أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناصر - انهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية















المزيد.....



انهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية


ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 410 - 2003 / 2 / 27 - 04:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



قضايا سودانية
أوراق حوار غير دورية
العدد
الرابع والعشرون
اكتوبر 2000
----------------------------------------------


3-انهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية
بقلم ناصر
"اللي ظمرناه، لله"؟! هكذا فاجأني أحد قادة الحزب الشيوعي بينما كنا نتمشى سوياً في سجن شالا عام 1990م. وهو بهذا كان يعبر عن الحيرة التي أصابت جميع الناس، شيوعيين وغير شيوعيين، عندما تراخت قبضة الحزب الشيوعي السوفيتي (الحديدية) على السلطة وانهار النظام بسهولة لم تخطر على بال بشر وانهارت من بعده حكومات المنظومة الاشتراكية الواحدة تلو الأخرى وتساقطت كأوراق الخريف. كان سؤال رفيق السجن يعني، في ما يعني، هل كل ما فعلناه خلال العقود الخمسة الماضية وما ظلت عليه قناعاتنا بأن المجتمع الاشتراكي (الشيوعي) هو آخر حلقات تطور المجتمع البشري، وأنه لا محالة فائز في المنافسة مع الدول الرأسمالية التي تمر بأزمة شاملة .. هل كل نضالاتنا وقناعاتنا تلك راحت هباء؟ هل كنا كمن يحرث في البحر؟!1
كان انهيار النظم الاشتراكية في دول شرق أوربا، دون أدنى شك، هو أهم أحداث العهد الأخير من القرن العشرين، تماماً كما كانت الثورة في روسيا أهم أحداث بداياته. وقد تباينت الآراء حول تفسير الحدث واختلفت بالتالي المواقف تجاه مدلولاته. وللخروج من هذا المأزق طرح عديد من المحللين: النظرية والمنهج أم التطبيق والممارسة؟ وهذا طرح في ما نرى، عقيم لأنه يفترض التطابق المطلق بين الفكر والممارسة، ولكن الواقع غير ذلك. إذ أن الفكر يأخذ طريقه للتطبيق في إطار تاريخي معين ويتأثر بعوامل وخصائص المجتمع المعني، وإن ما حدث لا يعدو أن يكون انصرافاً عن المبدأ الصائب. ولكننا نرى أن هذه المحاولة للفصل بين الميدان النظري والميدان العملي توجه غير علمي لأنه في الحالة الأولى يدين الفكر إدانة مطلقة ويعلن نهايته، وبالتالي الانتصار النهائي للفكر المقابل له، ويعلن نهاية التاريخ، وإن ما حدث بين عامي 1917 – 1989 ما هو إلا حادث عرضي عادت بزواله البشرية إلى نظامها "الطبيعي" وإلى الأبد.
وقد حصر البعض الآخر نفسه في أخطاء وانحرافات الممارسة ويحملون قادة الدولة السوفيتية الوزر كله في محاولة لتبرئة النظرية، بل ومضى البعض إلى حد اتهام قورباتشوف بالعمالة للمخابرات الأمريكية التي أسندت له مهمة تصفية النظام الاشتراكي. كأنما لو أفلحت المخابرات السوفيتية في استمالة الرئيس الأمريكي لإنهار النظام الرأسمالي هناك!
هذه وغيرها تصورات متسرعة، عيبها أنها تتعامل مع الحدث على أنه الوضع النهائي الدائم، يغلق بعده باب الإبداع الفكري الضروري للنفاذ إلى مغزاه الحقيقي والإمساك بقوانين الظاهرة الجديدة، ومن ثم صياغة رؤى نظرية جديدة اكثر ملائمة للعصر والعلم: يجب علينا ونحن نحاول أن نفهم ما جرى من أحداث أن نمد البصر إلى ما وراءها، إلى سياق التاريخ والخصائص المحلية والعالمية.
لقد وصل النظام الرأسمالي العالمي إلى ما هو عليه من استقرار نسبي عبر ثورات عديدة .. فالثورة الفرنسية 1789 حققت بعض أهدافها عبر ثورات ثلاثة لاحقة: 1830 و1848 و1871. وفي انجلترا لم تتمكن الرأسمالية من أن تستقر في السلطة إلا بعد ثورات 1649 و1688 و1689 ثم إصلاحات جذرية في الثلاثينات من القرن التاسع عشر. وشهدت ألمانيا ثورتين في 1848 و1918 وتخللت تلك الفترة الإصلاحات الشهيرة للمستشار بسمارك والتي عرفت في التاريخ (بالحديد والدم). وهكذا بدرجات متفاوتة في دول الغرب الرأسمالي. ويجدر بنا أن نلاحظ أن كل تلك الثورات حدثت بفعل ظروف داخلية لم يكن للصراع الدولي فيها أثر يذكر. وعلى مستوى الفكر الاقتصادي الرأسمالي حدثت تحولات عميقة أدت إلى أن تكون أفكار آدم سميث وريكاردو وميل.. الخ جزءاً من تاريخ الفكر الاقتصادي.
ومرت هذه الدول كنظم اجتماعية بأزمات كان أعظمها أزمة 1929 خلال الثلاثينات حيث انهارت الصناعة وتفشت البطالة والجريمة بمستويات غير مسبوقة. ولم يقل أحد بأن النظام الرأسمالي قد انتهى وأن فكره قد ولى زمنه.
إذن، والحال كذلك، لماذا استنكار هذا الحق على الثورة الاشتراكية والتي ترمي إلى إحداث تغييرات اكثر عمقاً واكثر شمولاً؟ لماذا القفز المتسرع إلى استنتاجات نهائية بأن الاشتراكية قد سقطت وأن الفكر الاشتراكي قد انسحب نهائياً من تيارات الفكر العالمي؟ أجهزة الإعلام المعادية للاشتراكية والديمقراطية لا تود أن تفكر بأن ما حدث يمكن أن يكون مرحلة تصحح فيها الاشتراكية مسارها على المستويين النظري والعملي.
ويوجد من يفسر انهيار التجربة السوفيتية كأنه قضاء وقدر. فهذا بوريس يلتسن، والذي كان عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي، يقول في يونيو 1991 في اجتماع لحزبه الذي أسسه: "لم تكن بلادنا سعيدة الحظ فقد تقرر تجربة الاشتراكية فينا ودفعنا القدر في هذا الاتجاه. فبدلاً من اختيار بلد ما في أفريقيا لتلك التجربة، شرعوا في إجراء هذه التجربة فينا نحن، غير أننا في النهاية أثبتنا أنه لا مكان لهذا الفكر….". وكأنما هو بهذا يريد أن يعيدنا للصراع الذي جرى في أول أيام الثورة 1917 وقبلها، "بعدم إمكانية انتصار الثورة في بلد واحد" و"إن القوى المنتجة لم تصل الدرجة الضرورية من النمو وإن المقومات الاقتصادية الموضوعية اللازمة للاشتراكية" لم توجد بعد في روسيا، وإن الطبقة العاملة الروسية لم تمتلك بعد "الوعي" الكافي – ولذا رأى كاوتسكي وغيره عدم إمكانية انتصار ثورة اشتراكية هناك، فقد كان نصيب روسيا في الإنتاج الصناعي العالمي حوالي 4 بينما كان سكانها يشكلون 10 من سكان العالم ويحتلون سدس الكرة الأرضية.
الاقتصاد السياسي للاشتراكية:
الماركسية كما نعلم هي مجموع أفكار ماركس وانجلز، التي تبلورت امتداداً في سجال مع تيارات فكرية نشأت في تلك الفترة، وكرد فعل لعجز الليبرالية الأوربية عن الالتزام بشعارات الثورة الفرنسية وغيرها، والمتمثلة في الإخاء والمساواة والحرية، فقد أصبحت الحرية، بعد أن تمكنت الطبقة الرأسمالية الناشئة من السلطة، تعني حرية المشروعات الفردية، وسقطت شعارات الإخاء والمساواة، وانقسم المجتمع الأوربي بحدة إلى طبقة مالكة لوسائل الإنتاج وأخرى لا تملك سوى قوة العمل، والتي أصبحت شأنها شأن أي سلعة تباع وتشترى حسب قوانين السوق. لذلك رأت المدارس الاشتراكية ومن بينها الماركسية، وبدرجات متفاوتة في العمق، أن "الشعار العام" – إخاء، مساواة، حرية – سوف يبقى حلماً مستحيل التحقيق في ظل سيادة أسلوب الإنتاج الرأسمالي، وأنه لتحقيقه لابد من كشف قوانين هذا المجتمع الجديد ودراسة الظروف التاريخية التي نشأ فيها والتناقضات الكامنة فيه والتي ستطيح به في نهاية الأمر. كانت تلك هي مهمة ماركس، ولذا جاء من يقول "بحق" إن الماركسية هي الرافد الراديكالي للفكر الليبرالي لما بعد الثورة الصناعية الأوربية.
درس ماركس وانجلز علاقات الإنتاج الرأسمالية في مؤلفه الأساسي (رأس المال) وتنبأ بأن هذا المجتمع، عكس ما تقول به الليبرالية، يعيد إنتاج عوامل فنائه. ولكن ماركس وانجلز لم يتحدثا، ولم يكن بوسعهما أن يفعلا، عن المجتمع الذي سيعقبه إلا بشكل عام، كنفي للسمات العامة للمجتمع الرأسمالي: فالملكية الفردية ستحل محلها ملكية اجتماعية لوسائل الإنتاج، والنمو الاقتصادي المبني على فوضى قوى السوق سيكون نمواً موجهاً ليس للربح إنما لتلبية احتياجات المنتجين، وسوف تختفي بذلك الأزمات الدورية، وسوف يكون الاقتصاد في وضع افضل لاستغلال كافة عناصره، بمعنى أنه سوف يكون اكثر كفاءة لعدم وجود طاقات عاطلة … وهكذا … وفي (البيان الشيوعي) أعلنا برنامجاً من عشر نقاط سوف تقوم بتنفيذه البروليتاريا المنتصرة، وبعض عناصره كان قد تحقق في ظل كثير من النظم الرأسمالية ذاتها مثل التعليم المجاني للأطفال وضرائب دخل تصاعدية وبدء زوال الفوارق بين المدينة والريف … الخ.
وقبل أن انتقل إلى تشوهات الممارسة الاقتصادية والسياسية في الاتحاد السوفيتي سابقاً، أود أن أتناول ولو بإيجاز موضوعين ذوي طابع نظري لما لهما من علاقة مباشرة بالتجربة الاشتراكية:
أولاً: القيمة: وجهت نظرية ماركس حول القيمة بانتقادات كان آخرها ما جاء في رسالة السيد/ الحاج وراق إلى صديقة "لتفسير ما جرى"…
سبق ماركس في إجلاء قيمة السلع وقيمتها التبادلية آدم سميث وديفيد ريكاردو الذي كانت نظريته "القيمة – العمل" – أي أن القيمة تعادل كمية العمل الضروري اجتماعياً المبذول في انتاجها – إحدى مبررات اعتبار الاقتصاد السياسي الكلاسيكي أحد مصادر الماركسية الثلاثة. نظرية ريكاردو تقول بأن "القيمة التبادلية للسلع، باستثناء سلع قليلة غير قابلة لإعادة الإنتاج، تحدد بحجم العمل النسبي المبذول في إنتاجها". ولكنه كان يقصر اهتمامه على المجتمع الرأسمالي المتقدم. وقد رفض ريكاردو منطق سلفه سميث والذي بموجبه يقول إن ارتفاع أو هبوط الأجور النقدية يؤثر على "قيمة السلع"، وأضاف إن زيادة الأجور دون أن يصاحب ذلك ارتفاع في الإنتاجية لا يغير في القيمة ولا في أسعارها والتي هي انعكاس أو تعبير للقيمة. وإنما الذي يتأثر فقط هو إعادة توزيع القيمة بين أجور العاملين وأرباح الرأسمالية، وإنه في ظل التنافس الكامل لا يكون بوسع الرأسماليين رفع الأسعار لتعويض الزيادة التي حدثت في الأجور. ما أضافه ماركس في هذا الجانب كان ذا طابع سياسي متعلق بالحركة المطلبية العمالية الهادفة إلى زيادة الأجور في مواجهة الداعين لوقف تلك الحركة لأنها لا تؤدي إلا لزيادة الأسعار، وبالتالي امتصاص أي زيادة قد تحدث في الأجور. وقد أوضح (المجلد الثاني .. ماركس انجلز .. ص75) أن ارتفاع المستوى العام للأجور يؤدي إلى هبوط عام في معدل الربح، ولكنه عموماً لا يؤثر على أسعار السلع.
