انتصار ديمقراطية بوش ورامسفيلد في العراق

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

الحوار المتمدن-العدد: 1477 - 2006 / 3 / 2 - 10:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

حقا انتصرت الديمقراطية في العراق .. الديمقراطية التي يراها بوش ورامسفيلد ، تليق بجماهير العراق والشرق الأوسط. فبفضل هذه الديمقراطية أصبحنا نعيش حكومات الإسلاميين والقوميين والطائفيين الذين أمسوا يتحكمون برقاب بنات وأبناء بلاد الرافدين. و بفضل ديمقراطية أمريكا ، الديمقراطية التي لا نستحق سواها ، والتعديية الحزبية والعشائرية ثمة جمهورية طالبان ظلامية ، شيعية سنية ، و فرقية أخرى ، في حالة تشكّل و أخذ الزمام.
لقد اعترف أحد أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي المعارض بأن أمريكا لا تحارب الإرهاب ، بل أنها تستند إلى الإرهاب في تواجدها العسكري في العراق. وقال إن 93% من العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال يقوم بها عراقيون.

لكن ثمة أناس ، مثل رامسفيلد و المرتبطين بقوات الاحتلال يدّعون أن العراق بعد الاحتلال قد ازدهر و نقدم اقتصاديا واجتماعيا ، وأن كثيرا من العراقيين أصبحوا يمتلكون قنوات فضائية عالمية ، وأجهزة الهاتف النقال. لكن المحتلين و مرتزقتهم لا يوضحون لمصلحة من من العراقيين هذا " الازدهار والتقدم" ؟؟ أي ّ العراقيين أصبحوا يحظون بهذه الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية ؟؟

فكل العالم يشهد على أنه لا يمر يوم بدون أن تقتل المتفجرات و القنابل والصواريخ عشرات العراقيات والعراقيين " ضحايا الازدهار الاقتصادي والاجتماعي " !!! و أن الأسرى في السجون يتعرضون إلى أقسى أنواع التعذيب و الإهانات و الإذلال و القتل. وأن الفقر والبؤس و مختلف الرذائل الاجتماعية يمزق المجتمع العراقي. والموت ، و تمزق الجثث البريئة و السلب و النهب ، ناطحات السحاب من الأزبال والنفايات ، وانعدام أبسط الخدمات ووسائل العيش بات سيد الموقف .

وأنه ليس بغريب أن تقوم وسائل الإعلام الإمبريالي و الرجعي بتشويه الحقائق ، وجعلها تقوم مقلوبة ، وسافلها عاليها ، و تكبير الأرنب إلى نمر ، و جعل الأسد ذبابة .
بركات الاحتلال اقتصرت لحد اليوم على اشتداد قوة الإسلام السياسي ، وتسلح العصابات الطائفية والقومية الرجعية. وإن بوش والإدارة الأمريكية وعد بإقامة الديمقراطية ونظام تعددي في العراق والشرق الأوسط ، أجل ، وعد بإقامة جنة الديمقراطية في العراق، وقد أوفى بوعده !!!

كيف ؟؟ لنكن منصفين ! إنها الديمقراطية والتعددية التي يرونها تليق بنا !!
ألم يكن في إمكانية أمريكا وبريطانيا بعد احتلال العراق إقامة نظام عصري حقيقي يليق بالبشر في العراق؟ إنني أجاوب بالإيجاب . و كان يمكن ترخيص تأسيس أحزاب عراقية وطنية لبرالية أهدافها إقامة مجتمع عصري متمدن . ولم ثمة ما يمنع من إقامة نظام لبرالي تعددي ديمقراطي عصري على أنقاض النظام البعثي الشمولي ، ونظامه الحزبي الواحد.

بدلا من ذلك قام الاحتلال بتوجيهات من الحاكم الأمريكي بريمر بالاعتراف بالعصابات المسلحة باسم الطوائف والقوميات والمذاهب والعشائر وتحت شعار الفدرالية والتعددية السياسية لممارسة سلطاتها الرجعية الاستبدادية على جماهير الشعب العراقي.
فالديمقراطية الأمريكية المرادة لأهل العراق لا تضمن الحريات والكرامة للإنسان ، فأمام مرأى ومسمع العالم و في مقدمتهم عرّابو الديمقراطية من إدارة بوش يصدر حكم بالسجن بثلاثين عاما بحق كاتب بسبب مقالتين . وتقمع مظاهرات تطالب بأبسط الخدمات التي من واجب أية حكومة توفيرها للمواطنين .
فالديمقراطية والتعددية السياسية لا تعنيان عند القوى الإمبريالية المحتلة وأذنابهم سوى بث الفرقة والشقاق بين المواطنين و تقسيمهم على أسس قومية وطائفية ومذهبية وعشائرية ، وتجريد المواطن من مواطنيته وحقه في المساواة في الحقوق والواجبات .
هكذا تحققت الديمقراطية في العراق و التعددية في حرب أهلية ، و اقتتال الجماعات في سبيل السلطات والنفوذ والأموال ، و ضحاياها الناس الأبرياء .

فكرة الفدرالية و التعددية العشائرية المتخلفة لم تفرضها القيادات الطائفية و القومية والمذهبية على المحتلين ، بل إنها كانت برنامج المحتلين العسكري لمستقبل العراق مصاغا من قبل المندوب السامي بعد الاحتلال بريم ، و لم تعد القوات المحتلة تحمي العصابات المسلحة في العراق ، بل أمست بالعكس ، هذه العصابات هي التي تدافع عن الاحتلال ، و تريد إطالة حضوره في العراق ، و أصبحت لها ذراعا ويدا ضاربة ، مثلما هي بعضها ذراع النظام الإيراني المسلح في العراق و المنطقة عموما.
وعجيب أن لا تكون هذه الوصفة الديمقراطية و التعددية السياسية الخاصة بالعراق والشرق الأوسط موضوع نقاش واسع عالميا ، و ثمة مبررات لذلك على أنها حالة طارئة اقتضتها ظروف الاحتلال و الحرب على الإرهاب.
لكن لرامسفيلد وبوش و ووكلائهم المتسلطين كامل الحق في الرقص و الاحتفال لنجاح ديمقراطيتهم في العراق وخاصة في كردستان . لقد ازدهرت أسواق الأسهم في أمريكا ، واغتنى المرتزقة وكلاء الشركات الغربية ، بفضل ازدهار أسواق القنوات الفضائية و الهواتف الجوالة في العراق وأفغانستان . لكن هدية المحتلين ووكلائهم للشعب العراقي ليست سوى الموت و الفقر والإرهاب و المرض وانعدام الخدمات الإنسانية .

#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات