أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل التبشيربالدين يكون بالغزو وقوة السلاح؟















المزيد.....

هل التبشيربالدين يكون بالغزو وقوة السلاح؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 15:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كتب ابن كثيرفى سيرته (ج3- باب غزوة الحديبية) نقلا عن ابن اسحاق ((إنّ محمدًا استنفر العرب ومن حوله من أهل البوادى من الأعراب ليخرجوا معه، وهويخشى من قريش أنْ يعرضوا له بحرب أويصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثيرمن الأعراب، وساق معه الهدى، وأحرم بالعمرة ليأمن الناس حربه وليعلموا أنه إنما خرج زائرًا لهذا البيت مُـعظمـًـا له. وأضاف بانّ عدد الذين ذهبوا معه كانوا أربع عشرة مائة)) وكان تعقيب د. عبد الهادى عبد الرحمن فى كتابه (جذورالقوة الإسلامية) أنّ التوقيت ((كان ذكيـًـا، فمكة واضعة سلاحها، ومحمد يُـريد أنْ يفرض وجوده ، فالأمرليس أمرعمرة أوحج، وإنما هو برازللقوة المحمدية الجديدة، وبأنّ هذا الذى طــُـرد من أرضه ووطنه وحاربوه وحاربهم، عائد ليقول لهم بأنّ عداءهم له لم يفت فى عضده وبأنه قادر- على الأقل– أنْ ينتزع حقه فى دخول مكة ولومُـعتمرًا، فهوما كان له أنْ يدخلها فاتحـًـا إلاّبعد اختبارللقوى، مُـحاولاتوريط بعض القبائل (غيرالمسلمة) وضمها لحشده، ومُـستخدمًـا فى ذلك أيضـًـا بعض الأحلاف مع (غيرالمسلمين) من العرب، مُـستنفرًا من له حق فى أداء وظائفه الدينية، مُـعلنــًـا أيضـًـا أنّ الحج والعمرة هما جزء من فرائض وطقوس الدين الجديد، ولعلّ دخولهما الدين الإسلامى لم يكن إلاّتعبيرًا عن أساس من أسس الصراع على السيادة الدينية والاقتصادية، وبالتالى السيادة السياسية، ولعلّ قريشـًـا بعد الفتح قد رضيتْ عن بقاء أهم طقس من طقوس عبادتها جزءًا من فروض الدين الجديد الأساسية- رغم ما صحبه من تغيرات ثانوية وانضاف إليه- وتنازلتْ– ولوإلى حين– عن سيادتها الروحية والاقتصادية فى بلاد العرب)) (ص161)
أرادتْ قريش أنْ يمرعامها هذا دون تعكيرصفو، فأرسلتْ سهيلا بن عمرو وقالوا: إئتِ محمدًا وصالحه، ولايكن فى صلحه إلاّ أنْ يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تتحدث العرب أنه دخلها عنوة أبدًا..وفى الصلح تغاضى محمد عن الشكليات، فلم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) وإنما كتب (باسمك اللهم) ولم يكتب (محمد رسول الله) وإنما كتب (محمد بن عبد الله) فاصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشرسنين يأمن فيهم الناس ويكف بعضهم عن بعض..واشترطوا على محمد أنْ يعود فيقيم بمكة ومعه سلاح الراكب والسيف فى القـِـرب ولايدخلها بغيرها. وكان المسلمون مُـتعجلين فثاروا على المعاهدة، لكن محمدًا كان واعيًـا بموازين القوى حوله. وأتاح صلح الحديبية للمسلمين أنْ يأخذوا أنفاسهم وأنْ يعقدوا أحلافــًـا مع بعض القبائل العربية.
وأنّ جهود محمد خلال سنتيْن قد تــُـوّجتْ بإنتصاركبير، فلقد أعطى ذلك الحلف لمحمد شرعية كانت تنكرها عليه مكة، وانتقصتْ من سيادتها فى نفوس العرب، فلمَ إذن لايُحالفونه أو ينصرونه؟ كما أنّ الصراعات (القبلية القديمة) فعلتْ فعلها مثل الصراع بين خزاعة وبنى بكر، فدخل بنوبكرفى حلف قريش، فلمَ– إذن– لاتدخل خزاعة فى حلف محمد؟
وعندما دخل البعض فى الإسلام وانتقلوا من مكة إلى يثرب، نصحهم محمد بالعودة إلى مكة. ثم تطوّرالأمربأنْ أفلت كثيرون من قريش ولم يعودوا وخرجوا حتى اجتمعتْ منهم عصابة. وما إنْ سمعوا بخروج عيرلقريش إلى الشام إلاّ اعترضوها، وقتلوا من كانوا عليها وأخذوا أموالهم، وهكذا جاء الأمرعكس ما توقعتْ قريش، فأرسلتْ إلى محمد تــُـناشده بالله والرحم، وتــُـذكــّـره بشروط المعاهدة (أى عدم الاعتداء وتسليم الخارجن من جانب الطرفيْن)
ومما له دلالة على ثقة نبى الإسلام فى قوته، وبداية التفكيرفى الانتقال من (السيطرة على العرب) إلى مرحلة جديدة فى مسيرة دعوته (الدينية/ العسكرية) أنه بعد صلح الحديبية مباشرة أرسل (بعثة) مُـكوّنة من ستة أشخاص إلى (المقوقس) حاكم الإسكندرية وكان ضمن الرسالة قول محمد له ((اسلم تسلم)) كذلك أرسل محمد شجاع بن جذيمة إلى الحارث الغسانى ملك عرب (النصارى) وأرسل (دحية بن خليفة الكلبى) إلى قيصرهرقل الروم، وأرسل عبد الله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك الفرس، وأرسل عمروبن أمية الصخرى إلى النجاشى. وتلك (البعثات) كانت البداية للغزوخارج حزيرة العرب.
ومما يؤكد قوة (جيش محمد) أنّ (صحيفة المعاهدة) نصـّـتْ على أنْ تتوقف الحرب بين محمد وحلفائه، وبين مكة وحلفائها لمدة عشرسنوات، فهل توقف محمد فعلا عن الحرب؟ وهل التزم بشروط المعاهدة؟ كتب د. عبد الهادى ((كلا..فجيش محمد كان قد تعوّد القتال، وجيش هذا حاله لايمكن أنْ يتوقف، ربما ترك مكة فى حالها، وانطلق يحسم مواقع أخرى، فما إنْ رجع من الحديبية حتى مكث فى يثرب أقل من شهر، ثم خرج إلى خيبر، وفى الأشهرالحرم، فنزل ب (الرجيع) وهو وادى بين خيبروغطفان، فتخوّف أنْ تمدهم غطفان، وفعل خدعة أتتْ أكلها مع غطفان، حيث أرسل خلفهم نفرًا من جيشه فأثاروا الرعب، فأقاموا فى أموالهم وأهاليهم ولم يخرجوا ليـُـظاهروا أهل خيبر. وكان محمد إذا غزا قومًـا لم يغر ليهم حتى يُـصبح، فبات ليلة فى خيبرحتى أصبح فانقضّ عليها، وكان عمال خيبرغادين، فلما رأوا محمدًا وجيشه قالوا: محمد والخميس (= الجيش) معه فأدبروا هربًـا، فقال محمد: الله أكبرخربتْ خيبر. إنــّـا إذا نزلنا ساحة قوم فساء صباح المنذرين)) (صحيح البخارى رقم 371، وورد كذلك فى صحيح مسلم) وهكذا باغتهم محمد دون سابق إنذار، وأجبرهم على الاستسلام فقتل الرجال وسبى النساء، وكان من بين السبايا (صفية بنت حيى) التى وقعتْ من نصيب (دحية الكلبى) فلما رآها النبى (وكانت جميلة جدا) قال لدحية: اذهب وخذ من السبى غيرها..فأخذها محمد لنفسه (صحيح البخارى– المصدرالسابق)
