أوسطية المبتورة والمشوهة بذاتها لصالح الرقيب. فهل كان إعادة النشر في أوروبا والتأييد لحرية الرأي والتعبير من مسئولين ومثقفين وسياسيين تضامنا مع المفاهيم السائدة هناك عفويا وتلقائيا ضمن بديهيات العمل الصحفي ومعه حزمة عريضة من الحريات المتمتعين بها وليس مجرد تشويه لرمز إسلامي؟ أم انه موقفا متهورا وغير مدروس لم نتعود عليه في مجتمعاتنا مقارنة بهم وهم يحسبون الأمور بالفمتو ثانية؟

ولم يسال احد عن هذا العنت الأوروبي وكيف يمكن توصيفه في تأييد حق الرأي والتعبير، إنما تلقاه المسلمون علي عهدتهم وكما يمليه عليهم الفهم الإسلامي الساذج بأنه مجرد استمرار للعداوة والحقد علي الإسلام والمسلمين. متناسين أن لا احد يحقد علينا ولا احد أيضا يريد أن يكون مثلنا أو يتشبه بنا. فنحن لسنا نموذجا يحتذي به علي كل المستويات عدي النادر من حرارة العلاقات الاجتماعية المترسبة فينا بسبب عمق العلاقات التاريخية ولحمة الالتحاف الأسري منذ قديم الأزلي.

ولم يسأل احد لماذا لم يتخذ العالم من حولنا الإسلام دينا بعد أن وضعوا دياناتهم موضع النقد واخذوا منها موقفا شاهدنا نماذجه في أعمال فنية كثيرة دون أن نحدد نظريا سبب إنتاجهم لهذه الأعمال. وهو نفسه ما يسوقه الغرب والعالم الحر ضدنا في أننا لم نحرك ساكنا عندما ظهرت تلك الأعمال بل وعرض بعضها في دور العرض والفضائيات الخاضعة للحكومات العربية والإسلامية.
فمنذ أن صور النبي موسي في فيلم سيسيل دي ميل الشهير يشق البحر ويحاور حكام مصر ويخرج بأهله إلي آخر القصة التوراتية والمنقولة إلي الإسلام فان مسلسل تصوير الأنبياء لم يتوقف. فأفلام سالومي والرداء وكوفاديس قديما صورت يوحنا المعمدان وعيسي وحوارييه. أما الفيلم الضاحك والذي صور الذات الإلهية في الفيلم الشهير OH God فان اشهر الفنانين صوروا الله يمشي بين الناس ويدخل قاعة المحكمة ويجادل في إقامة الحق. وكان الفيلم الأكثر تشويقا وحرفة فلسفية عن نبوة المسيح في رواية كازنتزاكس " الإغواء الأخير للمسيح " والتي حازت علي شهرة واسعة واحرق بسببها دور عرض بفرنسا حيث تمثل الكاثوليكية اتجاها قويا منذ اعتمدت العلمانية كنظام للدولة. الأعمال الفنية والأدبية كثيرة - شفرة دافنشي آخرها - ولم تترك رمزا دينيا ضمن المنظومة العبرانية التي أنتجت الديانات الثلاث الرئيسية إلا وجسدته وتحدثت باسمه وشخصته فيما بين الفكاهة والدراما والتراجيديا. الأعمال كلها مأخوذة من الكتب السماوية ومن تفسيرات شراحها إضافة للخيال الإنساني والأفكار الثورية الراديكالية. رواية كزاتزاكس تأثرت بفكرة المقاومة المسلحة لان كاتبها ينتمي إلي الأفكار الثورية فانحازت لسبر أغوار النفس البشرية وعلاقتها بالواقع الخارجي. وخلطت بين كثير من دوافع الإيمان الداخلي وفهم شروط النضال مع الخارج. فيما بين بوهمية البطل وتردده بين الغريزة والعفة وانهياره وشجاعته ثم تخاذله وانكساره كشف المؤلف عن ان يهوذا هو المحرك الحقيقي لكل الإحداث وما المسيح بن مريم سوي صورة للضعف الإنساني. أفلاما أمريكية أخري كثيرة قام مشاهير الفنانين بمثيلها بجرأة وشجاعة في تردد علي الكنائس مجدفين في وجه رجال دينها كشفا لمتناقضات ما يدعوه من تقوي وبين شهوات البشر المكبوتة نفاقا وتخاذلا داخل سامعيهم من المصليين وتناقض الاثنين مع الإرادة الإلهية وتناقض الجميع مع واقع الشارع الأمريكي في عصر تأسيس الدولة.

كلمات وحوارات الأعمال الفنية تلك يصعب أن نجد مثيلها إن لم يكن مستحيلا أن نجد إحداها ضمن الخطاب الثقافي الديني أو الفني عندنا، ولن نقول النقدي فلا نقد لدينا من أي نوع سوي عن البحتري في قصائده عن الربيع وتشبيه الأشجار العارية من الأوراق بالإحرام حيث لا يجوز تشبيهها لقدسية الإحرام. فحتى الطبيعة التي لا تعرف حراما من حلالا أخضعها العقل الإسلامي للقدسيات عسفا. والعكس مع التعتيم علي أبو العلاء المعري فنادرا أن تجد قصائده المثيرة للتساؤل متداولة علي ارفف المكتبات لأنها نقدية.
فإذا كان الحوار الداخلي النقدي بين الذوات الإسلامية صعبا ومستحيلا فانه يصعب حقيقة تصور أي حوار مع الاوروبيين بعد كل هذا الإنكار النقدي في زمن ما بعد النقد لوضع قانون يضمن عدم الاعتداء علي الرموز الدينية. فأي رموز إذن مطلوب حمايتها لو أننا سردنا في إحصاء علي مستوي العمل الأدبي شعرا ورواية ونحتا وتصويرا، مسرحا وسينما وبرامج تليفزيونية ما تم إنتاجه في الغرب عن نفس الرموز التي سكت عليها العقل العربي والإسلامي طويلا طالما أن تلك الأعمال لم تمس الإسلام في شكله المبتسر كما وقعت أحداثه فيما بين مكة ويثرب زمن ظهور الدعوة. أم إنها الأنانية الدينية والتعصب للذات ولو علي حساب مقدسات أخري؟

وينافح المسلمون، إن لم يكن تذكرا بأثر رجعي، بأنهم يدافعون عن كل الأنبياء بعد إفاقة من غفلتهم واستدعوا الآيات التي تقول بان الإسلام يعترف بكل الديانات وان كل الأنبياء علي نفس الدرجة. متغافلين مجددا أن المسيحية التي سيجلسون ليفاوضوها ليست هي المسيحية التي أتي ذكرها في القرآن كذلك اليهودية بتطوراتهم المتتالية. لهذا لم نكن صرحاء مع أنفسنا قديما وحديثا ولم يكن رجال الدين عندنا واضحين في توضيح الفشل المزمن الذي رافق كل حوارات الأديان التي تمت في السنوات السابقة فيما بين الفاتيكان وعواصم أوروبية وعربية.

الحوار المزمع القيام به سيكون أكثر فجاجة وسيصدم الجميع لان الأمر لم يمس العقيدة فقط بل إلي رسم شخصيات دينية لها قدسية. قليل من الخيال ربما يدفعنا إلي تصور الفشل الأكبر إذا ما عقد مثل هذا المؤتمر لا لسبب سوي أن عدم تصوير الرموز الدينية في الديانات الاخري ، فيما بين التبجيل إلي السخرية الكاملة، لم يعد مطلبا يشكل رصيدا للمفاوض الأوروبي ليناور به في مواجهة المسلمين. فماذا تبقي للطرف الإسلامي ليساوم به من اجل الحفاظ علي رموزه الواجب احترامها؟ العكس ربما هو الصحيح، فقائمة التهم ضد المسلمين طويلة ومعززة ببراهين وأدلة فيما بين الخطابات المنبرية التراثية وسب الكافرين.

الدخول إلي مثل هذه المعركة يذكرني بموقف زعيم الأمة الذي ورط نفسه لما لا علم له به من ضعف الأوراق التي بين يديه و حجم قوة العدو ومدي استعداده. فأغلق خليج العقبة ولم يعد أمامه سوي الجلوس علي مائدة تفاوض لا يعرف من شروطها شيئا سوي الوجع والأنين لما في كرسيه من مسامير بينما الطرف الآخر يجلس ولا يؤرقه شئ لا في السماوات ولا في الأرض. الم يلخص موشي ديان حال العرب بأنه لو حاربهم ثانية فسوف يتبع نفس الخطة توفيرا للجهد، وبرر ذلك بان العرب لا يقرؤون. الآن يمكن إضافة هزائم جديدة لان المسلمين أيضا لا يشاهدون ولا ينقدون بل تستثيرهم الصور والمشاهد التي لا يعرفوها، بينما لا تستثيرهم مشاهد هم يعرفوها من ظلم داخل بلادهم . فالرقابة التي تفرضها الدولة لحماية النظم بحجة حماية الأخلاق جعلتهم في هشاشة قبل أن يجلسوا علي أي مائدة للتفاوض. ضعف الوجدان الشعبي لرجل الشارع وحساسيته المفرطة مع استغلاله الدائم جعلته مستعدا للتأجج لو أن الإشارات صدرت ممن يمسكون بلجام مشاعره الدينية



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون في سدة الحكم
- رأسماليتنا بين ثقافة مشلولة ومركزية عرجاء وسلطة من خارج التا ...


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب