أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - كلمات من دفتر الاحوال... (14)















المزيد.....

كلمات من دفتر الاحوال... (14)


كاظم الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 5723 - 2017 / 12 / 10 - 16:29
المحور: الادب والفن
    


بُلغت بنهاية المهمة والسفر إلى الجزائر، كمحطة انتقالية مؤقتة للتحرك منها الى محطة اخرى او الوجهة القادمة، التي يحددها الحزب. كنت قد قدمت ورقة ختامية عن "الفكر القومي في عصر الاشتراكية المتطورة"، وشاركت فيها في المؤتمر العلمي للمعهد، الذي كان بإشراف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي، يغغيني بريماكوف، والمسؤول الإيديولوجي للحزب في المعهد. وكنت قد أطلت في الزمن المقرر، واتذكر أن المسؤول الإيديولوجي رد علي بأن البرجوازية العربية دائما لا تلتزم بالوقت، ضحكت وقلت له ولكني عضو الحزب الشيوعي هنا، فهز رأسه موافقا واستمر النقاش حول الموضوعة، واسئلة من أساتذة آخرين. أثارت المناقشة والمشاركة ايضا اشكالات داخلية ووجوها يومئذ باكية!. تجاوزتها وحملت حقيبتي وغادرت موسكو... الرفيقان السوفييتي والعراقي اللذان استقبلاني ودعاني ايضا، ولكن هذه المرة كنت بصحبة رفيقتين ورفيق افترقنا في بودابست. ومن هناك واصلنا. كل لطريق، نحن الى العاصمة الجزائر، ليستقبلنا رفاق آخرون، ويوزعوننا حسب معرفتهم ويسكنوننا في بيوت آمنة. كل الامور منتظمة وموصولة ببعضها. الحزب مازال قادرا على ضبط أعماله البسيطة التي تتعلق بحيوات إنسانية وهجرات بعيدة. (رغم الكثير من الحكايات والسرديات الاخرى!).
في الجزائر العاصمة، البياض الجميل الطاغي على الأبنية بشمولها، والامتدادات للبحر الازرق المترامي الابعاد، والتي تغطيها باستمرار غيوم تطل مع زقرقات العصافير والحمام في الشوارع الرئيسية في العاصمة كل صباح. المقاهي القريبة من الساحل والميناء، او المنتشرة في الشوارع كلها، لا تختلف عما عندنا في الشرق العربي، الا أنها تجمع في الأغلب بين المقهى والبار سوية، وهذا ما خلفه المستعمر الفرنسي في تلك البلاد. والاجمل في العاصمة تخليد الابطال في تسميات الشوارع، المعاهد، المدارس، المباني الثقافية، المعالم الاخرى، باسماء ابطال حرب التحرير الجزائرية، التي تذكر بهم وبتلك الأيام من الحرب والمقاومة والبطولات. كانت الجزائر وابطال حرب التحرير فيها موضع تقدير كبير في المشرق العربي، والعراق انشغل في كثير من قضاياها، رسميا وشعبيا.
نهاية السبعينات من القرن الماضي في الجزائر كان قرار التعريب له مكانته في التعليم والشارع والصراع حوله واضح في المعاملات والدولة احيانا. ولذلك كانت السرعة في ترجمة العناوين مثار سخرية مُرة، فامام مبنى مجلس الشعب، محل احذية، ويافطته المواجهة له، مكتوبة بخط عريض وكبير على طول واجهة المحل: الجزائر احذية، وفي أكثر من دكان قصابة، لافتات وعناوين: قصابة الشعب، او مذبحة... وكذلك عناوين صالونات الحلاقة، والبارات وغيرها. ترجمة غير مدققة او مقصودة للإساءة للغة العربية.
في مقهى لا اتذكر اسمه قرب الميناء يجتمع المهاجرون يوميا، وللعراقيين حصة منهم، التقيت بهم وتعرفت على وجوه جديدة، ولهم كغيرهم قصص وحكايات، سواء عن المنافي او الحياة فيها. منفيون بلا مستقبل واضح عموما. لكن العراقيين لم يختلفوا كثيرا بعد عن طباعهم الشرقية في الاستضافة والكرم والحميمية في الصلات والعلاقات، فيما بينهم ومع الأشقاء الذين يبادلونهم بالمثل. كان بعض المهاجرين العراقيين من القدماء وجودا في العاصمة واغلبهم معينون أساتذة في الجامعات، يسكنون في شقق الجامعة في منطقة القبة. يوفرون مصادر استقبال وتعريف للمهاجرين الجدد. واسكنت مؤقتا في بيت كان المعمرون الفرنسيون قد بنوه لهم في حي خاص له بوابة وسياج وحدائق وغزلان تمرح وتسرح فيه، في منطقة بن عكنون، يسكنه الرفيق ابو هشام جمعة، الذي أعرفه من بغداد قبل زمن الهجرة، ومفتوح لاستضافات أخرى حسب ظروف المنظمة وهجوم القادمين إليها من أركان المعمورة. وكانت بيننا زيارات ودعوات، وصداقات ومودات، وخبز وملح، كما يقال.
اولى وصايا المنظمة الحزبية للمهاجرين الجدد تنظيم الطلبات وتقديمها بحثا عن وظيفة، قبل كل شيء او سؤال، والاغلب فيها التدريس في كل مستوياته، ولهذا العمل والطلب له حكايا وخرافات وكوميديا سوداء وخضراء وبيضاء، حسب تسلسلها وترتيبها. وفي تلك المقهى تسمع يوميا تلك الحكايات والقصص، التراجيكوميدية. من بين طرائف تلك الأيام في المقهى، انها تتحول إلى مدرسة إعداد مدرسين معينين بتدريس مواد ليست من اختصاصاتهم، فيساعدهم المختصون بتسهيل الأمور عليهم، خاصة في دروس الرياضيات وقواعد اللغة العربية. حيث ينتظر مدرس الرياضيات المعين رفيقه المختص بها والذي لم يعين بعد ليشرح له مواضيعه. وكذلك من الطرائف الاكثر شهرة، هي أن بعض الإخوة من جنسيات مختلفة يحملون في حقائبهم نسخا من شهادات تخرج من الكليات لاختصاصات متعددة، يذهبون كل يوم الى دائرة التعيين في الوزارة فيقراون الاعلانات التي تبين حاجة الوزارة إلى الاختصاص المعين، فيقدمون له الطلبات. وهو وحظه، فقد يحصل على وظيفة بوثيقة مزورة لا تتعلق بدراسته او اختصاصه او امكاناته، وبعدها يعود إلى المقهى ليبحث عن حلول وواجبات. كارثة ليست مقصودة ولكنها مؤلمة حقا في بلد قدم الكثير لكل من قدم له ايام التحرير من مساعدات لا تنسى. وهذه حالات منفردة وليست قواعد عامة. انجزت الوزارات عقود ابتعاث واستعارة عمل، مع العديد من الدول العربية، وقدم هؤلاء جهودا كبيرة في خدمة التعليم والمناهج الدراسية التي كانت تخطط لها. وبذل الكثيرون ما استطاعوا لتطوير التعليم والجامعات والأعمال الأخرى.
حصلت على تعيين خارج العاصمة، قبل أن يتوسط لي الدكتور خالد السلام ليحصل لي فرصة التدريس في معهد في العاصمة، حسب الدراسة. ولكن لم يطل وقتي ايضا هنا، فقد بلغت بأن طلبا باسمي ورد الى التنظيم للسفر الى كردستان. حيث هناك فكرة انتقال الإعلام إلى الداخل وجهاز الإذاعة يتوجه في الطريق الى هناك، وينتظرون اليوم قبل الغد.. ومرة أخرى حملت حقيبتي وتوجهت.
كنت قد اشتريت سيارة بيجو، موديل حديث، مستخدمة ثلاث او اربع سنوات، واثثت سكنا ومكتبة مع ارشيف ورقي، كالعادة الدائمة، رغم قصر الزمن الذي قضيته، وحين عزمت على الرحيل، وقبل التوديع، تبرعت بها كلها الى الحزب. هذا بعد تسديد الإشتراك الاول الذي كان أكثر من ألف دولار، اول تحويل للعملة الصعبة لاول راتب، وهذا الزام لكل الاعضاء والاصدقاء عند اول تعيينهم، وهو في المحصلة جمع أموال مجزية، صار موضوع حديث غير قليل فيما بعد. وللطريفة ايضا حين التقيت رفيقا كان مسؤولا في المنظمة بعد سنوات في عاصمة عربية اخرى، قال لي، قبل السلام علي، اتعبتنا سيارتك عندما أردنا بيعها لان هناك مشكلة في نقل الملكية عند الدوائر المختصة. ضحكت منه وقلت له، هل تريد مني الان تعويضا لك عن تعبك ، وتركتها ليست باسمك اساسا؟!.
من الأمور الجميلة التي ينبغي عدم الابتعاد عنها، ولو اشارة، عن الشعب الجزائري وحبه للعرب المشرقيين. خير الناس يا شيخ!. الله غالب يا سي محمد!. والتي بقيت في الذاكرة كما لم يبق في الواد غير حجاره، حسب رواية اللاز، للروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار. منها الترحيب الحار والاستضافة والاحترام والود الصريح، وقد تكرر ذكر قصة شرطي المرور الذي حاول مساعدتي في طريق بعيد عن المدينة، حين توقفت سيارتي ولم استطع تحريكها، ولما لم يستطع هو، طلب من سيارة أخرى سحب سيارتي وقاد موكبنا بعجلته حتى المدينة والانتظار الى تصليحها ومن ثم ودعنا وقد اغدقني بتقدير اضافي فوق كل ما قام به، ولم تكف الكلمات لشكره. ولا يمكن أيضا نسيان دور رفيق فلسطيني (كادر من الحزب الشيوعي الفلسطيني) في مساعدة الرفاق العراقيين خصوصا، في كرم الضيافة والوفادة وتقديم العون والخدمات العامة التي خبرها من خلال عمله الطويل في العاصمة الجزائر وعلاقاته الواسعة مع الجميع. ( من بينها رتب لي لقاء مع وزير الإعلام الاستاذ عبد الحميد المهري، حينها، والذي أدهشني استقباله لي في مكتبه ومبنى الوزارة، ولكن للاسف لم يتحقق الهدف من الزيارة لظروف قد تبرر في وقتها). وكذا التعرف على او التعاون والمساعدة من الرفاق الفلسطينيين والجزائربين، الذين لم يبخلوا علينا بما استطاعوا من توفير ظروف افضل وحياة عروبية خالصة. وهذه الأمور ليست سهلة ولا تتم بيسر في أماكن، او بلدان اخرى. ولكنها حصلت بروح رفاقية ومودة واشتراك انساني. معا في السراء والضراء، في الحفلات والاحتفالات، في الاجتماعات واللقاءات، في الافراح والأحزان.
###############**********##############
للاطلاع على الحلقات الاخرى، تراجع المدونة على الرابط التالي:
http://kadhimmousawi.blogspot.com



#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات من دفتر الاحوال... (13)
- العراق: ماذا جناه ما سمي بالاستفتاء؟
- كلمات من دفتر الاحوال...( 10)
- بعد خمسين عاما ..لماذا نتذكر جيفارا؟
- الصراع الأمريكي - الروسي على -داعش- في منطقتنا
- كلمات من دفتر الاحوال...(9)
- كلمات من دفتر الاحوال.. (8)
- كلمات من دفتر الاحوال...(7)
- كلمات من دفتر الاحوال...(6)
- قادة داعش في حماية القوات الامريكية
- كلمات من دفتر الاحوال ..(5)
- كلمات من دفتر الاحوال .. (4)
- كلمات من دفتر الاحوال (3)
- كلمات من دفتر الاحوال...(2)
- كلمات من دفتر الاحوال...(1)
- فوز حارس التشافيزية
- في وداع المناضل اليساري الدكتور رفعت السعيد
- استفتاء البرزاني وضياع البوصلة
- دواعش ما بعدتحرير الموصل
- العراق: تحرير الموصل انتصار وطني


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - كلمات من دفتر الاحوال... (14)