أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد قاسم - قراءة تحليلية في رواية (بهار)















المزيد.....

قراءة تحليلية في رواية (بهار)


محمد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5785 - 2018 / 2 / 12 - 18:02
المحور: الادب والفن
    


قراءة تحليلية في رواية (بهار)

أية مهمة شاقة تلك التي تلقى على عاتق الاديب داخل مجتمعه الذي قاسى مرحلة اودت بنصف حياته واية مسؤولية سوف يمارسها تجاه وصف ومعالجة تلك المرحلة (فادب المقاومة الذي جسده غسان كنفاني ورواية المخيمات (صبرا وشاتيلا)، ورواية المنفى التي كتبها فلسطينيو الشتات)(1)لا غرو انها امتداد رد الفعل الطبيعي لما قاسته فلسطين ولبنان من احداث1948 و 1982 فالاديب الراوي هو البوتقة التي تصهر فيها شضايا الاحداث ثم ينفث بركانه شاهدا ومؤرخا و حسبي قول ادوارد سعيد (...الروائيون منبثقون إلى حد، من تاريخ مجتمعاتهم، وهم يشكلون ذلك التاريخ ويتشكلون به، ويتصلون بتجاربهم الاجتماعية بدرجات متفاوتة، وأن الثقافة وكل أشكال التعبير الجمالي تُشتق من التجربة التاريخية لتلك المجتمعات)(2) فالروائي اليوم امام مهمتين الاولى أدلاء ادواته لتجني رواية تتناسب و حجم الحدث و الثاني ان يكون تمظهرهم لينٌ شفيف ليتماهى مع المنعطف الادبي الممكن ولادته .. و هنا احدى الروايات التي تحاول التقاط الحادثة جاهدة بأنامل (عامر حميو)(3) يضيء فيها ما شاقه الايزيديون في مرحلة د.ا.ع.ش .
فبهار اسم الرواية و اسم الفتاة الايزيدية التي تتقلب بين الوان العذاب و الهتك و الالم . ليس جرمها الا انها انتضت قلبها النابض بالامل و الحب لتطفئ شموع كعكة عيد ميلادها الـ22 برفقة صديقتيها
الاولى: فيفيان (سيفي) من سهل نينوى الشغوفة المدينة بالمسيحية التي كانت (... اكثرهن حبا لان تسال عما لا يستسيغه فكرها و لا تعرف جذور نشأته ...)*
و الثانية : آمال (نرجس) الفتاة الصامتة الشيعية التي (...عرق جنوب العراق ووسطه يجري في عروقها ...)*
اما بهار فالايزيدية التي تسكن مركز محافظة نينوى (تبدو لمن لا يعرفها منطوية ...)* التي توفيت والدتها اثر السرطان حين كانت بعمر 12 عام
طالبات يدرسن في جامعة الموصل علم النفس تبدأ رحلة الموت من مشهدهن و هن يقمن حفلة عيد الميلاد بكل حب و امل لتطفئ جذوة الحب دون شمعة الكعكة بهجوم (ابو براء) و عصابته .
يصب الراوي احداث البشاعة و الرعب في قالب مسوغ وينجح حين يضع الثلاثة يدرسن تخصص علم النفس ليتمتع سرده بافق اوسع و قدرة على وصف ادق و انتباه اكثر حدة فالمعروف عن دارس علم النفس تمتعه بملكة التوغل في الاخر و قراءة شخصيته و نزعاتها على طبق علمي و هذا ما يتيح له مساحة نوعية اوسع ناهيك عن حاجة القارئ لوصف يتناسب و هول الوقائع فبهذه الادوات يبدأ من معاندة بهار لابيها و اصرارها على اقامة حفلة عيد ميلادها بالرغم من انها شهدت في نفس الوقت و في المدينة ذاتها مقتل جارهم (العم شمو) الذي (لا يفرق بينها وبين ابنته)* حيث يساندهم و يشاركهم مصيره و ابوها الذي يحاول اقناعها قائلا (عيب اهالينا قاعد يموتو ونحنا نحتفل بعيد ميلادك) لكنها ابت الا ان تنتضي قلبها المرهف حبا و املا بوجه خفافيش الموت الذي حل بالموصل وعلى حين غفلة يقتحم (ابو براء) وعصابته المنزل بحثا عما يشبع حيوانيتهم ويستغلن وقت وصول العصابة الى الغرفة بحيلة ان تكون كلاً من فيفيان و امال ايزيديتين فيتفقن على ان (فيفيان) اسمها (سيفي) خوفا عليها لانها مسيحية و بالنسبة للتنظيم (ذمية) مستباح عرضها و مالها و (امال) يكون اسمها (نرجس) ففي مذهبها (التقية) التي تبيح لها ان تسلم بروحها لئلا يعلموا انها (رافضية) ..فيتم اخذهن سبايا من قبل التنظيم ليطرَح من خلال ذلك كم الانحطاط لدى التنظيم و مدى ضراوته وبربريته و يعرض ما يتكؤون عليه من افكار تبيح لهم ما يشتهون و تحرم ما يبغون ان يمنعوه على الاخر فيغتصبن الثلاثة في دار( ابو براء ) و تكشف امال انها ليست ايزيدية فتذبح لتكمل بهار و فيفيان رحلة الموت من دار ابي براء الى سجن بادوش وصولا الى المدرسة التي يتخذها التنظيم سوق نخاسة حتى بيت ابو قتادة .. رحلة ملؤها الاشلاء و الموت و الرعب لفتيات عشرينيات بين تلك الذئاب ..
يضع الراوي امام القارئ اضاءات وثقافة و فلكلور المكون الايزيدي ليكون على علم ببساطة و نقاوة من تتمحور الرواية على اظهار شناعة ما حل به فالطقوس كـــ(عيد خدر) و الاماكن المقدسة كـــ(وادي لالش)و الشخصيات المقدسة مثل (عدي بن مسافر) و (بير لبنا) وبعض الكلمات مثل ايزيدا , ايزيد خان , القرص , و الرموز كــــ(طاووس ملك) حيث يكثف ذلك التعريف بالطقوس في الفصل 11.
آمال تنحر و فيفيان تغتصب برفقة بهار فالراوي لم يطرح عذابات الايزيدية و محنتها بمعزل عن باقي مكونات العراق و يعود لتكثيف الضوء اكثر على المكون الايزيدي حينما تجتمع الطبقات الخمس(4) للمجتمع الايزيدي في سجن بادوش ليتقاسمن الويلات بصحبة باقي المكونات فيلقي الضوء على الايزيديات خاصة و عامة على العراقيات وعلى رمز الانثى بنحو اعم تلك التي تحلم بالحب و الانوثة بين احضان عشيقها .
ونرى التفاعل والاختلاط جليا حين تتبادل الثقافات و تتماهى الافكار الدينية لتكون نسيجا واحدا من اجل حمايتهن اذ ان ( فيفيان ) المسيحية (تستورد) مبدأ التقية نتيجة اختلاطها بآمال الشيعية (...استقر الامر اخيرا على ان اكمل دراستي و اعمل بمبدأ التقية الشيعي , ولا اصرح بديانتي المسيحية لاحد ...)* ليظهر مدى التواطد بينهم فلا صوت يعلو الصوت العراقي الواحد الذي يتردد في الرواية .
وما هو جلي بالرواية ايضا اطناب الراوي في تصوير الاغتصاب التي تعرضت له بهار و فض بكارتها بوصف قريب و دقيق ليحاول معالجة موضوع الجنس -بكارة الانثى- في الفصل 18 من الرواية حين تخاطب بهار الممرضة قائلة: (ستبقى البكارة لعنة تطارد المراة الكردية مثلما تطارد المراة العربية حتى و ان كان فعل ازالتها كان جبرا) و مخاطبة الاخيرة لها بمضمون ان الحب اعظم من ذلك وايضا في شرحه كوسيلة لحصول العشيق على معشوقته التي يرفض اهلها .. وذروة ذلك في حوارها مع حبيبها (سكمان) اذ تخبره بانها فتاة معطوبة نتيجة اغتصابها لكنه يرد (... اتركي سخافة خرافة الشرف الشرقي و افهمي شيئا واحدا .. (...) نحن اقلية تعرضت لابادة منهجية و الواجب اليوم يدعونا الى ان نحافظ على نوعنا .. شمسنا لابد لها ان تشرق ثانية...)* لتنتهي الرواية بنسق احداث بوصول ابو بهار الى المستشفى و حبيبها ( سكمان ) الذي كان معنى اسمه الهداف و هو يخبر بهار بتلذذه بصيد رؤوس عناصر التنظيم اذ نذر نفسه مقاتلا للوطن وايضا بسلامة صديقتها فيفيان .
وهكذا يضع (عامر حميو) امام القارئ قسط هذا المكون مما حل بالعراق ويعرض صورة عنه و عن حبه لوطن فابو بهار الذي سأله (العم شمو) ان ينزح من بيته اجابه (اشتقول عزيزي شمو؟؟ اترك بيتي الي تربيت في؟؟)* وتكون بهار رمزا لما اجابت به فيفيان عن سبب بحثها (نحن شهود عيان على فعلتهم وسيحتاجنا التاريخ لنشهد عليهم ذات يوم)*

______________________
الهوامش
* من الرواية
(1) مقالة الرواية في مواجهة الحرب لشيرين ابو النجا (ناقدة و استاذة في جامعة القاهرة) - مجلة الانساني العدد59
(2) الثقافة والامبريالية , ادوارد سعيد ، ت: كمال أبو ديب، دار الآداب 1997 ص66
(3) عامر حميو كاتب رواية بهار ط1 2016 وهو من مواليد 1964 بابل/القاسم/ دبلوم محاسبة/ وله رواية اخرى بعنوان رمال حارة جدا
(4)امراء و بسميريين و شيوخ و بيرة وفقراء - من الرواية



#محمد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور حيدر سعيد وحيرة المثقف
- الراقصون على سجادة الصلاة
- البعث الشيعي والبعث السني
- هل ستنمو لحية مصر؟
- العرب يصنعون موتهم
- مسلمة الحنفي _ كتاب في ثقافة الكبار
- لم ألكيل بمكيالين يارئيس أئتلاف دولة القانون
- الحركة الكردية في سوريا بين الفوضى المبرمجة وأزمة التجديد
- ايران..اصبح العنوان الابرز في المنطقة
- الحوار السوري الاسرائيلي وماهية فرصة السلام المتوقعة
- هل الكرد عامل تمزق في المنطقة ام عامل استقرار
- تركيا تحاول وقف رزنامة الزمن


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد قاسم - قراءة تحليلية في رواية (بهار)