أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة نصرالله - قصص قصيرة جدا















المزيد.....

قصص قصيرة جدا


عايدة نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


هاجسة

"...ولأجلك سألبس تنورة صغيرة وأربط ضفيرتين وأزينهما بشريطين ملونين. وأقفز على ظهرك وأقول لك
"يلله قول ما ماء ماء يا غنماتي "
"الفلاحون يقولون يابا وليس بابا"
"نعم يابا، يا بوووووووي".
ولأجلك سأتكور ضمة ورد في حضنك وأطلب منك قص الحكايا، ترى ماذا ستقص علي؟
هل حكايا الفلاحين ؟ عن حبيبتك التي هاجرت عينيها إلى السماء؟ أم عن الحكايا في الزوايا المظلمة في المنافي؟
ماذا ستقص عليَِّ يا أبي؟
هل تقص لي حكاية تلك المرأة التي حلمت بك فتاها، وحلمت بشراشف تغطيها في ليل الشتاء؟

ماذا ستقص عليَّ يا أبي يا يابا؟

لأجلك سأشتري لعب العرائس وألعب عريس وعروسة. وتكون أنت الولد الذي ألعب معه. ونصير أبا وأما.
وعندما تزورنا أمي سندعها تروي لنا "عداديسة" و"جبينة" و"الشاطر حسن".
وسنغني معا " هيك بيدور الدولاب ، زقفوا زقفوا يا ايدين صغار ..بكرة الصبح عالبكير ..بنلقط ورد وياسمين..خالد وحنا وابراهيم..بحبو اللعب كثير كثير.. خالو اشتراله فرس وعمو أشتراله جرس..قال الفرس هاهاهاها ، قال الجرس دندندون " وأدعك تدغدغني بإصبعك على سرَّتي كما أفعل مع خالد حفيدي.
هل تعلم يا أبي أن خالد حفيدي قبل أن أبدأ الأغنية ، فقط عندما يراني يمد إصبعه الصغيرة على سرته ويقول "دندندووون"
سأكون بحجمه لو أردت، وسأكبر كثيرا بحجم السماء لأكون روحك وبحجم الأرض لأكون وطنك.
ضحك.
فشعرت العالم يفتح أبوابه في وجهي.. لم تعد زوايا الغرفة باهتة، ولم يعد صراخ العمارة المجاورة يضايقني، حتى قرقرة الدجاج تحت غرفتي لم تعد تزعجني، ولا صوت الخالة بديعة عاد ليؤرقني. كل شيء ذاب تحت ضحكته. وكل شيء غادر إلا من عينيه.
"يابا، يااااااااااااااابا. أنا ابنتك يا حبيبي".
حبيبي الساكن في زاوية صغيرة في القلب، ضخم الجثة، ضعف وزني ويكاد يبتلعني لقمة واحدة لو شاء. لكن وجعه كوجع الأطفال الذين غابت أمهاتهم عنهم، يحلم بالرضاعة ، ويحلم أن يصير له طفلة. وها أنا طفلته.
لكن كيف أكونها وأنا التي لم تغادر موسم الطفولة وتحتاجه أبا، مسكنا، حبيبا ووطنا؟.

ومع هذا قررت تحقيق أمنيته. فذهبت لخزانتي عملت ضفائري، وزينتها بشريطين ملونين ، ورسمت فمي صغيرا، ووضعت دائرة حمراء على انفي ودائرتين على خدودي، ولبست طاقية مضحكة، وهجست "الآن سأقفز على ظهره ليلف بي الغرفة وأنا أصيح "يااااااااااااا با".
صحوت على طرق الباب.
كان ابني الذي رأى أمامه طفلة في الخمسين.
2006

معركة

هو خالف الاتجاه، لجأ إلى حيلة أخرى. هي استدارت وتلوت واستعدت من جديد وفحت فحيحها.
أصر على الانتصار ، أخرجت لسانها تريد أن تلتقطه كحبة تفاح تجري سهلة داخلها. فتوثب لها وضع يده على وجهه في المكان الأشد حساسية خوفا من الهزيمة، ففي تلك النقطة تكفي لسعة واحدة وينتهي الأمر.
هي تتوثب له بكل ما لديها من إغراء التفاح المشبع بعصارة رطبة مختمرة في عز النضوج. رائحة الصيف تنبعث من ذلك الجسد الملتوي والذي يتداخل ببعضه، تقدح عيناها وتركزان في عينيه المتوجستين والمتربصتين
في تلك النقطة ، في آخر ما يكون عليه ارتكاز العالم كله وقفت مستعدة وهو يرفع أذنيه وينفش فراءه، أذناه بدأتا تعلنان ساعة البداية أو النهاية؟ لا أحد يستطيع التكهن ولا علم لأحد بسر المعركة. .
أفعى تتلوى من عمق التربة، تحاول شحن الوجود نحو الوهج الخارج من الشمس. وقفت على تلك النقطة في آخر الذيل، تلك النقطة التي يكمن فيها سر النور والنار ..فتحت فاها وبلعته.
1999

