أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سالم - رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس















المزيد.....

رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 12:03
المحور: الادب والفن
    


رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس

عزيزي القارئ:
هذا الكتاب الذي بين يديك يحتوى عدة أعمال مسرحية لكاتب إسباني هو خوسيه مورينو أريناس. ربما فكر في المحيطين به عندما كتب هذه المسرحيات. من هنا تتجلى نجد أن القضايا التي عالجها ترتبط بمن تعنيهم، الموجهةإليهم. وهذا لا يعني أنه في قرارة نفسه لا يطمح في أن تصل أعماله إلى أقصى أرجاء العالم. ولحسن الحظ، من أجل تحقيق ذلك، لم يتخلَ عن الكتابة عما هو قريب منه ويعرفه معرفةً جيدة، الكتابة عن قضايا شاردة وهي ظاهريًا ذات أهمية عامة. ومعروف أن الوصول إلى العالمية يأتي مما هو محلي. الأمثلة كثيرة ويكفي أن نشير إلى دون كيخوتي الذي وضع حبكته مؤلفه ثيربانتيس في منطقة إسبانية اسمها لامانشا، واليوم أصبح بطلها إرثًا للإنسانية.
اسمحوا لي أن أخصص بعض السطور لألقي الضوء على نوع الشخوص الذين يسكنون مسرحه. يمكنني القول إنه يجندهم من الشارع، من المتاجر، من الكافيتريات، من المكاتب، من مواقف السيارات، من المزارع، من الشواطئ ومن كل فضاء مخصص لقضاء وقت الفراغ. وتلخيصًا: في الأمكنة التي يتردد عليها، أمكنة تغلب عليها في عملية الانتقاء التي أخضها إليها حيث نجد نماذج متعصبة أو موتورة، أفرادًا يفقدون أعصابهم عند أول تغيير، مجرمون للحاجة أو بالفطرة، منافقون، مصيفون جاءوا من فلاسفة ذوي أفق ضيق، رُسل تعصب، أصحاب مشاريع زراعية حيوانية لا يخلطون بين الغث والسمين، لكنهم يخلطون بين الأشخاص والخنازير... قد يفكر بعضكم في أن هذه النماذج موجودة في كل مكان، وهو أمر حقيقي. ما يحدث هو أن شكل التعبير أو السياق الاجتماعي والثقافي التي تتحرك فيه سياق إسباني بحت. إلى درجة أن كثيرًا من القراء أو المشاهدين يتعرفون من خلال الشخوص على أناس معروفين يعيشون في محيطهم وليس لدي أدنى شك في أن أكثر من واحد في قرارة نفسه يجد صورته فيهم. وجون ب. غابريلي، دارس مسرح مؤلفنا، أشار إلى أن الحبكات والتراكيب العاطفية والإجتماعية والسياسية والعائلية التي يطرحها هي نفسها التي تُنتج خارجه.
إنني أؤكد أنه عندما تُمثل أعماله في إسبانيا فإن خشبة المسرح تتحول إلى مرآة يُعكس فيها الجمهور. وهنا أستبق الأحداث لأوضح أنها ليست مرآة مسطحة كتلك التي لدينا في بيوتنا، بل هي مقعرة، تعيد صور من ينظرون فيها مشوهة. هكذا كانت الموجودة في واجهة محل حدائد في مدريد، كانت موضوع استلهام لكاتب مسرحي إسباني آخر، هو بايي إنكلان، فأبدع ما أطلق عليه “esperpento” الإسبربنتو (1). لم يخترع هو هذه الكلمة إذ كانت تطلق على الأشخاص، الأشياء أو المواقف الغريبة أو الشاذة، بل أخذها من القواميس كي يقدم لأغرا ض أدبية صورة مشوهة للواقع، مثيرة للسخرية، شاذة، وفي بعض الأحيان مثيرة للشفقة. وهو ما يشبه ما يفعله خوسيه مورينو أريناس في أعماله وإن استخدم ألفاظًا أخرى لتعريفها جماليًا، مثل المسرح الأكل لحوم البشر أو عسير الهضم أو الوقح.
سبق وذكرت هذا مستفيدًا من حالة دون كيخوتي أنه لا حدود لنشر الابداعات الأدبية خارج المجال الذي خُلقت لأجله، وخاصة عندما يُطمح في هذا بشكل شرعي، وهي حالة خوسيه مورينو أريناس. لكن علي أن أذكر أن لا جودة الأعمال ولا رغبة المؤلف تكفيان وحدهما للتغلب عليها. فهناك ضرورة لوجود أشخاص قادرين على التقاط الأهمية التي قد تثيرها أعماله في أمكنة أخرى، وبالتالي، دفع ترجمتها إلى لغات أخرى، إذا اقتضت الضرورة. وفي حالة خوسيه مورينو أريناس فإن هؤلاء الأشخاص موجودون. ولهذا فإن مسرحه معروف في بلدان مختلفة وبعيدة مثل البرتغال والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا وروسيا والصين واليونان. كما إن أحد أعماله، وعنوانه "الهندي" تُرجم إلى العربية ونشر في المغرب. كانت خطوة أولى وعلى استحياء للبحث عن مشاهدين مستقبليين، يتحدثون لغتكم، اللغة العربية. إننا مدينون لخالد سالم بظهور هذا الكتاب، وهو يعرف إسبانيا ومسرحها جيدًا. وقريبًا سنتأكد مما إذا كانت العنصرية وكراهية الأجانب هما ستار خلفية المسرحيات التي يضمها هذا الكتاب.
في مسرحية "رحلة سفاري" نجد أن الأحداث تجري في مكان في الغابة في قلب إفريقيا. ما يحدث بين زوجين من الجنس الأبيض وأحد السكان الأصليين الذي يعيش على ذكريات الحقبة الإستعمارية، لكن ما يحدث كما لو أن القليل من الأشياء قد تغير في العلاقات بين القادمين من عاصمة المستعمر والسكان الأصليين. وعلى عكس ذلك فإن الخط الجامع لمسرحيتي "الجراج" و"الشاطئ" ليس سوى المهاجرين، وهو أمر يعني إسبانيا كونها تتلقى المهاجرين والعديد من الدول الإفريقية كونها مصدر هؤلاء المهاجرين. ومن الملفت للنظر أن لا بطلاً من كلا المسرحيتين هكذا. ففي المسرحية المعنونة "الجراج" تجري الأحداث في مسرح، والشخص الرئيس مواطن إسباني يشغل مقعدًا في صالة المسرح، وفي "الشاطئ" نجد مصيف يستمتع بيوم راحة في شاطئ في إقليم الأندلس، وهو شاطئ من الكثير التي يصلها، موتى أو أحياء، أولئك الذين يغامرون بعبور البحر المتوسط هروبًا من أخطار الحرب أو بحثًا عن حياة أفضل.
وانطلاقًا من كلماتي يمكن أن نستنتج أيها القارئ أن اهتمام مؤلفنا تركز على تصرف الإسبان أمام حضور الآخر، مشيرًا في هذه الحالة إلى الغريب بلا موارد الذي جاء دون استدعائه. جلي أننا لسنا كلنا مثل الغرباء الذين يصورهم، لكنهم موجودين، وليسوا معتادين على ألا يُلاحظوا، وهي أسباب أكثر من كافية لوضعهم في رأس المشهد. والمسرح هكذا يفي بوظائفه، وهي الكشف عن مواقف غير نموذجية. وأي جنس درامي يصلح لهذه المهام. وما يتعلق بهذه المسرحيات الثلاث نجد أن خوسيه مورينو لم يبتعد عما هو معتاد فيه، وهو روح الدعابة، السخرية. عليّ أن أوضح، متسقًا مع ما قلته مسبقًا عن المرايا المقعرة، وهو أن سخريته ليست خاصة بالمسرحيات المستحبة، بل هي معروفة بأنها سوداء، نتيجة تشويه الواقع للحصول على مواقف درامية أو مهمة، تثير الضحك. إنه ضحك مر لأننا مجرد رسمه نريد أن نمحوه، فما يثيرها هي التعبيرات العنصرية المبالغ فيها والجارحة وحالات التعصب التي يبديها الأبطال. إذا أثارت قراءة الصفحات التالية فيك هذه الابتسامة المرة، وعند التفكير في محتواها شعرت بالغضب لوجود هؤلاء الأفراد مثل الذين يظهرون فيها، فعليك أن تتفق على أن الدكتور خالد سالم كان يعرف مسبقًا عندما أخذ على عاتقه ترجمة هذه الأعمال إلى لغته، وبفضل هذا فإن مورينو أريناس استطاع مجددًا إيصال خطابه إلى أشخاص كان ضررويًا أن يعرفوه. علينا، أينما كنا ومهما كان لون بشرتنا، أن نعي أننا نصبح الأخرين في أعين الآخرين.
هذا هو ما تعالجه هذه المسرحيات.
خيرونيمو لوبيث موثو . (2)
هوامش:
(1) هذه التوطئة للكاتب المسرحي خيرونيمو لوبيث موثو ومن ترجمة خالد سالم.
(2) يعني تغيير الشئ وتقبيحه على نحو مضحك أو غير مناسب
(3) خيرونيمو لوبيث موثو كاتب مسرحي إسباني يعرف المسرح المصري عن كثب. سبق أن أعد دراسة عنه لمهرجان المسرح التجريبي ثم دعاه المهرجان لتكريمه على مسيرته الطولة وعطائه في مجال المسرح. كتب هذه التوطئة لكتاب يضم عدة مسرحيات للكاتب الإسباني خوسيه مورينو أريناس من ترجمتي وسيُعرض في معرض القاهرة للكتاب في الفترة من 27 يناير إلى 10 فبراير 2018.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح الهجرة في إسبانيا نموذجًا للمثاقفة ومخاطر ترجمة التابوه ...
- صورتنا لدى الآخر وطابورنا الخامس المفقود
- المنطقة العربية والطغاة والشعبوية في أميركا اللاتينية
- المجد لكرة القدم وفلسطين
- البيت العربي في إسبانيا وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم
- ثمانون عامًا تمر دون حل لغز مقتل الشاعر الأسطورة غارثيا لورك ...
- مهرجان طنطا الدولي للشعر دعوة للتنوع والمثاقفة
- محاولة للاقتراب من أدب الطفل الإسباني
- الأربعون ونوادر الزمالة
- الإنقلاب والاعدام
- نقاط إلتقاء وافتراق بين إنقلابي تركيا وإسبانيا
- كلمة - الرُبع- العربية الأكثر تداولاً في زمن العولمة
- المستعرب الإسباني فدريكو أربوس: الإستعراب الإسباني برئ من ال ...
- جمال الغيطاني وإسبانيا
- فن مَسْرَحة الصورة
- الهَنْكَرة والمَبْخَرة
- لماذا يكرهوننا؟!
- المسرح والخيال: مقالات في النظرية
- أرض الكنانة بين الإنجاب والحجاب
- مصر عبد الوهاب البياتي


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سالم - رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس