|
الدكتور عمر سعيد وخطابه الفكري النقدي
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 10:33
المحور:
القضية الفلسطينية
الدكتور عمر سعيد سياسي بارز في الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل ، ومناضل عريق في ميادين الكفاح الوطني ، ومثقف طليعي نوعي وعضوي بمفهوم غرامشي ، وكاتب أصيل رفيع المستوى من طراز نادر ومختلف ، وهو من رواد التقدم والعقلانية والاستنارة ، ومن الأقلام الجميلة الرصينة الفريدة المتميزة الملتزمة بقضايا الوطن والعصر والفكر العلمي العقلاني ، ويسحرنا ويجذبنا بجمال اسلوبه وعذوبة كلماته وتعابيره ومفرداته البليغة ومواضيعه الفكرية ذات البعد الفلسفي ، وتحليلاته السياسية العميقة .
عمر سعيد يتميز بالمنهج العلمي الفلسفي ، واستقلالية الرأي ، وحرية الفكر والتعبير ، وهي الراية التي لم تسقط من يده طوال مسيرة عطائه الممتدة مند انخراطه في صفوف حركة " أبناء البلد " التاريخية ، التي خاض فيها العديد من المعارك الفكرية مدافعاً ببسالة عما يراه حقاً وصدقاً ، وقد أثارت كتاباته نقاشاً وجدلاً بين صفوف اليسار الديمقراطي ، ومن معاركه الفكرية نقده لظاهرة التطرف الديني وتيارات التكفير الدموية وللموروث الفقهي المتصل بالشأن العام ، والذي تمتع بقداسة عالية .
قاد د. عمر سعيد على مدى العقود الثلاثة الأخيرة وأكثر حراكاً فكرياً وثقافياً وسياسياً خلاقاً بحركة دانية لا تعرف الكلل والملل ، وبجهود ذاتية خلاقة بقيادة مسار فكري رفيع ، ونحن ندين له بفضل كبير لأنه استطاع ترسيخ وعي فكري تنوري وفكر فلسفي عميق ، والقيام بجهد كبير في الحراك السياسي ، والمشهد الفكري الفلسطيني الراهن .
د. عمر سعيد من بلد الرمان كفر كنا ، وهو أكاديمي متخصص في علم الأدوية النباتية ، ويدير مركز وشركة " الانطاكي - بيليف " ، التي يقول عنها " انها أقرب الى مشروع ثقافي وطني من كونها شركة ربحية بحتة ، وذلك لانها تعتمد رؤية متكاملة تجاه دورها في احياء الطب العربي ، لهذا يمكن ايضاً اعتبارها شركة "ايديولوجية " ، أي ذات رؤية وعقيدة محددة المعالم تدفعها في الاستثمار الممنهج في الجوانب الثقافية والتعليمية والبيئية ، واشاعة الوعي الشعبي والتخصصي في عملية تحديث واعلاء شأن طبنا العربي ، وهي أيضاً شركة عربية رائدة في البحث وتطوير المنتجات الطبيعية ، وتصدرها للعالم كمنتج مادي مع محموله الثقافي كشرط لأي تعاقد تجاري " .
وهو من قيادات حركة " أبناء البلد " المنضوية تحت خيمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي ، ويساهم بفعالية في النشاط السياسي - الفكري - الثقافي ، والعمل الوطني الأهلي ، وفي تأصيل القيم الوطنية ، وتطوير خطاب فكري نقدي عقلاني تنويري مميز ، ومشروع سياسي مختلف ، وله كتابات سياسية ونقدية ، وكنا قرأنا بواكير كتاباته في صحيفتي " الراية " و" الميدان " المغلقتين قسراً ، ثم راح ينشر كتاباته في صحيفتي " كل الناس " و " فصل المقال " وفي المواقع الالكترونية .
عانى عمر سعيد الملاحقات البوليسية وزج به خلف قضبان السجن ، في اطار سياسة تكميم الأفواه ، وخنق الصوت الوطني الفلسطيني الملتزم ، واغتيال الفكر الثوري المقاوم .
وفي مقال له تحت عنوان " على أعتاب مرحلة .." يرى د. عمر سعيد " اننا على أعتاب مرحلة قادمة فيها سيعاد تشكيل قسمات المتخيل في الفكر الديني والوعي الشعبي ، ولكن تحت وطأة الضرورة وليس كخيار عقلاني لدى النخب الاسلامية ، التي كان اجدر بها ممارسة نقد علمي مسؤول للموروث ، وتأسيس تصور حداثي للاسلام ونهضة مجتمعاته ، بدل التمسك بدولة الخلافة ومقاومة التجدد العقلي وتكفير طوائف باكملها في زمن لم يعد يحتمل مثل هذه الفتاوى " .
وعندما حوكم نصر حامد أبو زيد ، المفكر المصري والعربي الكبير ، بذريعة الافساد والتجروء على الدين كتب د. عمر سعيد مقالاً في صحيفة " فصل المقال " دافع فيه عن حامد أبو زيد ومشروعه الفكري ، وقد رحل عن الدنيا وهو في السجن ، وكما يقول سعيد : " لقد لفني الأسى والندم عن استنكافي في تأدية أبسط الواجبات بحق هذا الرجل والمفكر الالمعي ، دعماً ونقداً " .
ويدعو عمر سعيد لممارسة حوارات فكرية نقدية متفتحة ، وليس مطالبة بحالة صمت تصالحي ، وضرورة نقد " المقدس " وتحطيم الاصنام التي تجهل تراثنا العربي الفكري .
يمتاز نهج د. عمر سعيد بالجرأة والشجاعة في قول الحقيقة التي يؤمن بها دون مواربة ، وهو يتصف بسعة الاطلاع الشمولي على المصادر الفكرية والفلسفية . انه وجه سياسي انتقادي ، وكاتب مؤدلج يزج بفكره وموقعه السياسي وقتاعاته الايديولوجية بشكل صريح وواضح .
وباختصار ، عمر سعيد سندباد الفكر والنقد العقلاني بالداخل الفلسطيني في المرحلة الراهنة .
تحية حب وتقدير للدكتور عمر سعيد ، وكلنا ثقة وأيمان وأمل كبير بان ينتصر مشروعنا الفكري الفلسفي العقلاني النقدي الحضاري ، المنحاز للعقل والتقدم والحداثة والمدنية والمعاصرة .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صلاح عيسى .. وداعاً
-
القيادة الفلسطينية - البديلة - ..!!
-
الشيخ صياح الطوري .. لست وحدك في المعركة !
-
ملامح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة
-
جديلة الشمس
-
الكاتب القصصي والروائي محمد علي طه يحصد جائزة الابداع للعام
...
-
تصويت - الخميس - التاريخي الكاسح ..!
-
في تكريم شيخ القصيدة الشاعر أحمد الحاج
-
فاطمة نزال شاعرة الوجد الروحي
-
عندما تكتب الشاعرة العراقية د. هناء القاضي ..!!
-
يا قدساه
-
الفيتو الأمريكي
-
مظفر النواب والترشيح لجائزة نوبل ..!
-
الشاعر والكاتب المسرحي ادمون شحادة في حضرة الموت
-
فاطمة أبو واصل .. التكريم المستحق
-
مع قصيدة -أناملك .. حكاية - للشاعرة ثناء احمد
-
وطني
-
أوراق ثقافية
-
ما هكذا تورد الابل ..!!
-
اضواء وظلال على ديوان - وأقطف صمت التراب الجميل - للشاعرة فا
...
المزيد.....
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
-
الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC
...
-
بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى
...
-
كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول
...
-
واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ
...
-
البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|