أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - جيل دولوز قارئا لنيتشه














المزيد.....

جيل دولوز قارئا لنيتشه


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 27 - 16:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1 - مسألة وجود الوجود
يقرأ دولوز قضية الوجود في التفكير الفلسفي عند نيتشه، انطلاقا من مدخل التساؤل الفلسفي التالي : ما هي العلاقة الممكنة بين الإيديولوجية الدينية ( المسيحية ) والفكر التراجيدي ؟
إنه السؤال الحارق المستفز بقدرما هو سؤال يفتح نافذة للتفكير والتأمل..
لاشك أنهما - أي الإيديولوجية المسيحية والفكر التراجيدي - يتقاطعان معا حول إشكال فلسفي قديم وأصيل. نعني به إشكال معنى الوجود في صلته الجدلية عبر تاريخ وجود الحياة بوجود الكائن البشري، ككائن يفكر ويعي أنه موجود. وبالتالي، فمسألة الوجود ظلت مصاحبة لانشغالات البشر، أفرادا وجماعات، أكثر من أية قضية أخرى، بسبب امتداداتها العديدة وتقاطعاتها النوعية مع باقي أشياء وموجودات مماثلة، توجد في ومع محيط الكائن البشري الطبيعي في الحياة. من هنا، كان تساؤل الإنسان الأولي والمبكر هو : هل للوجود من معنى في أصل الأمور ؟ يعني ما معنى أن يكون للوجود معنى معينا، إن كان له معنى في الأصل، أو له عدة معان ؟
إنها عينة صغيرة من الأسئلة الحارقة و"المُشاغبة" التي يطرحها جانب من النسق الفلسفي النيتشوي العميق والمتشعب. ومن تمّ، يرى نيتشه أن إشكال الوجود لابد أن يعتبر من أعرق وأقدم الإشكالات الفلسفية التي عرفها المسار الطويل لتاريخ الفلسفة برمته، باعتبار أن له علاقة جدلية وقوية بمشكلة البحث المستمر عن المعنى أو معنى المعنى، في إطار التفسير والتأويل والتقييم. يعني تأويل معنى أو معاني الوجود وتقييمه / أو تقييمه لوجوده كفرد موجود في وجود حياة لابد أن يكون له فيها معنى محددا يشكل وجوده حلقة هامة ضمن حلقات كونية كينونة الوجود .
هل بإمكاننا تفسير وتبرير وجود الوجود الطبيعي والبشري ؟ ولماذا وجد الوجود ؟ وهل من واجد للوجود وكيف ومتى ...؟
إن تقديم إجابة فلسفية قطعية للسؤال أعلاه يعتبر، حسب دولوز، من أنضج سبع المستحيلات الكائنة والممكنة، باعتبار أن مهمة الفلسفة لا تكمن في تقديم الإجابة القطعية، بقدرما تكمن في طرح السؤال تلو السؤال المُستفز والمشاكس والمختلف لغاية الهدم والتجاوز والتأسيس للمعنى الجديد والمجدد، حتى وإن بدا ذلك السؤال المطروح خارجا عن سياق صواب التداول المألوف. لكن، نيتشه يلح بهذا الصدد، في فلسفته النقدية التي جاءت لتعميق السؤال الوجودي من منظور تراجيدي انقلابي، على ضرورة طرح، وإعادة إنتاج طرح السؤال النقدي المختلف حول مسألة الوجود، ليس كما مارسه فلاسفة زمنه الفلسفي الحديث في القرن 19، ككيركيغارد وسارتر وهيدغر، ولا حتى كما فلسفه ومارسه فلاسفة الزمن الفلسفي الكلاسيكي الإغريقي ما بعد السقراطي، كأفلاطون وأرسطو وما بعدهما، وإنما تيمّنا بالطرح الفلسفي التراجيدي عند أغارقة ما يسمى بحكماء ما قبل ظهور فلسفة سقراط، التي صنعت أصنام فلسفة الأخلاق، بتعبير نيتشه، وعملت بذلك على القتل الرمزي والتاريخي لمفهوم الفلسفة، حسب دولوز دائما، بمعناها الوجودي التراجيدي كما مارسه فعليا وعمليا فلاسفة كبار من قبيل كل من هيروقليطس وطاليس وديمقريطس .. وغيرهم من فلاسفة الحكمة التراجيديين، كما سماهم نيتشه نفسه في كتابه الأصيل البكر ( مولد التراجيديا - 1872 ).
2 - الوجود بملمح الجريمة
بما أن الوجود يتألم فهو إذن مُذنب. إذن، الوجود هنا في موقع الجريمة. إنه "الكوجيطو" الفلسفي الذي يفسر به نيتشه، حسب تحليل دولوز، مسألة علاقة الوجود كمعنى فلسفي قوي، بمعنى الإنسان كطرف ضعيف في هذه المعادلة الفكرية المبحوثة غير المتكافئة. يعني، هل الأمر هنا يتعلق ب"تجريم" الوجود، بتعبير دولوز، باعتبار أن الضحية هنا هي الإنسان، والمجرم هو الوجود ؟ أو بكلمات هيدغر، المجرم هنا هو الوجود، والضحية المفترضة هي الموجود، أي الإنسان .
ثمة فرق واضح إذن بين التأويل الإغريقي لجريمة الوجود، حسب نيتشه، والتأويل الديني المسيحي للغفران peché. لهذا، يقر ديونيزوس كشخصية فلسفية مفهومية في النص الفلسفي النيتشوي، وفق تحليل دولوز، ببراءة الوجود وببعده التعددي، وببراءة صيرورته المستمرة في أصل الأمور. إن براءة الوجود تعني هنا حقيقة معناه المتعدد والمحدد والمتغير غير المجرد. أي أنه لا لوجود خارج الكل. وجود الوجود يعني لا لوجود الكل. يمكن فقط تفسير ما يجري في الوجود، حسب نيتشه، بما سماه نيتشه بفلسفة إرادة القوة التي تتحكم في حركات الطبيعة، ونوازع البشر باعتبار البشر جزء من الطبيعة.. هكذا تتحقق تراجيدية الفكر الفلسفي كما مارسته الفلسفة الإغريقية ما قبل السقراطية، حين اهتمت وانشغلت باحثة، مفكرة في سؤال الوجود الكائن والممكن، انطلاقا من أسئلة الفكر النقدي، والعدالة والبراءة والحقيقة في الحياة والمجتمع ..







#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشاط إبداعي وفكري يسرق الأنفاس في مدينة أيت ملول السوسية بجن ...
- نيتشه قارئا لسقراط
- نص : التلفاز الأخضر
- قصة : الديك البلدي
- قصة : غيلم زفزاف
- مملكة الذباب الموحش
- التعليم كمحرر للشعوب
- الوعي الديني والوعي الفلسفي
- قصة : الحمّى
- السياسيون الانتهازيون
- يسار حراك الريف ويمينه (مطلب اجتماعي وضرورة تاريخية)
- نظرية الدولة عند أنطونيو غرامشي، من خلال كتابه (رسائل السجن)
- مسألة المثقف عند بيير بورديو
- قراءة فلسفية لرواية ساق البامبو(1) (جدلية العلاقة بين تيمة ا ...
- الأنا الذي لا يفكر .. أو الطبيعة الصامتة و الطبيعة اللغوية
- من دفاتر نيتشه الفلسفية : مسألة الإغريق و علاقتهم بالفلسفة ( ...
- نقد مفهوم الحرية في فلسفة سبينوزا
- من دفاتر نيتشه الفلسفية : مسألة الفلسفة و التفلسف و الفيلسوف ...
- من دفاتر نيتشه الفلسفية : الفلسفة و الفيلسوف .. المفهوم و أي ...
- الفلسفة .. ضد سياسة التجميع


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - جيل دولوز قارئا لنيتشه