أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حيدر وسام - النفط .. نعمة العراق أم نقمته !؟















المزيد.....

النفط .. نعمة العراق أم نقمته !؟


حيدر وسام

الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 09:02
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لوتابعنا تاريخ النفط في العراق منذ أكتشافه لليوم لوجدنا ان العراقيين كانوا وما زالوا هم المتضررين الأوليين منه.
بالرغم من وجود هذه الثروة في العراق بكميات هائلة الا ان أزمة الوقود بأنواعه ماتزال موجودة ويعيشها العراقيون بكل تفاصيلها في حياتهم اليومية.
حيث يمتلك العراق احتياطيا مؤكدا من النفط قوامه 112 مليار برميل، وهو بذلك يعد ثاني دول العالم بعد المملكة العربية السعودية من حيث احتياطي النفط . ويتوقع البعض أن يفوق الاحتياطي في العراق نظيره في دول الخليج بإكمال البحث والتنقيب في الأراضي العراقية التي لم تلقَ مسحًا جيولوجيا كاملا هذا بالأضافة الى ان الكثير من قطاعات الصحراء الغربية العراقية لم ترسم لها خرائط بتروجيولوجية دقيقة، ويتوقع أن توجد فيها كميات كبيرة من النفط ، وتشير التقديرات الأولية إلى احتمال وجود 100 مليار برميل أخرى (عدا الاحتياطي المعلن) ويصنف الاقتصاديون حقول النفط العراقية في المرتبة الأولى في العالم من حيث انخفاض تكلفة الإنتاج لوجود النفط الخام على مقربة من السطح وعدم وجود عقبات جيولوجية. هذا بالاضافة الى 110 تريليونات متر مكعب من الغاز.
يحوي العراق 73 حقلا بتروليا لا يستغل منها بشكل كامل سوى 15 حقلا. ويمكن تخيل صغر حجم النفط العراقي مقارنة بالمخزون إذا ما عرفنا أن الآبار المنتجة في العراق تتراوح بين 1500 إلى 1700 بئر، بينما يتوقع أن تصل الآبار باستكمال البحث إلى ما لا يقل عن 100 ألف بئر. رغم الإمكانات النفطية الكبرى تبدو الطاقة النفطية في العراق معطلة وقاصرة على حقلين رئيسيين:
الأول: حقل الرميلة في الجنوب ويوجد في هذا الحقل 663 بئرًا منتجة. ونتذكر أن أهم إعلان قدمته القوات الأنجلو أمريكية في بداية الاجتياح العسكري في نهاية شهر آذار/ 2003 هو "السيطرة على حقل الرميلة"، واعتبر ذلك نصرًا سياسيا كبيرًا لمدى أهمية هذا الحقل.
الثاني: هو حقل كركوك وبه نحو 337 بئرًا، ويعاني من مشكلة تعرضه للاستنزاف بسبب التركيز عليه منذ فترات طويلة (اكتشف في سنة 1927) وخاصة خلال فترة الحصار. ويحتاج الحقل إلى دراسات حديثة واستثمارات إضافية , وكما في الجنوب كان هدف قوات المظليين التي دخلت إلى شمال العراق السيطرة على حقول النفط منذ الأسبوع الأول للحرب.
و قبل غزو الكويت (آب من عام 1990) كان الإنتاج النفطي العراقي يبلغ 3.5 ملايين برميل يوميا انخفض مع الحرب والحصار الذي ضُرب حول العراق إلى 0.3 مليون برميل يوميًّا فقط، أي بما لا يزيد عن 9% من إنتاج ما قبل الحرب، وتراوح الإنتاج بين عامي 1995 و2003 بين 1.2 و2.7 مليون برميل (بنسبة تتراوح بين 35 و70% من إنتاج ما قبل غزو الكويت.
تمثل الحقول الجنوبية عصب الإنتاج العراقي الحالي بنسبة تزيد عن 65%، وتتمثل أهم الحقول في:
الرميلة الشمالي والرميلة الجنوبي (1.3) مليون برميل يوميًّا.
- القرنة الغربية (225) ألف برميل/ يوم.
-الزبير (220) ألف برميل/ يوم.
- مجنون (50) ألف برميل/ يوم.
- جبل فوقي (50) ألف برميل/ يوم.
- أبو غراب (40) ألف برميل/ يوم.
- أبو زرقان (40) ألف برميل/ يوم.
- لهيث (30) ألف برميل/ يوم.
والنسبة الباقية (35%) تأتي من الحقول الوسطى والشمالية كحقول كركوك (720 ألف برميل/ يوم)، باي حسن (100) ألف.
- جامبور (50) ألف.
- خباز (4) آلاف.
- صدام (30) ألف.
- حقول شرق بغداد (20) ألف.
-عين زالة (10) آلاف.

الصعود
بدأ التأريخ الحديث للعراق بخضوعه للانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، وقد واجهت بريطانيا ثورة كبرى أجبرتها على القبول بمملكة عراقية عربية مستقلة، رتبت معها لوجود استغلال بريطاني للنفط العراقي.
وقد أسهم النفط العراقي في تطوير الاقتصاد والتعليم والبنى والمرافق التحتية المدنية ، وأثناء هذه التحولات الاقتصادية والاجتماعية في العراق تحول هيكل الناتج القائم من الزراعة والحرف إلى النفط، وانتقل الثقل الاقتصادي إلى بغداد العاصمة، واضمحل نفوذ زعماء المحافظات لصالح فئة مدينية ومتعلمة، وتريفت المدن العراقية خاصة بغداد والموصل والبصرة بسبب الهجرة الكثيفة من الريف إليها.
وربما تكون سنوات السبعينيات ذهبية في حياة العراقيين الاقتصادية والتعليمية، فارتفع مستوى المعيشة ، وتطور الأداء الحكومي الإداري، واختفى الفقر المدقع ، وأوصلت خدمات الكهرباء والطرق والتعليم إلى الريف ومعظم المناطق العراقية إن لم يكن جميعها.

الهبوط
بدأ هبوط المستوى الأقتصادي العراقي بالحرب العراقية الإيرانية أي منذ قدوم صدام الى سدة الحكم فقد استنزفت سنوات الحرب الثماني موارد البلد ، وأدت إلى مقتل مئات الآلاف من خيرة أبنائه وشبابه ، وانخفض إنتاج النفط، وانخفض سعره أيضا.
وربما كان القرار الأسوأ الذي أتخذه صدام غير الحرب على إيران هو غزو الكويت الذي جر تداعيات على العراق والمنطقة والعالم لم تتوقف بعد ، فقد كان الاحتلال لحظة تاريخية للولايات المتحدة تنتظرها بلهفة ، بل إنها استدرجت النظام السياسي العراقي والمنطقة إلى تلك اللحظة التي تتيح لها السيطرة العسكرية على منطقة الخليج العربي ، والتحكم بالنفط ، ومن ثم الهيمنة على العالم .
لقد صدر في العام 2003 في بيروت كتا ب( زلزال في ارض الشقاق ) ومؤلفه ألأستاذ كمال ديب وهو كندي من أصل لبناني متخصص في العلوم الاقتصادية . ويستعيد من خلاله دور أميركا وبريطانيا في تاريخ العراق الحديث من نهاية الحرب العالمية الأولى ، ومن ملامح هذا الدور :
الاحتلال البريطاني للعراق بعد الحرب العالمية الأولى ، وسيطرة الإنجليز على النفط العراقي لمدة عقود من الزمن ، ودعم الولايات المتحدة لسلسلة الانقلابات العسكرية الدكتاتورية بما فيها نظام صدام والتي بطشت بالناس وبالكوادر العلمية المثقفة ولم توفر للعراقيين أي معنى من معاني الرفاهية والتقدم على غرار الدول التي لاتمتلك ربع ما يملكه العراق من النفط .
وكذلك دعمت الولايات المتحدة العراق في حربه على إيران ، وكذلك الحرب المباشرة على العراق في العام 1990 وأخيراً جاءت الولايات المتحدة بنفسها في حربها الأخيرة كي تضع يدها على النفط العراقي من دون أن تتخذ لها وسيطاً يسهل لها التصرف بهذه الثروة الجبارة .
تلتقي في احتلال أمريكا للعراق مكاسب استراتيجية واقتصادية رفيعة النوعية تجعل منه قفزة نوعية حاسمة في مسار إرساء نظام دولي لا منافس فيه للولايات المتحدة .
وتقع هذه المكاسب على مستوى التحكم والسيطرة بتيارات القوة والثروة والنفوذ العالمي وليس على مستوى كمية أكبر من الربح المادي فحسب .
فالبترول ليس سلعة عادية يخضع سعرها للعرض والطلب , إنه سلعة استراتيجية أهم من أن تترك لقوانين السوق أو لإرادة دول "الشرق الأوسط". ولذلك يجب أن تكون هذه "الجائزة الكبرى" ملك السلطة الكبرى.
والرهان ليس رفع سعر البترول أو خفضه ولا ضمان حرية تدفق النفط إلى الأسواق العالمية , الرهان بالأحرى سلطة التحكم بإنتاج البترول وسعره وتدفقه. بعبارة أخرى ، الرهان هو احتلال الموقع الأمثل لوضع معايير الكسب والخسارة ، وتوزيع مراتب القوة والضعف . وهذا الرهان الامبراطوري أهم من مجرد أن تكون أمريكا قوية أو حتى الأقوى لأنه بكل بساطة يضعها خارج المنافسة وفوقها . إن احتلال العراق هو مدخل أمريكا إلى احتلال بوابات المستقبل وبالتالي امتلاك القدرة على تشكيل وجهة العالم و"التنبؤ" بمستقبله.
على جبهة أولى ان احتلال العراق هام جداً اذ يعد خطوة صحيحة باتجاه تمكين الولايات المتحدة من التحكم بطاقة إنتاج النفط غير المستغلة حالياً، مما يعني وضع مفتاح صنبور البترول العالمي في جيبها ، وبذلك تعزز وسائل تحكمها بالقوى الأخرى وإخضاعها لها . والقوى الأخرى المقصودة هي أولاً منظمة الأوبك أو كارتل أوبك كما يسميها الأمريكيون ، وثانياً أوروبا واليابان لضبط أية تطلعات استقلالية قد تصدر عنهما (وهو الدرس الذي تجهد فرنسا اليوم لإبلاغ الولايات المتحدة أنها فهمته) ، وهي ثالثاً وبالخصوص الصين التي ستحتاج إلى 10 ملايين برميل من النفط المستورد يومياً في عام 2020.
إن معركة فتح العراق ليست ، كما قلنا معركة لضمان الإمدادات النفطية الرخيصة ولا حتى من أجل السيطرة على البترول العراقي وجني الأرباح منه بقدر ما هي معركة من أجل السيطرة على سلاح النفط. فهناك فرق كبير بين أن تمنع خصماً من استخدام السلاح ضدك وبين أن تسيطر أنت على هذا السلاح لتستخدمه ضده أو ضد من تشاء . والولايات المتحدة تدرك أن من يملك السلاح يفرض شروطه ، وأنه لا يكفي منعه من استخدامه بل ينبغي نزعه منه . وهذا درس تعلمته أمريكا من استخدام العرب سلاح النفط عام 1973 وما منحهم هذا الاستخدام وقتها من سلطة ومال وهيبة .
وبالنظر إلى تاريخ ربع القرن الأخير من هذه الزاوية نجد أن الولايات المتحدة انتقلت من منع استخدام سلاح البترول ضدها عبر مبدأ كارتر في بداية عام 1980، إلى تحييد هذا السلاح وإتمام نزع وظيفته السياسية في حرب البترول الثانية عام 1991، إلى معركة السيطرة المباشرة على هذا السلاح الدائرة حالياً وإعادة توظيفه سياسياً، ضمن استراتيجة استخدام ردعي (بمواجهة احتمالات التمرد الأوروبية أو اليابانية) وربما استباقي (بمواجهة التوسع الاقتصادي الصيني ) .
وعلى جبهة ثانية، إقليمية، تتيح السيطرة على العراق رفع درجة التحكم الاستراتيجي الأمريكي بكل من إيران والسعودية وسورية ومصر، أي تثبيت وتقوية الهيمنة الأمريكية على آفاق تطور هذه الدول فرادى أو أزواجاً أو مجتمعة، إضافة إلى ما يقع في كنفها من دول اصغر وأضعف.
وقد كان تمديد زمن الحرب العراقية الأيرانية يضيق هامش مساومة طرفيها في مجال إنتاج البترول وتسعيره ويضعهما معاً تحت رحمة مستهلكي البترول منتجي السلاح، وبذلك أيضاً يقوض التطلعات "الامبريالية الفرعية" لكل منهما. وعن تلك الحرب قال هنري كيسنجر: "هذه أول حرب في التاريخ أتمنى أن لا يخرج بعدها منتصر، وإنما يخرج طرفاها وكلاهما مهزوم" .
أما حرب الخليج الثانية ( غزو الكويت ) فكانت حرباً نفطية من مبتدئها إلى منتهاها.
فالعراق الذي خرج منهكاً اقتصادياً، لكنه قوي عسكرياً وطموح سياسياً إلى درجة التهور، سيندفع نحو احتلال الكويت تحت تأثير مزيج معقد من المطامح وأخطاء التقدير وشعور بالظلم فضلا عن تغرير مؤكد به. وسيكون هذا الاندفاع غير المحسوب فرصة للولايات المتحدة من أجل قص أجنحة القوة العراقية والهيمنة المباشرة على التفاعلات السياسية والعسكرية والاستراتيجية في هذا البحر من البترول .
فضلا بالطبع عن ضمان عودة تدفق النفط الرخيص إلى حلفائها في أوروبا الغربية واليابان بعد صدمتى البترول الأولى (التالية لحرب أكتوبر 1973) والثانية (التالية للثورة الإيرانية 1979) وتذبذبات سوق النفط في المرحلة الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية.
وبهذا المنظار أيضاً ينظر الى الاحتلال الغربي/الأمريكي الراهن في مرحلته القطبية الواحدة ونظـام عولمتها على المستويات الشاملة اللذين تكرسـا مع الحرب الأمريكية على العراق ، بعد انهيار الاِتحاد السوفييتي : منافسه أو مساومه على كل الصُعد ، والذي يقتضي ـ من بين ما يقتضي ـ الإمساك بعصب الطاقة : النفط المهم للغرب الصناعي ولأمريكا على وجه التحديد.
حيث يقول وزير الطاقة الأمريكي " إن الزواج بين مليون جندي عراقي وثلثي إنتاج البترول في الشرق الأوسط هو زواج غير مبارك في الأعراف الأمريكية " ، لأنّ السيطرة العراقية على 18% من اِحتياطي نفط العالم ، ولو أُضيف إليها النفط العربي في الجزيرة العربية لأصبحت النسبة العربية 44% من الاِحتياطي النفطي العالمي ، وذلك يشكل تهديداً للمصالح الغربية ، وللاِقتصاد والأمن الأمريكيين بسبب كامن وجوهري في إنه:
"بدون البترول فإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بالشكل الذي نراه الآن لم تكن ممكنة قط" ، كما يقول وزير داخلية أمريكي.


***********************************************************************************


النفط العراقي والخليج

تعتمد الدول الخليجية الست على النفط بشكل أساسي في اقتصادياتها؛ إذ يمثل 75% من الصادرات وحوالي 80% من الدخل القومي، وبالتالي فإن أي هزات يتعرض لها هذا القطاع في الأسواق العالمية من شأنها أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة وأزمات مزمنة في موازنات تلك الدول، وبخاصة في ظل ما يتردد بأن وزارة النفط العراقية سوف تسعى خلال السنوات القليلة القادمة إلى الوصول بمعدل إنتاجي يقترب من 6 مليون برميل يوميًا وهو ما يعني إمكانية تراجع العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي بمعدل 25% خلال العامين المقبلين، ونحو 50% خلال السنوات الخمس المقبلة؛ حيث إن زيادة معدلات إنتاج العراق من النفط سيؤدي إلى انخفاض أسعاره وبالتالي تراجع العائدات منه. وفي ظل التوجه الأمريكي نحو ما يُسمى بخصخصة النفط العراقي يتوقع أن تنخفض الحصص الخليجية من الإنتاج لإفساح المجال أمام النفط العراقي، وبالتالي تراجع الأهمية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
إلا أن هناك اتجاهين في هذا المجال :
الاتجاه الأول
يرى أن هناك تأثيرات سلبية يمكن أن يشهدها قطاع النفط في الدول الخليجية الست مستقبلاً وذلك بالنظر إلى عدة اعتبارات هامة.
الاعتبار الأول : هو ما يتردد حول احتمالات خصخصة النفط العراقي ، وهو ما يعني تهديدًا للنفط في منطقة الخليج والذي تسيطر عليه الدول منذ عام 1973م؛ لأن النفط العراقي في هذه الحالة سوف يكون تحت السيطرة الأمريكية، وسوف تتحكم الولايات المتحدة في معدلات الإنتاج والأسعار.
والاعتبار الثاني : أنه في ظل تزايد الإنتاج العراقي، والذي يتوقع أن يتراوح ما بين 1.5 إلى 3.5 مليون برميل يوميًا وفقًا لتقرير الخبراء ، فإن دول الخليج سوف يتعين عليها زيادة إنتاجها لتصل إلى المستوى المطلوب منها لمواجهة تلك الزيادة العراقية، وهو أمر يحتاج لاستثمارات قدرها الخبراء بـ 128 بليون دولار ، وهو ما يمثل عبئاً باهظًا على الإقتصادات الخليجية التي شهدت تراجعًا واضحًا للاستثمارات في أعقاب حرب العراق ، كما أن انخفاض أسعار البترول يؤدي إلى خسارة دول مجلس التعاون الخليجي نحو 60 بليون دولار سنويًا .
أما الاعتبار الثالث والأخير: أنه في ظل تسابق الشركات الأمريكية للحصول على عقود النفط العراقي ، فإن موقف هذه الشركات سوف يصبح في وضع تفاوضي أقوى للحصول على عقود بشروط أفضل كما أن هذا الوضع سيؤدي إلى نقص الاستثمارات الموجهة لدول الخليج نظرًا لاستئثار العراق بمعظمها .
الاتجاه الثاني:
يرى هذا الإتجاه أن دول مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر من جراء عودة النفط العراقي للأسواق العالمية، وذلك بالنظر إلى الاعتبارات الآتية:
الاعتبار الأول : أنه في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة التي يشهدها العراق حاليًا يلاحظ إحجام عدد كبير من الشركات الأجنبية عن إبرام عقود نفطية جديدة بالعراق ، وهو ما يعني أنه من الممكن تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها إلغاء عقود النفط العراقي السابقة والإبقاء عليها لصالح الشركات الروسية والصينية والفرنسية رغبتها في أن تورط شركاتها في عقود غير مجدية إلى أن تستقر الأوضاع في العراق وبخاصة أن للشركات الروسية والفرنسية خبرة ممتدة في التعامل مع البيئة العراقية خلال الأزمات التي شهدها العراق من قبل.
والاعتبار الثاني: أنه لا يوجد مؤشرات حول إمكانية انخفاض عائدات دول الخليج من النفط حتى في حالة عودة النفط العراقي للأسواق العالمية، حيث تشير التقارير إلى أن توقعات زيادة الطلب العالمي سنويًا من النفط تبلغ 1.8% حتى عام 2025 ، وهو ما يعني استمرار الزيادة في الطلب بمعدل يمكن استيعاب إنتاج دول الخليج ، خاصة وأن الولايات المتحدة تستهلك يوميًا حوالي 25% من الإنتاج العالمي وتستورد ثُلثي احتياجاتها من منطقة الخليج العربي.
أما الاعتبار الثالث: فهو أن دول الخليج قد اتخذت العديد من الإجراءات التي من شأنها أن تأخذ في الاعتبار أوضاع السوق العالمية للنفط حاليًا ومستقبلاً ومن ذلك سعي تلك الدول لإقامة مشروعات ضخمة للتخزين من خلال إنشاء شركة تتولى مسؤولية التخزين بصفة خاصة في مجال البترول ، فالكويت على سبيل المثال تسعى لإنشاء مركز تجميع في الحقول الشمالية تبلغ تكلفته 120 مليون يوميًا عام 2005 ، كما تمتلك السعودية إمكانات هائلة لإنشاء مخازن ضخمة.
الآن وبعد الحرب الأخيرة أرتفعت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية لتصل الى ( 64 ) دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد وهو سعر تاريخي بالنسبة للنفط منذ اكتشافه , وهذا الصعود الكبير عاد بالفائدة على الدول المصدرة للنفط وبالخسارة الأقتصادية على الدول المستهلكة له وبالرغم من الطاقة النفطية الهائلة التي يمتلكها العراق لانلاحظ وجود أي وجه من وجوه الرفاهية في أي مجال من مجالات الحياة لدى العراقيين بسبب الأدارة السيئة لهذه الثروة المهمة , وكما أن السيطرة الأمريكية على سلاح البترول الذي أقنعوا العرب برميه وعدم تسييسه هو جزء من عملية تأسيس سيطرة عالمية أوسع ، يجب القول أيضاً إن عجز العراق عن السيطرة على ثرواته الوطنية هو مظهر من مظاهر عجز أعم وأوسع هو العجز عن السيطرة على مصيره والتحكم بالقوى التي تصوغ مستقبله .
والعراقيون اليوم ينتظرون قيادات وطنية تعمل على تسخير هذه الثروة العملاقة لصالحهم ولصالح العراق ويأملون برغم ما يتعرضون له من ضغوط وعلى مختلف الأصعدة بأن يكون القرار الأخير في مجال النفط هو قرار الشعب المتمثل بالقيادات الوطنية التي تنتخب إنتخاباً حراً لا مزيفاً ومزوراً كالذي يحصل الآن وليس قرار الولايات المتحدة أو من لف لفها.



#حيدر_وسام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا
- فوربس.. قائمة قادة الشركات العقارية الأبرز بالمنطقة في 2024 ...
- ثقة المستهلكين الأميركيين ترتفع إلى أعلى مستوى في 32 شهراً
- بورصات الخليج تغلق على انخفاض قبيل بيانات التضخم الأميركية
- 1.8 مليار درهم حجم إنفاق -مبادرات محمد بن راشد- في 2023
- مصر.. تحرك حكومي عاجل قبل عيد الفطر
- فرنسا تعتمد اقتصاد الحرب لدعم أوكرانيا وتسريع إنتاج الأسلحة ...
- -جيه بي مورغان-: سوق -وول ستريت- مزدحم وقد يتراجع بأي لحظة
- مؤشرات -وول ستريت- تتباين وتتجه لتسجيل مكاسب بالربع الأول
- في قراءة أخيرة.. اقتصاد أميركا ينمو 3.4% بالربع الرابع


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حيدر وسام - النفط .. نعمة العراق أم نقمته !؟