أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازغ محمد مولود - المسرح بوادنون عبداللطيف أصاف تجربة متميزة















المزيد.....

المسرح بوادنون عبداللطيف أصاف تجربة متميزة


مازغ محمد مولود

الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 22:26
المحور: الادب والفن
    


"أعطني خبزا ومسرحا، أعطيك شعبا مثقفا" ًمقولة تتردد كثيرا، تؤكد على أصالة الفن المسرحي، وعراقة حضوره. بل يُلقب المسرح بأبو الفنون جميعا؛ نظرا لاشتماله وجمعه للعديد من العناصر الفنية على خشبته..
لكن لماذا أتحدث عن المسرح ؟ وعن اي مسرح أتحدث؟
سأتحدث عن التجربة المسرحية بوادنون ، هذه المنطقة التي ولدت من رحم القبيلة الى التمدن . منطقة تعتبر جزء من مجال صحراوي شاسع. والمشترك هو الماضي . ليست اوهام فرنسيس بيكون ، اوهام القبيلة واوهام المسرح
المخرج والكاتب اليساري ، الوادنوني عبد اللطيف اصاف. تجربة رائدة . اعرفه منذ طفولتي .عشنا معا هذا العمر . لكن مساره الفني مع المسرح شيء اخريميزه. فمنذ اواسط الثمانينات من القرن الماضي . ظهر ولاول مرة كممثل في مسرحية ا"لعقرب والميزان ". مع جمعية الاطلس الصغير – كنا من بين اعضائها المؤسسين- ثلاثة عقود ونصف من العمل والابداع .وصل حد التاليف، والاخراج. وتاسيس جمعية ادوار للمسرح الحر . عرض مسرحياته في ربوع المغرب . وبالاقاليم الصحراوية، وبوادنون خصوصا .
ارهاصات الفن والتخيل والافتتان . هذا مايحكم هذا المخرج والكاتب اليساري ، الوادنوني. رحلة من خلال الفن ، ومن خلال النص المسرحي ،.لكنه انحاز مؤخرا الى الثقافة المحلية . فضاء بكر ، يمكن العمل فيه وعليه . وذلك بالعزف على وثر التاريخ . استكشاف الماضي. واستحضار الموتى غلى خشبة المسرح ، ليتحدثوا مرة اخرى . بجسد اخر . مواجهة تقتضي التزاوج والتجاوز .ازدواجية تبدو لاتمكن ان تفعل الا في المسرح . استمرارية الموروث والفن .
لست ناقدا مسرحيا ، لافكك النصوص . نص " شكيريدة " ونص " نصراني في بلاد البيضان " . بقدر ماأحاول الوقوف عند حدود التجربة . اقرأ التجربة بما يميزها من اختلاف . وباعتبارها شيئا جديدا ، يذهب الى اقصى المناوشة بادوات الراس والجسد. المجتمع الصحراوي لم تعرف ثقافته شيئا اسمه المسرح . فهو مجتمع شفاهي بالدرجة الاولى . يطغى عليه الشعر .اكثر انواع الادب والفنون . ربما شاعر بالفطرة . خاصية اكتسبها عبر الاف السنين . استمدها من قساوة الطبيعة .وارتباطه بكثرة الترحال وقلة الاستقرار. نظام قبلي خضع لقوانين مضبوطة. على اساسها عاش واستمر.
مجتمع تتحكم فيه عوامل عديدة . بعضها اجتماعي وبعضها ديني. وما يتفرع عن ذلك من قيم .في جوهرها محضورات . ترى في الجسد غواية وعورة . لذلك يحاط الجسد بلفائف .تخفي مواطن الفتنة وتدرأ محاولات الاغراء. مجتمع شفاهي ، لديه شهوة الكلام . فلسانه اداته الوحيدة للاتصال والتعبير. واللسان يلغي الحركة بل ينفي الجسد . اللسان جزء عن الكل . انها سطوة الثقافة السمعية تاريخيا." الاذن تعشق قبل العين احيانا " .
هكذا يكون الفنان المسرحي في علاقة معقدة وملتبس الخوض فيها . لانه يشتغل بالجسد . الثقافة الفقهية وثقافة الشفاهية . يحاصران الجسد. والمسرح لغته تعتمد على الجسد. لغة تلغي الرأس.ليحل محله الجسد .عملية اقصاء الراس او جعله محايدا ، هي عملية الحد من هيمنة اللسان الطويل .
هل نجح الاستاذ عبداللطيف في تحويل افكاره وهمومه على المسرح بلغة الجسد الى وقائع ؟ هل استطاع ان يجعل الجسد معبرا للجمالي والانساني والدلالي ؟ وافلح في ابعاد الكلام الى حين ؟ انها لغة جديدة على ثقافة مغلقة مغلفة بالخصوصية . فالوادنوني او الصحراوي عموما ، بالطبيعة ، يرى الاخرين ،ولا يريد ان يرى نفسه . تجربة لا تخلو من ثراء نظري .وقدرة على ترجمة افعال.
التجربة هنا ، تنهض على رؤية . تحمل رغبة لرؤى محلية انها تجربة توضع موضع الاختبار . هكذا مثلا النص الجديد "نصراني في بلاد البيضان ".،يسعى ان ينبش الذاكرة ، ان يحرك صور منها على الخشبة يعيد ترتيبها عبر المشهد والمشاهدة . يحررها من نفسها التي يغتالها النسيان .يعيدها وبشخصها عبر الجسد. لكنه لم يتخلص نهائيا او يتخلى عن الكلام . مزج بين كتابة الحركة " الاخراج" دون ان يتخلى عن " الحوار" .ربما طبيعة النص تتطلب تطبيقا مزدوجا. او ربما الغاء الكلام يسقطه في اللامعنى .
