أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية















المزيد.....

الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1477 - 2006 / 3 / 2 - 10:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الدراسة المنهجية للماركسية (المادية الديالكتيكية)
كتب لي قارئ عزيز رسالة جاءت فيها العبارات التالية استنسختها كما هي باخطائها النحوية:
"تعلمون فإن لكل علم منهج منظم شامل وواضح كي يتمكن الطالب من دراسته... ولهذا ... أطلب منك أن تضع منهاج ماركسي لينيني متكامل لكل من يريد دراسة هذا العلم بصورة ممنهجة و منظمة كي "يتخرج" من مدرسة الشيوعية، ... أي أن يكون لنا منهج واضح يرشدنا في دراستنا الماركسية كي نكون ماركسيين حقيقيين لا مشعوذين بلباس شيوعي، وحبذا لو تكرمتم بتسمية بعض المراجع التي ترونها ضرورية في دراسة كل فصل من فصول المنهج كأعمال ماركس و إنغلز و لينين وستالين و ماو و خوجة و فهد و غيرهم ممن ترونهم شيوعيين حقيقيين؟"
قارئي العزيز. انك تكلفني بواجب صعب جدا ولكني ساحاول ان ابدي بعض الملاحظات التي قد تفيدك وتفيد غيرك في تحقيق ما تطلبه.
ان افضل طريق لتحقيق ما تصبو اليه هو ان تنتمي الى جامعة تدرس الماركسية كما هو الحال لدى طالب الطب الذي يريد تعلم علم الطب ليصبح طبيبا. ولكن هل توجد جامعات مثل هذه؟ قد يمكن اعتبار الجامعات السوفييتية في فترة بناء الاشتراكية جامعات من هذا النوع او على الاقل جامعات تهدف الى ان تكون جامعات من هذا النوع. ففي الاتحاد السوفييتي كانت جامعات ومعاهد تدرس الماركسية تدريسا جامعيا منظما. ولكن مثل هذه الجامعات تتطلب ادارة تؤمن بالماركسية وتعمل على تدريسها وتطويرها باخلاص وهذا لا يحدث الا بوجود دكتاتورية البروليتاريا التي لا تستطيع التقدم والتطور بدون ممارسة الماركسية ممارسة جادة حقيقية. وقد قطع الاتحاد السوفييتي في فترة بناء الاشتراكية اي حتى سنة ۱٩٥۳ خطوات كبرى في هذا السبيل. ولكن مثل هذه الجامعات تحولت بالضرورة الى جامعات تشوه الماركسية وتدرس طلابها ماركسية محرفة لان هذا التشويه والتحريف ضرورة من اجل حرف المجتمع السوفييتي عن سلوك الطريق الصحيح والسليم نحو التحول الى المجتمع الشيوعي وتحويله الى مجتمع يتقهقر نحو الراسمالية.
وكما في جامعات العلوم الطبيعية حيث ينبغي اتحاد الدراسة النظرية بالتطبيق العملي كذلك الامر في دراسة علم الماركسية يجب اتحاد الدراسة النظرية بالتطبيق العملي. في مدارس العلوم الطبيعية توجد مختبرات يقوم الطالب فيها بتطبيق النظريات العلمية التي يدرسها في الممارسة العملية. ولكن مدارس علم الماركسية ليست لها مختبرات تجريبية يتدرب الطالب فيها على التطبيق. ان مختبر الماركسية هو المجتمع. ففي مدارس العلوم الطبيعية قد يخطئ الطالب فيتسبب في حصول خسائر في مواد المختبر ولكن التطبيق في مدارس علم الماركسية يؤدي الخطأ فيه الى اضرار في المجتمع ذاته قد تكون تضحية باجزاء من المجتمع البشري. فالخسائر في المختبرات الطبيعية خسائر مادية اما الخسائر في مختبر الماركسية فهي خسائر بشرية.
كان طلاب علم الماركسية في الاتحاد السوفييتي في فترة بناء المجتمع الاشتراكي محظوظين لانهم كانوا يمارسون تطبيق النظريات التي يدرسونها في المساهمة في بناء المجتمع الاشتراكي. وهذا ما لا يتوفر في اي مجتمع غير المجتمع الاشتراكي.
هل كان بين طلاب علم الماركسية خارج المجتمع السوفييتي من استفاد من وجود المدارس الماركسية في الاتحاد السوفييتي؟ نعم. وكان من بين هؤلاء طالب الماركسية العراقي الشهير فهد الذي اصبح قائد الحركة الشيوعية العراقية بدون منازع. قضى الرفيق فهد عدة سنوات يدرس في جامعة كادحي الشرق في الاتحاد السوفييتي حيث لم يدرس الماركسية دراسة منظمة منهجية كنظرية فقط بل كان يشاهد ويشارك الى حد ما في بناء المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي ويطلع على حماس وتفاني الشعوب السوفييتية في تحقيق وتطوير المجتمع الاشتراكي.
هذا هو الطريق الامثل لدراسة الماركسية دراسة منهجية نظرية مع ممارسة تطبيقها في مختبر الماركسية، المجتمع. ولكن هذا مع الاسف لم يحدث سوى فترة قصيرة من عمر التاريخ هي فترة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي. ومنذ انحراف القيادة السوفييتية عن التطبيق الماركسي في المجتمع الاشتراكي وتحولها الى قيادة تحريفية في العهد الخروشوفي لم يعد هناك وجود لمثل هذه الامكانيات المثالية في دراسة وتطبيق الماركسية دراسة منهجية. ولكن دراسة الماركسية لم تتوقف بل واصل طلاب الماركسية دراستها وتعلم تطبيقها وممارستها في مختبراتهم الاجتماعية كما كان الحال قبل وجود الاتحاد السوفييتي. فكما كان الناس الثوريون يدرسون الماركسية قبل ثورة اكتوبر كذلك ما زال الثوريون في ايامنا وحتى الثوريين الموجودين خارج الاتحاد السوفييتي في فترة بناء الاشتراكية يدرسون الماركسية ويمارسونها في مجتمعاتهم سواء مع الاخطاء او بدونها. ان الماركسية ضرورة تاريخية لا يمكن الاستغناء عنها او تجاهلها مهما تفاقمت محاربتها ومحاولة تشويهها وانكارها. ولكن دراسة الماركسية وممارستها في التطبيق كان يجري دائما في ظل اقسى الاضطهاد السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي حيث كان الماركسيون يتعرضون للسجن والتعذيب والحرمان من الدراسة ومن العمل وحتى الاعدام. ولكن دراسة الماركسية وتطبيقها في المختبر الاجتماعي لم تتوقف ولو دقيقة واحدة ولن تتوقف في المستقبل ايضا.
من المعروف ان الماركسية تتضمن ثلاثة اركان علمية هي المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، الاقتصاد السياسي، والاشتراكية. وعلى طالب الماركسية ان يلم الماما معقولا بكافة هذه الاركان الثلاثة.
ان اهم ما يجب ان يتصف به طالب الماركسية هو ان يؤمن بان الماركسية علم كسائر العلوم الطبيعية لا يمكن تعلمه واستيعابه الا عن طريق الدراسة ومحاولة الاتقان فيها والاخلاص في تطبيقها. ان تاريخ الحركات الشيوعية يدل على ان الكثير من الثوريين، حتى المخلصين منهم، لم يؤمنوا حقا بان الماركسية علم ينبغي دراسته مثل سائر العلوم الطبيعية الاخرى. ومن تجربتي في حياتي السياسية في العراق اطلعت على سلوك اشخاص قياديين عديدين في الحزب الشيوعي العراقي خلال حياتي السجنية واستطيع ان اقول مع الاسف ان اغلب هؤلاء لم يؤمنوا بتاتا بان الماركسية علم ولذلك تصوروا انهم يستطيعون ان يكونوا ماركسيين اعتمادا على السليقة الثورية او عن طريق الاخلاص في حب الحزب وفي خدمته بل حتى زعم بعضهم تطوير الماركسية بدون ان يعلم شيئا عن علم الماركسية. وقد ادى ذلك الى الاضرار بالحزب وبالحركة الشيوعية العراقية والى حرفها جهلا او عن قصد والى تقديم تضحيات كبرى لم تقدم في خدمة الحركة الشيوعية بل قدمت نتيجة لاخطاء قادة الحزب الشيوعي باسم الماركسية. بدون الايمان بعلم الماركسية ودراستها باعتبارها علما كالعلوم الطبيعية الاخرى لا يمكن للمرء ان يكون ماركسيا حتى لو درس جميع المؤلفات الماركسية الموجودة. نصيحتي لك قارئي العزيز وجميع قرائي الراغبين في تعلم الماركسية ان تؤمنوا بكل اخلاص بان الماركسية هي علم لا يمكن تعلمه الا عن طريق دراسته وتعلم تطبيقه تطبيقا صحيحا في الممارسة النضالية.
يعرف التاريخ اشخاصا درسوا الماركسية وابدعوا في اتقانها واخلصوا في تطبيقها لفترات معينة ولكنهم فقدوا الايمان بها وتحولوا في الاخر الى اعداء لها. اكتفي بذكر اشهر هؤلاء كمثال على ذلك، هو كاوتسكي. كان كاوتسكي من اشد المناضلين ايمانا وتطبيقا للماركسية وكانت له مؤلفات كثيرة رائعة بحيث انه اعتبر الشخصية القيادية العالمية للماركسيين بعد وفاة انجلز وكان قائد الحزب الاشتراكي الالماني والوريث الوحيد لمؤلفات كارل ماركس غير المنشورة وكان هو الذي اصدر الجزء الرابع من كتاب الراسمال في ثلاث مجلدات. ولكن هذا الماركسي الكبير ارتد عن الماركسية في الحرب العالمية الاولى ووجه الاممية الثانية في اتجاهها الانتهازي بحجة الدفاع عن الوطن واصبح بعد قيام ثورة اكتوبر من اعدى اعدائها. وقد كتب عنه لينين كتابه المشهور "كاوتسكي المرتد" حيث اقتبس من كتاباته الماركسية للرد على كتاباته الانتهازية. هذا المثل الرائع يعلمنا ان دراسة الماركسية وحدها عقيمة ما لم ترتبط بالصدق والاخلاص والتفاني في تطبيقها في النضال تطبيقا صحيحا.
أبدأ اولا باحد الاركان الثلاثة للماركسية، المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. هناك مراجع كثيرة بحثت الموضوع اهمها كراس ستالين المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية الذي تجد ترجمته في موقعي في الحوار المتمدن وكذلك كراس ماوتسي تونغ "حول التناقض" الذي كتب في نفس الوقت تقريبا مع كراس ستالين. وهناك بحوث حول الموضوع كتبها انغلز في "ضد دوهرينغ وديالكتيك الطبيعة" ولينين في "اركان الماركسية" وفي "المادية والنقد التجريبي". ولكن الكراسين المذكورين ابسط واقرب الى ذهنية الطالب المبتدئ لانهما يناقشان الموضوع مناقشة مبسطة ليعرفوا القارئ على قوانينها باوضح ما يستطيعان لطلاب الماركسية. ولكن الطالب يجب ان يكون حذرا عند قراءة كتابات اخرى حول الموضوع وان يتأكد من ان هذه الكتابات تنحى نفس منحى الكتابات الكلاسيكية في الموضوع ولا تحيد عنها. انصح الطالب بان يركز اهتمامه في هذه الكتابات الكلاسيكية قبل ان يواصل قراءاته لبحوث اخرى كتبت عن الموضوع اذ ان دراسة الكتابات الكلاسيكية من ماركس وانغلز ولينين وستالين تمنحه القدرة على التمييز بين الكتابات الصحيحة والكتابات المشوهة عن نفس الموضوع. ولكن كتابات هؤلاء المعلمين حتى التي لا تبحث موضوع المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية بحثا مباشرة كلها عبارة عن تطبيقات سياسية واقتصادية واجتماعية للمادية الديالكتيكية يستطيع الطالب ان يستمد منها خبرات واسعة في تفهم واتقان هذا العلم الدقيق.
ماهو تعريف المادية الديالكتيكية؟ ان المادية الديالكتيكية هي علم الحركة. وبما ان العالم كله حركة دائمة ولا يوجد مادة في الطبيعة ليست في حركة دائمة فان المادية الديالكتيكية تنطبق على كل حركة من حركات المادة في الطبيعة. والمادية التاريخية هي الاخرى علم الحركة ولكنها تقتصر على حركة المجتمع، فالمادية التاريخية هي علم حركة المجتمع. وبما ان جميع العلوم الطبيعية هي علوم تدرس الحركة في مجال العلم الذي تبحثه كان بالامكان القول ان المادية الديالكتيكية هي علم العلوم. وليس هذا القول قولا عبثيا بل هو يعبر عن واقع علمي دقيق. فكل علم من العلوم يدرس نوعا معينا من حركة المادة او حركة المجتمع وبما ان المادية الديالكتيكية هي علم الحركة وان كل علم يبحث نوعا من الحركة صح ان نقول ان المادية الديالكتيكية هي علم العلوم. ولذلك نقول ان كل عالم في مختبره العلمي ديالكتيكي في بحثه شاء ام ابى حتى لو كان العالم خارج مختبره مؤمنا بالدين او معاديا من الناحية النظرية للمادية الديالكتيكية وحتى اذا كان عالما يخدم الراسمالية ويعمل معها ضد حركة المجتمع. فالعلم المجرد لا بد ان يكون بحثا ديالكتيكيا بصرف النظر عن اراء ومعتقدات العالم الذي يمارسه. واروع مثل على ذلك كان داروين الذي كان بحثه لاصل الانسان بحثا ديالكتيكيا رغم انه كان شخصا متدينا ولم يعرف الماركسية.
ان الامثلة على المادية الديالكتيكية في مختلف العلوم الطبيعية كثيرة وقد كتب الكثير منها كارل ماركس وانجلز ولينين وستالين. وامثلة البيضة وتطورها داخل القشرة وثورة الجنين ضد القشرة وتحول البيضة الى طير وامثلة تحول سلاسل المواد العضوية كيفيا نتيجة لتغيرات كمية وتحول الماء من حالة الجليد الى السائل والى البخار نتيجة لتغيرات في كمية الحرارة المقدمة او المسلوبة من الماء وغير ذلك الكثير خصوصا في كتابات انجلز الكثيرة. ولكن اذا كانت المادية الديالكتيكية علم الحركة حقيقة فيجب ان نكون قادرين على تمييزها في كل حركة مهما كانت بسيطة. لنأخذ مثلا بسيطا. نعرف ان الحركة الشيوعية كانت دائما اقلية في المجتمع حتى الى حد ما في المجتمع الاشتراكي. وكان على الشيوعيين ان يحصلوا على شيوعيين من بين اعداء الشيوعية المحيطين بهم. فكيف نميز المادية الديالكتيكية في حركة كسب شيوعي جديد من بين اشخاص معادين للشيوعية؟ في نقاشاتنا مع الاشخاص الاخرين نناقش الاحداث الجارية في محيطنا السياسي والاجتماعي. فاذا جاءت في نقاشنا مع اشخاص معادين للشيوعية قضية يشعر عدونا فيها اننا كنا صادقين في نقاشنا عند التحقق منها فان ذلك يشكل تغيرا كميا لصالحنا حتى لدى هذا الشخص المعادي للشيوعية. فاذا تكرر الموضوع ولاحظ عدونا اننا كنا على حق في مواقفنا او ملاحظاتنا او تحليلاتنا تجمعت التغيرات الكمية لديه الى درجة تبلغ في النهاية درجة التحول الكيفي ويتحول هذا الشخص من شخص معاد للشيوعية الى شخص شيوعي. وعكس ذلك صحيح ايضا. فلو كانت في نقاشنا مع شخص شيوعي اوضاع وملاحظات غير صحيحة يشعر بها صديقنا الشيوعي فان ذلك يكون تغيرا كميا سلبيا لديه مما يؤدي لدى تكرار ذلك الى تحول كيفي من شيوعي الى معاد للشيوعية او تارك للشيوعية على الاقل.
اورد مثلا حيا مارسناه في قضية الصواريخ السوفييتية في كوبا التي اوشكت على اشعال حرب ذرية كما يقال. حين نشأت قضية الصواريخ كنا نسمع تصريحات خروشوف ونثقف بها على انها حقائق لا يمكن مناقشتها. كان خروشوف يعلن عن عدم وجود صواريخ في كوبا وعن ان الاتحاد السوفييتي لا يحتاج الى وضع الصواريخ في كوبا لان الاتحاد السوفييتي قادرعلى ان يضرب الولايات المتحدة بالصواريخ العابرة للقارات من ارض الاتحاد السوفييتي. كنا نؤكد على ان هذه التصريحات صحيحة وان مزاعم الولايات المتحدة حول الصواريخ هي دعايات امبريالية. ولكن حينما ظهر في اللحظات الاخيرة ان كلام خروشوف كله كان كذبا وان الصواريخ موجودة في كوبا وان الولايات المتحدة تعرف عددها ومواقعها بدقة فان الناس الذين ناقشناهم واكدنا لهم ان كلام خروشوف هو الصحيح وان مزاعم الولايات المتحدة غير صحيحة تكونت لديهم تغيرات كمية سلبية بصدد الشيوعية ومصداقيتها وابتعدوا عنا بدلا من اقترابهم الينا. بل حدثت فينا نحن ايضا تغيرات كمية سلبية تجاه الاتحاد السوفييتي وتجاه خروشوف حين شعرنا انه يكذب علينا ويخدعنا بتصريحاته المتكررة.
اود ان اورد مثلا حدث لي في السجون حول موضوع المادية الديالكتيكية. في سجن الكوت كنا ننخل الطحين قبل عجنه وخبزه لازالة الشوائب منه ولكي يكون الخبز نقيا. كان يقوم بنخل الطحين عضوان من المنظمة بالتناوب في ساعات متاخرة من الليل لاعداد الطحين النقي للعجن في ساعات الصباح الباكرة. كان نخل الطحين يجري في منخلين من صنع محلي معلقين في سقف الغرفة وعلينا فقط ان نضع الطحين في هذا المنخل ونحركه حركة بسيطة بدون ان يكلفنا ذلك اي جهد كبير. وجاء دوري مع عزيز الحاج لنخل الطحين. وعزيز الحاج ما زال يكتب في الحوار المتمدن ولا ادري ان كان يتذكر الحادث ام لا واود لو اسمع تعليقه عليه. حين كنا ننخل الطحين يهبط الطحين النظيف في حوض خشبي ويبدأ بالتراكم بشكل هرمي يرتفع بالتدريج الى ان يصل مستوى تتحول فيه الحركة الى انهيار واسع لكي تتحول قاعدة الهرم الطحيني الى قاعدة اوسع ويبدأ التراكم الكمي للطحين على مستوى اعلى من سابقه. كانت هذه الحركة تتكرر اثناء مواصلة نخل الطحين نظرا الى ان كمية الطحين كبيرة تكفي لخبز كمية من الخبز ليوم كامل. وفي اثناء ذلك قلت لعزيز الحاج "دتشوف الديالكتيك في الطحين؟" هل ترى الديالكتيك في الطحين؟ ولكن عزيز الحاج كان جاهلا للديالكتيك جهلا تاما ولذلك لازم الصمت ولم يتفوه بكلمة للرد على سؤالي ولم يفكر في ان يسألني عن كيفية رؤيتي للديالكتيك في حركة الطحين. كنت اعتقد، وارجو من عزيز الحاج ان يصححني اذا كنت مخطئا، ان عزيز الحاج اعتبر ذلك نكتة ولابد انه حول ذلك الى نكتة يسردها لرفاقه ان حسقيل يرى الديالكتيك في الطحين.
اننا نستطيع ان نلاحظ الحركة والتطور الكمي الى كيفي في حياتنا اليومية والعائلية وفي كل حركة ندرسها ونلاحظها. وهذا التمييز للمادية الديالكتيكية في الحركات اليومية والعائلية والاجتماعية مهم جدا من اجل اتقان العلم وتعلم تطبيقه تطبيقا صحيحا في الحركات الثورية. ومن المهم جدا ان نتعلم هذا التمييز لانه يقدم لنا فائدة كبرى في مهمتنا الاساسية، مهمة النضال الطبقي وتقدم المجتمع نحو الثورة الاشتراكية وبناء المجتمع الاشتراكي.
نصيحتي لك عزيزي القارئ ان تدرس المادية الديالكتيكية خصوصا في كراس ستالين وان تحاول تمييز المادية الديالكتيكية في الحركات البسيطة التي نعيشها كل يوم، في طريقة تربيتنا لاطفالنا، في علاقاتنا العائلية وعلاقاتنا الزوجية، في تطور علاقاتنا مع اصدقائنا وتقربنا منهم او ابتعادنا عنهم، لان ذلك يساعدك كثيرا على اتقان المادية الديالكتيكية ومن ثم اتقان الركنين الاخرين من اركان الماركسية الذين يأتي بحثهما في مقال لاحق.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
- الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
- ساسون دلال
- الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
- صدفة جميلة
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
- التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي ...


المزيد.....




- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية