أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشار غدير - النص الإسلامي وجذوره التاريخية















المزيد.....

النص الإسلامي وجذوره التاريخية


بشار غدير

الحوار المتمدن-العدد: 5759 - 2018 / 1 / 16 - 23:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النص الإسلامي وجذوره التاريخية
تتقاطع الروايات الدينية السماوية في الكثير من النقاط على مستوى النص القصصي والتاريخي وتبدو مسألة التشابه فيما بين هذه النصوص مسألة مثيرة للاهتمام خصوصاً عندما تصل تلك التشابهات إلى حد التطابق فيما بينها ، ويصطدم النص الاسلامي بهذه المشكلة بصورة خاصة كونه آخر النصوص السماوية وأكثرها ادعاء بصحته التاريخية ، ولكنه من جانب آخر يصدّر عن نفسه صورة النص المكمل والمصدق لما قبله من الكتب السماوية والمصحح للتحريف الذي أصابها ، وهذا ما يمكن المؤمنين به من تبرير تشابهه مع ما قبله من نصوص دينية - يهودية بالتحديد- حيث أن المنتج الديني باعتباره رسالة وكلمة الله الموحى بها إلى الانبياء هو منتج واحد وإن تعددت رسائله. ولكن هذا التبرير - وبغض النظر عن لاعقلانيته مبدئياً – يحمل الكثير من الثغرات التي تدلل عليها عشرات الشواهد والتي يمكن تلخيصها في نقطتين أساسيتين : أولها أن النص الاسلامي لا يتشابه فقط مع النص الديني التوراتي (السماوي) ولكنه يلتصق بصورة أكبر بالنصوص التفسيرية للتوراة والتي ألفها بطبيعة الحال بشر من أتباع الدين اليهودي ، والنقطة الثانية أنه حتى تلك النصوص التوراتية والتي من المفترض أن تكون سماوية الهية هي بدورها استفادت في الكثير من قصصها وأفكارها الدينية من نصوص بشرية سابقة للديانة اليهودية وأقدم منها بقرون طويلة ، ونستطيع بناء على الدراسات التي تناولت هذا الموضوع أن نتوسع أكثر في تقديم هاتين النقطتين :
أولاً : تشابه النصوص القرآنية مع النصوص التلمودية اليهودية (الهاجادا) والأسفار غير القانونية:
من المعروف أن التلمود بصفته تراث اليهود الشفاهي دون على مرحلتين : المرحلة الأولى كانت مرحلة تدوين المشناه وهي الجزء الشفوي التحليلي من العقيدة اليهودية والتي تناقلها علماء اليهود شفاهاً عبر العصر- وفق الايمان اليهودي- ليصار الى تدوينها نهاية القرن الثاني للميلاد ، المرحلة الثانية كانت مرحلة تدوين الكمارا وهي تفسير للمشناه وكانت تكملة لشروحاتها تسهيلا لوصلها للعامة من اليهود وقد استكمل تدوينها مع نهاية القرن السادس ، أما بالنسبة للهاجادا فهي تشمل النصوص الاسطورية التي انتجها علماء اليهود والمتعلقة بالعادات والخرافات والقصص والمواعظ وهي تحتل جزءا كبيرا من الكمارا والتي كما أسلفنا هي تفسير للمشنا أي أن الهاجادا كتراث ديني يهودي هي نص بشري خطه علماء اليهود عبر قرون طوال وانتهى تدوينه في نهاية القرن السادس الميلادي ( فياض ، 1991، ص3-4) .
ومن الملفت كم التشابه الكبير بين النص الإسلامي بشقيه القرآني والحديثي مع قصص وحكايا الهاجادا وكذلك مع عدد من الأسفار غير القانونية التي دونت في أزمنة مختلفة ، ويمكن ذكر بعض الأمثلة على هذا التشابه مع حصر هذه المقارنة بين النصوص القرآنية من جهة ونظيراتها الهاجادية من جهة أخرى كون النص القرآني هو النص الوحيد الذي تجمع الغالبية العظمى من المسلمين على مصدره الالهي الغير محرف :
خلق السموات والأرض : تتشابه القصة القرآنية لخلق العالم والسماء والأرض مع القصة التوراتية ولكن فكرة خلق سبع سموات ومثلهم من الاراضي هي تصور هاجادي . ( جنزنبرغ ، 1909، ص29)
خلق الانسان : تتوافق القصة القرآنية في خلق الانسان مع القصة التوراتية ولكنها تزيد عليها بعدد من العناصر الهاجادية حيث يستطلع الرب آراء الملائكة في خلق الانسان (جنزنبرغ، 1909، ص66) ومن ثم يتحداهم في أن يخبروه بأسماء حيوانات الارض قبل عرضها على آدم ، ومن ثم يعلم آدم هذه الاسماء قبل عرضها عليه . ( السواح ، 2016، ص190)
قصة ابليس : تتفق القصة القرآنية مع الهاجاده وبما لاتذكره التوراة بخصوص ابليس في عدة مواضع : عصيان الأمر الالهي بالسجود لآدم ، تبرير ابليس لسلوكه بتفوقه التكويني على آدم ، الطرد من الجنة . ( السواح ، 2016، ص207)
كما يرد في النصوص القرآنية عدد من الحكايا التي ترد في أسفار غير قانونية يهودية أو مسيحية كحكاية الرجل الذي أماته الله مئة عام وهي ترد في رؤيا (باروخ ) ، وقصة أهل الكهف التي تغيب عن العهد القديم كليا ولكنها تحضر في نص سرياني مسيحي في أواخر القرن الخامس الميلادي عن سبع فتيان يهربون من جور الامبراطور الروماني ويلجؤون إلى أحد الكهوف ليلقي الله عليهم سباتا يدون لأكثر من ثلاثمئة عام . ( السواح ، 2016، ص155)
وبطبيعة الحال لا يمكن الحديث هنا عن مصدر الهي للنصوص التفسيرية للتوراة وخصوصا عند الحديث عن الهاجادا والتي صيغت عبر أزمنة تاريخية مختلفة وكانت آخر فترة لتدوينها في نهاية القرن السادس الميلادي أي قبل الفترة التي ظهر فيها الاسلام وفق الرواية الرسمية له ، مما يرجح الشك في مسألة وحدة الأصل الالهي وعدم امكانية شملها لكافة حكايا القرآن .
ثانياً : تشابه النصوص التوراتية مع ميثيولوجيا الشرق القديم :
بعد المكتشفات الأثرية أواخر القرن التاسع عشر في منطقة الهلال الخصيب (ألواح الخلق السومرية والبابلية ، ملحمة جلجامش ) ومع توسع الدراسات التي تناولتها تغيرت النظرة الى التوراة من كونها أبرز اثر ثقافي في الشرق الأدنى إلى كونها نص أدبي تفاعل مع محيطه البيئي واستفاد من تراث المنطقة السابق عليه وغرف منه الكثير ، هذا ما تؤكده علوم التاريخ والميثولوجيا المقارنة من مقارنة نصوص ملاحم الخلق الأقدم تاريخياً من التوراة بقرون طويلة مع نصوص الخلق التوراتية والتي كتبت بعد عودة سبي يهوذا من بابل ( يا للمصادفة ! ) ، وبالتالي تشكلت صورة منطقية لعملية النسخ اللصق الأدبية التي قام بها اليهود من تراث المنطقة القديم ، ومن الممكن ذكر بعض الأمثلة لهذه العملية :
قصة الخلق الأولى : تصور القصة البابلية مراحل عملية الخلق حيث يقوم الاله بفصل السماء عن الارض وخلق كل شيء من الماء ومن ثم يجلس على العرش في اللوح السابع بعد ان كانت فعاليات الخلق قد وصفت في الالواح الستة الأولى وهذا ما استوحاه اليهود وجعلوه جزءا من قصة الخلق التوراتية والتي يستريح فيها الخالق في اليوم السابع ( القمني ، 1999، ص146) ، لا بل وتظهر تشابهات شبه متطابقة مع نصوص أخرى من أوغاريت حول سحق الرب لتنين البحر لوتان والذي يظهر باسم لواياتان في العهد القديم (عزيز ، 1999، ص122) .
قصة خلق الانسان : تتفق القصتان السومرية والبابلية على أن لبنة خلق الانسان الأولى كانت من الطين وتتوسع ملحمة الخلق البابلية لتجعل صورة الانسان على صورة الاله ولوظيفة محددة هي خدمة الالهة وهذه العناصر تتواجد في الرواية التوراتية لخلق الانسان وبطبيعة الحال تتوافق مع قصة الاسلام . ( عزيز ، 1999، ص133-117) .
قصة الطوفان : في ملحمة جلجامش يتخذ مجمع الالهة قرارا بإفناء الحياة على الأرض وقبل تنفيذ القرار يخبر الاله ملك مدينة شوريباك اوتنابشتيم بقراره ويأمره ببناء سفينة عملاقة حيث تحمل السفينة ما يملكه الملك من ذهب وأهله واقربائه ونخبة من أصحاب الحرف وعدداً غير محددا من الحيوانات في تطابق كبير مع قصة طوفان نوح في الديانات الابراهيمية . ( السواح ،2016، ص224) .
ويتضح تشابه الخطوط العريضة للقصص السابقة مع القصص التوراتية التي يعتبرها المسلمون وحياً الهياً ، وهذا ما يعني أن فكرة الأصل الالهي الواحد من هذا المنظور تغدو محض شك كبير ايضاً في هذه الحالة إلا إذا اعتبرنا أن البابليين ومن قبلهم السومريين كانوا اتباع أديان سماوية وهذا من المستحيل تاريخياً ومنطقياً .
نهاية لا شك بأن الدين باعتباره ظاهرة ثقافية أنتجها العقل البشري ظاهرة لها أهميتها الكبيرة على صعيد الفرد والمجتمعات في تنظيم تطلعات الانسان الروحية والفكرية ولكنها أيضاً تحتاج لأن تخضع كما بقية الظواهر الثقافية الانسانية لرصد تاريخها ومسبباتها وطرق تشكلها لنزع قيود القداسة عنها ولفهمها بالشكل الأمثل .
المراجع :
فراس السواح ، أساطير الأولين : القصص القرآني ومتوازياته التوراتية ، 2016 ، دار التكوين
لويس جنزبرج ، ترجمة حسن السماحي ، أساطير اليهود ، 2007، دار الكتاب العربي
سيد القمني ، قصة الخلق منابع سفر التكوين ، 1999، المركز المصري لبحوث الحضارة
كارم عزيز ، أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم ، 1999 ، دار الحصاد
نبيل فياض ، التلمود البابلي ( ملخص) ، 1991، موقع الكتروني (منظمة صوت العقل)



#بشار_غدير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشار غدير - النص الإسلامي وجذوره التاريخية