أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - من قتل عزيز ؟ الحلقة الخامسة















المزيد.....

من قتل عزيز ؟ الحلقة الخامسة


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 5775 - 2018 / 2 / 2 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


اخذت سماء العاصمة بغداد تتلبد بغيوم الطائفية السوداء على خلفية تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء عام 2006 فكان العراقيون على موعد مع اسوأ مراحل تاريخهم المعاصر .
جلس عزيز امام محله على كرسي خشبي وقد وضع امامه طاولة ثبت فوقها علبة السكائر وهو يقلب صفحات كتاب (عام قضيته في العراق ) الذي ألفه الحاكم المدني الاميركي (بول بريمر ) والذي قال في ثناياه ان السياسين العراقيين قد اختلفوا حول كل شيء الا امتيازاتهم المالية وهذا القول كان قد كذبه الكثير من القراء الا ان الايام صدقته في دعواه بعد اشهر على مقولته تلك .
كانت الساعة تشير الى العاشرة صباحا وقد ابتلت الارض بزخات متفرقة من المطر واذا ب(رباب) البنت ذو الاربعة عشر ربيعا تركض من امام عزيز حافية القدمين منثورة الشعر .
نظر عزيز لرباب وهو يقول : ها رباب خو ماكو شيء ؟.
ـ كتلوا عمي قاسم .
ـ منو كتله؟ .
ـ ما ادري ضربته طلقة وطاحت بصدره يكولون قناص من جهة الخط السريع .
ـ وهسه وين عمج؟ .
ـ اخذوه لمستشفى الكاظمية .
ـ عدل ؟.
ـ لا عمو سمعتهم يكولون قاسم مات.
ـ ونتي وين رايحة؟ .
اجيت اخبرعمتي ام عباس .
سارع عزيز لغلق باب المحل ثم ابلغ جاره ابو عادل الذي يبيع الخضار انه سوف يذهب ليستطلع الاخبار ويعود بعد ذلك .
سارع عزيز للذهاب لبيت قاسم الذي يسكن مع اهله داخل احدى العشوائيات التي شيدت على ارض المعسكر الذي هاجمته الطائرات الاميركية عام 2003 .
وصل عزيز فوجد اهالي المنطقة يجتمعون امام منزل قاسم التي كانت والدته تحاول رمي نفسها في بركة للماء الآسن امام المنزل الذي بني من الصفيح وقطع الحجر (البلوك) سلم عزيز على اخوة قاسم وابناء اخوته.
بدا بالسلام على الاخ الاكبر لقاسم .
ـ السلام عليكم ابو سيف ، شنو الاخبار؟
ـ والله خابروني جنت طالع على باب الله ،وكلولي قاسم ضربته طلقة .
بعد قليل وصلت سيارة اوبل يستقلها اربعة من الشباب وهم يحملون مسدساتهم سلم المسلحون على ابو سيف واخوته واخذوا يعزون الجميع سمع عزيز احدهم يقول :
ـ ابو سيف الا انجيب الضرب قاسم اصبرنه دفايق ، هذا ثالث واحد ينكتل بهاي المنطقة بطلقة قناص .
انطلقت السيارة الاوبل ، لكنها عادت مسرعة بعد اقل من نصف ساعة .
وقفت السيارة امام البيت واذا بالشاب الجالس في المقعد الامامي للسيارة يترجل ويقوم بسرعة البرق بفتح الصندوق الخلفي للسيارة ويلقي بكلتا يديه بشاب يلبس قميصا ابيضا وبنطلونا رصاصيا وقد غطى راسه بكيس اسود.
واخذ يصوب فوهة مسدسة نحو راس الشاب وافرغ اكثر من عشرين اطلاقة في رأسه .
كان عزيز ينظر الى الشاب ويسمع صوت قطع اللحم تتقافز داخل الكيس الاسود
بينما كان الراس يغوص بالارض من شدة عصف العيارات النارية .
التفت نعيم الذي افرغ مسدسه براس الشاب ، وهو يقول:
ـ هذا كتال قاسم .
وهو ينظر الى اخوته الا انهم كانوا غير مقتنعين بما يجري .