جزء مني

هناك تركن هادئة، بلا ضوضاء، ولا تلازمها لعنة فرعونية لتزعج من حولها. تركن في تلك الأعماق. "ترى هل ما زالت تشعر بما اشعر به؟ هل ما زالت تضج بذكرى ما ذقناه معا أثناء تلك السفرات ، والركض في حواشي الطرق الليلية، عندما كنت وإياها صغيرين كنا نتفقد الطرق الملتوية في لعبة الغميضة أو نربض معا في مفاجأة طفل لنلقي القبض عليه. كان ذلك الجزء يسبق الريح.
الآن هو يربض في مكانه، لا يستطيع الانضمام إلي وبث الذكريات . اذكره بالتفصيل، كان له أصابع قصيرة وعنق طويل حتى الركبة، مشعر ، في أسفله ربضت رضوض وآثار جروح كثيرة من الركض.
من الركض؟
نعم من الركض... ومن الركض.
أي ركض منهما؟
الركض وراء أولئك الأطفال "الدجاجات"؟ هكذا سميناهم، الذين لم نكن نعي كيف يظهرون لنا، ومن أية زاوية؟
كل طفل منهم تحول إلى عين كبيرة بحجم الفضاء.
لا أذكر حتى ملامحهم. كل ما أذكره فم مفتوح يود قول كلمة قبل الانطفاء الأخير.
لم أكن سوى أرجل تركض، تلهث لاغتصاب دم جديد.
في خان يونس، في غزة، في جنين. أقدام تركض و تلهث بلا استكانة.
يستبد بي أحيانا هاجس الذهاب إليه والكشف عنه، ربما ما زال على حاله أو ربما تحول وأصبح شيء آخر.

في ذلك المكان جزء مني. كلما مررت من هناك أستطيع رؤية نفسي جثة هامدة لأنضم إليه في العناق، حتى العناق معه اصبح غريبا كل الغرابة. إذ سبقني إلى مكانه سنين طويلة.
قبل أن يبعدوه عني، كنت منتصب القامة حصانا، أسابق الريح وراء أي شيء بإمكانه أن يصل بي إلى أعلى المراتب، دون أي تخاذل أو تردد، ولكن الآن انظر إلى ما تبقى مني، أشعر أن شيئا مني قد انتزع وما زال يلبث في مكانه ينتظرني
.هكذا فكر الجندي الذي كان عملاقا، كلما مر بالمقبرة التي تنتظره على حافة الشارع، حيث سكنت رجله لوحدها في قبر محفور ينتظره، إذ هكذا كتب على كل من قبر له ساق أن يلحق به إذا ما آن أجله. هنا قبرت ساق فلان. خبر محفور على اسم فلان لينضم إلى رجله المبتورة.

2002
بحار
§ يوم هادئ نسبيا أعقب تلك الأيام العاصفة التي ملأ دخانها أجواء رفح. أمواج البحر تبدو حزينة فهي تتلوى بألم ثم تستكين على الشاطئ وما تلبث أن تعود مهزومة يائسة لتحاول الكرة مرة أخرى. على تلة صخرية جلس في المقابل رجل أسمر، حدق في البحر بعينين غارا بؤبؤاهما المحاطان ببياض قد احمرَّ من ضرب أشعة الشمس. جفناه قد انتفختا حتى برزتا فوق خدوده، وشفتاه المشققتان تنفرجان عن أسنان صفراء غير مرتبة مغروسة على لثة تميل إلى السواد أيضا وتدل على أن صاحبها قد عاشر السيجارة سنينا طويلة.
تنحنح الرجل نحنحة تفوح منها رائحة البحر والعاصفة والمقامرة. فما زالت عضلاته تشهد على معاركته للأمواج وأنفاسه الحارة الرجولية ما زالت حية تنتظر الفرح. وهو ما جاء إلى هذه الصخرة إلا ليرقب ذلك "المعتقل" أمامه والأسلاك الشائكة تحيطه من كل جانب وهو يزفر بحسرة " آه يا بحر غزة... يا قاربي الحبيب، صدئت آلاتك وتقشر دهانك، كم ناضلت معي أيام الشدائد وكنت دوما كريما معي، كم نوعا من السمك زارك؟ كنت ونيسي في كرمك، ركبنا البحر معا، تحدينا العواصف معا، أيعقل أن البحر يعتقل؟"
يضحك ضحكات حزينة تشبه البكاء .
زفر زفرة نارية.
كل يوم في مثل هذا الوقت يزور الشاطئ ويناجي القارب المعتقل كعاشق قديم.
" كانت تهمتك انك قطعت الحدود المائية". هكذا قالوا
تكلم كثيرا وعلى مدى أيام حتى ظن أحدهم انه فقد عقله.
يتحدث لنفسه مستدعيا الصوت:
"أنت ، بروخ من هون"
لماذا ؟
أنت خطر هون
لا أفعل شيء سوى التحديق بالبحر
"لا أنت لازم بتخطط شيء هون". قال الجندي بلكنته المعربة
زفر الرجل.

قضى الرجل سنينا في المعتقل. دون تهمة لكن تدبرت له تهمة انه كان يود أن يقطع البحر..ثم قيل عنه "محبل". أي مخرب.
اليوم يعود إلى نفس المكان
قاربه قد تلاشى ، بضع خشبات مبعثرة تدل عليه. لملمها، وأخذها وغرسها في حديقة البيت كتمثال وهو يشعر انه استعاد بيته.
2000



#عايدة_نصرالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذي سافر في غفوة
- البطل الافتراضي
- -شاعر القصيدة التي تبتلع قراؤها-
- شهقة الموت السريري
- قلبي على الحافتين
- -العطش-: استلاب الجسد المكان والصبو للعبور
- الجارزة السوداء
- أنين المقاهي
- رجل يهتك ليل الأسئلة
- مقطوعة شعر
- مقطوعة شعر بعنوان -زارا رحلة التجلي في هوس النقاء
- كطيف كونته مخيلتي
- زارا: رحلة المبتغى في هوس النقاء
- خصلة شعر


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة نصرالله - قصص قصيرة جدا