الاستاذ عبداللطيف في نصه الاخير يسعى للوصول الى متفرج غير عادي . متفرج يرى نفسه فوق الخشبة . بطرق واساليب عادية .. يستعمل اللهجة المحلية . "اللهجة اليومية واللسان المنطوق". يريد ان يكون الكلام محليا. حرصا على التلاقي والتجاوب. فياتي النص على شكل نسيج داخلي . او يتحول الى نص يمر عبر المتلقي .ربما الرغبة في اعطاء المسرح هوية جديدة . قيمة فنية من خلال اشراك اللهجة كوسيلة تواصل عبر المنطوق . والجسد يبقى متمركزا في حضوره . يسعى ان يعيد الحكاية بصيغة اخرى . ان تتسلل الى القلوب والوجدان .وان يعيد احياءالموتى من جديد بشكل جديد.
هل استطاع ان يقبض على المنسي من التاريخ ، واعادته والامساك بناصيته ، ومن تم اختراق المتلقي ليقبل . متلقي عصي، لكن يريد ان يسقطه ارضا .ينزله الى حقيقته. متلقي مهووس بالماضي وبالاسلاف. لديه حنين يصعب معالجته . فهل يمكن ان تتاصل وتتعمق ، مقاربة المسرح كأداة تعبير عبر الجسد.في ثقافة وادنون والصحراء . هل يمكن ان تترسخ.
لا استطيع ان اجيب .لان التجربةلازالت جنينية في رحم التجربة. وهذا النص محاولة لكسر الجامد.تحقيق منسوب نصف خطوة للقبول. انه يستحضر الموتى . الموتى لا يعودون الا عبرنا .ثم يموتون .ثمة الم مخفي بين الموت والموت . يجسد المسرح هندسة المكبوت .ثمة تعصب كان محرر ، اضحى انشقاقا وتقلبا وجداني . قد لا نستوعب كمية الانفصال عن الذات . والتمرد على الحنين .والجهر بالجسد. وقدسية الاسلاف. نحاصر الاسطورة على الخشبة .ونحصر الاسلاف الاسطوريين. هل هناك ثمة رفض ام قبول؟
سؤال يحس حدته الاستاذ عبداللطيف ، يسر لي قائلا ، انه لازال في حالة تطويع لنص،يستحضر حجم التقاليد والعادات والطقوس . عليه ان لا ينسى شيء .يتحول الى متلقى ، يفيس على نفسه . انه جزء من الحالة. حالة الانفصام ، الحلم والتفكير ، الوهم والمظاهر . الموتى والاحياء . الممثل/ الجسد، والمتلقي / الرأس.
اليوم قد اضمحل الترحال . وكثر الاستقرار اخذ الترحال ينطوي على نفسه .او ينمحي .ربما اصبح تشردا في زمن العولمة. هل القبول بالاستقرار يفرض القبول بلغة الجسد .هناك اشياء مجهولة وغير مدروسة ، في ابعادها المترسخة عبر الخيال ولغة الجسد. علينا ان نعترف بان الوعي بالانتماء ليس شيئا وليد اليوم .
حين يتحدث عباللطيف عن تجربته ، يتواضع الى حدود الصمت . لا يكشف عنها كثيرا . يعلق بعيدا عن السؤال .." يجب تحرير الذاكرة من الاهمال . يجب ان ندخل في حوار معها . عبر وسائط اهمها بالنسبة لي المسرح . منذ عصر النهضة فقد النص قدسيته .النص هو الكلام .يجب ايقاظ الجسد وجعله يدرك وظيفته يقف على حقيقة حضوره ، انها لغة المسرح .لغة تغريني تشدني .فهي لغتي الفنية .فانا يقول.. حين ابحث عن الماضي ابتغي العثور عليه مرة اخرى ، فهو ذاته ذاكرة في حالة صيرورة . فالثقافة ليست مجرد مظهر بل هي شيء جدي . هي ما يخلد المجموعة، في تاريخها وذاكرتها ،وفي قدرتها على الحياة ،والبقاء".
التاريخ كما يقال ...منبت الانسان وهويته المتعددة ...والمسرح فضاء لاعادة احداثه..فالاحداث تاتي وتنصرف. ويظل المسرح.



#مازغ_محمد_مولود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت في الانتظار
- استهامات واقعية
- القدس ..بين الهيمنة الامريكية والخيانة العربية
- ماركس النافع
- كليميم مدينة ولدت من رحم حي- لكصر-
- ثورة اكتوبر لن تموت
- كليميم ..ينبت الحجر مكان الشجر
- لماذا علينا ان نكون يساريين ؟
- السياسة المغربية بين الاخلاق والنضج
- المعطل بين الحق والهامش .
- كليميم...هل تستحقين هذا المديح ؟
- اية حكومة يجري الرهان عليها في المغرب
- صناعة النجم ...وثقافة الهدم
- مدينة تزوجت جبلا....فانجبتني
- يرحل الجسد ...ولا يرحل الفكر
- الفساد بين الفهم والمفهوم
- في المغرب ..لا تستغرب
- لا قداسة للجلاد...
- الانسانية المفقودة
- يا ناهض حتر ...انهض


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازغ محمد مولود - المسرح بوادنون عبداللطيف أصاف تجربة متميزة