أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - من شّب على شيء شاب عليه














المزيد.....

من شّب على شيء شاب عليه


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 21:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



بعد اعلان الحزب الشيوعي العراقي نبا تحالفه مع التيار الصدري دارت في وسط الشيوعيين نقاشات واسعة، وحادة بطبيعة الحال، فـ (عـَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ)، انصب معظمها على آلية اتخاذ القرار، وخلص جميعها الى أن الامر حُصر ببضعة اشخاص داخل القيادة ولم تشرك القاعدة الحزبية بمناقشته.

وبعودة بسيطة الى الوراء يمكن ملاحظة ان قرار اشتراك الحزب في مجلس الحكم عام 2003 قد تم بنفس الطريقة، و كانت الحجة حينها، مثلما في هذه المرة، هي ضيق الوقت.

لايحتاج الامر الى عناء كبير لفهم السبب وراء هذا الاسلوب باتخاذ القرارات، فمن يعرف مسيرة الحزب وكيفية تسيير الامور الداخلية فيه يعرف إن آليات اتخاذ القرار كانت دائما محصورة بيد القيادة، بل وببضعة اشخاص داخلها هم الاكثر نفوذا وسيطرة على مجمل مقدرات الحزب. وقد يحدث بعض الأحيان أن يتم طرح الأمور الحساسة المتعلقة بسياسة الحزب الرئيسية على الكادر المتقدم، أو بتوسع أكبر يشمل بعض اللجان الحزبية، لكن اتخاذ القرار في النهاية سيكون بيد القيادة، او المتنفذين فيها، حتى وان كان هذا القرار يتعارض مع قناعات عموم القاعدة الحزبية. وبسبب غياب الشفافية والتشدد في منحى المركزية والضبط الحزبي وسرية العمل وغيرها من الأمور التي كانت تبرر القيادة سلوكها بها، لا يُعرف، بشكل علني ورسمي، طبيعة او اتجاه النقاشات التي عالجت المسائل المطروحة وبالتالي معرفة مدى تاثير تلك النقاشات في اتخاذ القرار. مع أنه في الحياة الحزبية، لاسيما في بعض الساحات، مثل حركة الأنصار وبعض منظمات الخارج، كان هناك هامش واسع، خارج اطار التنظيم، يمكن به ومن خلاله معرفة الكثير من (أسرار) آليات العمل الحزبي وطرق اتخاذ القرارت ودوافعها. وما كرّس هذه الحالة هو القمع الواسع الذي كان يحد من امكانات الرد على هكذا اساليب ومواجهتها من قبل القاعدة الحزبية، فالثمن غالبا ماكان مكلفا لمن يعترض، لذا كان بعض الصمت خوفا مشروعا (؟) من نتائج الاعتراضات.

بعد ماسُميَّ بمؤتمر (الديمقراطية والتجديد) وجدت قيادة الحزب، التي تربت على آليات المركزية الديمقراطية في العمل الحزبي، نفسها في ورطة، وبقيت لزمن حائرة بين أن تلتزم بقرارت الانفتاح التي اضطرت، مجاراة لظروف المرحلة،( اصداء البريسترويكا) لتبنيها، وبين منطق عقليتها الذي اعتادت التفكير به. ولهذا كانت الديمقراطية الحزبية المدعّاة هجينة وشكلية ولاتمارس الا في الأمور العابرة، لكن في القرارات الحساسة يكون القرار بيد القيادة، أو المتنفذين منهم فيها.

