أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - هنودٌ حمر ... ديمقراطيون فلسطينيون















المزيد.....

هنودٌ حمر ... ديمقراطيون فلسطينيون


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 10:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


الكاتب المحاصر بين أسنان الكتابة ونار الكآبة اليومية، لهو أشبه بمقاتل يحارب على جبهة الآخرين، لأن كتابة النص في لحظة يأس، ومحاولة الهرب من الكآبة إلى الكتابة، يعني : أن الكاتب شد على خصره حزاماً ناسفاً استعدادا لقتال مرحلة بأكملها، فمن هنا سأبدأ ، ومن هنا أيضاً ،سنحارب المرحلة .
تمر عجلة الزمن بنا سريعاً ولكن!! لن نكون بركبها، بل سنكون شحمها الذي يذوب بين طياتها .
إن هذا الانحطاط الذي وصلناه، لهو أشبه بدمار الجسد الواحد من داخله، فغدا جسداً مستهلكاً يبحث عن بوذي ينقل روحه لجسد أخر، فنقل الأرواح للأجساد صار ضرورة لتجديد انحطاط هذه المرحلة التي صار أهم أبطالها المساوم.

يتجدد الحدث كما كان يحدث يومياً منذ سنوات وبضع أجزاء من السنة، وعادت من جديد نشرة الأخبار تمارس عادتها اليومية التي لا تخلو من تجديد ذكر أعداد الموتى، البعض منا يسمع الخبر ويحزن للحظات قصيرة. والآخر يسمع ولا يحزن، ولماذا الحزن؟ الأمر عادي: مقتل أو استشهاد (حسب الإذاعة أو الفضائية) فلسطينيين من بين لاهيا وثلاثة من رفح،شاب من خان يونس ،وامرأة من مخيم طول كرم، طفل وثلاثة مقاتلين من مخيم بلاطة أثناء حصار المخيم المشدد، استشهاد امرأة مع طفلها وهي حامل به على حاجز حوارة، لم تستطع الوصول لمستشفى رفيديا بنابلس، استشهاد دكتور جامعي في قرية طلوزة ،ما هو حصاد اليوم، ثلاثة، خمسة، ثمانية، ثلاثة عشر؟ ربما اقل من ذلك، وربما أكثر ،يقرع الخبر أذاننا مع قهوة الصباح، نشربها مع أخبار الموت، فلا يأتي صباح بدون موت، بدون نعي، بدون بكاء. تأتي نساء يندبن و أيتام يبكون!!

تقفل المذياع، تلعن أم مخترع الراديو في قبره، تشتم عائلة المذيع كاملة، معد النشرة، الفاصل الموسيقي فيها، المغنية الغنوجة، ومقدم إحدى الفواصل الدعائية المرح جداً.

نهرب لصحافة أخرى ونتناول الصحيفة الورقية التي تحمل إسم مدينة أو شارع أو وهم، نقلّب أربعاً وعشرين صفحة في "جريدة عربية لا تقول إلا ما يريده سادتها" فلا تجد شيئا ،لا قتل ولا خبر.. لم يحدث.. لم يقتل احد.. لم يمت احد.. فالقتلى لا يستحقون خبرا في الجريدة، ربما إنهم من عالم آخر.. من بلاد بعيدة.. من الواق واق..

حياتهم ،لا تهم القارئ وموتهم لا يعني القارئ، ليسوا بشرا،فهم: طفل مخرب، امرأة مخربة وثلاثة مخربين ،كانوا يسيرون في الشارع في بيت لحم، فاجأتهم دورية من جيش الاحتلال قرب مخيم الدهيشة.حاولوا الهرب في عملية تفتيش ملابس القتلى وجد الجنود سكينا مع احدهم.. سكين مدية.. سلاح ابيض. سلاح إرهابي!! لا يهم، البحر هو البحر، والعرب هم العرب، خذوا الحكمة من رئيس الوزراء. لا فضّ فوه!!

فقط ، صمت أمام مقام جلال الكلمات الساخرة، وسلطات الإذاعات الفضائية والمحلية والعالمية، وبقايا إعلانات انتخابية تغطي صور الشهداء على جدران المدن الفلسطينية وصور الشهداء تتجدد على الجدران و جداريات أخرى مجنونة دافئة .
ومحاولة وصف الشعور بعد قراءة الكلمات الصغيرة على الصور صعب ... صعب جداً ، حقاً ،فعلاً .

صعب بأن نمر من خلالها كما يمر الماء من الثقوب، ونقف دون أن نقول أننا عرفنا أين تصف الكلمات.
حيث المكان : لا أحد
حيث الزمان : بلا بلد
حيث البلد : كل الجسد
حيث الموت : حكاية لهذا الشهيد

قبل أن تنام.. تتناول جهاز التوجيه بيدك.. تتنقل من محطة إلى محطة في التلفاز: العربية، الجزيرة،النيل،أبو ظبي، دبي ،السودان،الكويت، السعودية، سوريا، لبنان،اليمن، السودان و ربما الحرة . الأخبار مكتوبة بخطوط بيضاء، بلون الكفن ،استشهاد.. كم العدد؟ من ثلاثة إلى ثمانية.. بشر بدون أسماء، ولماذا يذكرون أسماءهم؟ إنهم موتى: إنهم فلسطينيون، فالفلسطيني ولدته أمه ليستشهد، ليقتل، ليموت. كل فلسطيني هو مشروع استشهاد. شاء أم أبى، المكان غير مهم، والوقت تافه ذليل.. يقتل في طريقه إلى العمل بحثا عن لقمة خبز،وقد يقتل وهو يقطف ثمار الزيتون أو يحرث الأرض، أو تأتيه الرصاصة في البيت أو في الشارع. وقد يقتل بعد تأدية الصلاة في المسجد.. يقتل خطأ ويقتل عمدا.. ويقتل بخطأ متعمد.. ويقتل بعمد مخطوء!!. وهو المسئول الوحيد عن مقتله.. لأنه فلسطيني ، ولا احد يسمع بموته.. لا احد.. لا احد..!!

