أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسن - الانتخابات الرئاسية – مشاركة أم مقاطعة.















المزيد.....



الانتخابات الرئاسية – مشاركة أم مقاطعة.


احمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5749 - 2018 / 1 / 6 - 08:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ما ان طرح خالد على نفسه كمرشح لانتخابات الرئاسة 2018 حتى تحركت امواج كثيرة متضاربة في الماء السياسي المصري الراكد بفعل الديكتاتورية العسكرية القائمة، ما بين مؤيد ومرتبك ومعارض، اما المعارضون فقد تنوعت وجهات نظرهم ما بين الهجوم الشخصي على خالد على والهجوم السياسي على فكرة المشاركة.
بطبيعة الحال لن نتعرض للانحطاط الخاص بالهجوم الشخصي ، ولسنا بمعرض رفض او موافقة من النوع الانطباعي المجاني ، من يقوده انفعاله او حماسه في المعارك الهامة هو خاسر بالضرورة ، معارك كتلك لا يتحدد الموقف منها بالانفعالات السياسية او الامتعاض المجرد ، فلكل معركة سياق سياسي يجب فهمه في البداية لتحديد الموقف الملائم تجاهها ، ومن ثم يكون أي تعميم امر خاطئ ، ببساطة لأنه يغفل ما هو جوهري ، أي السياق السياسي ومجمل الظروف المحيطة بكل انتخابات ، وهو امر يشبه مراقبة حركة نهر اثناء سيره ، قوة الموج ، سرعة الرياح ، درجة الحرارة ، دون الاكتفاء بجملة غبية وسطحية " أنه نفس النهر " فالنهر يتغير طول الوقت ، والمناخ المحيط به والمؤثر في جريانه يتغير ايضا ، دون الرصد الدقيق لتلك العوامل لن تتمكن ابدا من ملاحة امنة .
ان من يضع افكاره وشعاراته بالاستلهام المجرد من المبادئ، او باستدعاء صورة نضالات الامس، التي تغيرت تماما ولم تعد قائمة، هو شخص يفكر بحماسة برجوازي صغير لا يرى تحت قدميه، وليس كماركسي يحترم التحليل المادي الواقعي، شخص يبنى عالم من الشعارات، بدلا من ان يأخذ شعاراته من ظروف العالم الحي.
كل اصحاب الدعاوى التي تنطلق " الان " من ظروف ثورة يناير، وتتجاهل كل ما تعرضت له الثورة من ضربات وتراجعات وهزائم، هم عميان بلا شك، اعمتهم شعارات مجردة، وحماسة انفعالية، وصور الماضي القريب التي لم تعد قائمة.
انها اشبه برومانسية السائر في الصحراء، الذي يحلم اثناء سيره بقصور القرون الوسطى وحدائقها، بينما لا يوجد حوله حجر واحد او جذع شجرة لبناء ولو كوخ صغير.
سيتلقف المناضل الحماسي الشعارات الفخمة ويرددها بأيمان وفخر، وكأنه سيقتحم بها الباستيل او سجن العقرب، ان هذا النوع من التفكير اشبه ببركة عفنة تغرق صاحبها في وحل عطن بينما يطلق الاناشيد الحماسية اثناء الغرق.


سنتعرض هنا لموقف دعاة المقاطعة ونقيس حججهم على ضوء شروط الواقع وما توفر لدينا من خبرات سياسية قدمتها تجارب الشعوب في مواقف مشابهة، وكذلك ما يجب استخدامه من مفاهيم سياسية ونظرية، هذا الاختيار بسبب ان دعاة المقاطعة بينهم ثوريين فعلا يجب مناقشتهم، كما ان قدر او اخر من الجمهور او المناضلين قد يتأثر بوجهات النظر هذه.
==========
اولا – المقاطعة لماذا؟
يسوق دعاة المقاطعة الاسباب التالية.
1 – لسنا امام نظام مدني ديموقراطي، نحن بصدد حكم عسكري ديكتاتوري، هذا الحكم يفقد شعبيته وشرعيته، والمشاركة ستنقذه من الانهيار وتعطيه الشرعية التي يفتقدها، سنسبغ شرعية على النظام العسكري، بينما المقاطعة ستعريه وستفقده الشرعية او تنزعها عنه، الموقف الثوري الصحيح هو – لا انتخابات تحت حكم العسكر.
هذه على سبيل المثال فقرة كتبها أحد دعاة المقاطعة (ان الهدف السياسي للانتخابات هو الشرعية وغاية النظام منه هو اجبار الشعب على السير في المسار الشرعي وغلق أسي تغييرات ثورية قد تنتجها الاوضاع الغير قابلة للحل. ان الدخول في الانتخابات يعنى اختيار العمل تحت مظلة الدولة وفقا للمسار الشرعي الذي تحدده، مما ينتج عنه ان لا يمس وجود النظام وان لا يكون اسقاطه مطروحاً .... ان الدخول في الانتخابات يعنى الموافقة على نظام الدولة الاقتصادي وعلى اجهزتها القمعية والبيروقراطية الفاسدة.. .)


2 – يجب دعوة الجماهير الى المقاطعة والى الثورة على النظام، فالجماهير غاضبة وتعاني من ارتفاع الاسعار الفادح والأزمة الاقتصادية بوجه عام، بمشاركتنا نعطل امكانية الثورة على النظام لنحل محلها فكرة اصلاحية هي الانتخابات، يجب ان ندعو الي الثورة وليس الى الانتخابات
. تلك فقرة اخري من دعاوى المقاطعة
- ان من لا يرى العمق الذي وصل اليه التناقض بين الجماهير والحكم من تضارب المصالح ولا يعمل على تعميق هذا التناقض وشرح اسبابه وطرق الخلاص منه للجماهير هو خادم للنظام بامتياز، مساوم لا مقاوم، يعتقد ان الثورات تحسم على الطاولات لا في الميادين، بالحيلة لا بالنضال. -

3 - الانتخابات لن تكون ديموقراطية، وسيتم تزويرها، ولا امل لدينا في الفوز، لا توجد ضمانات شفافية او نزاهة، سنخسر ويربح النظام، بالمشاركة نصور نجاحه على انه تم ديموقراطيا ونساعده.

فقرة اخري للمقاطعة (ان اسوء ما ستفعله حملة خالد على هي انها ستقدم البديل ممثلاً في شخص، لا في وثيقة شعبية تاريخية واباء مؤسسيين يعملون على صياغة المبادئ والحقوق التاريخية للشعب في مؤسسات تحققها في الواقع وتسهر على صيانة سيرها والعمل الدائم على ان لا تنطفئ جذوتها في الارواح والنفوس ....
انها ستقدم وسيلة مائعه للنضال تتجاهل الحقائق التي علمتها لنا التجربة المرة والوقائع وتقطع الطريق على الاتجاه الصحيح لنيل الحقوق..).

في اعتقادنا تلك هي اهم النقاط التي يتركز عليها الداعين الى المقاطعة.

علينا اولا ان نميز بين الظروف التاريخية التي مرت بها انتخابات 2014 التي اعادت العسكريين الى السلطة، والظروف الراهنة.
قبل 2014 كان هناك تناقضات مركبة ومتداخلة.. الشعب الذي عانى من حكم الاخوان والمتخوف بشدة من حالة فرض حكم ديني التي كان يمهد لها الاخوان ، والاخوان الذين لم يتورعوا عن التحالف مع العسكريين ضد الشعب وضد الثورة ، ثم تنامت تطلعاتهم الى الهيمنة والى السيطرة على كل مفاصل الدولة وزرع رجالهم في الادارة والاقتصاد وباقي القطاعات ، والعسكريين الذين تحالفوا – على مضض – مع الاخوان ، ثم خططوا للتخلص منهم سريعا بعد ان ظهر ميل الاخوان لإحكام سيطرتهم المطلقة ، وفي خلفية كل هذا كانت الجماهير لا زالت في حالة حيوية ثورية وزخم نضالاتها يتجلى في حشود ضخمة وفى احتلال الميادين وفى الموجات الاضرابية التي لم تكن خبت بعد .
هكذا انطلقت موجات الاحتجاج القوية المتلاحقة ضد سلطة الاخوان وضد حليفها العسكري، كان الشعار هو لا اخوان ولا عسكر، ومع تطور تلك النضالات الى نقاط حرجة في المواجهة بدل العسكريون تكتيكهم، وقفوا ضد ديكتاتورية الاخوان التي صارت هشة تحت ضغط الاحتجاجات الجماهيرية، ثم قاموا بانقلاب على سلطة الاخوان مستغلين الغضب الشعبي منهم، هكذا تقدموا كمخلصين للشعب وليس كخصوم له.
تحول العسكريون بعد ذلك الى استخدام القوة والردع بحجة انهم يحافظون على الثورة من الاخوان وعلى الدولة من مؤامرات الاخوان والارهاب، وحولوا كل معارض الى أخواني او الى أخواني محتمل، نجح العسكريون في خداع الجماهير وتقدم السيسي كبطل مخلص الى مسرح الاحداث، انزاحت التناقضات مع الفلول الى خلفية المشهد، وتقدم الليبراليون والاصلاحيون للتحالف مع العسكريون وتمهيد الارض لحكمهم. اختتمت الموجة الثورية الاخيرة بصعود (رجل المرحلة) الذي كان واضحا ان نجاحه في الانتخابات امر مفروغ منه، بعد ان شارك العديدون في تمهيد الارض له.
كان شعار المقاطعة وقتها خطأ اكيد، ليس بسبب ان السيسي كان سينجح، ولكن بسبب انها اخلت الارض أكثر فأكثر للديكتاتورية العسكرية التي حلت محل الاخوان. الا ان المنافس للسيسي لم يكن خصما جديا بل كان أحد داعميه من خلال جبهة الانقاذ، ولم يجرؤ على القيام بتحدي حقيقي لنظامه، والى حد كبير كان ترشيحا ديكوريا وليس جديا.

ما بين 2014 و2017 جرت مياه – عفنة – كثيرة، الموجات الثورية انطفأت تماما، ترافق ذلك مع تأييد جارف للحكم العسكري، اخذ يخفت لاحقا بفعل السياسية الاقتصادية للنظام، احكام السلطة قبضتها وفرض ديكتاتوريها، غرق اغلب قوى الثورة في موجات يأس او هجرة او عزوف سياسي، تقلصت الجماعات والمنظمات السياسية الى أدني درجة.
ومن ثم يعد امرا مضحكا – ربما سخيفا – ان ينطلق دعاة المقاطعة من اجواء المرحلة الاولى للنضال الجماهيري – سنوات 11 الى 14 – وكأن سنوات حقبة التراجع والهزيمة امتدادا لها، سيطيحون بالنظام هكذا ببساطة ان لم نشارك في الانتخابات، تقريبا بواسطة القوة السحرية للشعارات، وليس بواسطة قوة الجماهير التي لا تزال في حالة تراجع وانكماش.

انهم كمن قدموا لزيارة مصر من كوكب خارجي ومن ثم لا يلمسون او يفهمون ماجري من تحولات وانقطاع عنيف في مسار الثورة، وما صاحب ذلك من تراجع سياسي وجماهيري. ليس لديهم أدني فكرة عن كل ذلك، ومن ثم يطرحون فورا شعارات لا معنى لها على الاطلاق الا في ظروف انتفاضات جماهيرية وليس حتى نضالات عادية.

لا وجه على الاطلاق للمقارنة بين سنوات من 2011 الى بدايات 2014 وسنوات من 2014 الى 2017. من حقبة النضال الجماهيري الواسع والمكشوف والحشود المليونية والاضرابات المتتالية والواسعة، وحقبة التراجعات والعزوف واحكام سيطرة النظام.
يشير لينين الى ظروف مشابهة في 1905 حيث قاطع البلاشفة الانتخابات البرلمانية في وقت صعود الثورة، ثم هزيمة ثورة 1905 التي حتمت التراجع الى – المشاركة –.
في أي ظروف نجاح مقاطعة.... (أن شروط نجاح مقاطعة 1905 تمثلت في اندفاع ثوري واسع جدا وعام، قوي وسريع. علينا الآن أن نبحث، في المقام الأول، عن علاقة الاندفاع الثوري القوي للغاية. بالمقاطعة، وفي المقام الثاني، السمات الخاصة والعلامات المميزة لاندفاع ثوري قوي للغاية.
يستدعي نجاح المقاطعة إذن نضالا مباشرا ضد النظام القديم وانتفاضات وعصيانا جماهيريا في حالات عديدة (ويعد هكذا عصيان جماهيري أحد الشروط المهيئة للانتفاضة). إن المقاطعة هي رفض الاعتراف بالنظام القديم، ليس بالأقوال بل بالأفعال طبعا، بعني رفض لا يتجلى فقط في نداءات وشعارات المنظمات، بل في حركة للجماهير الشعبية تخرق منهجيا النظام القديم وتخلق مؤسسات جديدة غير شرعية لكنها ذات وجود فعلي، الخ. بديهية إذن علاقة المقاطعة بالزخم الثوري الواسع: المقاطعة هي وسيلة النضال الأكثر حسما ليس ضد أشكال مؤسسة معينة ذده. فبدون زخم ثوري واسع وبدون هيجان جماهيري يتجاوز كل الشرعية القديمة، لا مجال لأي نجاح للمقاطعة.
ان لينين يقدم للثوريين درسا بالغ الاهمية ، وعلى ضوء تجربة ثورة ضخمة ، وحزب ثوري من اشهر الاحزاب الثورية واكثرها عمقا وخبرة ، في رد على دعاوى المقاطعة ، لا معنى للمقاطعة الا ان كنت في حالة هجوم ثوري ، والمقاطعة ليس استنكافا او انفعالا ، بل لها وظائف معينة ، ان تمنع السلطة او احد مؤسساتها من التصرف او الادارة ، وان تكون قادرا على بناء بديل قاعدي حائز على ثقة الكتلة الاكبر من الجماهير ومستند لها في الوقت ذاته ، ذلك ما يطلق عليه ( المقاطعة الايجابية ) وهى متصورة فقط في حالات مد كبري ، انتفاضات او عصيان مدنى ، وضع ثوري حاشد لكتل ضخمة من الجماهير في حالة هجوم ، او حتى دفاع حاشد ايجابي وثوري .
ان كل من يدعو لمقاطعة في اوقات التراجع السياسي والجذر وانكماش الجماهير، في اوقات الثورات المضادة والهجوم الرجعى، انما يدعو ببساطة لتأبيد هذا الوضع، او في أحسن الاحوال يراهن على معجزة من خارج النضال السياسي والاشتباك مع الجماهير في حالات تقدمها وتراجعها، ان يدعو الى السكون وليس الحركة، الى الشعار الفخم الاجوف وليس التحليل الموضوعي للظروف الراهنة، يستطيع عن الضعف الفعلي بالشعارات الرنانة. بدون نشاط جماهيري قوى لا توجد أي قيمة او إثر ايجابي للمقاطعة.
لا انتخابات تحت حكم العسكر
هذا الشعار السطحي يتعالى فعليا على شروط الصراع الفعلية ، فالانتخابات ليست سوى صورة من صور الصراع السياسي ، بين ممثلي القوى الطبقية المختلفة ، صحيح انه صراع على ارضية النظام القائم ، سواء عسكري او مدنى او أيا كانت صورته ، لكنه اوسع مسرح دعاية ونضال أيد لوجى بين الطبقات والشرائح الاجتماعية ، اوسع فرصة لشن حملات تشهير على المستوى القومي ، اكبر مسرح دعاية سياسية يصعد فيها ممثلي التيارات المختلفة الى الخشبة متحدثا الى الجماهير عارضا رؤي ومفاهيم بهدف جذب الجماهير اليها ، الاف المؤتمرات الشعبية في كل الاحياء والقري ، فرصة توزيع عشرات الالاف من المنشورات الدعائية بين الجماهير ، اتصال مباشر بكتل متنوعة من الجماهير في اجواء استثنائية .
لا يتفوق على حالة الانتخابات وفرصها الا حالة الثورة او العصيان العام.
في الافلام فقط يستطيع المخرج صنع اجواء الصراع التي يريدها، يكفي ان يطلب من السيناريست كتابة النص الملائم، ثم يتحكم بها في كل تفاصيل المشهد.
اما في الواقع لا تتاح تلك الرفاهية، تلك النكتة التي تنتظر نظام مدني وديموقراطي اولا ثم تناضل سياسيا في كنفه بعد ذلك، هذا اختلال جسيم في التفكير وبعيد كليا عن أي منطق سياسي، هل سوف يشعر العسكر بالحرج مثلا فيتركون الحكم لتشارك انت في الانتخابات، ام ان الدول الامبريالية ستترك مصالحها المشتركة مع عسكريون يوفرون لها اجل الخدمات وتضغط عليهم ليتنحوا ويحل محلهم نظام ديموقراطي مدني، هنا الوردة، فلترقص هنا. هكذا صرخ ماركس مشيرا الى.. اننا نحاول تغيير الواقع في ظل شروطه المعطاة سلفا، وليس وفق شروط نختارها في اذهاننا.
الانتخابات تعطى العسكريين شرعية.
بعد حوالي 4 سنوات من فرض النظام لقوانينه وبسط سلطته، تأسيسيا على شعبية جارفة في لحظات صعوده، وقدرته على كسب اعتراف المحيط الدولي بشرقه وغربه، وصعوده عن طريق انتخابات عامة، يتحدث اصدقائنا عن نظام يفتقر الى الشرعية، وانه يرغب في اجراء الانتخابات للحصول على الشرعية، وإذا دخلنا نحن تحديدا فيها سنقدم له تلك الشرعية.
بداية لا توجد أي قيمة للشرعية المستندة الى الدستور أو القوانين ، الشرعية الفعلية هي التي تستند الى القدرة على فرض سيادتك وحمايتها ولو بالقوة ، النازية والفاشية كانتا نظم حكم شرعية رغم بربيتها الوحشية ، الانقلابات العسكرية على مدى عقود في دول افريقيا وامريكا اللاتينية استطاعت دائما فرض شرعيتها – المخالفة تماما للشرعية القانونية ، حتى الاحتلال العسكري ما ان يفرض ارادته حتى يتحول الى واقع شرعي معترف به دوليا وقادر على السيطرة محليا ، النضال العمالي والديموقراطي في اوقاته صعوده كان يستطيع بسهولة ان يدوس علي القوانين الرجعية وعلى حظر الاضرابات والتظاهرات التي يفرضها النظام .
هذا من جهة ، ومن جهة اخري فالذي يستطيع ان يسبب حرجا سياسيا للنظام ليس مجموعات صغيرة وضعيفة من المثقفين المعزولين جماهيريا ، ولكن احزاب جماهيرية كبيرة تضم عشرات الالاف في عضويتها ، ولها انصار ومؤيدين بأعداد ضخمة ، تستطيع بنفوذها الجماهيري ان تؤثر في موقف ملايين من الشعب ، وان تؤثر في مجري الاحداث السياسية ، ومن ثم لن يكون لمقاطعتنا أي قيمة عملية ، والادهى انه لن يشعر احدا به، انها نزعة تطهريه ليس اكثر ، فانت لا تملك خطة بديلة لها معنى ، ولا تقدم اسبابا وجيهة لدعوتك ، وتتحدث كأن ثورة مضادة لم تبسط سيطرتها ، او ان الجماهير على وشك احتلال الوزارات ، ومن ثم ستمنع المشاركة تلك المسيرة الثورية من التقدم .
على العكس تماما يمكن ان تقدم تلك المشاركة فرصة هامة للثوريين لتأكيد شرعية المعارضة ، لكسب تعاطف الجماهير معها ، فالمعارضة صارت موصومة بتهمة كونها من الاخوان او الارهابيين بدرجة ما ، اختلطت فعلا الاوراق لفترة من الوقت في السنوات الماضية ، وبصعوبة يبدأ فك الاشتباك والخلط بين معارضة اليسار والديموقراطيين ، ومعارضة الاخوان او المتعاطفين معهم ، ان تضع قدما وراية تميزك وتلتف حولها جماهير الاحياء الشعبية والقري او المحافظات ، ما يمكن كسبه عبر الدعاية في عدة سنوات خلال تلك الظروف ، يمكن كسبه خلال شهور الانتخابات الاستثنائية ، لا يهم النظام نقاشات الشرعية بل يهمه القدرة على فرض سيطرته ، تلك هي الشرعية الفعلية ، شرعية المنتصر ، وبإغلاق المجال العام يحكم سيطرته ، ان الانتخابات تخل – بسبب طبيعتها الجماهيرية – بتلك السيطرة الكلية ، تفتح لوهلة المجال السياسي وحرية الدعاية بقدر ما ، تلك هي الفرصة الممكنة للتشكيك في صلاحية النظام ، كشف جرائمه في حق الشعب ... الخ .

الانتخابات لن تكون ديموقراطية، ستزور، لن نفوز، لا يوجد ضمانات
==========
على نقيض الفكرة الثورية التي تقرر ان الحرية تنتزع ولا توهب، وان الجماهير هي التي تفرض – تنتزع – الديموقراطية عبر نضالها، يصرخ اصحاب دعوة المقاطعة لان النظام لن يكون ديموقراطيا. لم يكن السادات ديموقراطيا ، ولا مبارك ، ولا المجلس العسكري بالقطع ، ومع ذلك جرت انتخابات شارك فيها الملايين ، ونجح احيانا ممثلو المعارضة مما كان يضطر النظام لحل البرلمان للتخلص منهم ، حتى في امريكا لا توجد انتخابات ديموقراطية ، تتحكم الشركات الكبرى في مسارها كليا ، إن الديموقراطية معركة وليست نصا نظريا او مادة في متن قانون ، وليست منحة من حاكم ، ان تشترط ان يكون النظام ديموقراطيا هو فعلا نكتة وليس فكرة ، ان تطالب النظام بضمانات هو ايضا امر مدهش ، أي ضمانات ، ولماذا وانت على هذا القدر من الضعف والعزلة تتوقع بأي درجة ان تفرض عليه ان يقدم ضمانات ، ان العائلات الغنية تتحكم بدرجة كبيرة في اتجاه التصويت في الريف ، والريف هو الكتلة الاكبر من الناخبين ، والاعلام لا يتمتع بأي قدر من الحياد ، انه في اغلبه اما اعلام السلطة او اعلام كبار الرأسماليين ، وبغض النظر عن جميع الضمانات الممكن تصورها تستطيع الشرطة التدخل دائما بذريعة او اخري ، ولا يوجد قوى سياسية كبيرة منظمة تستطيع ان تفرض المساومة على النظام . الشروط ديموقراطية. الانتخابات بالقطع لن تكون ديموقراطية ، وأي ضمانات هي وهم صرف فلا شرف في لعبة الصراع على الحكم ، وكل شيء مشروع فيها ، هي معركة وليست مفاوضة ، ان اردت كسب ارض مجددا ، عرض دعايتك ، ضم قدر او اخر من الجماهير الى صفوفك ، احداث صدع في حائط الاستبداد ، عليك خوضها ، او استمر في طهرانية لا قيمة لها تريحك من عبئ خوض تلك المعركة ... لن تكون ديموقراطية .طبعا، ، لا ضمانات .. لا معنى لأى ضمانات في الصراع على السلطة اصلا .
تلك الفقرة نسوقها للترويح والطرفة - (ان اسوء ما ستفعله حملة خالد على هي انها ستقدم البديل ممثلاً في شخص، لا في وثيقة شعبية تاريخية واباء مؤسسيين يعملون على صياغة المبادئ والحقوق التاريخية للشعب في مؤسسات تحققها في الواقع وتسهر على صيانة سيرها والعمل الدائم على ان لا تنطفئ جذوتها في الارواح والنفوس ....
.) .
اعتذر عن عجزي عن الفهم، اليس المرشح في كل انتخابات الرئاسة، تحت أي نظام، فرد، ام ان هناك تجارب شهدت ترشح جماعي لهذا المنصب.؟
وما معنى ان يكون البديل الثوري للمشاركة هو " وثيقة شعبية تاريخية “، هل المقصود مثلا وثيقة بها تسجيل موقف للتاريخ، ان يقوم المقاطعون بتقديم ورقة للتاريخ بدلا عن الاشتراك في المعركة السياسية الوشيكة، ومن هم.. " الاباء المؤسسين “؟؟؟ وماذا اسسوا بالتحديد. لن نستغرق في نقاشها فقد كانت طرفة.
يبقي امر هام.. على الجانب المقابل ثمة اوهام ضخمة لدى قطاع كبير من القائلين بضرورة المشاركة، هذا الرهان ليس فقط على الفوز، ولكن ايضا على امكانية ان تكون وسيلة لتغيير واسع، اعادة العسكر للثكنات وفرض الديموقراطية واستعادة الجزر والغاء كامب ديفيد واستعادة المصانع الخ.
كأننا لم نتعلم شيئا من درس الصراع بين الرئيس الإخواني والدولة ورجال الاعمال وجنرالات الجيش ، ان مركز القوة الحقيقة ليس مقعد الرئاسة ، بل في القوة العسكرية والقوة المالية ، طالما ظلت الشركات والبنوك بيد رأسمالين متحالفين بصور عديدة مع العسكريين ، لن يتمكن أي رئيس إصلاحي من احداث تغيرات ذات شأن ، يمكن ذلك فقط في حالتين ... ان يستند فورا الى قوة شعبية كبيرة بتحقيق اصلاحات هامة لصالحها ، وان يشل يد الرأسماليين الكبار بنزع ملكياتهم واحداث سيطرة فورية على الجهاز المالي برمته مع اغلاق البورصة وكافة وسائل تهريب الاموال . باختصار ان يشرع في شن هجوم طبقي يسانده الجماهير.
اليكم درس شافيز في فنزويلا ...
تمكن شافيز من الوصول إلى السلطة سنة 1999 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي نظمت سنة 1998، وأعيد انتخابه سنة 2000 لولاية من ستة سنوات.
جاء شافيز إلى السلطة ببرنامج يتضمن إصلاحات جذرية، لكنه تصور انه يمكن ان يحقق تلك الاصلاحات دون صدام مع الرأسماليين، كان يتصور ان هناك ما يسمى ب (الطريق الثالث) الاشتراكي الديموقراطي، الذي يحقق مطالب الجماهير دون ان يصطدم بالرأسماليين او بالنظام الرأسمالي، ودون مساس برأس المال الكبير والبنوك والمؤسسات المالية.
ما حدث بالفعل هو ان كبار الرأسماليين والشركات الكبرى شنوا حملة تخريب مخطط للاقتصاد، جندوا الاعلام والمنظمات المدنية والشرطة وكل ما في أيديهم من ثروات ووسائل للإطاحة بنظام شافيز وحكومته، قام جنرالات الجيش بالتحالف مع هؤلاء.
سنة 2002 تم تنظيم انقلاب عسكري ضد شافيز واستولي العسكريون على السلطة. لكن لم يتاح لهم الوقت الكافي لتحويل فنزويلا الى شيلي اخري واغراقها في بحار من الدم، فالعمال الذين دعموا شافيز واعتبروه نظاما مقبولا بادروا هم وفقراء المدن والريف للخروج في احتجاج يقارب ثورة من حيث الحجم والتصميم، وفى تحدى شعبي مكشوف للانقلاب العسكري الذي بات معزولا ومحاصرا رغم الدعم الأمريكي والبرجوازي المحلى، واطاحوا بالانقلاب واعادوا شافيز الى الحكم.
شافيز لم يستوعب الدرس، لم يقم بتسليح الجماهير او مصادرة املاك كبار الملاك او السيطرة على المؤسسات المالية، فلجأ الرأسماليون الى استخدام البزنس والشركات فيما سمي اضراب البزنس، إبطاء الانتاج، اغلاق المصانع، اخفاء السلع، تهريب رؤوس الاموال، تنظيم مجموعات تخريب أقرب الى ميلشيات مستأجرة، هذا غير حملات اعلامية واسعة تحمل شافيز المسئولية عن الخراب وتتهم حكومته ... الخ.
هكذا انتهت تجربة شافيز على يد راس المال الكبير والمؤسسات المالية لتعود فنزويلا مجددا الى الاوضاع المأساوية السابقة وتحكم الاحتكارات الدولية.
خالد على لا اظن انه يضع لمثل هذا اجراءات مضادة ضمن اعتباره، هو يفكر في اصلاحات محدودة نسبيا، وربما يحتاج ان يطمئن رأس المال الكبير، وقد تتكرر المأساة بصورة او اخري ان لم تنقل الكرة فورا الى ملعب الجماهير، وتسدد اهداف سريعة وقوية في مرمى الرأسماليين.
لذلك لا يجب الاستغراق في بناء اوهام ضخمة حول النجاح وما يمكن ان يحققه ، لكن خوض هذه المعركة هام جدا في تلك الظروف ، وحتى لو نجح سيكون ذلك هاما ايضا ومفيدا لبعض الوقت ، وتتوقف النتائج النهائية على ما سيحدث فعلا ، فنجاحه سيكون بداية لمعركة اشد قسوة وضراوة ضد تحالف رأس المال وبيروقراطية الدولة والجهاز العسكري ، حتى الان تقول التجربة التاريخية ان الوصول الى السلطة عبر انتخابات هو تجربة محفوفة بالمخاطر ، يمكن بسهولة ان يضحى فيها المرشح المعارض برأسه ، ومالم تنحرف يسارا وبقوة ستتعرض لهزيمة دامية ، وهو امر سيتطلب حينها تجاوز حدود النظام الرأسمالي .
في الأخير – لم تترك لنا التجارب الثورية – مثل القوميون او الثورة الروسية، تراثا في الانتخابات الرئاسية، فقد كان هناك ملك وهناك قيصر، ولم تكن الرئاسة مطروحة للانتخاب اساسا، ومن ثم كان على الثوريين ان يبدعوا في تجربة هذا الطريق دون افراط في المراهنة على نتائجه، ودون تصور انه قد يختصر طريق الثورة او يحل محلها، ان منصب الرئيس هو كل من منصب تمثيلي ومنصب اداري معا.. وحتى لا اطيل أكثر من ذلك قد يكون هناك كتابة اخري حول تلك النقطة.
بقيت مسألة اخيرة تقال.. إن المشاركة ليست مبدأ عند الثوريين يلتزمون به في كل الاحوال، والمقاطعة ايضا نفس الشيء، يمكن الدفاع عن المشاركة اليوم، والهجوم عليها بشدة غدا، كل ذلك يتوقف على الظروف المعطاة وليس على فكرة " ثورية " مجردة او مبدأ " مكتبي " لا يجوز التنازل عنه، انها مجرد وسيلة من وسائل النضال السياسي، ان نلجأ اليها أو لا، أمر يتوقف تقريره على مجمل ظروف الوضع السياسي وحالة الصراع الاجتماعي وموازين القوى الطبقية.. الخ.
يمكن ان تكون المقاطعة، في اوقات التراجع وانعدام او ضعف السبل الأخرى للدعاية والحركة بين الجماهير، بمثابة جريمة يرتكبها أحمق يعتقد انه هكذا ثوري، وايضا لو شرعت الجماهير المنتفضة في بناء مؤسساتها من أسفل وقت الانتفاضات، ستكون جريمة لو قبلنا مشاركة نظام صار ضعيفا ومعزولا امام قوة الجماهير في انتخابات يلتقط انفاسه فيها.
إن البلاشفة الذين بح صوتهم في الدعوة الى جمعية تأسيسية، قاموا بأنفسهم بحل الجمعية التأسيسية، عندما صارت كل السلطة فعلا في يد السوفيتات، كل شيء يتوقف تقريره على الظروف الفعلية، وليس على مبادئ او شعارات مجردة.



#احمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام لم يحرر العبيد - المسلمون تاجروا فى العبيد .
- يا فلسطينية نعتذر - مابدنا نسافر حداكوا
- لم يزدنى البحر الا عطشا
- فانتازيا مصر الصبح والحرية
- لحن الثورة الجماهيرية الخالد .... توصيات
- الضرب في اتجاهين معا
- ملاحظات نقدية حول رفيق اشتراكي
- وماذا تريد التفكيكية . ؟
- التفكيكية والثورة المصرية .. نقد مقدمة محمد نعيم –أو – نقد أ ...
- في العلة القدرية ، والعلة المادية
- نقاط عن المثلية والجنس ..
- الإمام على
- قاعة خالية
- أمهات المؤمنين - بين البشرية والعصمة
- لا لتلك الدعوة المزرية الي الوحدة
- الإسلام وإشكالية تحرير العبيد
- محنة العقل الدينى
- معالم ومنعطفات الثورة المصرية - الجزء الاخير ورابط تحميل الك ...
- كيف نري تجربة الشاعر عبد الرحمن الابنودي
- معالم ومنعطفات الثورة المصرية من 2011 إلى 2014 - الجزء الثال ...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسن - الانتخابات الرئاسية – مشاركة أم مقاطعة.