اقترب عزيز من اصحاب المسدسات ثم سال احدهم ؟
ـ اخي هو هذا القتل قاسم ؟.
استدار اليه نعيم ورمقه بنظرة حادة .
ـ اي لعد منو .
ـ اي يستاهل هذا مصير القاتل؟ .
عاد عزيزالى محله شبه منهار.
لانه عرف بعد ذلك ان الشاب القتيل لم يكن سوى ضحية تم اصطيادها على الخط السريع الذي يفصل الحرية عن مدينة الغزالية .
تعاظم الشعور لديه بالذنب فقد يكون مشاركا بتلك الجريمة عندما ايد بقوة ما قام به المسلحون وبينما هو كذلك واذا بالعم ابو سلام يمد يده لعزيز مسالما وقد ابصره مصفر اللون محزون الفؤاد أخذ عزيز يقص عليه ملابسات مقتل قاسم ومن ثم مقتل ذلك الشاب الغريب استطاع العم ابو سلام ان يقنع عزيز بانه ليس مذنبا وانه عندما تكلم انما كان يعتقد ان ذلك الشاب هو القاتل الحقيقي وليس مجرد ضحية .ذهب عزيز للبيت بعد ان اخبر ابو عادل صاحب محل الخضار انه لن ياتي طوال اليوم .
عاد عزيز مثقل الخطوات وقد فارقت محياه تلك الابتسامة المميزة له بين اهالي المنطقة فكان كل من يراه ويصادفه يستغرب حاله وينكر تثاقله .
دخل للبيت استقبلته (سمية) وقد استغربت مجيئة في هكذا وقت قالت : اهلا عزيز اليوم اديك فارغة لا مخضر لا فاكهة مو عوايدك .
ـ عوفيني سمية اليوم الدنية طالعة من عيني .
ـ شكو ياستار عزيز اسم الله .
دخل غرفته مسرعا والقى بنفسه فوق السرير بقوة .
دخلت سمية وهي متعجبة لحالته
ـ اشبيك احضرلك غدا .
ـ لا لا ما اشتهي .
ـ بس صيحيلي فرات ونرجس .
صاحت الأم ـ تعالوا ماما .
اعتلت الصغيرة نرجس السرير واقتربت من والدها وهي تاخذ بكفه اليمنى وتمسح عليها .
ـ ها بابا اليوم ليش مجايبلي لا نستله لا جبس .
ـ اي بابا صحيح والله دايخ .
اما فرات فانه اخذ يبحث في جيوب والده عن مصروفه اليومي لكي يشتري بنفسه .
اخذ عزيز ينظر الى فرات ونرجس وقد علقت صورة الشاب الضحية بمخيلته وهو يكلم نفسه قائلا لا بد ان هناك ابا واما ينتظران عودة ابنهم بفارغ الصبر ترى كيف سيكون وقع الحادث على قلوبهم وقد هشم راس ولدهم بعشرات العيارات النارية؟ .
قبل عزيز فرات ونرجس بقوة والدموع تنهمر من عينيه ثم خاطب (سمية ) قائلا : ـ سمية اريد انام سدوا الباب عليه .
بعد قليل كان عزيز يغط في نوم عميق .
في اليوم التالي اتصل عزيز باحد اصدقائه والذي كان يذهب بين الحين والاخر لاسواق المشروبات الكحولية في منطقة حي العدل واوصاه ان يأتي له بمزيد من قناني البيرة عسى ان تتلاشى تلك الصور التي علقت بمخيلته منذ يوم امس .
عند الساعة السادسة مساءا كان صديقه قد اتى له بالمشروب وسلمه اياه( تحت جنح الظلام ) .
التقى احمد والاستاذ عبدالرزاق بالعم ابو سلام وابو علي الاسمر وقصدوا عزيز في محل الدلالية فوجدوه يستمع لاغنية ام كلثوم (رباعيات الخيام ) سأل الاستاذ بعد ان جلس الجميع : ابو فرات اكو واحد يسمع اغاني بهلوكت هاذ؟.
ـ ليش لا ، بالعكس استاذ اليوم احنا بحاجة ام كلثوم .
ـ اي غير نفتهم ياخويه .
ـ اكيد لان اغلب الشيوخ صاروا يروجون للقتل واغلب المساجد صارت اوكار للارهاب لو مقرات للتعذيب بس ام كلثوم بقت وراح تبقى تروج لثقافة الحب والسلام .
ـ امر طبيعي خويه .
ـ متكلي شنو الطبيعي .
ـ صراع مذهبي .
ـ لا ابدا مو صراع مذهبي هذا صراع سياسي .
