أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - الدهشة الشعرية في قصيدةٍ للشاعر العراقي صلاح فائق !














المزيد.....

الدهشة الشعرية في قصيدةٍ للشاعر العراقي صلاح فائق !


قحطان جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5776 - 2018 / 2 / 3 - 23:47
المحور: الادب والفن
    


الدهشة الشعرية في قصيدةٍ للشاعر العراقي صلاح فائق !


في كل قصائده يدهشنا الشاعر العراقي صلاح فائق بما يكشفه لنا من خبايا وعلائق واحاسيس. لا يوجد في هذا السرد، الذي يغري البعض كسلا ووهما وقلةً بالمعرفة الجمالية، للانحراف عن جادته الصعبة وبحره العميق، سوى الشعر..الشعر الذي يتلمس الموجودات الكونية والانسانية بتأنٍ وحذر.. انه يتعانق مع كل ما هو شفاف ، حسيّ، مفارق، يختزن في روحه اغاني نادرة وحكايات تختزل المشترك فينا. في قصائده نكتشف التاريخ والانسان ، المرارات ، والخسارات الواعية التي تلاحقنا كاحلام هاربة
" أنا , كباقي البشر , خصوصاً يساريين منهم ,
ألهثُ خلف محراثٍ متخيل , كأن العمل في حقلٍ فضيلة "


نعثرعلى الانسان في اختياراته الصعبة وهو يقف على اعتاب مفارقات يومية بين رغباته الوجودية الطبيعية وبين الإصغاء الى ما هو اكبر من ذلك : التعاضد مع حاجات أخرى والتخلي من أجلها عمّا نسعى اليه:


" اتبجحُ بهذه الحال لأتذكرَ مضاجعةً مع ضيفةٍ لي
ظلت تصرخُ إحتضني بقوة لأني بردانة
فلم اتمتعْ "
ما يجعل قصيدة صلاح فائق قريبة الى النفس ، انها تغترف من اليومي الذي يعجّ بغرائب و مفاجاءات، ويقدمها لنا بحسية راقية كأنه يقول لنا : ما ترونه غريبا، ليس بغريب ، انه الوجود والحياة التي نعيشها .

فهو لا يكتب عن رومانسيات فارغة لا وجود لها ،عن نساء بعيون واسعة وشعر طويل كالليل ، في مجتمعات كل شيء مقموع ومكبوت فيها، حجبت فيها المرأة، آلهة الجمال ، وحولتها الى خيمة متنقلة ، بل عن مدن صارت بعيد ة، راقصات، مخبز المدينة ، عن سكارى يائسين في الليل، وصيدلية افلست ، ومريض لا يملك نقودا.. باختصار يكتب عن كل ما هو مرعب ، انساني ، عميق، تحريضي، دون أن يغادر لحظة أبّهة الشعر وفضائه السامي .
ثمت اغتراب في قصائده، اغتراب الانسان، في حنينه الدائم الى الاطمئنان وبحثه الدائم عن المألوف ، الذي ينتهي في احيان كثيرة الى اقرار حقيقة النهاية الوجودية الحاسمة المتمثلة ب"الظلام الابدي"، او كما يقول هو :


عندما ازور مدينةً بلا سبب ,
ليلفني نسيمٌ ويدغدغني , اتخيّل اوهام السابلة عني
حين يتطلعونَ إليّ اراقبُ سلوكاً مفاجئاً
لشمس بعد الظهيرة : لا افهمها تماماً
أظنها تحنّ الى أغوار الكون
بعدما يئست منا : ستتركنا لظلامٍ أبدي , وزوال

باختصار ان قصيدة صلاح فائق هي اختصار لاشكالات وجودية قائمة، وتكثيف مبصر لما يعانيه أنسان عصرنا مما هو مفزع بسبب خسارات هي اقل ما يقال عنها أنها غير مبررة بل وعبثية . مع ذلك فهي لا تخلو من اشراقات مباغتة تتشبث باحلام متخيلة او فعلية لتفتح كوّة ممكنة على الحياة في مسعى لجعلها قابلة للعيش .
أنا زبونٌ دائمٌ لمخبزِ هذه البلدة
(......)
انا ايضاً
صديقٌ لراقصي وراقصات المناسبات هنا ,
السكارى اليائسينَ في الليل ,
ومتفائلٌ : السيارة الكهربائيةستعمّ هذا العالمَ قريباً
.. ...
قصيدة صلاح فائق
أنا , كباقي البشر , خصوصاً يساريين منهم ,
ألهثُ خلف محراثٍ متخيل , كأن العمل في حقلٍ فضيلة ,
كفلّاحٍ او شغيلٍ عند موسم الصيف :
اتبجحُ بهذه الحال لأتذكرَ مضاجعةً مع ضيفةٍ لي
ظلت تصرخُ إحتضني بقوة لأني بردانة
فلم اتمتعْ ,
أو اضعُ منتصف حياتي امامي
ارتّبَ كوابيسها للمرة الأخيرة وبابي موارب
ربما تدفعه , أقولُ لنفسي , سائحةٌ كانت ترقصُ عند البحر
رأتني عارياً , كما عادتي , في الشرفة
ليس في الذي أقولهُ ماهو غريبٌ
فأنا من اهل هذه البلدة , انزعُ ملابسي أيضاً
في اعلى طابقٍ من فندقٍ شاهق ,
عندما ازور مدينةً بلا سبب ,
ليلفني نسيمٌ ويدغدغني , اتخيّل اوهام السابلة عني
حين يتطلعونَ إليّ اراقبُ سلوكاً مفاجئاً
لشمس بعد الظهيرة : لا افهمها تماماً
أظنها تحنّ الى أغوار الكون
بعدما يئست منا : ستتركنا لظلامٍ أبدي , وزوال .
*
انا زبونٌ دائمٌ لمخبزِ هذه البلدة
حلاقها يراني في دكانهُ كل ثلاثة اشهر
شعرُ رأسي قليلٌ , انا ايضاً
صديقٌ لراقصي وراقصات المناسبات هنا ,
السكارى اليائسينَ في الليل ,
ومتفائلٌ : السيارة الكهربائيةستعمّ هذا العالمَ قريباً
عدا بلدتي , فهي بلا شوارع
*
انتهتْ أدويتي منذ اسابيع
اشعرُ بتحسنٍ في صحتي
جيبي لم يعد خالياً من نقود :
الصيدلية القريبة افلستْ , هذا ما إنتظرتُ طويلاً
*



#قحطان_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر العراقي عبود الجابري والكتابة بعيون طفل..!
- -كلّ هذا البريق وتتشبث بالوضوح ؟-
- رواية -أبواب ضيقة- للروائية سلوى جرّاح: بين السيرة الذاتية و ...
- - قصيدة - - قصة قصيرة
- العدد الجديد من مجلة -الثقافة العراقية- ؛ بقعة ضوء في ظلام ح ...
- - إلتماعات في عتمة -
- مقدمة لكتاب مترجم -قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا باي ...
- اكتشاف متأخر
- اليكِ..بمثابة اعتذار متأخر جدا..!
- بين الفكر اللاهوتي الغربي والركام اللغوي الديني الاسلامي الم ...
- قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا بايدل
- - أناشيد الخيبة
- - رغم كل ذلك-
- الكتابة النقدية وسلوك الحوار
- -..! وانت تعدّ البراهينَ التي أخفاها الحمقى -
- صدور الديوان الثالث - آن الذهول - مع مختارات منه.
- شبح ابن عمارة
- جدلية الحب و الكراهية في رواية -وردة الفجر- للروائي التونسي ...
- الطفولة المقموعة في رواية - ارواح ضامئة للحب- للقاصة والروائ ...
- الفرادة الشعرية وتجليّ الذات في ديوان - أغنية شخصية - للشاعر ...


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان جاسم - الدهشة الشعرية في قصيدةٍ للشاعر العراقي صلاح فائق !