أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - التابو في بلداننا المنكوبة














المزيد.....

التابو في بلداننا المنكوبة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 18:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يوجد مصطلح إسمه.."تابو"..taboo ويعني محظور

فكل محظور إذن هو تابو، مثلا خلع الملابس في الشارع أو الاعتداء على الآخرين، أو الشك في الدين أو معارضة الدكتاتور أو الانتحار..إلخ

ويختلف التابو حسب المجتمع من حيث الكم والكيف:

أولا: من حيث الكم تجد الشعوب المنفتحة أقل تابوهات عموما، يوجد لديهم كثير من أنواع التابو لكن انفتاحهم جعل هذا المحظور قيد المناقشة والدراسة المجتمعية..بخلاف المجتمع المقفول..هذا ينتج تابو جديد كل يوم وتكثر المحرمات فيه بشكل بشع مما يؤدي لتدمير الإنسان وتخلفه في الحال..

نعم ففي الفلسفة مصطلح .."الصيرورة"..ويعني انتقال المجتمع من حال إلى حال، وهو من الجذر صار أي تحوّل، والكون بأكمله يخضع لقاعدة الصيرورة، فإذا انغلق الإنسان عن مناقشة واقعه وفهم الكون (بعد الصيرورة) سيقرأ حاضره ومستقبله بطريقة خاطئة وبالتالي يتخلف، لذا فالتابوهات عندما تكثر في مجتمع ليست علامة صحة، بل مَرَض يجب استئصاله

ليس القضاء على التابو بالمطلق، فلكل زمن تابو، ولكن حصاره بألا يزيد عن معدله الافتراضي المتناسب مع حركة الزمن..فالثابت أن التابو يمنع من (النمو العقلي) بحيث يُكسِب العقل خمولا يجعله أكثر تقبلا للخرافة، لذلك تشيع الخرافات بكثرة كلما زادت كمية التابو، وتقل كلما قَلّ ..وهكذا.

ثانيا: أما من حيث الكيف فتؤثر فيه عوامل الدين والعُرف، مثلا الجنس قبل الزواج في المجتمعات العربية هو تابو، لكن ليس كذلك في المجتمع الغربي، كذلك المثلية الجنسية، بينما يشترك (كلا المجتمعين) في تحريم زواج الأقارب أو سفاح القربى incest والخيانة الزوجية Marital Infidelity والجنس مع الأطفال.

عدا أن المسلمين يجيزون نكاح الصغيرة بينما الغرب يحرموه وبشدة..أي أن نكاح الصغير هو تابو غربي يحرم قبوله أو مناقشته سوى بطرق وكيفية علاجه، كذلك العبودية هي تابو عربي وغربي، عدا أنه لا زال يُمارَس في بعض الدول العربية بمسميات أخرى كالكفيل أو نُظُم العمالة الغير مُقننة وتشغيل الأطفال والنساء في أعمال سخرة وخلافه.

ومن حيث الكيف أيضا فالتعصب الديني والعنصرية تابو في المجتمع الغربي، هناك الشخص العنصري منبوذ إعلاميا واجتماعيا، بينما العنصرية والتعصب الديني سمة لشعوب العرب..إذن هي ليست تابو..وهذا الجانب ثقافي بحت، أي الفضل يعود فيه للمثقفين بعلاقة طردية، كلما نشط المثقفون انخفضت نسب العنصرية، وكلما خَمِلوا زادت وارتفعت، وتصبح متوحشة لو أيدتها السلطة السياسية..وقتها تصبح ظاهرة عامة وليست عَرَض أو مَرَض.

كذلك من حيث الكيف أشياء متغيرة زمنيا، كارتداء الطربوش زمان في الدولة العثمانية وفي العهد الملكي المصري، هذا كان تابو يحرم الظهور في مناسبات هامة بدونه، وقديما كانت العمامة أيضا تابو لها نفس وظيفة الطربوش، الآن انكسر كلا التابوهين بانقضاء عهدهم والظروف التي صنعتهم..وهذا يعني أن المحظورات عموما قد تكون نتاج بيئة سياسية أو اقتصادية أو دينية..فور انقضاء تلك البيئة أو تغير بعد ثوابتها ينتهي التابو ويصبح مجرد تاريخ.

التابوهات المشهورة عند العرب هي ثلاثة (الجنس – الدين – السياسة) فالأولى لشيوع وسطوة العقل القديم بحظر مناقشة الجنس أو تصويره باعتباره من أمور العيب، والثاني لسطوة رجال الدين، والثالث للاستبداد السياسي ومنع تداول السلطات أو تجريم انتقالها بشكل سلمي..هذا جعل العربي في ضيق عن فهم هذه الأمور الثلاثة، بحيث تعرضه للخطر دائما وتكثر الحروب لعجزه عن فهم أبعادها العلمية.

نعم إن عزلة الإنسان عن التابو تؤدي لتجهيله واعتبار تلك التابوهات شفرات ودهاليز ومتاهات لها متخصصين، وقد ساهمت سلطات الدولة في شيوع تلك التابوهات باستخدام رجال الدين لحشد وتوجيه القطيع، كما في مصر وإيران ودول الخليج، فالتفكير لديهم من المحرمات والنقد جريمة تستوجب العقاب ، وربما لو تحدثت مع نفسك بصوت عالي في الإنترنت تعرّض نفسك للحبس.

الخلاصة: أي مجتمعات ينتشر فيها التابو تصبح متخلفة وفاشلة، فالحظر موجه بالأساس لعقل الإنسان ومنعه من التفكير في حل مشكلاته بواقعية ، وكما أن الناس تغضب من الكلام في الجنس والسياسة والدين، تغضب أيضا من قضايا التحرش والاغتصاب والحروب الأهلية والتكفير، رغم أن هذا مقدمة لذاك، ولو لم يمنعوا أنفسهم من الكلام مقدما ما حصدوا الفشل نتيجة ، إذ كيف ستتجنب مصائبك وكوارثك وقد منعت نفسك من فهم جذورها وكيف تنشأ وما هو علاجها.

وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح، ستنكسر كل التابوهات المؤذية مهما طال الزمن، وسيتم ذكرها مستقبلا كحقبة فاشلة وساقطة من التاريخ..ويتم الاعتبار بأصحابها كنموذج للتخلف، فالتابو فكرة بالأساس صنع الطغاه والجَهَلة حوله أسيجة من نار تخدمهم وتحافظ على مكتسباتهم، والعلم بحقائق تلك المشكلات يُمهّد إلى حلها جذريا.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس لأهلها ياترامب
- أنصار صالح ومصير حزب البعث العراقي
- د. مراد وهبة بين التقدمية والرجعية (2)
- د. مراد وهبة بين التقدمية والرجعية
- ابن تيمية يبيح قتل المُصلّين في مسجد الروضة
- قوى التواصل وقوى السيطرة
- الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية بمصر
- كيف يكون الاقتصاد قويا؟
- رؤية موضوعية لحزب الله
- هل الإصلاح ممكن في العالم الإسلامي؟
- عشرة أسباب لشيوع الفقر في مصر
- المادية الجدلية
- كشف حساب للوزير الخرافي حلمي النمنم
- نظرات في الرقص
- فلسفة الحجاب
- أضواء على المسيحية
- كيف يقوم الاقتصاد وكيف ينهار؟
- اللغة المصرية ليست عربية
- مصر بحاجة لنموذج تونسي عاجل
- إطلالة على فلسفة الأديان


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - التابو في بلداننا المنكوبة