فيما يخص قرار تحالف الحزب الأخير مع التيار الصدري، هناك امر آخر، يضاف الى ماذُكِر هنا، لعب دورا في الطريقة التي اتخذ القرار بها؛ إذ يُهيأُ لي أن قيادة الحزب كانت تنتظر اشارة الموافقة من زعيم التيار في ما اذا كان سيوافق على الحاقهم بتحالفه الانتخابي أم لا، فهم لن يستطيعوا الكلام عن أمر هم غير قادرين على حسمه وقول الكلمة الفصل فيه، فقرار الانضمام للتحالف بيد الصدر، وحين أبدى موافقته اتخذت الاجراءات السريعة لإعلان ذلك. وهذا يفسر الى حد بعيد عدم قدرة ورغبة القيادة باشراك القاعدة الحزبية في مناقشة القرار. ومن تتبع نشاط الحزب ومواقفه بعد 2003 سيجد شرحا واضحا لهذا التفسير الافتراضي، فالحزب كان يعبّر، بالحاح، طوال تلك السنوات، عن رغبته واستعداده للانضمام لأي تحالف سياسي، حتى وإن كان مع إسلاميين، ليستظل به وليمكّنه من الابقاء على اسمه و (دوره) في العملية السياسية، و وجد أخيرا ضالته في التيار الصدري بسبب التقارب الذي احدثته بين الجانبين احتجاجات ساحة التحرير.

وفي شرح ذلك أقول:

هناك لحظة ما في حياة الانسان أو المؤسسة (والأحزاب السياسية مؤسسات) تقرر سمته الشخصية الأساسية وتطبعها بطابعها مرة واحدة والى الأبد، وتبقى مؤثرة في مسار حياته وطريقة تفكيره حتى وإن ادعى، أو توهم، شيئا آخر مغايرا لها، لأنها تعمل داخله بشكل خفي مثل النسغ. والحزب الشيوعي بناه مؤسسه (يوسف سلمان) بطريقة ستالينية، هي بنت زمنها، لكنها اكتسبت، بسبب عراقيتها، شكلا أكثر تشددًا، اتسم بالنفور من الرأي المغاير ومن النقاشات المفتوحة بحجة تغليب الروح العملية التي يقتضيها النضال الثوري، والابتعاد عن الثرثرة (ثرثرة المثقفين او الأفندية كما نعتهم فهد) ولهذا نبذ المثقفين، وأخذ يتحسس منهم، وأصر على تقريب من يعتبرهم أصحاب الروح العملية، حتى وإن كانوا يفتقرون للكفاءة، فيكفيهم أنهم مطيعون، يلبون النداءات الثورية، ويتحلون بضبط حزبي (حديدي).

حتى في أيامنا هذه هناك من يسمي هؤلاء، احتفاء بهم، بالجهاديين.

إن سمة الستالينية التي طُبع الحزب بها منذ تأسيسه، بقيت لصيقة به وبتركيبته مهما ادعى أو حاول أن يمارس أساليب أخرى في حياته الداخلية. ونغمة الديمقراطية التي خرج بها في سنواته الاخيرة هي في الحقيقة ورطة لقياداته أربكت عمله مع أنها في حقيقتها، كممارسة، كانت تنويعا بسيطا على روح المركزية الديمقراطية التي وسمت نشاط الحزب طوال تاريخه.

خلاصة القول أن الحزب شُكلَّ وفق عقلية تنفر من المناقشة وتعدد الآراء، وسيبقى كذلك حتى تتم مراسم دفنه علانية.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفح الكيل في السليمانية
- أولوية الأولويات
- ممكنات التغيير في العراق
- لمحة عن الصراع في الحركة القومية الكردية
- تحديات الاستفتاء
- شيء من الماضي
- حلقات مفقودة من سيرة (مناضل)
- مديح زائف
- وعود خفية
- مأزق الاستفتاء
- مهرجان الاستفتاء والانفصال
- ذات يوم كان ديلان
- مخالب فولاذية أُنْشِبَت في غير مكانها
- تلك هي شقائق النعمان إذن!2
- تلك هي شقائق النعمان إذن!
- نظرة إحادية
- مشروع مؤجل
- محنة العجز
- محنة عراقية
- (المناضل) عزيز السيد جاسم


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - من شّب على شيء شاب عليه