إن هذا التحليل مازال ملائماً ومفيداً في مواجهة الداعين لوقف حركة العاملين المطلبية بزيادة الأجور على زعم أنها تؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وإلى التضخم .. ولكن من المهم أن نشير إلى أن أفكار ريكاردو وماركس تنتمي إلى ظروف غير ظروف اليوم. فهي تتعلق بمجتمع رأسمالي تسوده المنافسة الحرة. حيث لا يستطيع منتج أو قلة من المنتجين التأثير على أسعار سلع منتجاتهم في السوق، ودوران نقدي مستقر معتمد على نظام معيار الذهب والذي لم يكن يسمح بإصدار النقود للحاق بالأسعار المتزايدة. أعني أنه في ظروف تركيز الرأسمال وظهور الاحتكارات المتمثلة في الشركات عابرة القارات، أي في هذه المرحلة الجديدة النوعية للرأسمالية الاحتكارية، أصبح من الممكن تحويل عبء زيادة الأجور للمستهلك في شكل ارتفاع الأسعار. والواقع أن هذا يعتبر أحد الأسباب الرئيسية للتضخم العالمي.
أعاد الحاج وراق في ورقته جزءاً مما قيل في انتقاد نظرية القيمة – العمل لأن قياس القيمة بالعمل غير ممكن، الانتقادات الأكثر مدعاة للاهتمام جاءت من كتاب اقتصاديين غربيين – مفادها أن هذه النظرية غير قابلة للتطبيق لأن ماركس لم يقدم الطريقة الحسابية التي بها يمكن تقييم السلع المنتجة بأنواع العمل المختلفة في درجة المهارة، وأن الاقتصاديين السوفيت فشلوا في وضع ذلك الجدول الحسابي .. وتتلخص الانتقادات في:
أ- إنها، أي نظرية القيمة – العمل، تتجاهل عامل الذروة النسبية وهو العامل الرئيسي في تحديد الأسعار في "سوق حر".
ب- إن اعتبار ماركس للعمل كمصدر وحيد للقيمة وإهماله لرأس المال المستثمر كتكلفة أدى في التطبيق إلى خلل كبير في نظام الأسعار في الاتحاد السوفيتي وفي تخطيط الموارد الإنتاجية.
هذه وغيرها من الانتقادات معلومة. وكان كارل ماركس ومن قبله ريكاردو واعين لها، ويبدو أن القدامى والمحدثين منهم لم يكملوا قراءة هذا الجزء من رأس المال كمن توقفوا عند "ولا تقربوا الصلاة ..". لأن ماركس بعد أن استخدم مفهوم القيمة (كأداة تحليلية) لكشف العلاقة بين العمل من ناحية، ورأس المال والربح من ناحية أخرى، استحدث مفهوم سعر الإنتاج وهو يشمل الربح الوسطي لرأس المال والعمل والذين يشكلان قيمة السلعة. وهذا المعيار الجديد هو الذي يعبر عن قيمة السلعة.
إن نظرية القيمة – العمل تنتمي إلى عصر غير عصرنا، وهي صالحة تماماً لدراسة المجتمع الرأسمالي في القرن التاسع عشر حين كان العمل اليدوي هو الغالب وكان الإنتاج ذا كثافة عمالية عالية بالمقارنة مع رأس المال، وقد أدت هذه النظرية إلى اكتشاف الطبيعة الاستغلالية للنظام. لكنها اليوم في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية لم تعد لها نفس القيمة العملية. فهي شأنها شأن كل المعارف الإنسانية يجب أن تنال حظها من التطوير وهذا ما لم يحدث في الاتحاد السوفيتي. فقد حبست نظريات ماركس في جداول اقتصادية ثابتة، حتى المعادلات التي استخدمها في القرن الماضي بقيت في الكتب والمراجع كما هي دون تغيير … هذا أدى إلى إهدار في مجال التطبيق – فمثلاً: ولأن ماركس لم يعر اهتماماً كبيراً لتكلفة رأس المال المستثمر، أهمل في عمليات البناء في الاتحاد السوفيتي عامل الزمن والوقت.
وأذكر جدلاً عقيماً أخذ وقتاً طويلاً حول طبيعة الإنتاج في الاتحاد السوفيتي – هل هي سلعة أم ماذا؟ وانقسم الباحثون إلى مجموعتين – إنها سلعة، وآخرون (الأورثودكس) ينفون عنها أنها سلعة – إنها منتج فقط، قيمة استعمالية. مثل هذا الجدل العقيم أضاع عليهم الوقت وحرمهم من تطوير الماركسية، وعلى أيديهم أصبحت الماركسية بديلاً للبحث وليست دليلاً له.
الملكية: هذه قضية مركزية في الاقتصاد السياسي الماركسي، بحيث يمكن اختزال تعريف المجتمع الاشتراكي بأنه المجتمع الذي تحل الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج فيه مكان الملكية الفردية في المجتمع الرأسمالي، وهي نقطة الانطلاق في التحولات الاشتراكية. الملكية الاجتماعية (الاشتراكية) لوسائل الإنتاج مفهوم معقد ولا يمكن احتواءه في حدود حق الملكية في القانون الروماني أو في المجتمعات المدنية عموماً .. الملكية هي العلاقة القانونية بين المالك ووسائل الإنتاج والتي تضمن له حق الاستعمال (تحديد نظام العمل وتأمين إدارته) وحق الاستثمار (كيفية التصرف في فائض القيمة)، وحق الانتفاع (The right to use & misuse). وإذا كانت الملكية تعني أيضاً حرمان (الآخرين) من غير المالكين من هذه الحقوق، فإن الملكية الاجتماعية تعني أن لجميع أفراد المجتمع حقاً في الإدارة والتصرف في ثمار العمل. وتختلف الملكية الاجتماعية عن الملكية العامة (Public ownership) لأن المالك هنا إما مجموعة من الأفراد أو الدولة.
فرضت ظروف الحصار والحرب في روسيا في الأعوام الأولى للثورة دوراً مقدماً للدولة في إدارة الاقتصاد بشكل مركزي صارم في المرحلة التي عرفت ب "شيوعية الحرب"، وحل مفهوم ملكية الدولة محل مفهوم الملكية الاجتماعية، كان هذا ممكناً ومحتملاً من قبل الجماهير حيث كان المزاج الثوري السائد آنئذ يضفي قناعاً على النواقص والصعوبات، وكانت الحاجات أيضاً ملحة بحيث لم يؤثر على تصريفها رداءة النوع. ولكن سرعان ما تبين أن حماس الجماهير وحده لا يكفي لتنظيم الإنتاج والارتقاء به، ولذا جاءت السياسة الاقتصادية الجديدة (NEP).
فنتيجة للتخلف التكنولوجي والاقتصادي والثقافي في روسيا في ذلك الوقت كان المتمسكون بحرفية الماركسية يدعون للانتظار حتى تتوفر الشروط الموضوعية لبناء الاشتراكية، ولكن كان للماركسيين المستوعبين روح الماركسية لا الحافظين لنصوصها، وعلى رأسهم لينين موقف آخر، "إذا كان يجب، لخلق الاشتراكية، أن نكون قد بلغنا مستوى معيناً من الثقافة .. فلماذا لا نبدأ أولاً بالحصول، ثورياً، على الشروط الواجب توفرها سلفاً لهذا المستوى المعين، لكي نبدأ بعدئذ وقد أصبحنا أقوياء بسلطة العمال والفلاحين وبالنظام السوفيتي، بالعمل للحاق بالأمم الأخرى .. ثم نرى.
كان معنى هذا استعمال سلطة الدولة في التحديث الاقتصادي ومجمل الإجراءات اللازمة لبناء القاعدة الاقتصادية للتحول الاشتراكي. وكان أداة ذلك التخطيط الاقتصادي في بلد شاسع ذي كثافة سكانية منخفضة، موارده الطبيعية مركزة في أماكن نائية ليس من السهل الوصول إليها وتربة متوسطة الخصوبة ومناخ عالمي معاد – الأمر الذي فرض استراتيجية للتنمية تتمثل في:
1- تسريع التصنيع عن طريق استثمارات عالية، وكان هذا على حساب الاستهلاك.
2- التطور غير المتوازي.
3- الاستغلال المكثف لعناصر الإنتاج (رأس المال والعمل) وخاصة على مستوى الاقتصاد الجزئي دون اعتبار لحساب التكاليف والربحية.
