أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشير بن شيخة - ما بين التصور الإيماني للتاريخ ، وتصور المعرفة العلمية من فوارق














المزيد.....

ما بين التصور الإيماني للتاريخ ، وتصور المعرفة العلمية من فوارق


بشير بن شيخة

الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 01:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يزال المسلم الى اليوم يخلط بين معطيات العلم الحديثة، القائمة على الاستقراء وبناء الأدلة العقلية المحسوسة والقرائن الثابتة، وبين تلك الأخبار والرؤى والروايات التي تعج بها النصوص الدينية، تلك التي تحكي له تاريخ النجاة لفئة المؤمنين عبر العصور، والتي ترتكز على التاريخ الرمزي والحنيني والبطولي، وذلك لأجل التعزي والتواصل الروحي الحميد بين أجيال المؤمنين. لذلك لا يمكن أن نتكلم مثلا عن شخصية غابرة في التاريخ البشري مثل شخصية موسى أو ابراهيم أو زراديشت أو فرعون او ملحمة غلغامش أو الاسكندر المقدوني( ذي القرنين) أو غيره من الشخصيات المحورية في التاريخ القديم، مستدلين عليها وموثقين لها معرفيا وعلميا بالكتب المقدسة وحدها، غير مبالين بما تقدمه العلوم الحديثة من نتائج وأبحاث دقيقة حول ثقافة الشرق الأوسط القديمة، تلك التي تعتمد على مناهج البحث التاريخي الحديثة، من علم الحفريات (الأركيولوجيا) وتاريخ الأديان المقارن، والفيلولوجيا (علم اللغات المقارن) والايتيمولوجيا (تتبع جذور الألفاظ)وعلم الانثربولوجيا الدينية والانثربولوجيا الثقافية وغير ذلك، وذلك لأن الكتب المقدسة لا تقدم في كل الأحوال المادة التاريخية الموثقة كما حدثت فعلا في التاريخ الأرض المحسوس، لأنها غير مكلفة بذلك في منهجها الرسالي الدعوي، وإنما هي تقدمها أي المادة التاريخية مختلطة ومشبعة بقيمها الرمزية والايمانية والاسكاطالوجيا( مشاهد الآخرة )، والقصصية الوعظية، وذلك حتى تشبعها وتلبسها بالكائنات الروحية والميتافيزيقية والسماوية، كنطق النمل والهدعد وتدخل الملائكة في التاريخ الأرضي بالنصرة أو بالعذاب، وتسخير الجن والعفاريت ...الخ وهي كلها خطابات موجهة عن قصد لخدمة الإيمان والرؤية الرمزية الإيمانية للوجود والإنسان، وكذا تاريخ البدايات التأسيسية الأولى، والمصير البشري المستقبلي..الخ، مما يجعلها متعالية عن التاريخ الأرضي المحسوس، وغير مبالية به، لأنها في الأصل هي جاءت لتوظفه خدمة للوعي الإيماني لا لتوثقه، أو تدل عليه تاريخيا وجغرافيا.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نراها أي النصوص الدينية، في أغلب الأحيان تستبطن نفس الثقافة المتوارثة عن تلك الشخصيات في بيئتها التي ظهرت فيها، معيدة ومكررة وخرجة لها في قالب جديد وفق رؤيتها الايمانية والرمزية، ولا تذهب في كل الأحوال بعيدا فوق ما هو متواتر في محيطها، وإن ابتعدت قليلا فلن تتعدى ثقافة الشرق الأوسط القديمة، أين انبثقت وتنزّلت تلك النصوص. لذلك لا نجد في نصوصها مثلا أخبارا عن ثقافة الصين والهند، وأديانهم الهندوسية والبوذية والطاوية العظيمة، ولا عن حضارة الفرس وأديانهم وكتبهم السماوية، ككتاب الأبستاق لزراديشت، ولا عن المسيحية البولسية، ولا عن التاريخ التوراتي العريض الحافل بالكثير من الانبياء والشخصيات المحورية، كشاول وسموئيل الأول والثاني وإرميا وإشعيا ولا حديثا عن السبي البابلي والأشوري، ولا عن قورش الكبير الذي حررهم من السبي ولا عن ..الخ ناهيك عن حضارة الفراعنة الممتدة لثلاثة آلاف سنة، ومثلها الحضارة الميزوبوتامية وحضارة الإنكا والمايا وقرطاج، ولا أخبارا عن العصر الفلسفي الأثيني والاغريقي والروماني، وهو تاريخ طويل مديد غني جدا وحاسم في التاريخ البشري قديما وحديثا، ولا يمكن مقارنته بتاريخ الحجاز والجزيرة العربية (عاد وثمود وقوم صالح ولوط ) وما ذكر من أخبار أخرى عن اليهود...
لذلك لا يتصور أبدا أن أحدا عاقلا يخاطب البشرية جميعا برسالة خاتمة دون أن يتطرق الى هذا التاريخ الحافل والمهيب وشخصياته المحورية الكبيرة، إلا إذا نزّهنا تلك النصوص عن التاريخ الأرضي وأبقيناها في حدود الرمزي والإيماني والاسكاطالوجي، وأعطيناها بعدا هدائي أخلاقي ترعوي وترشيدي..
ومما يلاحظ أيضا داخل تلك النصوص المقدسة أنها أغفلت مثلا العصر الفلسفي ولم تتناوله في نصوصها تعزيزا أو تفنيدا، والجواب على ذلك بسيط، ذلك لأنها لا تقدر بلغتها الوعظية الإيمانية الموجهة للمؤمنين البسطاء من عامة الشعب، على استبطان لغة الفلسفة والمنطق، والقضايا والمسائل الفلسفية العميقة في لغة الوحي، لأن لغة الوحي هي لغة لا تتعدي الأفق المعرفي للمخاطبين به من العرب، ولأفق ثقافتهم البدوية المحدودة جدا، وقبل ذلك علينا أن نتفق أولا حول نظرية الوحي، قبل أن نعتمدها كدليل نتوافق عليه، لأن الوحي شيئ إعتقادي إيماني يخص المؤمن به وحده، ولا يخص الجماعة العلمية، التي هي تشتغل وتبحث وفق براديغم علمي صارم، له أدواته وتقنياته ومناهجه الخاصة جدا جدا، والتي ما فتئت تتطور وتتقدم باستمرار التراكم المعرفي البشري.



#بشير_بن_شيخة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشير بن شيخة - ما بين التصور الإيماني للتاريخ ، وتصور المعرفة العلمية من فوارق