ـ يعني انته تقصد الاحزاب الي بالسلطة هيه الي جاي تتحارب .
نعم هي حقيقة واصلا الشيعة والسنة مو مذاهب همه احزاب سياسية ولذلك من زمان يتعاركون على كرسي الحكم باسم المذهب وباسم الدين .
أكمل عزيز قائلا: ابو زينب المذاهب متتقاتل المذاهب تختلف تتحاور بس هذا شغل الاحزاب الي لبست ، ثياب الدين .
ثم التفت عزيز الى العم – ابو سلام – قائلا : عمي ابو سلام تتفق وياي ، اكبر غلطة للعراقيين هو تصويتهم للقوائم المذهبية بظل واقع عربي يعيش الطائفية السياسية باوضح صورها .
قال ابو سلام : اكيد والله ياعزيز بس تدري احنا مجنا نتوقع هيج يصير الوضع ولا تنسى اخويه ان الاحزاب الي قاتلت صدام هي بالاساس جانت من مذهب معين وطائفة معينة .
ـ اي ابو سلام الاحزاب واقع حال محد ينكر دورها ونضالها لكن مو بالضرورة تجي تلزم حكم المفروض تكعد بالبرلمان تراقب عمل الحكومة ، بعيدة عن الدين والمذهب والقومية ، العراق مينحكم من حزب واحد ولا من طائفة واحدة .
قال احمد : والمشكلة القاتل والمقتول يحجون باسم الدين والمذهب ، وكل واحد منهم يشوف نفسه هو الحق وغيره باطل وهذا الجان يكوله علي الوردي الله يرحمه .
قال عزيز: والله ابو شهاب اني اشوف الاديان ما حققت شيء بمجال تربية هذا الانسان وتشذيب نوازعه الشريرة .
ـ رد الاستاذ عبدالرزاق قائلا : اخوية العيب مو بالاديان العيب بالانسان.
رد عزيز وهو يضرب صدره بقوة .
ـ استاذ انتم دائما اطلعون الاديان من الصورة وتحملون البشر مسؤولية كلشي ، هو متكلي شيصير هذا البشر؟!!!! والله استاذ اني بديت اراجع اهواي من قناعاتي السابقة واني اشوف جثث الابرياء تنقل بيها سيارات الشرطة واسمع اصوات الانفجارات تدوي بكل مكان .
ـ فهمنا شنو التغير بقناعاتك؟ المفروض قناعاتك ثابته ابو فرات .
ـ ما اتصور اكو ثبات كل شيء متغير خاصة بهيج ظروف .
ـ الانسان لازم يكون اقوى من الظروف .
ـ الظروف هي تصنع الانسان وتغير من افكاره وقناعاته .
ـ هيج تشوف اخوية؟ .
ـ اي والله هيج اشوف استاذ .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قتل عزيز ؟ الحلقة الرابعة
- من قتل عزيز ؟ الحلقة الثالثة
- من قتل عزيز ؟ قصة الحلقة الثانية
- من قتل عزيز ؟ قصة قصيرة
- الان حصحص الحق
- مع الدكتور محمد باسل الطائي في (ملف الشيعة والسنة )
- العراقيون في عيون اخوتهم العرب
- الحل بيد السيد السيستاني (دام ظله)
- ملاحظات على مقال الكاتب الدكتور (عبدالخالق حسين ) الموسوم اس ...
- ملاحظات على مقال الكاتب الدكتور عبد الخالق حسين الموسوم ( اس ...
- ملاحظات على مقال الكاتب الدكتور (عبدالخالق حسين ) الموسوم (ا ...
- ملاحظات على مقال الكاتب الدكتور (عبدالخالق حسين ) الموسوم (ا ...
- هل سينتهي الدواعش بعد هزيمتهم عسكريا ؟
- هل حكم حزب الدعوة العراق منذ عام 2003 ؟
- المعارضة العراقية من وجهة نظر ... وزير الخارجية الاسبق (طارق ...
- ماذا قدمت الشرائع الارضية والاديان السماوية والقوانين الوضعي ...
- وماذا عن الجنس (الجزء الثاني)؟
- وماذا عن الجنس؟
- فنان الشعب الراحل سعدي الحلي ... والمخيلة الشعبية
- وقفة مع الكاتب والمفكر ضياء الشكرجي


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - من قتل عزيز ؟ الحلقة الخامسة