|
الفكر بعد سبينوزا ....(1_س)
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 08:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفكر العالمي الحديث بعد سبينوزا (1_س ) مشكلة الجنس .... بعدما انفصلت الثقافة عن الطبيعة ، ويتزايد التباعد والاختلاف مع التطور والزمن . ثم انفصلت الرجولة عن الذكورة ، ويتزايد الاختلاف المتعدد ، وفي الاتجاه أيضا . ثم انفصلت النسوية عن الأنوثة ، ويتزايد الاختلاف في التوجهات . كل ذلك تواجهه دفعة واحدة ، كل علاقة جنسية بين امرأة ورجل !؟ ليس الجنس ميزة أو نعمة للفرد الإنساني ، ولم يكن كذلك يوما . كما أن الجنس ليس عقوبة أو نوعا من العبء .... هو الخاصية الأكثر ازدواجا للإنسان . الجنس ببساطة ، أحد القضايا الجوهرية في حياة الانسان ، ويتوقف على طريقة حلها مصيرنا الفردي و الاجتماعي بالتزامن . .... لا وجود لحلول جيدة بتكلفة دنيا ، في عالمنا المعاصر ، تلك أوهام صبيانية . في كل علاقة ، ينجح الطرفان بتحقيق معادلة : رابح _ رابح أو يفشل الطرفان . وينزلقا في معادلة ...اليوم أسوأ من أمس ، وغدا هو الأسوأ .... في العلاقة الجنسية ، لا يمكن الخداع أو الغش أو بعبارة أكثر دقة ، الخداع والغش في العملية الجنسية أصعب منه في أي شكل آخر من العلاقات الإنسانية _ الاجتماعية . يوجد سذج دوما يرغبون بخداع انفسهم أيضا . لكن في العلاقة الجنسية ، اكثر من أي علاقة أخرى ، تنعكس الشخصيتان بأدق التتفاصيل والاتجاهات والنتيجة إما أو .... الارضاء المزدوج الأقرب إلى السعادة الحقيقية ، أو الضمير المذنب الذي يحول الحياة إلى جحيم بالفعل . لا حب بدون سعادة لكن الأجمل والأشمل ...حيث يوجد الحب توجد حياة .... الحب بين الأمس واليوم ، وغدا !؟ بالأمس كان الحب والتعلق هما الشيء نفسه . اليوم الحب والتعلق ، في اتجاهين متعاكسين غالبا . غدا _ كما ارغب وأتوقع أيضا _ يصير الحب نوعا من الفعل ، وموقف إرادة ووعي أولا . والتعلق ينفصل عن الحب ، ويتم إعادة توصيفه وتصنيفه ، كما هو بشكل علمي وتجريبي . التعلق تعصب لا واعي وارتباط لا شعوري ، شدته وعمقه أضعاف التعصب الشعوري الديني والفكري أو السلوكي بمختلف أشكاله . الانتماء الحر أو الالتزام الشعوري والارادي ، نقيض التعلق . ..... من يحب سيجارة أو ورقة نقود أكثر من نفسه ، أيضا من حبيبه (ة) ؟! كيفما اتجهت ، يصدمك موقف غير متوقع ، جديد ونوعي .... التعلق بشيء أو حيوان ، بالتزامن مع الانفصال ( والابتعاد) عن الانسان الآخر _ الشريك ة أولا . ليس الاعتراض على احترام الحيوان والأشياء ومحبتها أيضا ، الاعتراض فقط ، أن يكون ذلك على حساب العلاقات الإنسانية .... الاجتماعية والسياسية وغيرها . بسهولة يتعلق الفرد ( امرأة أو رجل ) بسيجارة أو حيوان أليف أو بجهاز كهربائي أو آلة ، ويتعذر عليه _ هو نفسه ا_ الالتزام بدرجة مماثلة بالزوج_ة أو أحد أفراد عائلته الأقرب ؟! التعلق والحب علاقة مركبة وشديدة التعقيد والغموض ، هذه محاولة لتفكيكها وإضاءة بعض جوانبها ، من خلال الحب والجنس .... .. تحديد الاتجاه الإنساني .... الفردي أو الاجتماعي ؟! الغد يتحدد من خلال اليوم والأمس بشكل مباشر وثابت ، ومختلف المؤثرات الجديدة وغير المتوقعة تشكل الاستثناء وليس القاعدة . كما أن الأمس يتشكل من خلال الحاضر واليوم . يمكن تحديد ( القادم ) بدرجة عالية من المصداقية ، بعد تحديد الاتجاه . تحديد اتجاه الفرد سهل جدا في عصرنا ، وأقصد بالاتجاه الثنائي فقط : نحو الأفضل أو الأسوأ ، وليس تحديد تفاصيل الغد ، ذلك وهم وغير ممكن في شروطنا وظروفنا الحالية . خلال المراهقة يتحدد مصير الفرد ( امرأة أو رجل ) بدقة تتجاوز التسعين بالمئة غالبا . من خلال معادلة بسيطة : اليوم افضل من الأمس ، وغدا أفضل من اليوم ، أو العكس . طالب _ ة في البكالوريا ، يتوقع أهله ومعارفه مستقبله ا ، بوضوح يقارب المطابقة . كيف يحدث ذلك ؟ يعرف الأهل والمحيط ، بالخبرة ، أن موقع المراهق _ة بين ثلاث فئات فقط : 1_ النجاح بتفوق ، واختيار مهنة وعمل ، يوافق الرغبة . 2_ الفشل والاخفاق ، والعيش في المستوى الثانوي في المجتمع . 3 _ الفئة المتوسطة ، وهي الأغلبية ، يصعب تقدير تغيراتها المفاجئة والدرامية بالفعل . كيف حدث ذلك ؟ الوعي أو الطاقة النفسية الشعورية أو قوة الإرادة بالتعبير الشعبي ، حقيقة إنسانية يتميز بها الانسان وتختلف من فرد لآخر . وهي مكتسبة لحسن الحظ بنسبة مرتفعة . بعبارة ثانية ، الفرد ثلاثي الأبعاد : المورثات ثابتة ، والبيئة خارج الإرادة والوعي ، والشخصية ثالث المكونات مرنة وهي مسؤولية الفرد ( امرأة أو رجل ) الحقيقية . من يتوافق اتجاه حياته ، مع تعزيز حرية الإرادة ، يومه أفضل من أمسه غالبا أو العكس . من خلال تشكيل العادات الإيجابية أو السلبية ، يتضح الاتجاه الفردي . ( يتناقض هذا التوجيه مع اتجاه " المصير الإنساني ...ولادة _ موت " المعروف والمؤكد . والقصد باليوم أفضل من الأمس كاتجاه ، تحسين شروط العيش ، ضمن الحقيقة الإنسانية المأساوية والتي ستنتهي بالموت في جميع الأحوال ) . يتحدد الاتجاه الفردي ، بواسطة الإرادة الحرة بشكل أساسي . نمط العيش الذي يساعد على اكتساب الإرادة الحرة وتعزيزها المستمر _ وهو ما يحدث في المجتمعات المتحضرة _ يمثل الاتجاه الإيجابي ، يزيد من ثقة الفرد المتبادلة بالننفس والعالم . بالنسبة للمجتمعات والدول ، ذلك مفهوم وواضح ببساطة شديدة : البلدان الطاردة للشباب والخبرات ، مقابل بلدان الهجرة الجاذبة ، وبقية الدول متوسطة بينهما . .... النرجسية والموضوعية قطبان متعاكسان للوجود الإنساني . أو بالأصح ، هما حالتان نظريتان تماما مثل خط الاستواء ، وبقية خطوط الطول أو العرض الضرورية لتشكيل تصور واقعي عن العالم الحي ، والإنساني خصوصا . الشخصية النرجسية مركزها ومركز الكون واحد _ داخل جلدها . وهي منفصلة عن العالم وتضع نفسها مقابله . الشخصية الموضوعية مركزها ومركز الكون _ خارج جلدها . بالنسبة للشخص النرجسي ، كل شيء شخصي . بالنسبة للشخص الموضوعي ، كل شيء غير شخصي . بهذه الصورة يمكن فهم الموقف الثلاثي ...داروين وماركس وفرويد المشترك ، في رفض الصدفة . واعتبار الانسان مسؤول بالكامل عن نفسه والعالم . الحياة الحقيقية تشمل النرجسية والموضوعية وتتجاوزهما أيضا، ويتعذر تحديدها أو ضبطها في صياغة واحدة لغوية أو فكرية وغيرها . كل ما يحدث داخل الانسان أو خارجه مزدوج على الأقل ، كما يمكن تكثيفه داخل ثنائية دوغمائية بالطبع ، الصدفة أو السلوك الارادي حالتان نظريتان بدورهما . بعدما نفهم هذا الأمر ، ثم نتدرب على قبول الجانب الحيواني (المشترك) في الانسان ، تبدأ الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل .... إلى التسامح وموقف الحب والسعادة . ..... أول تحديد علمي (منطقي وعملي) للصحة النفسية _ العقلية ، قام به سبينوزا ، وما يزال المعيار الذي حدده للتمييز بين الفرد السليم عقليا أو المريض العقلي ( المجنون ) ، بعد عدة مئات من السنين ، من أفضل ما نميز به شخصا عن آخر . وبعبارة أوضح ، ما تزال الثقة الموضوعية بإنسان محدد ، يمكن اختبارها بشكل عملي ويقارب اليقين ، من خلال الدرجة الأخلاقية _ المعرفية التي بلغها . صحيح أن معياره دوغمائي وثنائي فقط ، مثل معيار فرويد ويونغ أيضا للصحة والمرض . ( الشخص الحر ، عقله وضميره يقود رغباته وأفعاله ، على النقيض من الشخص غير الحر ، حيث رغباته وشهواته تقود عقله وضميره ) . أوردت العبارة ، لعلاقتها المباشرة بمستويات الحب المتدرجة من التعلق المرضي ، إلى الحب المبدع والجميل ، الذي يرفع مستوى السعادة في العلاقة .... ولا يخطئه أحد . ..... الاتجاه المتعاكس بين الطفل والراشد ، بؤرة التوتر بين الفلسفة والدين والعلم . _ الطفل السليم عقليا وعاطفيا ، تقوده رغباته إلى الاشباع الفوري أو الصراع والبكاء . _ بعد سن 18 ، المعيار العالمي للنضج العقلي ، على الفرد ( امرأة أو رجل ) أن يسلك بشكل مناقض لعفويته وأن يضبط انفعالاته ، طالما هو يتشارك مع آخر أو بحضور آخرين . كيف يحدث ذلك الانتقال ؟! كلنا نعرف ، أن من يفشل في السيطرة على رغباته وحاجاته ( الخاصة ) ينبذه المجتمع ، ويعتبره من الدرجة الثانية في أحسن الأحوال . ولذلك ، نكذب أو نمثل ، و الفرق بين النجاح والفشل في تلك المهمة العسيرة نسبي وليس نوعي أبدا . في مجالسنا الخاصة وبين عائلاتنا وفي علاقاتنا الحميمة ، كلنا نسلك مثل الأطفال في الثرثرة والجشع والأنانية ... هذا ما أظنه . ( يخبرني الكثير من أصدقائي ، في البلاد المتحضرة ، أن ذلك تغير بشكل فعلي عن زمن ماركس وفرويد وغيرهم ممن تشكلت تصوراتي وأفكاري عبر قراءتهم _ وصارت الحاجات الفردية على اختلاف درجاتها وألوانها ضمن مجال المسموح به اجتماعيا وسياسيا ودينيا أيضا... !! وأنا لا أستطيع تصديق ذلك ، أو بعبارة أوضح لا أستطيع فهم ذلك لكي أصدقه ) . بالعودة إلى الفكرة ، ما هي القوى التي تدفع الفرد إلى تغيير تفكيره وموضوعات حبه أيضا ؟ الدين يستخدم الترغيب والترهيب معا : الجحيم لمن لا يتغير عن الاتجاه الطفولي ، والنعيم لمن يلتزم بالتعاليم الدينية . لكن المفارقة ، أن النعيم _ الذي يأتي في الحياة الثانية بعد الموت ، يكون فيه الممنوع اليوم هو المسموح به هناك ....خمر وجنس وغيرها . بسبب التناقض الظاهر في الموقف الديني ، يضعف تأثيره مع الزمن والتطور أو يستبدل التفسير بالتأويل . الحل الفلسفي يحقق خطوة إلى الأمام _ عبر مبدأ الانسجام وعدم التناقض _ لجهة المنطق والقدرة على الاقناع العقلي ، إذ يفصل بين السعادة العقلية وبين اللذة الجسدية . وقد حقق الحل الفلسفي نجاحات كبيرة في مختلف المجتمعات ، بعدما فصل بين العقل والجسد بالتزامن مع الوعي المتزايد للزمن ، وطبيعته المركبة والمتناقضة . عالجت هذه القضية عبر نصوص سابقة ، وأكتفي هنا بالتذكير بالخلاصة : للزمن اتجاهات عديدة ، الغد يقترب والأمس يبتعد واليوم الحاضر يتدفق بينهما .... ولكل فرد تفضيلاته أو اتجاهه الغالب ، بين التوجه إلى الأمس ( وثنية ) أو الدوران في اليوم ( عصاب ) أو التوجه للغد ( اغتراب ) ... وهناك اتجاه رابع للجنون الكامل ، الثرثرة النفسية المستمرة . تتحقق الصحة والسلامة النفسية _ العقلية ، من خلال إعادة الصلة بين أشكال الزمن المتعددة والمتغيرة ، ثم توحيدها في اتجاه ...اليوم افضل من الأمس ، وغدا هو الأكمل . ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 5
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 4
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 3
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 2
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا _ 1
-
تكملة الاعتماد النفسي
-
الاعتماد النفسي كمحدد لهوية الفرد
-
علاج ما بعد الصدمة !؟
-
تكملة تعديل السلوك المعرفي
-
تعديل السلوك المعرفي 2
-
تعديل السلوك المعرفي _ مقدمة
-
التحليل النفسي _ أمثلة تطبيقية...
-
التحليل النفسي _ تكملة
-
حكم العادة
-
التحليل النفسي بين العلم والفلسفة
-
خلاصة بحث طويل
-
الموقف العصابي _ وحاجة الانسان للحب غير المشروط
-
الكبار يحتاجون للحب غير المشروط أيضا _ تتمة
-
حاجة الكبار إلى الحب غير المشروط أيضا
-
الكبار يكذبون أولا
المزيد.....
-
جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ
...
-
الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
-
وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/
...
-
غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
-
رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
-
أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
-
شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
-
ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
-
بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|