أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - مهزلة السياسي في تونس















المزيد.....

مهزلة السياسي في تونس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5754 - 2018 / 1 / 11 - 02:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المشهد السياسي في تونس بلغ ذروة العهر الأخلاقي و إن كان التـقييم الاخلاقي معيارا للشعب في الحكم، فإنه و لابد من محاولة الانـزياح عن المقاربة الأخلاقية ليتسنى لنا تحليل الصور السياسية المختلفة..
انه مسرح المهزلة و ليس مسرح العبث.. برغم محاولة الانـزياح إلا أنه لا يمكننا أن نغض النظر عن هذه المقاربة الاخلاقية التي تـشهد بالعار بل الفضيحة التاريخية الكبرى.
وصف العهر السياسي لا يشمل التيارات اليمينية فقط، و انما التيارات اليسارية و خاصة من يدعي تمثيل الشعب و من يدعي الشرف الثوري و من يدعي احتكار تمثيل اليسار، بل من يعتبر نفسه هو اليسار الحقيقي الوحيد..
يعري هذا اليسار نفـسه بأفظع التكتيكات انكشافا عن عهريته. فتصور ان الجبهة الشعبية في تونس تـقـف متـقدمة مشهد محاربة الميزانية التي ساهمت في المصادقة عليها في البرلمان. تـقف موقف الضد للميزانية مع الليبراليين الممثلين اساسا في حزب آفاق تونس، كما انه و يا للتـناقض الرهيب فإن الجبهة الشعبية تـقـف على نفس مستوى الرفض مع "اتحاد الأعراف" الذي يمثل رجال الاعمال اي البورجوازية، بينما يتعارض موقـفها هذا مع موقـف "الاتحاد العام التونسي للشغل" ممثل الشغالين و البروليتارية و المصلحة الوطنية و هو المساند لحكومة "يوسف الشاهد"، و الذي تم إعـداد المشروع الحكومي للميزانية من خلال الحوار معه و موافـقاته و امتـناعاته..
حركة نداء تونس و حركة النهضة و جماعة الجبهة الشعبية، بعد المصادقة على الميزانية في البرلمان المتكون اساسا من كتلهم.. نعم. فبخصوص الميزانية للجبهة الشعبية وزن مماثل للحزبين الاغلبيـين لأن رئيس لجنة المالية في البرلمان هو السيد "منجي الرحوي" عن الجبهة الشعبية، و الرئيس له تأثير كبير في الصياغة النهائية للمشروع التي تقدم الى الجلسة العامة، فمثل ذلك هو استماتـة هذا الاخير في التخفيض من نسبة الضريبة على الباعثين العقاريين، فالمشروع الحكومي أقـرها بـ 19 في المئة، بينما كان لرئيس لجنة المالية في البرلمان دور كبير و اصرار على تخفيضها الى 13 في المئة..هذه الاحزاب بعد ان تمت المصادقة على الميزانية اعتبرتها امام الاعلام ميزانية مضادة للشعب بطريقة تـقول ان حكومة "يوسف الشاهد" مضادة للشعب.. الشعب الذي عبر بمختلف مستوياته عن مساندته و تعاطفه و ثـقـته في رئيس الحكومة نتيجة حربه على الفساد، كما عبر عن رفضه و اشمئزازه من الاحزاب السياسية..
اذن فمحور المسألة ليس الميزانية و ليس الخوف على الشعب و انما محاربة "يوسف الشاهد"..
فبالنسبة لأي قانون لا يكون قانونا إلا بمصادقة مجلس النواب. اي ان القانون الذي أصله مشروع حكومي هو ليس بقانون إلا بالمصادقة عليه برلمانيا. فحين نتحدث عن القانون فإننا نتحدث عن الدولة بؤسساتها المختلفة و لا نتحدث عن الحكومة او الرئيس او الجهة البرلمانية التي اقـترحته.
كل الجعجعة السياسية الجوفاء تـنصب على تجريم الحكومة من خلال تجريم قانون الميزانية دون ان نعلم حقيقة هذه الميزانية بمجملها. فما نعرفه انها استـنـفرت ضدها الأثرياء اما الترفيع في الاسعار فلا نعرفها بمجملها، و من جهة اخرى فان الحكومة عبرت عن ارادتها في التخفيض من الاقـتراض و تخفيض العجز التجاري و ذاك يتطلب تضحية من الجميع..
الميزانية اذن هي ميزانية دولة بعد ان أصبحت قانونا مصادقا عليه في البرلمان و ليست ميزانية حكومة، و انها اذن ميزانية الاحزاب التي صادقت عليها في البرلمان، و التي تدعي الآن بكل عهر سياسي مفضوح رفضها لها..
الحقيقة المتوارية وراء هذه المهزلة السياسية العظمى التي لم تـشهدها تونس في تاريخها السياسي الحديث هي فعل الصدمة للانتخابات الجزئية في المانيا ليس بالنسبة لنداء تونس و النهضة فقط، بل للجبهة الشعبية التي احرزت 42 صوتا فقط، و كأن هذه الانتخابات في منطقة ريفية نائية من تونس..
هذه الصدمة هي التي روعتهم و بعثت الذعر في قلوبهم، (خاصة و ان الجبهة الشعبية تطمئن نفسها دوما بكونها البديل الثالث و بكونها المستـفيد من فشل الحزبين الأغلبيـين في البرلمان) برغم المحاولات البائسة في المراوغة و التبريرات الفارغة من اي معنى حقيقي.. يعني سيعود نداء تونس ليعتبر حركة النهضة اسلامية مناقضة له بادعاء انه حداثي ممثل الحداثة، و تعود حركة النهضة الى اعتبار نداء تونس تجمع مرسكل، و لكن هيهات.. انتم كاذبون و عراة فاخجلوا من انفسكم قليلا..
هذه الصدمة قادتهم الى الهروب الى الامام و التباكي المخزي امام الشعب، و لكن الشعب أذكى منكم جميعا، بل ترسخت عنده فكرة ان جميع هذه الاحزاب تـتـفـق في الحقارة و الانتهازية و الخزي و العار..
عوض ان يقـفوا بجدية، فـتـزيح الأصنام نفسها قبل فوات الأوان، فقد كان الزمن يحتـفظ بفسحة تمكنهم من الانسحاب باحترام لتاريخهم يضل بعدهم..
عوض ان يقـفوا بجدية أمام الأمراض الهيكلية الاديمقراطية لمكوناتهم السياسية، و تـتم إزاحة الوجوه البائسة عنوان الخراب و الدمار ليس للبلد فقط و انما لتـنظيماتهم السياسية..
الثورة ثورة شباب و هي لأجل الحرية و الكرامة، و الغريب اننا نجد الاكثر استيعابا لهذه المضامين رئيس الجمهورية السيد "الباجي قايد السبسي" حين عين رئيس حكومة شاب و سانده حتى ضد حزب نداء تونس الذي كونه و الذي سيطر عليه ابنه بواسطة الانتهازيـين الملتـفين حوله..
لا حل لمهزلة الاصنام السياسية التي حولت الاحزاب الى قطعان لها و أزاحت من أصر على ان يكون الحزب تابعا للفكرة و ليس لصنم مهووس بتعظيم أناه الغبي الأحمق إلا بثورة مماثلة لثورة "الباجي قايد السبسي"، و ذلك بفتح المجال للشباب الذكي و المثـقـف و العارف و الصادق الصدوق الممتلئ بأحلام الغد الافضل..
أما هم فممتلئون بكوابيس الامس حتى انهم لا يفتـئون يقارنون كل شيء بالأمس لأنهم عادوا اليه بما انهم عادوا الى كهوفهم الحزبية المظلمة، بعد ان أرعبتهم شمس الثورة.. شمس النهار الجديد.. شمس المفاهيم و المقاربات الجديدة و الحياة الاخلاقية المشبعة بإرادة المصارحة و النقد و الكشف عوض عـقليتهم التـقليدية المحافظة البائسة القائمة على التجاوز الشكلي للأمور و الكذب المحترم منه و الدنيء و التكتيكات البائسة الضيقة التي لا تستوعب الوطن و التي لا تتعلق بالحق كما هو حق في ذاته و كما هو حق لذاته..
لا يعلمون ربما ان الشعب يسخر منهم جميعا، و في نفس الوقت هو بصدد صناعة التوابيت لهم جميعا..
لا يعلمون ان الثورة هي مطلب حضاري اخلاقي، و ان الوحدة الوطنية هي وحدة مضمون سياسي و ليس وحدة احجار دومينو سياسي بائس.. الوحدة الوطنية هي فكرة دولة القانون و المساواة امام القانون. دولة ضد الفساد. دولة اخلاق الايثار. دولة الوطن المفدى الراقي.. الوحدة الوطنية ليست اتفاقات البؤساء للتغطية على عوراتهم و فسادهم و سرقاتهم و تغولهم في غرس السكين في خاصرة الشعب يا سيادة الرئيس..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبذة عن آية الله الخميني في العراق
- الثورة على الثورة في ايران
- الحرية بما هي العود الى الجوهر القرآني
- قائمة -الحق الطبيعي-
- الثالث المرفوع الماركسي
- سوريا و الثورة
- النبي الجديد
- المثقف و السلطة و الثورة
- لروحه السلام أبيك و أبي..
- اليسار بين الصعلكة و التحررية
- -ترامب- أو المشهد الأخير
- السياسي الوضيع
- أفق البديل السياسي المطلوب في تونس
- قاون المصالحة يقلب المشهد السياسي التونسي
- مصالحة ألامصالحة
- النداء التقدمي
- تاريخية القرآن ( من خلال سيرة ابن هشام)
- الرئيس التونسي يتحدى الشرق البائس
- زقاق الجن
- الأيادي القذرة


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - مهزلة السياسي في تونس