أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنانة العراقية عفيفة العيبي في معرضها الجديد: هيمنة الفيكرات المونيمنتالية بحُلَّة كلاسيكية جديدة















المزيد.....

الفنانة العراقية عفيفة العيبي في معرضها الجديد: هيمنة الفيكرات المونيمنتالية بحُلَّة كلاسيكية جديدة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


إحتضن غاليري " الطاوسان " في مدينة لاهاي الهولندية المعرض الشخصي الجديد للفنانة العراقية عفيفة العيبي، والذي إشتمل على 21 عملاً فنياً مُنفّذاً بالزيت على القماش، وبأحجام مختلفة. وسوف يستمر المعرض من 18 فبراير، ولغاية 26 مارس 2006. وكدأبها في المعارض السابقة فقد إتخذت من نفسها أنموذجاً في أغلب أعمالها الفنية وكأنها تريد أن تستكشف كل بقعة من عالمها المادي والروحي على حد سواء. ولا بد من الإشارة إلى ميزة هذا الصالون الفني المتخصص في عرض الأعمال الفنية التشكيلية والنحتية للفنانين التشخيصيين المميزين الذين ينتمون إلى خمسة بلدان في العالم فقط وهي هولندا، وروسيا، وروسيا البيضاء، وفرنسا، وبلجيكا. وثمة إمتياز آخر يسمح بمشاركة الفنانين الأجانب الذين يحملون الجنسية الهولندية فقط، شرط أن تتوفر أعمالمهم على جودة عالية، وسوّية فنية متفردة كما هو حال الفنانة العراقية عفيفة العيبي. ورب سائل يسأل عن السبب الذي دفع بالقائمين على هذا الغاليري المتفرّد الذي يقع على مقربة من قصر الملكة والذي تحّف به الصالونات الفنية من كل حدب وصوب، إلى الإحتفاء بالمنجز الفني لعفيفة العيبي منذ أربع سنوات حتى باتت ضيفة دائمة على هذا الغاليري الذي يقيم لها بشكل منتظم معرضاً شخصياً كل عام ينسجم مع التوجهات العامة للغاليري الذي يفضّل الأعمال التشخيصية التي تتميّز بجودة عالية، وتقنيات متطورة لا يخطئها الناقد الفني المتخصص ولا المُشاهد ذو العين المدرّبة. وفي هذا المقال سأركّز على بعض المحاور العامة لتجربة عفيفة العيبي الفنية مُسلّطأً الضوء على نقاط مشتركة تجمعها بالعدد الأكبر من ضيوف هذا الغاليري بوصفهم فنانين تشخيصيين إنحدروا من بلدان لها إرث كبير في هذا المضمار، ومرّكزاً في الوقت ذاته على الفنان الروسي الكبير إيفان لوبينيكوف الذي صادف أن يكون زميلاً لها في معهد سوريكوف في موسكو حيث تلقيا الدراسة هناك على يد العديد من الفنانين الأساتذة الروس الذين لا يخرّجون من معاهدهم إلا الطلاّب المهرّة الذين يتقنون حرفتهم، ويبدعون فيها، كما أنه ضيف دائم على هذه الصالة أيضاً. والمتتبع للأعمال الفنية لعفيفة العيبي سيجد أنها تتحرّك في ذات الفضاء التشخيصي الذي يشتغل عليه لوبينيكوف، والعكس صحيح أيضاً. وربما يكون هذا التلاقح قد جاء نتيجة للدراسة الأكاديمية المعمّقة، وما نجم عنها من حرفة وخبرة بصرية مُكتسبة تراكمت خلال السنوات الثماني التي قضتها العيبي في روسيا بصحبة زميلها لوبينيكوف بحيث وصل بهما الأمر إلى إتقان تقاليد الرسم الروسي من جهة، وتقاليد الرسم الأوروبي من جهة ثانية، آخذين بنظر الإعتبار أن عفيفة العيبي لديها إرث عربي آخر ينضاف إلى رصيد تجربتها الأوروبية. إن إخلاصهما لتقاليد الرسم الروسي بشكل خاص، وما يتميّز به الفن الروسي من صرامة وقوة وهيمنة هو الذي دفعهما لرسم " الفيكرات " بالطريقة " المونيمنتالية " أو النُصبيّة. ولو دققنا في مجمل أعماله الفنية سنرى أن تكويناته التشخيصية، وبالذات، تكوينات النساء وفيكراتهن لا تخرج عن إطار الرسم المونيمنتالي الذي يقترب من أشكال المنحوتات المُنجزة بعناية فائقة. وقد قلت في مقال سابق عن عفيفة العيبي بأنها " ترسم نحتاً، وتنحت رسماً " وربما تعود هذه التقنية إلى ولعها المبكر بفن النحت، هذا الولع الذي أججه أحد أشقائها الفنانين حينما كان يعلّمها النحت وهي ما تزال صبية صغيرة لم تجتز عقدها الأول بعد. كما يشترك كلاهما بالرؤية الشعرية المتسامية التي تحف بشخوصهما معاً. وإذا كان النقاد الروس يؤكدون على أن " الروح الروسية " تُهيمن على أعمال لوبينيكوف فإن " الروح العراقية " تحلّق في مجمل أعمال عفيفة العيبي على رغم من أن ثيماتها قد بدأت تحاكي الموضوعات الكونية لأنها عاشت الجزء الأكبر من حياتها في المنافي العالمية مثل روسيا وإيطاليا وهولندا. لم يتوانَ لوبينيكوف من أن يجعل المرأة بؤرة في بنية عمله الفني فهي المُلهِمة الأولى، والمُغوية الناعمة، والإلهة العظيمة المبجّلة التي تحيط الرجل بعنايتها، وتستدرجة إن شاءت إلى ثنائية النور والعتمة، لكنها لا تفرّط بمساقط الضوء وشلالاته التي يجب أن تنهمر عليها. في لوحة لوبينيكوف يحضر الرجل والمرأة، بينما يغيب الرجل في لوحة عفيفة، ويمكن لمخيلة الناظر أن تستحضره ما أن ترى نساء عفيفة غارقات في الإنتظار لرجال لا بد أن يأتوا على حين فجأة. كما أن هناك سمة مشتركة عند لوبينيكوف وعفيفة وهي أن شخوصهم غارقون في تأمّل عزلتهم وكأنهم محتفين بهذه العزلة لكنهم ليسوا مستسلمين لها. ويمكن عقد مقارنة بين ثلاثة أعمال فنية لإيفان لوبينيكوف وهي على التوالي " المرأة والصبّار " و " الرصيف " و " متى أكون جميلة؟ " وعدد من لوحات عفيفة العيبي التي ضمّها المعرض الأخير، ومن بينها " خصلة شعر "، " الزمن الماضي "، " فكرة "، " الفطور في توسكانه "، " أجمل فتاة "، و " التوق الهادئ ". ومن المعروف أن الفنانة عفيفة العيبي قد أمضت إثنتي عشر سنة في إيطاليا، وتأثرت بالعديد من الفنانين لعل أبرزهم باولو أوتشيلو " 1397-1475 " هذا الفنان الذي كان منقطعاً للتجريب ولذلك كان النقاد غالباً ما يقارنون أعماله بالفنانين التكعيبيين والسورياليين المحدثين، ويجدون أوجه شبه كبيرة بين أعماله الفنية القديمة وأعمالهم الحديثة. كما تأثرت ببييرو ديلا فرانشيسكا " 1416-1492 ". وخلال العشر سنوات الأخيرة من إقامتها في هولندا يمكن القول بأنها أفادت من تجربة الفنان الهولندي الكبير يوهانس فيرمير " 1632-1675 " حيث يمكن عقد مقارنة بين نتاجاتها الفنية الأخيرة التي إرتقت في بعضها إلى مستوى فيرمير الذي يعد أفضل رسام في العصر الذهبي، كما يمكن مقارنة الألوان النقية الشفافة، والتكوينات المتقنة، والإستعمال المبهر للضوء عند الإثنين معاً. ومما يلفت الإنتباه في أغلب أعمالها الفنية الأخيرة بأن عيون شخصياتها المرسومة تتجه بنظراتها المحدقة إلى الخارج، بينما كانت شخصياتها السابقة تنظر بعينين مقلوبتين إلى الداخل، وكأنها تبحث في أعماقها عن شيء ضائع. إن البحث الداخلي هي سمة من سمات شخصيات عفيفة، ولكنها في نتاجاتها الجديدة حررت عيون الشخصيات من أسر الذات، وأطلقتها إلى الفضاء الموضوعي المحيط بها. قد يستطيع بعض النقاد أن يردّوا نتاجاتها إلى الواقعية الروسية، ولكنها ليست كذلك لأن فيكرات المرأة في لوحاتها هي مزيج من كائنات ميتافيزيقية من جهة، وكائنات أرضية مبجلة من جهة أخرى تروي حكاياتها عبر التكوينات المحتفية بذاتها. لم نرَ قط أي عملٍ لعفيفة العيبي إلا وبطلته تغرق في الزهو الملكي بملابس باذخة جذّابة توحي للمتلقي وكأن صاحبته منبجسة من أساطير " ألف ليلة وليلة " أو مناخ الحكايات الخرافية الشرقية. وهنا تكمن روح المفارقة والدعابة عند عفيفة العيبي، كما تكمن روح السخرية عند زميل دراستها إيفان لوبينيكوف الذي قال غير مرّة: " إذا لم ننظر إلى العالم من خلال السخرية فإننا سنسقط في الجنون حتماً. ". العالم الفني بحاجة إلى مخيلة مشتعلة على الدوام تنأى قليلاً عن فضاء العقل الصارم، لأن صرامة العقل وفظاظته " تُنجب الوحوش دائماً" بحسب غويا.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرجة الإيرانية سبيدة فارسي في فيلمها الروائي الثاني - نظر ...
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: أشعر بأننا لم يعد لدينا ما نر ...
- مذكرّات - وصمة عار - للباكستانية مختار ماي التي تعرضت للإغتص ...
- وصمة عار - باللغتين الفرنسية والألمانية في آنٍ واحد: قصة حيا ...
- ورشة عمل للصحفيين العراقيين في هولندا. . . آراء وتوصيات
- إعلان جوائز مهرجان روتردام الدولي لعام 2006
- في مجموعته الجديدة - لكل الفصول -:الشاعر ناجي رحيم يجترح ولا ...
- ضمن فاعليات الدورة - 35 - لمهرجان الفيلم العالمي في روتردام: ...
- لقطة مصغّرة للسينما العراقية في الدورة الخامسة عشر لمهرجان - ...
- صدور العدد الأول مجلة - سومر - التي تُعنى بالثقافة التركماني ...
- الخبيئة - للمخرج النمساوي مايكل هانيكه: من الإرهاب الشخصي إل ...
- دجلة يجري هادئاً وسط الضفاف المضطربة: قراءة نقدية في الفيلم ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي ذياب ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية: الشاعر عواد ن ...
- أطفال الحصار - للمخرج عامر علوان: ضحايا اليورانيوم المنضّب و ...
- الخادمتان- باللغة الهولندية ... العراقي رسول الصغير يخون جان ...
- خادمات - رسول الصغير: البنية الهذيانية والإيغال في التغريب-
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي جاسم ...
- في ضيافة الوحش - لطارق صالح الربيعي: سيرة ذاتية بإمتيار يتطا ...
- الفيلم التسجيلي - مندائيو العراق- لعامر علوان: فلسفة الحياة ...


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنانة العراقية عفيفة العيبي في معرضها الجديد: هيمنة الفيكرات المونيمنتالية بحُلَّة كلاسيكية جديدة