كانت غنائم خيبركثيرة جدًا، الأمرالذى جعل محمد يُـقسّـمها تقسيمًا مُـختلفـًا وفق ما نصّ عليه القرآن، حيث أنه لم يُـقسّـم الغنيمة كلها، وإنما وزّع نصفها فقط (أى خمـّـس النصف) فعل هذا رغم أنّ عدد قوات جيشه كان حوالى 1500رجلا وذكرت بعض كتب السيرة أّنّ خيبركان بها 40000 نخلة. وبناءً عليه ازدادتْ ثروة النبى زيادة كبيرة ذكرتها كتب السيرة بسبب (الخـُـمس) أوتلك الأسهم التى اقتطعها لنفسه، كما حدث فى فيىء بنى النضيروفدك بكاملها، ونصيبه من أرض خيبر..فكانت هذه الأموال له (فقط) وكان يعزل منها نفقة أهله لمدة سنة. ثم جعل ما تبقى ليصرفه على شراء السلاح، وقد أثارهذا مشكلة بعد موته، فاعتقدتْ فاطمة (بنت محمد) وزوجات النبى وأقاربه أنّ هذه الأراضى تكون موروثة عنه، لكن أبا بكررفض واستشهد بكلام قاله النبى ((لانــُـورث..وما تركنا صدقة)) ولم يأخذ ورثة محمد نصيبهم من (الخـُـمس) إلاّفى عهد عمربن الخطاب، بعد أنْ اتسعتْ (الدولة الإسلامية) وكثرتْ (الغزوات العربية) خارج جزيرة العرب..وكتب د.عبد الهادى فى هذا الشأن ((وبالطبع لم يأخذ (العبيد المسلمون) ولا النساء مثلما أخذ الرجال (الأحرار) وإنما أعطاهم النبى عطاءً محدودًا من الغنيمة، ولم يُـسهم لهم من أموال خيبر. وذك ابن كثير- ج3– ص 374 وما بعدها وص 386 وما بعدها أنّ محمدًا أعطاهم ((تمرًا وبعض المتاع))
وبعد خيبر..لم يهدأ محمد ولم يركن إلى الراحة ووفق صياغة د. عبد الهادى (بعد أنْ اكتسب السيف المُـشهرشرعيته فى قطع الطرق والاغارات المستمرة، انطلق إلى وادى الرى، وحاصر أهلها لعدة ليالى، وقاتلهم حتى أمسوا..فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا بأيديهم..(وفتحها) عنوة وغنم هووجيشه أموالهم وأصابوا متاعـًـا كثيرًا..وأقام محمد أربعة أيام ليـُـقــّـسم الغنائم (من كثرتها) وترك الأرض والنخيل فى أيدى من صالحوه من اليهود..وعاملهم عليها (أى عيـّـنهم عليها مقابل أنْ يدفعوا خراج الأرض على شطرمن تمروزرع غيرالجزية) وفعل ذلك فى يهود بنى تيماء، فصالحوا النبى على الجزية. وهكذا وصلتْ يد محمد قرب الشام، لأنّ تيماء ووادى القرى فى أقصى الشمال..وبذلك سيطرعلى بلاد شمال الحجازتقريبًـا، ولم يبق أمامه سوى مكة وبعض القبائل ليحسم أمرجنوبها)) (ص168)
ومن تأثيرهيبة محمد فى جزيرة العرب، كان عند عودته من تلك الفتوحات (الغزوات) تفزع القبائل والعشائر، وتولى هاربة فى الجبال والكهوف، بعيدًا عن غبارخيوله وإبله ورجاله، كما حدث مع (بنى فزازة) أثناء عودته من خيبر، حيث قتل من مرّبهم، وذكرتْ كتب التراث العربى / الإسلامى أنّ شخصـًـا اسمه (سلمة) كان فى غزوة خيبرفى جيش محمد، وهذا الرجل قال ((نظرتُ إلى الناس من بنى فزازة نحوالجبل، فرميتُ بسهم فوقع بينهم وبين الجبل، فجئتُ بهم أسوقهم إلى أبى بكر(وكان على رأس سرية بنى فزازة) حتى أتيته على الماء وفيهم امرأة من فزازة عليها فروثمين ومعها ابنة لها من أحسن العرب، فنفلنى أبوبكربنتها (أى منحه بنتها) قال: فما كشفتُ لها ثوبـًــا حتى قدمتُ المدينة ثم بتُ فلم أكشف لها ثوبـًـا، حتى لقينى الرسول فى السوق وقال لى: يا سلمة هب لى المرأة، فقلت له: والله لقد أعجبتنى وما كشفتُ لها ثوبـًـا، ثم لقينى فى اليوم الثانى وسألنى إياها فقلتُ مثلما قلتُ. وفى اليوم الثالث قال لى ((يا سلمة هب لى المرأة)) فقلتُ والله ما كشفتُ لها ثوبًـا وهى لك يا رسول الله)) وظلــّـتْ معه حتى أرسلها مكة ففادى بها أسارى المسلمين (رواه البيهقى عن عكرمة، ومسلم فى صحيحه، وسيرة ابن كثير- ج- ص 417)
وكان تعليق د.عبد الهادى ((وهنا يبدوقانون السبى شرعيًـا كما كان فى أى مكان بحيث يفقد الأطفال والنساء حريتهم ويمكن أنْ يباعوا)) (ص169)
ولم تتوقف سرايا محمد فأرسل عمربن الخطاب على رأس سرية من ثلاثين رجلا إلى (هوازن) وراء مكة بأربعة أميال، وكانوا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار. وكذلك سرية عبد الله بن رواحة إلى (يسيربن حزام) اليهودى بعد خيبر. وسرية بشيربن سعد إلى (بنى مرة) من أرض (فدك) فاستاق أنعامهم لكنهم قتلوا من كان معه..فرجع إلى المدينة فأرسل النبى سرية انتقام بقيادة أسامة بن زيد ...وكانت القبائل التى تتعرّض لهجوم سرايا محمد تضطرإلى أنْ تــُـعلن إسلامها..ورغم ذلك لم تنج من سيوف (المسلمين) مثلما حدث مع (محلم بن جثامة بن الأضبط) سيد بنى عامر، حيث قتلوه وأخذوا بعيره ومتاعه رغم إعلانه (شهادة لا إله إلا الله) وكان تعقيب د.عبد الهادى ((فالخضوع لاسم الإسلام يعنى شكلا من أشكال الانتصار، ولذا وافق محمد وتقبـّـل الشهادتين (لا إله إلا الله ومحمد رسول الله) وهويعرف أنهم لم يؤمنوا ولم يدخل الإسلام قلوبهم..فالأمريحتاج فترة طويلة من الصراع مع النفس والانتصارالدائم وترسيخ العقيدة جيلا بعد جيل..بل إنّ حركة الارتداد بعد محمد لم تكن إلاّتعبيرًا عن قبول الأمرالواقع أكثرمنها الاقتناع بالإسلام كعقيدة بديلة عن عقائدهم القديمة..ظنــًـا منهم أنّ موت محمد يعنى أنّ شوكة جيشه ستنكسر..وأنّ الغارات المسلحة لابد ستتوقف وتعود الحياة إلى سابق عهدها)) (ص 170)
يتميّـز د.عبد الهادى بالمنطق العقلاتى الذى يستبعد البعد العاطفى (دينى أوعرقى) ولايضع عقله (عبدًا للتراث) لذلك فقد توقف أمام فريق المُـدافعين عن الإسلام الذين دافعوا عن محمد وحروبه العديدة، وقالوا أنه لم يكن يُحارب إلاّ دفاعـًـا عن نفسه. واستشهدوا بالقرآن ((وإنّ جنحوا للسلم فاجنح لها)) وينتقون من التاريخ أحداثــًـا لتأييد وجهة نظرهم، ويبحثون عن مُـبرّر فردى لكل غزوة، وسبب كل غارة، فيقولون أنّ ((تلك السرية انتقامية)) و((تلك لنقد عهد)) أو (لفض حلف) دون أنْ يعملوا النظرفى ديمومة هذه الحرب من أول سرية حتى آخرسرية.. ودون أنْ يبحثوا عن ذلك الخيط الذى يجمع كل هذه المعارك الصغيرة والكبيرة فى سلسلة واحدة..وإذا كان القرآن قال ((وإنْ جنحوا للسلم فاجنح لها)) وقال ((لا إكراه فى الدين)) فإنه قال أيضـًـا ((ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون)) (آل عمران/139) ولكنه كان أكثروضوحـًـا فى مسألة الجنوح إلى السلم فقال ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون)) (محمد/35) بل إنه ختمها ب (والله معكم)) بل أكثرمن ذلك قال ((قاتلوهم يـُـعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين)) (التوبة/ 14) وقال ((قاتلوا الذين يؤمنون بالله...إلى قوله ((حتى يعطوا الجزية عن يـدٍ وهم صاغرون)) (التوبة/ 29) وكان شديد الوضوح فى اجبارالمُـخالفين لمحمد ليختاروا بين الإسلام أو القتال فقال ((تقاتلونهم أويسلمون)) (الفتح/ 16) وفى التحريض على القتل قال ((سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان)) (الأنفال/ 12) وهذه الآيات مجرد عينة من آيات كثيرة فيها تحريض على القتال وعلى حصارأية قبيلة حتى ترضخ وتدخل فى طاعة الدين الجديد (أى تدخل فى طاعة محمد)
وقال أصحاب العاطفة الدينية أنّ ((قريشـًا هى التى نقضتْ عهدها مع محمد)) وكان من رأى د.عبد الهادى أنهم ذكروا سبـبًـا تافهًـا، وهوأنّ (بنى بكر) حلفاء قريش وثبوا ليلا على (خزاعة) بماء يقال له (الوتير) قريب من مكة وذلك طلبـًـا لثأرقديم من خزاعة.. وقيل إنّ قريشـًـا عاونتهم فى القتال الذى اندلع حتى وصل الحرم نفسه..فأمرالنبى الناس بالاستعداد وكتمهم مخرجه وسأل الله أنْ يعمى على قريش حتى يُـباغتهم فى بلادهم لنصرة من فى عهده من خزاعة (سيرة ابن كثير- ج3- ص 527) وكان من رأى د.عبد الهادى أنّ هذا السبب غير مُـقنع، بينما السبب الحقيقى فى (فتح مكة) لم ((يكن سوى الخطوة التالية لمحمد، وبالطبع لم يكن ينتظرعشر سنوات أخرى ليحتل مكة (سنوات صلح الحديبية) ولم يكن لينتظرمُـبرّرًا ليُـباغت مكة بجيشه الضخم الذى قيل إنه وصل إلى عشرة آلاف رجل، ولايمكن جمعهم بهذه السرعة وبشكل سرى، إلاّوالأمر لابد مدبّـرمُـسبقــًـا، للدرجة التى يمكن أنْ يكون هناك احتمال بإثارة حمية الثأرلدى (بنى بكر) بشكل ما من الأشكال، أوحتى بمهاجمة بعض (خزاعة) ليلا، فلا يعرفون من أين أتى الهجوم.. ولابد أنّ نظرهم سيتــّـجه مباشرة إلى (بنى بكر) أعدائهم التقليديين، خاصة أنّ محمدًا فى حلف معهم، وربما أتاحتْ تلك المصادفة الفرصة ليأخذها مُـبررًا لاحتلال مكة..فالفتح لم يكن عملية انتقامية لبعض القتلى (الوثنيين) من خزاعة فى وقعة ثأرتافهة لاقيمة لها فى جوجزيرة العرب..ولم تكن تحتاج كل هذا الجيش. وقبل كل شىء فإنّ خزاعة لم تكن كلها قد دخلتْ الإسلام ، لكى يتبنى محمد الدفاع عن مسلميها ومشركيها..وأيـًـا كانت الأحلاف والمعاهدات، فالأمركان أكبرمن معاهدة، اتفق محمد عليها لا ليتبعها عشر سنوات..ولكن اتبعها لينقضها..وهى المعاهدة التى لم تعترف بسلطته، أى بنبوته ولابإلهه، أى بدينه، رغم أنها كانت شكلا من أشكال الرضوخ لمتطلبات الأمور، ثم إنّ فتح مكة يأتى تتويجـًـا لكل ما سبق من صراع، واجبارلقريش للاعتراف بسلطته وسيادته وسيادة إلهه الواحد على كل آلهة الكعبة والقبائل، فكانت الوقعة إذن مُـبررًا وقتيًـا حدث بالصدفة أوخـُـلق خلقــًـا، وفى الحالتيْن كان يمكن خلق مئات المُـبررات أوحدوثها تلقائيـًـا، فأم الفتح كان قد حـُـسم وكان قد جـُـهزله منذ مدة وحانتْ ساعة التنفيذ)) (ص 177)
وأعتقد أنّ تحليل د.عبد الهادى يتفق تمامًـا مع ما ذكره ابن الأثيرالذى كتب ((إنّ النبى عندما أراد أنْ يغزومكة عام الفتح، دعا الله أنْ يعمى الأخبارعلى قريش، فكتب إليهم حاطب يُـعلمهم بما يريده رسول الله من غزوهم)) وأكثرمن ذلك يوجد دليل آخر– ذات أهمية– على نية غزو مكة واحتلالها، وهذا الدليل جاء على لسان محمد الذى قال بعد فتح مكة ((ألا إنّ دماء الجاهلية وغيرها تحت قدمى إلا السقاية والسدانة)) وكان تعقيب ابن الأثيرالذى ذكركلام محمد ((أراد محمد إذلال أمرالجاهلية ونقض سنتها إلافى هذيْن الأمريْن: ما كانت تسقيه قريش الحجيج من ماء والسدانة خدمة الكعبة)) ومع ملاحظة أنّ تعبير((غزومكة)) هوالتعبيرالذى استخدمه ابن الأثير(أسد الغابة فى معرفة الصحابة– عزالدين بن الأثير- كتاب الشعب- عام 1970- ص 102، 432) فهل كان من الممكن أنْ تكون ((دماء الجاهلية تحت أقدام نبى الإسلام)) بغير القوة المسلحة، التى ستنطلق بعد ذلك لغزوواحتلال فارس والشام والعراق والمغرب ومصر؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف انتصرجيش محمد على قريش؟
- كيف يكون التوفيق بين حرية العقيدة والتكفير؟
- رد ثالث على الاسيد (متابع)
- المرأة فى ذهنية العبرانيين والعرب
- الأحرار قبل يوليو1952
- لماذا لم ينجح التنويرفى الشرق كما نجح فى الغرب؟
- ستار من الدخان اسمه (ليسوا مسلمين)
- كيف يكون الإبداع الشعرى مع القتل وطلب المستحيل؟
- تراجيديا الصراع العربى / العربى
- فائدة تحرر العقل من الثوابت
- هل دور المفتى تضليل قرائه ؟
- ماذا يختارالكهنوت اسلامى: الارتقاء أم المذهبية؟
- الشعوب القديمة وتشابه الأساطير
- الرد على السيد (متابع)
- هل تتحرر الأوطان دون حرية المواطنين؟
- كيف يكون قتل الناس بأمر إلهى؟
- الإسلام والعروبة وجهان لمجتمع البداوة
- مجتمع انتفاضة يناير2011 الذى تم اجهاضه
- اليسار المصرى بين مرحلتين
- هل يمكن القضاء على العنف فى ألعاب الرياضة؟


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل التبشيربالدين يكون بالغزو وقوة السلاح؟