أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حياة محمد ابراهيم - القانون في المجتمعات الأولى














المزيد.....

القانون في المجتمعات الأولى


حياة محمد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 09:37
المحور: المجتمع المدني
    


لم يكن للقانون وجود في المجتمعات البدائية ، ففي أكثر المجتمعات تخلفاً كان الناس يديرون أمورهم بدون قانون وبدون محاكم . فكل فرد يعرف حقوقه وواجباته وفقاً للعرف والتقاليد ؛ وقد كانت تلك الأعراف والتقاليد في صرامتها واستحالة الخروج عليها كأي قانون .
إنّ التقاليد ، في المجتمعات القديمة ، تكوّن أساساً قوياً ، تقوم عليها الظواهر الاجتماعية ، وهي التي ترسخ قواعد الاستقرار والنظام في المجتمع، وإذا أضيف ، إلى هذا الأساس ، تأمين سماوي عن طريق الدين نصبح تقاليد الآباء ، هي التي تريدها الآلهة للأبناء ، وعند ذلك تكون تلك التقاليد قوية التأثير في السلوك الاجتماعي ؛ وربما كان تأثريها أقوى من تأثير القانون ؛ إنّ من يتجاوز التقاليد يصطدم بمقت كل الناس لأنّ التقاليد تنشأ من الناس أنفسهم ، وتـفـرض على المجـتـمع من الأسفل ، أمّا من يتجاوز القوانين فيصطدم بمقت بعض الناس ، لأنّ القانون يفرض عليهم من الأعلى .
فالقانون في الأصل يكون عامة مرسوم قضى به الملك أو رجل قوي ، متنفذ ، أمّا التقاليد فهي الانتخاب الطبيعي لأنواع السلوك التي تثبت صلاحيتها في خير المجتمع . والقانون يحل محل التقاليد ، حيث تحل الدولة محل القبيلة ، وحيث ظهرت الكتابة وأخذت القوانين تدون على ألواح الطين أو أوراق البردي ..
وأولى المراحل في تطور القانون هو أخذ الإنسان لنفسه بالثأر؛ فكلّ إنسان في المجتمع البدائي هو شرطي لنفسه ، وهو الذي قيم ميزان العـدل بما تسعفه قوته للـثـأر . وقد ظلّت عادة الثأر حتى في أرقى مجتمعاتنا في الوقت الحاضر . ويظهر هذا الاتجاه بشكل أقوى في القوانين القديمة ؛ فالقصاص يلعب دوراً كبيراً في تشريع حمورابي وفي القانون الروماني وفي شريعة موسى ؛ فنلاحظ تأكيداً على مبدأ (العين بالعين والسن بالسن) . وما يزال الثأر كامناً وراء معظم العقوبات القضائية هذا اليوم .
أمّا المرحلة الثانية ، في تطور القانون ، من حيث التصرف إزاء الجريمة ، فهي استبدال الثأر بالتعويض ؛ وفي هذه الحالة يستعمل الرئيس نفوذه وسلطته لكي يحافظ على حسن العلاقات بين أفراد قبيلته ، أو على حسن الجوار مع القبيلة الأخرى ، فيسعى إلى حمل الأسر ، الراغبة في الأخذ بالثأر ، على استبدال الدم المطلوب بالذهب أو بالمتاع ، ولذلك وضعت قائمة بالتعويضات ، على أساس تحديد المال المطلوب ثمناً للعين أو للسن أو للذراع أو لحياة الإنسان بكاملها .
ولمّا كانت الغرامات ، التي تدفع اجتناباً للثأر ، تتطلب تقديراً للجريمة والتعويض ، بحيث يتناسبان ، فقد اتخذت خطوة ثالثة نحو القانون بإقامة المحاكم ؛ حيث يجلس رؤساء القبائل أو الكهنة في مجلس القضاء ليقضوا فيما ينشب بين الناس من خلافات . ولم تكن هذه المحاكم دائماً مجالس قضاء بل كثيراً ما كانت مجالس لإصلاح ذات البين ، وقد تصل بالمتخاصمين لحلٍ يرضيهما ودياً . ولبث الالتجاء إلى المحاكم اختيارياً لدى الكثير من الشعوب ، زمناً " طويلاً " ، وكان المعتدى عليه، إذا لم يرضه قرار الحكم ، يباح له أخذ الثأر بنفسه .
وعندما بلغت تلك المجتمعات الأولى درجة من النمو والتطور ، في نظامها السياسي والاجتماعي ، أدرك ملوكها وحكامها أنّ العادات والتقاليد والأعراف غير كافية لتنظيم العلاقات بين الأفراد من جهة، وبين الأفراد والدولة من جهة أخرى ، كان لابد من تشريع يحدد الحقوق والواجبات وينظم الحريات العامة ، فبدأت تلك التشريعات في بلاد وادي الرافدين على هيئة إصلاحات اجتماعية، للقضاء على المساوئ، التي كان يتذمر منها سكان مدينة ( لكش ) السومرية، ويرجع تاريخها إلى 2355 ق . م . وقد قام ( أورونميكينا ) حاكم مدينة لكش بهذه الإصلاحات استجابة لمطالب ومظالم الفقراء من شعبه ، بعد تقديمهم شكاوي ضدّ موظفي الضرائب واستغلال الأغنياء لهم وأخذ الرشاوى .
وفي مدينة سومرية أخرى قام الملك (أورنمو) ملك مدينة أور ومؤسس سلالة أور الثالثة 2111-2003 ق . م ، بوضع مواد قانونية على لوح من الطين ، يعدّ أن أقدم قانون معروف في المجتمعات الإنسانية الأولى . وحذت مدن أخرى حـذو مدينة أور ، وأخذ ملوكها يشرعون القةانين لسكان مدنهم . فظهر قانون مدينة ايسن ، الذي شرعّه الملك لبث عشتار ، وسبقه في ذلك قانون شرّعه أحد ملوك أشنونا في ديالى .
وفي مدينة بابل بدأ حمورابي يدرك مدي أهمية توحيد القوانين ، التي سبقته ، في قانون واحد يخضع له جميع أفراد مملكته المترامية الأطراف حيث ينظم ، من خلال تطبيقه حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبذلك استطاع أن ينهض بالمجتمع العراقي القديم إلى أرقى المستويات ، حيث تقاس المجتمعات الراقية بمدى تطبيقها للقوانين والأنظمة ، ومدى تمسكهم بحقوقهم وحرياتهم ، التي اعتادوا أن يمارسوها في حدود تلك القوانين . ولهذا ، عندما تذكر الحضارات القديمة للشعوب ، تأتي الحضارة السومرية والبابلية العراقية القديمة في مقدمتها الريادية ، في تشريع وتطبيق القوانين .



#حياة_محمد_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حياة محمد ابراهيم - القانون في المجتمعات الأولى