أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دريسي مولاي عبد الرحمان - في حضرة الرائحة















المزيد.....

في حضرة الرائحة


دريسي مولاي عبد الرحمان

الحوار المتمدن-العدد: 1473 - 2006 / 2 / 26 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


كنا جالسين جنبا الى جنب.ايادينا في عناق حار,متشابكة وكانها في وثاق متين.رائحة عبقة تفوح من مسامات جلدها,مختلطة بانفاسها الدكية ورائحة عطرها المميز.جعلت حواسي ترتقي لحدود النشوة واللدة.هده الرائحة تركت الغرفة واجواءها تتلطف كغير العادة.لان رائحة السيجارة الرخيصة,وبقايا الاتربة والرمال المنسلة من شباك النافدة المهترئة,والجرائد والمجلات القديمة هي بدورها ساهمت في تخمير فضاء الغرفة وجعلها اكثر اثارة للعفونة والتقزز.سقف تسكنه عناكب ارخت بانسجتها في الزوايا وكانها زخارف تزين الغرفة وتضفي عليها طابعا فنيا من طراز خاص.مقالات وكتب مبعثرة على منضدة صغيرة.حصير يتوسط المكان وصورة وحيدة لامراة جميلة ملصقة على الحائط قبالة سريري اليتيم الدي يحتاج الى انس امراة حقيقية.عنوان الصورة"المراة صاحبة القراط

احسست بقربها-ليست صاحبة القراط-بطيفها ينبعث في كل اركان الغرفة,مولدة لدي رغبة جامحة في افتراسها.بدات الهث ككلب حقير.ولم اتماسك نفسي في مواجهة هدا العبق الطاغي الدي بقربي.اختلطت انفاسنا في اثير خاص.واحست بانفعالي العاطفي وكان الايادي المتعانقة اخبرتها بهواجسي.قامت واقفة متجهة نحو الكرسي القابع في ركن الزاوية عساها تامن شري.حاولت ان امسكها من كتفها فانسلت بسرعة وخبث ظاهر على محيا وجهها.قالت

انك تفكر في الاقدام على فعل شيئ ما*
ما هو هدا الفعل على سبيل المثال *
ردت وابتسامة فيها مزيج من الرضى والرفض
مثلا ان تقبلني *
قاطعتها واردفت قائلا او مادا ايضا.ان اغتصبك.ان اخنقك.ان اقتلك
في لحظات اخشى رعونتك.فانت تخيفني وتتركني وحيدة وحزينة.تعمق في نفسي التشتت والوله والتيه
يا الهي امام هدا الجسد الناضح بالنضارة والنضج.لن اتماسك نفسي.فهو يناديني باعلى صوت.مفاتنه الجائرة تغدي بؤسي و حقارتي.انه يناديني بكل خلية فيه.بكل عصب.بكل قطرة دم.وانا لن اتوانى في الاقدام على الارتواء من خيرات هدا الوطن .اتعلمين انكي وطني
دائما تجعلني مرادفة لاشياء اجهل مغزاها.فتارة ان وطن.وتارة اخرى انا رواية.وطورا اخر انا قصيدة.انك تتلدد بخلق نوع من الارتباك في قرارة نفسي.قل لي من اكون

احسست انني متوغل في نقاش حاد.اخدت سيجارة.اشعلتها و اخدت نفسا عميقا.لمحت سحنة وجهها قد تجهمت.قالت بانفعال
عندما نحاول الحديث بجدية.تحاول العبث معي.تخلق مواقفا لاستفزازي.كعادتك هدا جبن منك.قل لي من هي اسماء بالنسبة لك

اهدئي يا صبوتي.هجا ليس جبنا.عندما قلت لك انكي وطني.لانني احس بالانتماء وبزوغ الكينونة في احضانك.الوطن كما تعلمين هو النتماء والتملك.وانت تعلمين جيدا ما موقعك بالنسبة لي

هامت في تفكير عميق.وساد بيننا صمت رهيب.راحت تتامل الاوراق المبعثرة على الطاولة.تصفحت بعض الكتب المتناثرة فوق المكتب."التاريخ والوعي الطبقي"."قصة حب مجوسية"."المسيح يصلب من جديد".اخدت تتفرس الرواية وتصفحت بعض صفحاتها.صوبت الانظار نحوي وهي تلقي بالكتاب على المكتب بشكل لا مبال.عيون ثاقبة وشرارة التحدي تنطلق منها.قالت بحزم فائق

ان حبيبتك.اليس كدالك

اجبتها بسرعة.ها انت تعلمين من انت.فلمادا هدا السؤال دائما على شفتيك

حبيبة شبيهة بمنطق هده الغرفة.الفوضى والتبعثر في كل مكان.الخوف من المستقبل.النشوة واللدة.وجدلية الرفض والقبول.و اشياء اخرى.مرارا كنت تقول لي ان الحب هو التملك.وعندما اكون في حضرتك فانني بالاغتراب

كلماتها الاخيرة حزت في نفسي.وتركت وقع نبضات قلبي تزداد.قلت لها بانفعال وان احس ان كلماتي سقطت سهوا

والحب ايضاالفة,جنون,مشروع

سمه ما شئت.مند ان تعرفنا على بعضنا.وانت تحاول ان ترسم لي احلاما رومانسية.تعتبرني مشروعا وانا اشك في مصداقيته.اتعلم ان الالفة هي المتحكمة في حبنا.وانا من حقي ان اتساءل.اليس كدالك

يا صبوتي ارجوك.مرارا وفي مناسبات متعددة.حاولت ان اقنعك ان هاته الاندفاعية التي تتملكك احيانا,لن تخم مشروعنا.اخبرتك ان منطق حياتي يختلف عن الاخرين.انه منطق هدا الواقع غير المتوازن.ستقولين انني اتيه في مغامرات تجريدية وشكلانية.ولكنها بالنسبة لي فانها تقوم بعقلنة واقعي وخلق حالة من الاتزان على مستوى الدات والكينونة.اناس والاخرون لا يهمونني.انا لا اهتم بترهات الناس وتفاهاتهم.ولكن لا تنسين ان همومهم وانشغالاتهم كلها همومي.ببساطة نحن عالمين حضاريين مختلفين.وانت تعتقدين انه يستحيل بمكان ان يتقاطعا

ما شاني وهدا الكلام الدي لا اطيق سماعه.واحيانا لا افهمه.انت مثقف مهووس بالسياسة.والسياسة اخدت معظم وقتك.وان في غالب الاحيان تعويض عن نقص يطال ممارستك السياسية. وخوف يتوغل في مبادئك وقناعاتك.ولوثة السياسة افسدت طهارة دمك

ومن قال لك ان السياسة ليس فيها حب.اظن انك قد بدات تحللين شخصيتي انطلاقا من معطيات السيكوليجية الفرويدية.واعتقد ان زمانها قد ولى.اد هناك ما ورائية سيكولوجية تكشف عن تعارض مبدا اللدة ومبدا الواقع.وانا بدوري احاول ان احقق الاول.وانت تتهربين من الثاني.هدا هو جوهر الاختلاف عزيزتي

وقفت وسط الغرفة,وهي تتحرك بمشيتها المتثنية.جسدها البض يهجس في اعماقي لانهض كي انهش لحمها.ساقان سامقان يترنحان بهدا الجسد المكتنز.قدمان مستديران في منتهى الخلق والابداع.جمعت عباءتها و اهتز صدرها بعنفوان صاخب محدثا رجة في عضامي.فاكهتان ناضجتان تلوحان بخيرات ستؤمن جوعي وفقري.سامتص منها نسوغ الحياة واللدة.اصابع يدها ناعمة نعومة الحرير.تتحرك في الغرفة وكانها اصابع ضابط ايقاع يعزفسمفونية حنقي وعوزي.جسدها يراقص المكان.بينما رائحة جسدها اخترقت تجاويف دماغي وكانني في حضرة ولي صالح.كل اشيائي في الغرفة تراقبها كي لا تغادر.في كل هدا الارتباكقمت اتتبع رائحتها التي تغلغلت في حاسة شمي.اريد ان ارتوي حتى اصاب بالتخمة ولم لا الجنون.قولوا ماشئتم,اني مراهق او مجنون.ولكن رغم دلك ساشم كل درة من جسدها الملائكي.سابصم على ظهرها دكرى حزن وفرح وساعابث شعرها ثم اصففه على مزاجي.قامتها وكبرياؤها لا يريدان الانحناء امام ارادتي العمياء.اقتربت منها حدود اللمس.انسلت في الاتجاه المعاكس وملامح وجهها فيها نوع من الدلال قالت

هلا احضرت لنا شيئا نشربه حتى نكمل الحديث

وافقت بسرعة وابتسامة عريضة على وجهي قلت.ولكنني لن ابرح مكاني حتى ترويني من خيرات وطني.ساحقق ضالتي اليوم.هدا الحنق الدي بداخلي يجب ان اتخلص منه.لمحت ترددا في وجهها ومقاومة حارة.احسست انه تريد ان تجرني الى الحوار القديم.بدات الهث.حالة من الغثيان تخنقني.طيفها اصبح يتلاشى امام عيني.بدات تتراجع الى الوراء واناتقدم نحوها بملحاحية.هده المرة ساكون ساديا معها لحدود القسوة.سافوز ولو بقبلة هده المرة.اشياء غرفتي هي الاخرى تريد مشاركتي الاحتفال.

انه احتفال في حضرة الرائحة.



#دريسي_مولاي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مونولوج داخلي


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دريسي مولاي عبد الرحمان - في حضرة الرائحة