لقد كان لهذا الوضع مدلول عظيم المعنى يتعلق بتسلسل الأشياء المنطقي. فالاشتراكية بهذا أصبحت أداة للتحديث الاقتصادي والثقافي وليست نتاجاً له. وأصبحت الدولة الاشتراكية تلك الأداة. هذه الاستراتيجية أدت إلى نتائج إيجابية باعتراف الأصدقاء والخصوم على السواء. فبحلول عام 1926 أعيد بناء ما دمرته الحرب وأصبحت روسيا تحتل المركز الخامس في العالم والرابع في أوربا من حيث الإنتاج الصناعي ، وتضاعف إنتاج الكهرباء مرتين ونصف بالمقارنة مع عام 1921 (العام الأول لل (NEP ، وزاد الإنتاج الصناعي الثقيل بنسبة 18 وهي أعلى من أي نسبة حققتها أي من الدول الرأسمالية. لكن كان لهذا التطور ثمن غالي تمثل في تراجع مطرد لمبادرة الجماهير وإحساسها الثوري. ولتأخر التعويض الموعود في شكل سلع الاستهلاك والأجور وكافة المزايا التي تم التبشير بها في الفترة الأولى، الأمر الذي استدعى مزيداً من السلطات الإدارية في يد الدولة وكرس التطابق بين مفهوم ملكية الدولة والملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج. وكان هذا أول تشويه للماركسية.
ما الذي ترتب على هذا؟
أولاً: الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج هي الأساس لتطابق أو تجانس قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج وهي أساس تطورها المستديم .. وهذه هي الميزة الكبرى المفترضة للنظام الاشتراكي وسبب تفوقه الاقتصادي والأخلاقي المفترضة على نظام الملكية الفردية الرأسمالية .. ففي ظل الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج يتحول العمل الاجتماعي غير المباشر إلى عمل اجتماعي مباشر، أي يصبح العمل في ظل الاشتراكية في خدمة أهداف المجتمع بشكل مباشر.
هذا التحول لا يؤدي إلى تحرير قوى الإنتاج فقط، بل ويمهد لإدارة الاقتصاد الوطني وعلى أسس أفضل واكثر عقلانية ويخلق لدى المنتجين الشعور بأنهم ملاك لا أجراء. وهو ما لم يحدث، ولذا لم يتحقق هدف الاشتراكية الكبير وهو إزالة اغتراب واستلاب المنتجين والذين تحولوا من أجراء لدى رأس المال إلى أجراء للدولة.
ثانياً: مع ازدياد أعباء الدولة الاقتصادية تشكلت فئة اجتماعية عرفت بمصطلح نومنكلاتورا – تتمتع بامتيازات كبيرة: احتكرت إدارة ملكية الدولة وما يترتب على ذلك من قرارات سياسية، وآل إليها جزء كبير من "فائض القيمة"، وأصبحت التنظيمات السياسية كالشباب والنساء والسلام والصداقة والمنظمات الحزبية القاعدية والوسيطة وسيلة الصعود لهذه الفئة المميزة والتي كل مؤهلاتها إجادة فن التنفيذ والحفاظ على مصالحها في إطار النظام القائم.
ثالثاً: في ظل المناقشة العالمية وشعار المؤتمر العشرين عام 1956 "تجاوز الولايات المتحدة في المجال الاقتصادي بحلول السبعينات واستكمال بناء المرحلة الأولى للشيوعية ف مطلع الثمانينات"، استمرت السياسات الاقتصادية في التركيز على القطاع الأول (إنتاج وسائل الإنتاج) وأهمل قطاع الإنتاج للاستهلاك وكذلك القطاع الزراعي. فتولت فئة المنتفعين المتميزين مهمة جديدة في نشر الدعوة إلى الزهد وإلى عقيدة معادية للاستهلاك بوصفه يتعارض مع شعور المواطن بالمسئولية. وقد انعكس هذا سلباً على نظرة المواطن السوفيتي للعمل، فأصبح التسيب والسرقة الخ شكلاً من أشكال إبداء التذمر والمقاومة الصامتة.
رابعاً: إحدى المميزات الرئيسية للاشتراكية تتمثل في الاستغلال الأمثل لموارد الإنتاج، خاصة اليد العاملة. وبمعنى آخر تقليل الفاقد، لأن هدف الاشتراكية هو مقابلة الاحتياجات المتزايدة للمجتمع وليس الربح. ولكن أمام التزام الدولة كمخدم، بتوفير فرص العمل للجميع، استمرت القطاعات الإنتاجية تعتمد على الأيدي العاملة اكثر من رأس المال، مما خلق ظاهرة العمالة الزائدة في المؤسسات السوفيتية، وهذا بدوره قاد إلى الاحتفاظ بالتقنيات التي تستخدم عنصر العمل بشكل مكثف. وشكلت العمالة الفاقدة (أو العطالة المقنعة) حسب بعض التقديرات 20 - 25 في السبعينات، ولم يكن هذا ليحدث إلا إذا كانت الأجور ضعيفة، والأجور الضعيفة بدورها لا تحفز على استبدال العمل برأس المال.. وهكذا أدت هذه السياسة إلى إبطاء التقدم التقني. ولأن عجز المنشآت وكذلك الأجور كان يغطى من الخزانة العامة، فإدارتها لم تتوان في جلب المزيد من الأيدي العاملة … هذا أفضى إلى أن التركيب العضوي لرأس المال لم يتغير بما يؤدي إلى ديناميكية الاقتصاد السوفيتي، وكان نموه أفقياً وتمددياً، وليس رأسياً وذلك لعجزه عن استيعاب عوامل النمو الجديدة التي طرحتها الثورة العلمية التكنولوجية. وقد يتفق المرء في هذه النقطة مع مؤلف (نهاية التاريخ) إنها كانت السبب الرئيسي لتخلف الاقتصاد السوفيتي في نهاية الأمر.
خامساً: التخطيط الاقتصادي:
نواقص النموذج السوفيتي في التخطيط معلومة. فقد انتقده السوفيت أنفسهم قبل غيرهم وقدمت نظريات كثيرة منذ عام 1956 في شأن إصلاح إدارة الاقتصاد السوفيتي ولكنها في الغالب بقيت دون تنفيذ. ذلك لأن الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي وجهان لعملة واحدة – إذ لم يصحب أو يسبق الإصلاح الاقتصادي إصلاح سياسي.
نشأ جهاز حكومي ضخم (مجلس التخطيط الاقتصادي – قوسبلان) أوكل له أمر إدارة الاقتصاد بكل تفاصيله. ومن البديهي أن اقتصاداً ضخماً كالاقتصاد السوفيتي في بلد شاسع كالاتحاد السوفيتي لابد أن تصاحبه نواقص كثيرة. فمثلاً كان من اختصاص لجنة الأسعار (إحدى لجان قوسبلان) أن تنظر في أسعار حوالي 25 مليون سلعة! والخطة أيضاً كانت تبنى على معلومات ناقصة في أحسن الفروض، إذ أنها كانت توضع دون الاستعانة بمؤشر الأسعار وهو الذي يوضح رغبات المستهلكين للسلع الاستهلاكية والرأسمالية على السواء. وفي غياب مثل هذا المؤشر كان من المألوف أن يكون هناك فائض ضخم في سلعة معينة بينما يعاني السوق من نقص في سلع أخرى. وبما أن الخطة كانت تهتم بالمؤشرات والموازنة الكمية كان من الممكن المضي في إنتاج تلك السلع التي لا يطلبها أحد حتى تنتج الكمية المخططة .. وكان هذا إهداراً للموارد دون مبرر، عوضاً عن ذلك أصبح الفساد أمراً شائعاً .. فمثلاً تداولت الصحف (السوفيتية) أخباراً عن عديد من المديرين يقدمون لمجلس التخطيط الاقتصادي خططاً تقل كثيراً عن الطاقة الإنتاجية لمنشآتهم ويفوزون بألقاب بطل العمل الاشتراكي والإنسان السوفيتي .. الخ لأنهم حققوا الهدف المعلن بل وزادوا عليه بينما هم في الواقع متخلفون كثيراً عما كان ممكناً إنتاجه.
التخطيط من أعلى جعل الاقتصاد السوفيتي محكوماً بالعرض، الأمر الذي أبعده عن هدفه في تلبية احتياجات المستهلكين.
ومن بين إفرازات الطبيعة المركزية للتخطيط نشأ سوق ثان وذلك لسد الثغرات في الخطة. فالمجتمع السوفيتي يعرف سوقاً (ثانياً) للمشروعات غير القانونية، ولكن القانون يغض الطرف عنه ويشمل صفقات عديدة تعقد تحت (الطاولة) أو كما أسموه هناك (ناليفو –(Nalevo.. صفقة على اليسار، ونشأ سوق ثالث تتم في إطاره الصفقات غير الرسمية بين مختلف أجهزة الدولة.
ليس أخطر على أي مجتمع من أن تتعارض شعارات مبادئه مع الممارسة الفعلية. فعندما يلاحظ المواطن ذو الدخل المنخفض قادته وهم ينعمون في الملذات ويمتلكون الشقق والقصور والسيارات الفاخرة وتخصص لهم المخازن الخاصة بسلع لا قبل للمواطن بها .. عندئذ يتجاوز التناقض طاقاتهم على التحمل. وهذا في الواقع بعض ما حدث في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الأخرى. ولذلك لم يكن مدعاة للدهشة أن حزباً يضم بين صفوفه اكثر من 16 مليون عضو عجز عن القيام بالدفاع عن النظام الذي دام اكثر من 70 عاماً .. بل وقد نقول أنه امتنع عن القيام به. إن المرء يستطيع أن يلاحظ بيسر أن وعياً، خاصة وسط الشباب، كان يتكون خارج القنوات الرسمية، وعياً موازياً للوعي الرسمي.
اختتم هذه العجالة بطرفة قديمة كان الروس يتداولونها أيام بريجنيف: أن ثلاثة رجال، انجليزي وفرنسي وروسي، سقطت بهم طائرة في أحراش أفريقيا، واستقبلهم أفارقة من أكلة لحوم البشر .. التهموا اثنين وبقي الروسي وقال لهم تمهلوا – عندي لكم أسئلة إن أجبتم عليها فشهية طيبة!! السؤال الأول هل عندكم هنا لجنة حزبية للمنطقة؟ قالوا لا! يوجد كمسمول؟ قالوا لا … مكتب للأمن (KGB)؟ قالوا لا … قال إذن ما الذي يجبركم على الأكل!!
سادساً: سباق التسلح:
أحد الأسباب الرئيسية لمصاعب الاتحاد السوفيتي كان سباق التسلح وخاصة عندما دخل مرحلة "حرب النجوم"، فبينما كانت الصناعة الحربية تحل جزءاً من مشاكل أمريكا وغيرها من الدول الرأسمالية وأصبحت عاملاً لازدهار اقتصادها 2، كانت عبئاً ثقيلاً على الاتحاد السوفيتي والذي كان يتحمل مهمة الدفاع عن المنظومة الاشتراكية والحفاظ على توازن القوى في العالم. فبينما كانت تلك الصناعة تشكل حوالي 8 من الناتج الإجمالي لأمريكا، كان الإنفاق العسكري يمتص حوالي 12.5 وفي تقديرات أخرى 14 من الناتج القومي السوفيتي. هذا عوضاً عن أنه عطل عمالة ماهرة كان من الممكن أن تستثمر استثماراً إنتاجيا أفضل.
(هيئة تحرير قضايا، مع الاعتذار للمؤلف)
هامش
1. ..أما الثورات البروليتارية فإنها تنتقد نفسها على الدوام وتقاطع سيرها الخاص في كل لحظة وتعود ثانية إلى ما قد بدا لها أنها أنجزته لتبدأ من جديد. وتسخر بلا رحمة من مواقف التردد ومن نقاط صنعها ومن محاولاتها الأولى، وتتراجع من جديد أمام ما تتصف به أهدافها الخاصة من ضخامة لا متناهية إلى أن ينشأ أخيراً وضع يجعل كل نكوص إلى الوراء مستحيلاً. (كارل ماركس – الثاني من برومير لويس بونابرت – ص16).
2. لا ننسى أيضاً ما كانت تجمعه دول الغرب من "جبايات" استعمارية – كما وصفها قورباتشوف – تتمثل في الديون الرهيبة التي تكبل بلدان العالم الثالث وفي الأرباح الضخمة التي تمتصها الشركات متعددة الجنسيات.



#ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناصر - انهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية