أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الياسري - محنة الزاجل في الضباب














المزيد.....

محنة الزاجل في الضباب


عبدالإله الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 5720 - 2017 / 12 / 7 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


إلى كل عربيّ طاهر لم يتنجّس برجس العمالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَجهشتُ سكوتاً في الظلماءْ،
من جرح الطين وجرح الماءْ.
ما أَطولَ ليلَ البحرِ،
وما أَبعدَ شمسَ الصحراءْ!
ما أَغربَ صوتي!
في زمن الصمتِ.
ماأغربني!
ما أَضيعَني نخلاً بين ضبابٍ وبحارْ!
قد مزَّق أَشرعتي الإعصارْ
أَبحث عن مرفأْ.
يُؤوي سفني.
يَحميها من أشباحٍ تتبعُني.
من سطوِ قراصنةٍ حكَّامٍ في وطني.
-:آهٍ وطني.آهٍ.آهْ!
هل أبقَى الملاّحَ التائهَ حتى موتي؟
لا أَدري في أيّةِ ريحٍ سأُقيمُ ،
ولاأَدري في أيّةِ موجهْ.
جفَّتْ بيدي خضراتُ الدولارْ.
جوعان بلا أهلٍ، وبلا دارْ.
هل تُصبحُ،في يومٍ ما،ليْ دارْ؟
لأُزيحَ عن الجمرِ رمادي
وأَفكَّ عن الجرحِ ضمادي
هل من نارْ
أتطهّرُ فيها من ورم الغربةِ،أَشفَى؟
ومتى أشفَى؟
من خلفي سكّين بلادي،
وأَمامي سكّين المنفَى.
أَتعذَّبُ بين الشفرةِ والشفرهْ.
كالحَبّةِ مورقةً تحت الصخرهْ.
كالنُوتيِّ الفاتحِ صدرَهْ.
لسهامِ الريحْ.
وَدَّعتُ مآذنَ "طَنْجَةَ" مثلَ النسرِ جريحْ.*
مدحوراً أَسحبُ بين النورسِ أَجنحتي.
أَتملَّى جبلاً في البحر لـ"طارقْ".**
وعبرتُ ،كأني اللصُّ، البَرزخَ في الميناءْ.
بجوازٍ أَعرجَ دون عناءْ.
وبكيتُ لأنّي أحسستُ بانّي إنسانْ.
وبأَنَّ الشرطيَّ يكونُ صديقاً بعضَ الأحيانْ.
أَعطيتُ السَّادِنَ تذكرتي ـ
ودخلت الباخرةَ- الجنَّهْ.
كانتْ فيها الحُوْرُ، وكان الوِلْدانْ،
وسواقٍ من خمرٍ ولذائذُ أَطعمةٍ في كلِّ مكانْ.
أَخذَ العشّاقُ الشقرُ يقبِّلُ بعضُهم الآخرَ فيها
وأخذتُ أقبِّلُ صاحبتي الأحزانْ.
صعدوا للسطح خفافاً سعداءْ.
وصعدتُ ثقيلاً مُرتبكاً أسيانْ.
كان البحرُ يمازحُهمْ رشّاً برذاذ الموجِ
وكان الحزنُ يمازحُني رشّاً بدموعٍ ودماءْ.
بدأ السيَّاحُ يُغنّون مع الموسيقى،
وسكتُّ غريباً كالمقعدِ جامدْ
شاردْ.
لا أَسمعُ غيرَ أزيزِ رصاصاتٍ ونشيج نساءْ.
حين يجرُّ خيالُ الحُبِّ يديَّ لأرقصَ،
أَبكي وطني.
-:آهٍ وطني.آهٍ.آهْ!
ومضتْ بنتُ البحر تَشقُّ جيوشَ الموج وتَجري
وفزعتُ كطير البرِّ لأنّي
لم آلفْ غيرَ بنات الصحراءْ،
ورمالٍ حمرٍ وعواصفْ.
ورستْ
فإذا راية"لَنْدَنَ" فوق الجبل الشاهقْ
تخفق في الأفق كطيرٍ جارحْ.
ــــــــ:لم يبقَ سوى اسمِك ياطارقْ.
وخرجتُ من الجنَّة للأرض بلا حوَّاءْ،
وأَريتُ جوازي الضابطةَ الشقراءْ.
فابتسمتْ كالمومسِ دون عواطفْ،
واجتزتُ الحاجزَ في الميناءْ،
ووقفتُ كصخرٍ بين صخورْ.
قلتُ:هنا رفَّتْ رايات ابن زيادْ.
ونظرتُ إلى الدنيا من حولي وهي تدورْ.
لأُقارنَ يومي بزمان الأَجدادْ:
يا للبحرِ! ويا للجبل الشاهقْ!
كيف لوَى أنفَهما طارقْ؟
أَسألُ نفسي:
هل جئتُ لهذا البحر فراراً
من تلك الصحراء لكي أَغرقْ؟
هل جئتُ لأستبدلَ موتاً أَحمرَ
في الشرق بموتٍ في المغرب أَزرقْ؟
أَسترجعُ عبر التاريخ العربيِّ دخاناً لحرائقْ
يَصعدُ من سفنٍ في الميناءْ
أَسالُ طارقْ:
طارقْ!
هل تقدر أَنْ تجتاز البحر الآن بغير جوازْ؟
هل تَجرأ أنْ تحرق سفنَك ثانيةً؟
هل تَجرأ أنْ تخطب فينا ضدَّ الأعداءْ؟
ما زلنا نحفظ خطبتكَ العصماءْ.
مازلنا نفخر فيكْ.
ربّيتَ خيولاً كي تغزوَ فيها بالأمس بلاد الرومْ.
لوعشتَ معي اليوم،لربّيتَ كلاباً تحميكْ.
وشربتَ معي نخْبَ الخوفِ ونخْبَ الإملاقْ.
وفررتَ من الأرض المدعوّةِ في قائمة القمعِ:عراقْ.
ماأَبعدَ كأسَكَ، طارقُ،عن كأسي!
واليومَ عن الأمسِ!
لوتعلمُ شيئاً مما يجري في وطني
-:آهٍ وطني.آهٍ.آهْ!
أَسمعُ نقَّ ضفادعْ
في ليلٍ ينزلُ فيه الرأسُ ليصعدَ فيه الذيلْ..
إيهٍ طارقْ!
هل تَسمعُني؟
أنا أَبكي صمتاً طول الليلْ
لم يبقَ من الإنسان العربيِّ سوى الظلْ،
بين محطّاتٍ ومطاراتٍ وموانئْ.
هل كنتُ شيوعياً حقّاً؟
لا.ليس لإبحاري بوصلةٌ تَهديني
لا.ليس لمُرسايَ مرافئْ.
جائعْ.
خائفْ.
ضائعْ.
في بلدان كسرابْ.
لا يوصلني فيها شارعْ
أَنزف لكنْ أَنزف واقفْ.
مثل جدارٍ قد سقط السقفُ عليه ولم يسقطْ
يَتحدَّى أنْ ينهارْ.
قد قاومَ خيلَ الريحِ وفرسانَ الأمطارْ.
أيّ بناءٍ ذلكْ!
طارق!
طارقْ!
هل تَسمعُني؟
إنّي الوطنيُّ بلا وطنِ
أَحرقتُ ــ لكي أستسلم للمنفى ــ سفني
كي لا أرجعْ
لحِمَى الظلماءْ
ما زلتُ أفتّش عن وطني
بين الأشياءْ.
لو تنسَى ذاكرتي الطينَ وتنسَى الماءْ.
لو تنسَى الأَضواءْ.
لو تنسَى حنجرتي صوتي،
زمنَ الصمتِ.
لو أَسهو يوماًعن وطني.
لو أنساه
-:آهٍ وطني.آهٍ.آهْ!
لم تبقَ سوى الذكرَى منكَ،
ولم تبقَ سوى الآهْ.
-:آهٍ وطني.آهٍ.آهْ!
آهٍ.آهْ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*طنجة:مدينة مغربية تقع شماليّ المغرب على ساحل البحر الأبيض المتوسط
**طارق بن زياد فاتح الأندلس(ت 102 هـ)





#عبدالإله_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شعرنا الحديث
- دعيني أُصارحكِ
- مع شاعر الضمير
- خواطر حول خمريّات الحبوبيّ(1)
- سيّدة الليل
- حنين
- قولٌ في مجموعة-شظايا أنثويّة-
- حروف من سيرة الفقيد باسم الصفّار
- الجمال والوعي في كتاب-في أُفق الأدب- ل سعيد عدنان
- إِمبراطوريَّة الدمار
- ايها اللصوص
- هيلين
- صرخة النار
- مرثاة
- تساؤلات نَوَار
- ماقصة هذه القصيدة؟
- أحزان الصمت
- وقفة عند مجموعة- أوراق من يوميات حوذي-
- قافلة الاحزان
- إنتصار الشهيد الجزء الثاني


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الياسري - محنة الزاجل في الضباب