أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهور العتابي - قصص من الارشيف ...من الrcu .. ...قصة رقم (١)















المزيد.....

قصص من الارشيف ...من الrcu .. ...قصة رقم (١)


زهور العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


لم تكن قليلة تلك الأيام التي قضيتها مرافقة لولدي الحبيب الطبيب العليل فرات مابين مستشفى مدينة الطب والشهيد عدنان خيرالله وال (rcu ) اي العناية المركزة هي مكان خاص للحالات الاستثنائية الصعبة ...روادها غالبا من المرضى الذين يعانون من ضيق التنفس تحديدا ...منهم المرضى الخارجون توا من عملية جراحية تحدث على اثرها بعض المتاعب والاختلاطات أو حالات أخرى كجرحى القوات المسلحة أو قوات الشرطة او المدنيون الذين يستهدفون من قبل الجماعات الإرهابية التكفيرية وحالتهم تكون صعبة مما يتطلب وضعهم على أجهزة الإنعاش....ويوم ان كنت بالمستشفى كان ما بين سنة ٢٠٠٦و ٢٠٠٧ وكما تعلمون أن هذه السنين كانت سنين عجاف على العراقيين بل كانت من أصعب السنين التي مر بها العراق على الاطلاق بعد التغيير حيث الطائفية كانت على أشدها آنذاك...كانت الحالات التي تدخل العناية المركزية كثيرة جدا واحيانا لا يستطيع المكان استيعاب كل هذه الأعداد الهائلة من المرضى مما يضطر مدير الإنعاش إلى تحويلهم إلى مستشفيات أخرى ..قسم الإنعاش كان عبارة عن مجموعة من الاسرَّه كل سرير مزود بجهاز الكومبريسر والفنتريتر وجهاز السَكَر وقنينه الأوكسجين الأسرَّه تلك يفصل بعضها البعض مجموعة الستائر ليس إلا... عشت انا في هذا المكان سنتين كاملتين ...لهذا مرت أمامي عشرات الحالات ويشهد الله انني رغم قسوة ما اعانيه من مرارة حالة ولدي الميئوس منها إلا أن الحالات التي كنت أراها بام عيني كانت تؤلمني جدا وتأخذ مني ماخذا كبيرا من حزن وألم و كنت اذرف الدموع تلو الدموع لما شهدته من حالات يصعب تحملها أو تى تصديقها !! في ذاكرتي عشرات القصص دعوني أبدأها بحالة الشاب استر....
ففي صباحات أحد الأيام صحى الجميع على ضجيج وجري سريع لكل الكوادر الطبية في الإنعاش مابين ممرض ومعاون طبي دخلوا على عجالة يتبعهم الطبيب.. وغالبا ما كان يحدث هذا لدى قدوم حالة جديدة ( كيس جديد )...المريض هذه المرة شاب في أواخر الثلاثينات من عمره ذو وزن ثقيل بعض الشيء..جيء به محمولا بسدية يتبعها ابوه وامه واخته وكانوا في حاله يرثى لها من خوف وهلع وترقب ...استر هذا كان قد هاجر الى كندا وحصل على الجنسية الكندية عاد بعدها إلى العراق أبان التغير لرؤية اهله في بغداد بعد أن قرر الزواج بفتاة عراقية ليعود بها بعد ذلك إلى كندا ...الام سعدت بوجوده وسعت لان تبحث له عن زوجةكما أراد وفعلا وقع اختيارها على إحداهن ولكنها اقترحت على ولدها ان يعمل عملية تجميل لانفه قبل الخطوبة ليبدو اكثر وسامه وطبعا هو لم يمانع على العكس رحب بالفكرة وأجريت له العملية ولكنه لم يصحو من العملية ودخل في غيبوبة ...يشهد الله أني رأيت اكثر من عشر حالات من هذا النوع ..يدخل المريض الصالة يخرج بعدها غائب عن الوعي محمولا الى غرفة الإنعاش وسبحان الله الطبيب الذي قام بالعملية يكرر ما يقوله غيره من الأطباء ( والله العملية كانت روعة وتمت حسب الأصول والأمور كلهه تمام لكن سبحان الله صارت عندة اختلاطات و..و) اقسم بالله ان الجميع كان يردد هذه العبارة بعد معاينته لمريضه الذي فقد وعيه حتى اني حفظتها عن ظهر قلب !! لا أدري لما التخدير في العراق ليس كما يجب ولما نعاني من ساحة أطباء التخدير الجيدين !! لا أدري ...المهم جيء باستر بالقرب من سرير فرات حيث كان فارغا وقتها ووضع على أجهزة الإنعاش..وطبعا اي مريض جديد يدخل العناية وبالقرب منا كان طبيب الإنعاش يطلب مني أن أفهم المرافق بعض الأمور تلك التي تخص كيفية العناية بالمريض لاسيما كيفية تغذيته عن طريق دفع الاكل له عن طريق ( الأنجي ) لكوني مرافقة قديمة واملك من الخبرة ما يكفي ...المهم خضع أستر إلى مراقبة ومتابعه مكثفة من قبل الأطباء وكانوا يأملون ان تتحسن حالته ويفيق من غيبوبيته...لكن استر لم يفق أبدا ..كان اهله بمنتهى الطيبة ..امه امرأة كبيرة متعبة واباه اخذ منه التعب ماخذا كبيرا وحنى ظهره ..اخته فتاة جميله وعلى خلق وهي من كانت تعتني به... ولم تتوقف العائلة عن البكاء ابدا طوال فترة وجودهم بالعناية ..كنت اتوسل بامه أن تهدا قليلا لكن دون جدوى كانت المسكينه تحمل نفسها مسؤولية ما حدث تلوم نفسها وتقول انا السبب انا من اقترحت عليه عمل هذه العملية اللعينة... حاولت مرارا وتكرارا ان أفهمها انها ليست السبب إنما هو القدر ذاته الذي جاء بي وبولدي إلى هذا المكان جاء بالستر وبكم ...انها إرادة الله عز وجل التي لا مفر منها ابدا ...لم تفلح محاولاتي هذه معها...كانوا يعيشون الازمة بهستيريا ..تعاطفت كثيرا معهم واخذت اصبرهم واقول ان لاتفقدوا الامل بقدرة الله سبحانه وتعالى ربما تأتي ساعة فرج ويصحو ! واخذت اشرح لهم كيفية العناية به ومراقبة أجهزة الإنعاش وكنت انا بنفسي من يعطيه وجبة الطعام فحينما اهيأ لفرات وجبته اهيأ أخرى لأستر اذ ليس من السهل إعداد هكذا نوع من الطعام لهكذا حالات وهم على هذه الشاكلة من الفزع !!...هم اناس طيبون يستحقون من يتعاطف معهم ويقف إلى جانبهم منتهى البراءة والطيبة ..هالَني جدا وضع الام حيث لم تنم الليل ابدا وكانت تسمع همس دعائي وتلاوته القرآن الكريم نتصف الليل وتتوسل بي ان أقرأ القرآن على رأس ولدها قائلة ( وج عيني حبيبتي ام الدكتور اقري قران على رأس استر همينه حبيبه ) كنت فعلا اقرا القرآن له فيفتح المسكين عينيه لينظر الي ثم يعود لينام من جديد وهي ما ان تراه في هذه الحالة تصرخ فرحة ( الحمدللله فتح عينه ) وتقبل يدي وتقول ( فدوة لعينج اقريله بعد حتى يكعد اكثر حبيبي استر ...هاي ام فرات تقرالك قران اكعد ماما ...اكعد حبيبي و..و ) ونذرت المسكينه نذرا وكررت ذالك اكثر من مرة انه اذا فاق استر من غيبوبيتة ستعتنق الإسلام وتكون شيعية مثلي ...هي اقسمت بالله انها ستفعل هذا ان عاش ابنها وعاد الى سابق عهده مشافى معافى ...مرت الأيام تلو الأيام ولم يصحو استر من نومته أبدا ...نام نوما عميقا لا صحو بعده ..ماهي الا اسبوعين فقط حتى فارق الحياة إلى الأبد.... ولم تنفع معه محاولات الأطباء من رجّات قلبية أو تلك الأبر التي وضعت له في المحاليل(المغذي )....باءت كلها بالغشل وسط انهيار الاب وعويل الام ودهشة واستغراب الاخت التي باتت في صدمة و اللا وعي واخذت تردد مذهولة ( مستحيل ...لا ..لا ..مستحيل يموت استر مستحيل )..بكيت كثيرا سائني ما رأيت فالمشهد فوق قدرتي على التحمل واحترت ماذا أفعل ااحتضن الام ام البنت المنهارة ..ماذا عساني ان افعل !! ..مرت علي هذه اللحظات وانا في أسوأ واقسى حالاتي ..تالمت جدا لموت استر ....شاب منتهى الوسامة ..ذو وجه ومحيا صبوح وملامح جميله وعينان واسعتان خضراوان ..لاتعكر ملامحه إلا تلك المضادات اللعينة التي تلف أنفه لتذكر اهله ومحبيه أنهم أخطأوا كثيرا حينما اقنعوه بعملية التجميل النحس التي تمت على يد طبيب لم يتقن عمله كما يجب و طبيب تخدير كان غير امين بالمرة وغير دقيق في عمله ...او ربما ان يد القدر كانت اقوى من الجميع تلك التي جاءت به من بعيد ....من بلد يمتلك من التطور الخبرة مايكفي ومن الاطباء الأكفاء الكثير الكثير لياتي هنا في العراق ليكون صيدا سهلا ويقع في فخ اضعف ما لدينا من اطباااء ...نعم نحن نملك الكثير من الأطباء الأكفاء ولكن استر لم يتحقق حلمه بعملية بسيطة على يد طبيب ماهر و كفوء ...او ربما ولعلي على صواب ان قلت أن الله أراد له أن يموت استر هنا بين اهله واحبائه في بلد الموتى والشهداء ..العراااق !!!!!



#زهور_العتابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيام وذكريات لا تُنسى .......
- صِحينَه ....
- نسينَه .....
- انتخابات... أم ماذا !!؟؟
- انَه موش انَه .......
- ارضَ بالنصيب ..وايّاك ان تحلم (٢)
- اقبل بالنصيب ..وايّاك ان تحلم
- هواي طيبين .....
- يا وطن يحبيّب..ابد لا تعتب..
- ندم .....
- ليتكِ تكوني قوية
- ماكو واهس
- يا وطن تعال نعيش...٢٠١٨
- وجع الفراق.... ٣١/١٢/٢٠& ...
- كون تمطر
- لن احتار
- إلى خير الرجال.......اخي وصديقي الغائب الحاضر ابا حيدر
- صدك حيرة
- دنيا غريبة
- لمن لا يفهم من أنا !!!!


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهور العتابي - قصص من الارشيف ...من الrcu .. ...قصة رقم (١)