أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد متوكيل - هل أصبحت الحقيقة عاهرة تتجول بين أوكار رقمية؟














المزيد.....

هل أصبحت الحقيقة عاهرة تتجول بين أوكار رقمية؟


محمد متوكيل

الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 03:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بداية لا يمكن لأحد أن ينكر ما لوسائل التواصل الاجتماعي من دور في انتشار المعلومة ومشاعيتها، إذ أصبحت المعلومة مشاعة بين كل الطبقات وفي كل الأزمان الأصقاع والبقاع.
ثم إنه لا ليس بإمكان أحد - إلا جاحد - أن ينكر ما كان لها من دور في اندلاع الثورات – المجهضة في أغلبها، والناجحة نسبيا في بعضها- حيث كانت الوسيلة الفعالة لتكسير الخوف بداية والتحرر ثانيا والحرية الموقوفة التنفيذ ثالثا، إذ لولا تلك الوسائل لكان الواقع العربي على الخصوص والعالم بشكل عام قد زاد قهرا واستبدادا وتنكيلا دون علم من أحد إلا ما تسرب من عين الإبرة من خبر.
وانطلاقا من قول "نتشه" على أن الحقيقة مزعجة، لذلك يفضل الجميع البحث عن الحقيقة التي لا تزعجه، وليس هناك من فضاء بإمكانه أن يوفر هذه الإمكانية سوى فضاءات التواصل الاجتماعي، هذه المواقع التي أصبحت دون منازع الفضاء المفضل لتسوق الحقيقة، لأن العرض جد متوفر.
ثم إن هذه الوسائل قد أتاحت لعامة الناس على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية والمجتمعية إمكانية التعبير عن آرائهم وينشروا ما يحلوا وما لا يحلوا لهم من أفكار وأخبار قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة فذاك غير مهم كل ما هنالك هو النشر لأجل النشر.
انطلاقا من هذا العنصر الأخير تأتي أهمية هذا المقال الذي سيحاول تأمل العرفة التواصل-اجتماعية وما يعتريها من نواقص تجعل من الحقيقة الضحية الوحيدة. هذه الأخير التي كانت إلى يوم قريب لا يصل إليها إلا الأشداء لتصبح اليوم كدمية يتلاعب بها بين فاعلين كثر ومختلفين، في الوقت التي كانت تحدد قائمتهم وبعناء شديد، ولن يحظى أي كان بشرف البحث عنها واللقاء بها. إن الوضعية هذه جعلت الرؤية وطريق الحقيقة مضطربا وشاقا وذلك لغزارة "الحقائق" وتعددها بتعدد المنتجين لها، وخلفية كل من منهم من إنتاجها، ثم كذلك نظرا لغياب الرقابة وانتفاء القيود على تلك الفضاءات على خلاف ما كانت تتميز به طريق الحقيقة فيما قبل إذ كانت كلها ضوابط منهجية وعليمة وثقافية ومجتمعية جعلت من الحقيقة حصنا منيعا لا يسهل على أي كان، إن هذه الوضعية تجعل الإشكال الطبيعي ينبثق وهو كيف السبيل إلى الحقيقة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل أصبحت الحقيقة مبتذلة لهذه الدرجة، إذ أصبحت خاضعة للمزاد "الفايسبوكي" و"التويتري" و"الأستغرامي" ...؟ ألهذه الدرجة أصبحت الحقيقة تقاس بقدر قدرتها على الإنتشار وتحقيق "البوز"؟ أين الشرعية العقلية والمنطقية والتجريبية والواقية والعلمية ... التي كانت الحقيقة والباحث عنها يخشىون اختبارها؟ أين القيمة المقدسة التي كانت للحقيقة -بغض النظر عن مجالها ومنتجها-؟ وأين وأين ...
إن الحقيقة عاشقة التخفي ومغرمة به، وذلك سبب صراعها مع أضدادها وكذلك سبب إتعابها مغرم بها وباحث عنها، إنها تتعبه لكي يسعد بلحظة اللقاء وينتشي بلحظة الانكشاف والقبض على بعض أطرافها، وبذلك تتحقق لها غايتها وتمنح لنفسها القيمة اللائقة بمقامها. لكن للأسف أصبحت اليوم "عاهرة" تتجول بين أوكار رقمية فهذا يعجب بها بالضغط على أيقونة ( Jaime) وهذا يحبها بالضغط على (J’adore) وهذا يبكي عليها بالضغط على (Triste) وهذا يستهزأ منها وذلك بالضغط على أيقونة (Ha Ha Ha) ...
إن الحقيقة وإن كانت إلى يوم قريب يسافر من أجلها ولأجلها فهي اليوم تعرض نفسها على كل الناس حتى اللذين لا يرغبون فيها، فمنهم من يفتح الباب ولو شق منه لرؤيتها ومنهم من يشفق لحالها فيدخل عليها لأنه تأثر بمفاتنها، لكنه سرعان ما يجدها بمنظر بشع تبعث على التقزز والنفور فينفر منها وقد يقرر هجرانها.
إن الوضعية هذه، أكيد، ستكون لها نواتج نفسية تربوية اجتماعية حضارية ... هذه النواتج هي التي يمكن أن نجيب عنها من خلال السؤال التالي: ما طبيعة الإنسان الذي سيعيش في ظل غياب حقيقة يمكنه الاستناد عليها ولو مؤقتا؟ ما مصيره في ظل حقائق أشبه بالعاهرات؟ أيمكنه أن يدرك معنى الحقيقة؟ أم أننا نعلن موت الحقيقة؟، بالجملة إن موت الحقيقة بمعانيها السامية يعني موت الإنسان، الكائن المنج للحقائق مطلقة كانت أو نسبية، إنه الباحث العاشق لها مهما كانت وحيثما كانت. لأن الإنسان دون حقائق أو على الأقل دون عناء وشوق ومكابدة وحينين لبلوغها هو بلا معنى.



#محمد_متوكيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي استراتيجية لتجاوز الأحكام المسبقة حول الفلسفة
- الدرس الفلسفي داخل المؤسسات التعليمية - تفلسف أم فلسفة -
- الثابت والمتغير في الدرس الفلسفي -نظرة تربوية ديداكتية-


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد متوكيل - هل أصبحت الحقيقة عاهرة تتجول بين أوكار رقمية؟