أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح3















المزيد.....

ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح3


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


رقية المدللة المدلعة هي تاج القلب عند الشيخ والأكثر إيثارا في نفسه، تعرف تماما أن ميول الشيخ كيف تجري فهي تطعمه ما يريد وتسقيه من الكأس الذي يحب، فهي لا تهتم بما يثار في البيت من مشاكل ولا تتدخل بين ضرتها تقية والأخرى صباح الحياد شعارها الدائم لكنها تميل من حيث المصلحة إلى الأخيرة فهي صديقتها بالأصل، لكن لا تظهر ذلك علنا فقط حين تختلي بعناد تنصرها على من يخاصمها.
مريم خارج الحسابات دوما لأنها الورقة الخفية التي يلعبها شيخ عناد وفقا لمزاجه الخاص، أرتباطه بها قديم لكن حضورها هنا للمدينة جديد، فهو أقترن بها أيام الدراسة وحيث وفرت له ما كان يحلم به غريب، برغم من أن طبع الإيرانيات كما يشاع التسلط على الرجل إلا أنها ولكونها هجينة في النسب من أم إيرانية وأب عراقي قد هاجر منه قديما، أحتفظت بشيء من توازن في علاقتها مع عناد وهي تدرك أن أنفصالها منه يعني العودة إلى ما كان سابقا بلا زوج ولا أم ولا أب.
وحدها صباح يمكنها أن تقر أن تنفصل عنه في الوقت الذي تريد، فهي تملك شهادة دراسية إيرانية وأمامها فرصة للعمل في أي مكان تختاره، فهي لا غريبة ولا بحاجة ماسة له لكنها تفضل أن تسمى متزوجة بربع زوج على أن يقال عنها مطلقة، وحده التصبر هو من يمنحها عذر البقاء، حتى ما تتحصل عليه من موارد مالية نتيجة عملها (كملاية) في المجالس الدينية يذهب أغلبه لجيب الشيخ إلا ما تحتفظ به سرا لتشتري لنفسها بعض المصوغات بين فترة وأخرى وهي تعلم أن لا أفق مفتوح معه ومع جبروته الذي تعاظم بعد عودته للعراق وأنخراطه في عمل مع الكثير من الجهات.
الشيخ عناد ليس أكثر شخص غامر بكل حياته من أجل أن يجد له مكانا بين من يتحكمون ويحكمون، فهو يوزع ولائه حسب ما تجود به عطايا الأخرين حتى لو كان ذلك يستلزم منه أن يحارب على أكثر من جهة، فقد فعلها حين وشى بصديق له يوم كان الهروب من الجيش يكلف حياة إنسان، اليوم يستنكر على من كان موظفا أو عاملا في الدولة أيام النظام السابق وحتى لا يتورع بأن يصفهم بأعداء الدين والمذهب، كل من عرف عناد أيامها لا يتقرب منه ولا يمنحه أمانا، فقد وصفه أحد أقرباءه يوما وفي مجلس عام بأنه (قرقوز معمم) يأكل بعمامته ولا يستحي أن يسجد على ألف دينار وقد تعلم كيف يبرر ويحلل ويحرم.
ما يلفت النظر في علاقة الشيخ بنسائه هو قدرته على إرضائهن دون خسائر فهو أكثر مهارة في اللعب على العواطف، حتى تقية التي أنجبت له علي وما مر بها وأبنها الذي لا يخلو من عاهة دائمة في جسده جعلته قليل الحركة والمشي، أحيانا تشعر أنها لا تستطيع أن تخرج من عباءته برغم كل ما ناله منها، قد يكون الحب الأول هو السبب ولكن هي تعلم أيضا أنه كان كثير العلاقات مع غيرها قبلها وبعدها، لكنه يبقى حبها الأول الذي قاطعت أهلها من أجله، كم هي الأيام ظالمة حين لا تفي بوعدها بالصبر.
تتذكر أيامها الأولى حبن تعرفت على عناد الحلاق الذي لم ولن تمر من أمام محله إلا ويسمعها مواويل الحب، صوته الشجي وجرأته المبالغ فيها أحيانا هي من وضعتها موضع العاشقة الموله، في عرس أحد أقربائها كان يغني بين شباب المنطقة أجاد في تقليد المطربة سورية حسين في أغانيها القديمة، أصرت أن تقترب كثيرا من مكان الرجال لتشاهد عندليبها الذي أحال ليل العرس إلى نهار وصوته يبلغ أخر المكان، من تلك الليلة قررت أن يكون هو نصيبها ولا غيره ولو كلفها هذا القرار عمرها، من تلك الليلة صار عناد شريك العقل والروح وعلنا أمام كل صويحباتها البنات.
رقية العزباء السورية التي كانت الخطوة الأولى لها عبر سؤال وأفتاء كانت بحاجة له في مسألة، تطورت العلاقة بينهما ليشبعها كلاما كانت بحاجة له وهي مجروحة كنمرة من الذي حصل من زواجها من أبن خالتها الذي أتضح أنه غير قادر حتى على أن يؤمن لها أبسط مستلزمات العيش، هجرها لأشهر طويلة دون أن يتذكر أنها يتيمة وبحاجة إلى رجل يقف بجنبها، أخذت تتنقل من مكان لمكان وتعمل في كثير من الأماكن التي لا تخلو من أذى، حتى ألتقت بالشيخ الذي أمن لها عملا في منظمة تتبع لأحد رجال الدين، فصار وليها الشرعي ثم طلبت الطلاق من زوجها لتنتظر أياما معدودوة حتى تحولت إلى حرم الشيخ عناد، ويفتح لها بيتا ويستقر معها زوجا شرعيا وليحصل على إقامة دائمية في سوريا، في الوقت الذي ضايقت به السلطات على الكثير من العراقيين في موضوع البقاء والرحيل.
كان راتبها الذي تتقاضاه من الجمعية وما يتحصل عليه من مكاتب المراجع أمن له أستقرارا وشبه بحبوحة من العيش، حتى أنه قياسا بزملائه طلبة العلم الديني هنا يبدو أكثر قدرة على توفير مستلزمات البيت من أجهزة كهربائية أو أثاث، شعرت رقية أنها أخيرا عادت لأدميتها بعد سنتين من شبه زواج كاد أن يكون كابوسا يذيقها مرارة العيش أو التشرد، أو ربما تقع ضحية مفترس فتخسر كل شيء، إلا أنها صدمت يوم فاتحها بموضوع أنه يرغب بزوجة ثانية لعله يكسب بها أجرا عند الله، كاد تفكيرها أن يتحطم لولا أن تداركت الأمر عقلا وتدبيرا بعد أن علمت أنه مصمم تماما على ما يريد.
خوفها كان أن تأت واحدة لا تعرفها ولا تعرف مزاجها ولا طبائعها فتحيل حياتها لجحيم، وأدركت أن الشر الذي تعرفه خيرا لك من الخير الذي لا تعرفه، ففاتحت صديقتها صباح التي كانت تعمل معها أيضا في المنظمة وتدرس في جامعة دينية وأسرت لها بالفكرة، صباح لم تأخذ الموضوع بالجدية اللازمة ولكنها أدركت هي الأخرى أن الزواج برجل دين وبمبادرة من زوجته التي عاشرتها وعرفتها وجعلت منها أخت في الغربة قد يكون خيارا معقولا، بعد أخذ ورد وتفاهمات بين الأثنتين أعلمت والدتها بالأمر فلم تمانع حين علمت أن الزوج رجل دين وله حضور مميز في مجال عمله، تم كل شيء وأصبح عناد زوج الأثنين بالرضا وبلا مشاكل ضاربا بالمثل السوري الذي كانت تردده عليه دائما رقيه (معتر زوج الثنتين) بعرض الحائط.
كانت بوادر الحرب لا مفر منها وظن الجميع أن الأيام القادمة قد تحمل للعراقيين في سوريا بشرى العودة السريعة، فكل الدلائل تشير إلى النهاية الحتمية للنظام وما بقي من وقت هو صافرة النهاية، كانت الأخبار تتوارد على المكاتب الدينية والقنوات الفضائية تنقل الحدث أولا بأول، على عناد أن يبدأ التفكير بالعودة وأن يحجز له مكانا من بين القادمين الجدد، كان حدسه يشير إلى جهة عرفت بعدائها للنظام قديما وهي الباب التي ستمكنه من ركوب الموجه والوصول للمبتغى، عرف أيضا أن بعض علاقاته القديمة يجب أن تحدد الآن والتركيز على هدف واحد، هكذا ظهر شيخ عناد كأحد الدعاة الذين لا يهدأوا للترويج لهذه الجهة دون سواها بأعتبار أنها أمل العراقيين القادم بقوة.
مضت الأسابيع سريعة على رقية وصباح تحت جناح الشيخ عناد وما ظهر من نشاط له على الساحة، حتى أخبرهن أن عليهن أن يتهيأن للرحيل فالأمر قد أنتهى وأن السادة هم من سيحكم العراق والواجب أن نكون جميعا في مواقعنا، شعرت رفية بغصة أنها ستفارق الشام وهي ذاهبة لمجهول لا تعرف عنه شيء، ما صبرها وعود الشيخ أنها ستعيش ملكة هناك فكل الأمور توحي بحياة أخرى وعالم جديد، صباح كانت تنتظر أنهاء دراستها فهي في السنة الأخيرة وعليها أن تكمل مشوارها الذي ضحت من أجله الكثير، كان لا بد لها أن تختار فأختارت الرجوع مع تأكيد زوجها أنها سوف تكمل دراستها هناك وبنفس المستوى ولا بد من تضحية.
المفاجأة الكبرى حين وصل الشيخ عناد إلى النجف ومنها بعث على زوجته وولده المعاق، في بيت يبدو قد أختاره بعناية ليتسع الثلاث دخلت تقية البيت وهي تشاهد عرائس زوجها الذي طال أنتظارها له، ثارت وجعجعت وهددت ولكنها رضحت أخيرا بعد جدال طويل تخلله الضرب والكلام الجارح والتهديد المتبادل وأنه مجرد أن تخرج من الدار ستستلم ورقة طلاقها لتعود من حيث أتت وقد خسرت كل شيء، فكل ما حول الشيخ كان يوحي بالقوة فعلا فهناك من يأتمر بأمره وهناك من يسمع كلامه، أخيرا هدأت الأمور وعادت المياه لمجاريها ليقضي ليلته الأولى معها بعد أن تولت صباح ورقية تزينها وتجميلها وحتى تغير كل شيء فيها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح2
- ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح1
- إشكالية التابع والمتبوع في الواقع العربي والإسلامي وأثرها عل ...
- تحرير المرأة هدف لتحرير الإنسان
- من أغاني الفجر
- الوعي وإشكاليات المعرفة
- لعنات يومية في مذكرات شعب
- علم الأجتماع والنظرية الأجتماعية ودورها في التطور والتحديث ا ...
- أغنية السلام
- نظريات تعدد الأكوان
- المادة ومن أوجدها؟ ح7_1
- المادة ومن أوجدها؟ ح7_2
- المادة ومن أوجدها؟ ح6
- المادة ومن أوجدها؟ ح5
- المادة ومن أوجدها؟ ح4
- المادة ومن أوجدها؟ ح3
- المادة ومن أوجدها؟ ح1
- المادة ومن أوجدها؟ ح2
- الأصل في فكرة العلمانية
- الإسلام دين للإنسان وليس دولة ولا سلطان


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ثنائية الحب والجنون (رزاق المخبل دين ودينار ودنبك) ح3