أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - نهاية الأسطورة














المزيد.....

نهاية الأسطورة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 5749 - 2018 / 1 / 6 - 19:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مدينة ميلتية Milet التي شهدت ظهور البوادر الأولى للفلسفة حسبما اتفق عليه أغلب مؤرخي الفلسفة، تقع في الجنوب الشرقي من تركيا الحالية، على بعد عدة كيلومترات من مدينة بالات Balat وهي منطقة أيونيا في ذلك الوقت البعيد ومستعمرة تابعة لبلاد اليونان. لقد كان ظهور الفلسفة إعلانا عن إحداث قطيعة في التفكير عند الإغريق، حيث تم الإنتقال من الخطاب الشفوي الأسطوري إلى الخطاب الفلسفي المكتوب الذي يعتمد على الاستدلال العقلي وإنتاج الأفكار والمفاهيم العقلية المجردة. ويعتبر طاليس وأنكسمانس وأنكسماندر أقطاب المدرسة الأيونية التي ظهرت في هذه المدينة في القرن السادس ق.م. وقد كانوا علماء يهتمون أساسا بالرياضيات والعلوم الطبيعية ولهذا يسمون بالفلاسفة الطبيعيين أو الكوسمولوجيين نظرا لاهتمامهم بالطبيعة وظواهرها المتعددة وأصل الكون. وقد شكلت أبحاثهم قطيعة مع الفكر الأسطوري الذي كان سائدا من قبل في بلاد اليونان، مما يجعلهم يمثلون الإرهاصات الأولى للفكر الفلسفي في الحضارة الإغريقية. أقطاب هذه المدرسة الأيونية، طاليس وأناكسيماندر لم يتبقى لنا من إنتاجهم الفلسفي والعلمي أي أثر، وكل ما نعرفه عنهم يرجع إلى أرسطو، والذي كان يبحث عن الإجابة عن سؤال ربما لم يطرحوه أساسا ولم يكن من إهتماماتهم في ذلك الوقت عن أصل الواقع وماهيته " ماهي المادة التي صنعت منها الأشياء ؟ " لقد كانت إهتماماتهم متركزة على الكون وأصله ،والبحث عن المبدأ الأول، حيث طاليس يرجعه إلى الماء، بينما أناكسيماندر يقول بأن أصل الأشياء والكون هو اللامتناهي، بينما أناكسيمن يرى أن كل شيء مصدره الهواء. غير أن الإعتقاد بأن أصل الكون هو هذا البخار اللامتناهي الناتج عن تبخر مياه البحر بفعل حرارة الشمس لا يعني أن هؤلاء كانوا يبحثون مشكلة المادة وأصلها. كانت البحوث الأولى تتعلق أساسا بالعلوم الطبيعية مثل الظواهر الفلكية والجوية، الكسوف والخسوف، الزلازل والريح والمطر والعواصف والأعاصير. وأهتموا أيضا بالعلوم الجغرافية ورسموا خرائط للأرض. أناكسيماندر كان يراقب تكون السحب السوداء الثقيلة في السماء المحملة بالأمطار والعواصف والبرق والرعد، كان يعتقد أن الريح تسكن جوف هذه السحب ومسجونة في أعماقها، غير أن قوة الريح العاتية كانت قادرة على تفجير هذا السجن السحابي وتمزيقه وماالبرق والرعد سوى نتائج هدا الإنفجار. والكل يرجع إلى ظاهرة تبخر مياه البحر وتحولها إلى بخار ورياح وسحب .
وكل هذه البحوث والتساؤلات كانت معروفة منذ زمن بعيد في الحضارات الشرقية، في بلاد ما بين النهرين والحضارة المصرية، حيث كانت هذه العلوم الجغرافية والرياضية ومعرفة السماء والنجوم والحسابات الفلكية في غاية التقدم والإزدهار. الفلسفة الأيونية كانت في الحقيقة جسرا بين الفكر الشرقي واليوناني وأول من قام بنشر هده العلوم في بلاد اليونان. يمكن القول إذا بأن الفكر الفلسفي قام في البداية، كمحاولة نظرية لإقامة هندسة جديدة للعالم من شأنها أن تعيد تنظيمه و ترتيبه وفقا لرؤية جديدة حسب القوانين العقلية والمنطقية، بعد أن بالغ الفكر الأسطوري والشعري في التفسيرات الغريبة والخيالية. وقد ساعد على هذا النمو الفكري وهذه الصحوة العقلية العديد من العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية التي أدت إلى مجموعة من التطورات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ساهمت في تهيئة المناخ المناسب لظور الفلسفة في القرن السابع قبل الميلاد. فقد عرف المجتمع الإغريقي تطورا اقتصاديا هاما، تمثل في التحول إلى النشاط التجاري والصناعي بدل الاعتماد على النشاط الرعوي والفلاحي. وقد رافق هذا ظهور العملة النقدية في المعاملات التجارية والعقارية وغيرها التي ساعدت على تطور الفكر التجريدي مقارنة بالمقايضة التي ترتكز على تبادل السلع المادية الحقيقية. وفي هذا القرن أيضا تم الانتقال من حكم النبلاء، أي الأوليغارشية أو حكم الأقلية، إلى الحكم "الديمقراطي" - رغم نسبية هذه الديموقراطية التي لا تطبق إلا على المواطن اليوناني الحر ولا تشمل النساء ولا العبيد والأرقاء ولا الأجانب - الذي تجسد في نظام الدولة المدينة التي عرفت مناخا سياسيا وفكريا سادت فيه حرية التعبير والجدل والحوار، الذي كان يتم أساسا في الساحة العامة - agora - في قلب المدينة. وقد أزدهرت أيضا العلوم الدقيقة كالرياضيات وعلم الفلك، لاسيما أن الفلاسفة الأوائل كانوا علماء أمثال طاليس وفيتاغوراس. وهكذا تم التحول تدريجيا في الفكر اليوناني من الميثوس mythos إلى اللوغوس logos ؛ أي من التفكير القائم على الأسطورة والخيال والسرد الشعري والملحمي إلى التفكير القائم على العقل والمنطق. فضلا عن انتشار الكتابة الأبجدية التي حلت محل الحكايات الشفوية، وإشاعة الثقافة بين عموم الناس؛ وهي كلها عوامل ساعدت على نمو فكر فلسفي قائم على الحوار والاستدلال والبرهنة والنقد. هكذا انتقلنا مع الخطاب الفلسفي من الكاووس والميثوس إلى الكوسموس واللوغوس. حيث بدأت الإرهاصات الأولى في البحث عن العلة الحقيقية للكون أو المبدأ الأساسي الذي أرجعوه إلى أصل مادي، وهو الماء والهواء والبخار. وكان البحث والإستقصاء خارجيا وكونيا متجها إلى السماء ومكوناتها بحثا عن أصل الوجود بما هو موجود.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الشجرة
- الخنزير والسمكة الذهبية
- دكتاتورية التشريع
- جنة الديموقراطية
- أسطورة الحرية
- 12 المسؤول الأوّل عن الإرهاب
- 11 الكمين الأفغاني والإرهاب
- الدليل على وجود الله
- 10- وكر الحية : بيشاوار
- 9 - مصادر الإرهاب
- 8 التفجيرات العشوائية
- 7 الإرهاب حليف الديموقراطيات الرأسمالية
- عودة على أسس الكارثة الليبية
- 6 الإرهاب ليس العدمية
- صورة السيد نون
- 5 العدمية كحركة ثورية
- إشارة الإستفهام القاتلة
- 6 الرؤوس الطائرة
- 5 - الحلم والثورة
- 4 الجنة المستحيلة


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - نهاية الأسطورة