وهو المسئول عن فوز مرشحي الحركات الإسلامية في الانتخابات بعد أن تاجرت فيه في أوسلو، ولا تزال تدعي أنها غير موافقة على الاعتراف بإسرائيل، وهي تفاوض على دمه منذ سنوات.
الوهم يرتكب أكبر خطاياه ويتسرب إلى عقول المساكين والمسالمين الذين نهبت بيوتهم بحجة الثورة، وقتل أطفالهم بحجة الثورة، وأحاطهم بجدار الموت أيضاً رجال الثورة.

بوش ... لا يسمع، ولا يريد أن يسمع. أمريكا بلد ديمقراطي ومتحضر يحب الحياة. كل حديث عن القتل والموت يؤذي سمع المواطنين.. ومن هم هؤلاء الهنود الحمر الجدد حتى يهتم بهم البيت الأبيض والبنتاغون؟ وهل من المنطقي أن يعيد البيت الأبيض ذكر شهداء من الهنود الحمر ؟ هل يتقبل المنطق الأمريكي المتحضر أن نعيد تحضير روح سياتل الفلسطيني أو الهندي أو الفيتنامي؟

كوفي عنان...موظف بوش في الأمم المتحدة وضع في أذنه اليمنى طينا وفي إذنه اليسرى عجيناً ولا يريد أن يسمع ما يؤذي سمع مولاه، لكنه بنفس الوقت مبسوط جداً بالديمقراطية الانتخابية في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، وأعاد من جديد مقولته: أثبت الشعب الفلسطيني أنه شعب ديمقراطي جداً..!! لكن يا سيادة الناطق بأٍسم الأمم المتحدة لماذا يجب أن يموت هذا الشعب بعد أن صار ديمقراطياً جداً ؟

أوروبا، الاتحاد الأوروبي...لن يغضب البوش قبل قهوة الصباح، لا قبل طعام الغذاء، ولا قبل حفل كوكتيل في المساء.. وأوروبا تشرب النبيذ الأبيض والنبيذ الأحمر ولا ترغب بأن يعكر موت فلسطيني صفوها. أو‍‍ ومن اجل الضمير الأوروبي وسمعته لا بأس من إرسال أوراق اليورو لشراء حليب الأطفال قبل موتهم، وبحث الملف النووي الإيراني من جديد.

وأمير المؤمنين... يتبرع ببقايا طاولة قماره، لإعمار مخيم تهدم بعد قصف ديمقراطي عنيف.
وشيخ الدعاة مازال يبحث في قضية هل هؤلاء الذين يفجرون أنفسهم استشهاديون أم انتحاريون؟؟
وولاة الأمر والنهي مشغولون ببيع قماش بيت عائشة .
الفلسطيني ديمقراطي جداً في قاعة الانتخاب، ولكنه لا يستطيع أن يكون ديمقراطياً في موته، فالجميع على قيد الحياة إلا الأحياء... إلا الفلسطيني.

ولا بد للجميع أن يذهب، للقبر، أو للتفاوض مع إسرائيل من جديد، أو للاجتماع في القاهرة لتوقيع اتفاق فصائل جديد، أو للموت.
كلهم يذهبون في المساء ، وفي المساء لا يأتي إلا الموت لهذا الهندي الأحمر الجديد المسمى فلسطيني.
يحدث يوميا.
منذ سنوات وبضع السنة.
يستشهدون..
يقتلون..
يموتون..
والقاتل رجل سلام
والقتيل إرهابي!!
القتيل هندي احمر جديد.
هندي احمر عربي..
هندي احمر فلسطيني..
يحدث يوميا..
إلى متى؟!



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قصة - لوحةٌ وبزّة متّسخة- للأديبة الفلسطينية انشراح ...
- الاغتيال الأخير لمنظمة التحرير
- ظِلالُ الغُرُبَة ...
- قُبلة العام الجديد
- رحاب ضاهر في -أسود فاجر- : المكان في هذا العصر ضيق، لا يتسع ...
- التكفير والتخوين في مواجهة الديمقراطية بالعالم العربي
- مسرح الجريمة في لبنان ... العرض مستمر
- أَدوار ... - قصة قصيرة جداً
- جُزء مِنَ وَقتِكَ فَقَطْ - قصة
- حوار أدبي ...مع الأديب الفلسطيني -مهند صلاحات-
- لماذا لا يثقُ العالمُ فينا ؟
- أربعُ برقياتٍ ثائرةَ لنساءِ مدينتي ... لإعلانِ الثورة
- لماذا تموت غريب
- مقهى الغرباء
- ليست مرثية على القبر - شعر
- والنساء أيضاً... برعاية برنامج محاربة الإرهاب
- ليست مرثية على القبر
- مدفع الإفطار
- وردٌ على النافذة
- تأملات في زمن ضياء


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - هنودٌ حمر ... ديمقراطيون فلسطينيون