أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - أنصار صالح ومصير حزب البعث العراقي















المزيد.....

أنصار صالح ومصير حزب البعث العراقي


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5719 - 2017 / 12 / 6 - 21:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشأ حزب البعث العراقي أوائل الخمسينات ، لكن عاش أوج قوته في فترة صدام حسين من عام 79 حتى سقوط بغداد عام 2003 ، وقد كانت نشأته على أفكار قومية عروبية ترى في شعوب الشرق الأوسط نواة لاتحاد عربي أكبر على أساس اللغة والدين، وبعيدا عن التنظير لذلك فقد سقط الحزب بسقوط رئيسه لعدة عوامل أجملها في ما يلي:

أولا: طبيعة الحزب سياسية بأبعاد قومية وعرقية..هذا دفعه للصدام مع أصحاب القوميات والأعراق الأخرى كالفرس والأكراد والتركمان.

ثانيا: أخطأ خطأ جسيم بإشعال حربه مع إيران ذات المدلول الثوري الديني، فاكتسب صراعه معها بُعدا دينيا كان هو النواة الأولى للفتنة الطائفية الحالية بين السنة والشيعة.

ثالثا: لقيام الحزب على مبادئ شخص واحد فقد الحاضنة المعرفية له بعد موته، فتشتت أنصاره حتى انضموا لعصابات داعش بعد ذلك كيدا في الحكومة العراقية وحلفائها في أمريكا وإيران.

المفروض في التجمعات السياسية أن يكون لها هدف تنموي وحضاري شامل يجمع ما بين علوم الاجتماع والسياسة والدين والثقافة والاقتصاد، تنشط شعبيا بقواعد تهيئ العمل بعد ذلك لقيادة هذا التجمع دولته فيما اصطلح عليه ديمقراطيا بالانتخابات، وبما أن البعث نشأ في أجواء الثورة على الملكية في الخمسينات كان عليه تغيير استراتيجياته بما يتوافق مع الوضع العالمي الجديد خصوصا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانفراد أمريكا بالعالم..هذا شجع على غزو قيم العولمة والمبادئ الغربية التي تتصادم في معظم جوانبها مع مبادئ البعث.

المهم: سقط الحزب سياسيا ثم بعد ذلك أخلاقيا حتى انفض عنه العراقيون وأصبح الانتماء إليه شبهة جنائية تستوجب محاكمته مع الدواعش، ولما لا وهو قد تحالف معهم ضد العراق جيشا وشعبا وحكومة على أمل العودة..لكن اتضح بعد ذلك أن أملهم كان كذابا ولم يُحسِنوا من قراءة المشهد كما ينبغي.

منذ يومين قتل الرئيس اليمني السابق.."علي عبدالله صالح"..على أيدي الحوثيين بعد إعلان انقلابه عليهم ب 48 ساعة ، ولأنهم كانوا حلفاء طيلة 3 سنوات مثلت مشاهد قتله فاجعة عند أنصاره الذين رأوا الحوثيين بصورة أقرب للدواعش في القتل الهمجي والتصفية الجسدية له بعد أسره، والمؤكد أن الحوثيين أخطأوا بقتل الرجل خارج القانون ونفوذ الدولة..هذا خصم من رصيدهم من الناحية الأخلاقية التي كان يتوجب عليهم محاكمته حسب القانون..على الأقل ليكونوا قدوة لأنفسهم وللأجيال..

لكن هناك مشهد آخر، أسفر هذا الخطأ الحوثي عن ردة فعل شعورية في الاتجاه المعاكس عند (بعض) أنصار صالح، الذين أعلنوا في صفحاتهم بتويتر على الانضمام للعدوان السعودي علانية ، وتبدلت المقاعد في ظرف 24 ساعة في تحول غريب وصادم للكثيرين ينبئ عن عدة مخاطر قد تتعرض لها اليمن أكثر من ذلك وحزب المؤتمر على وجه التحديد.

هذا التصرف عند(بعض) أنصار المؤتمر يُعيد للأذهان ما حدث لأنصار البعث في اصطفافهم الغريب مع السعودية والمتطرفين الدينيين، ولما لا والأنباء تتحدث عن احتمال عودة .."أحمد علي صالح"..ابن الرئيس المقتول ليقاتل في صفوف العدوان من جبهة مأرب، وقواعد المؤتمر الفكرية تجهز من الآن الأرضية لذلك بتبريرات منها أن الحوثي السبب..وسيدفع الثمن..وإنا لمنتقمون..وهكذا..كلها ردود أفعال (عاطفية) تدل على تخبطهم وافتقار الحكمة التي ميزتهم طيلة 3 أعوام من الصمود.

في الحقيقة لا أستطيع التنبؤ بما قد يحدث بشكل دقيق، ولكن المؤكد أن (بعض) أنصار المؤتمر يتجهون لنفس سلوك أنصار البعث، فقط تبدلت الأسماء..هذا صدام وهذا صالح..هذا عزة الدوري وهذا أحمد صالح، هؤلاء بدون حاضنة معرفية تجمعهم وهؤلاء نفس الشئ، الإثنان أصبح يدعمهم طرف واحد ، هؤلاء طائفيون أشعلوا حربهم من منطلق ديني قومي، والمؤتمريون نفس الشئ، ولن يشفع لهم زيديتهم..فعلي صالح كان زيديا فقط على الورق لكن فعليا أقرب للميكافيللية بنسختها التي ثار عليها شكسبير.

مبدئيا: اليمن الآن دولة فاشلة اقتصاديا وتعاني من المجاعة في بعض مناطقها بفضل الحصار السعودي، وموقف هؤلاء المتحولين سيعطي الحجة للعدوان كي يشدد من حصاره ويزيد معاناة اليمنيين فوق معاناتهم، فالمراهقة السياسية أصبحت سيدة الموقف، وأحلام التمكين تداعب الآن خيالات هؤلاء كما داعبت قيادات البعث الهاربة، وما يسمونه مقاومة قد تنتهي سريعا في ذروة أحداث عنف مذهبية تتعرض لها المنطقة بالكامل، وقد سبق القول أن الحوثي مستفيد من هذا العنف الطائفي الذي تشنه السعودية باكتساب قواعد شعبية وقبلية في كل أرجاء اليمن.

على المؤتمريين إذا أرادوا العودة والانتقام لصالح أن يطالبوا بوقف العدوان لا باستمراره والانضمام إليه، هؤلاء يعطون خدمات مجانية للحوثي وتبرير قادم بخلع كل جذور الحزب من المحافظات الشمالية إذا ما تبعت تحركاتهم قبولا شعبيا ونخبويا من بقية عناصر الحزب، فالحوثي الآن أقرب للهياج الثوري لن يتوانَ عن استخدام كل قوة مفرطة ضد المنتمين للمؤتمر بهدف القضاء على الانقلاب الصالحي بالكامل، يساعده بالطبع قواعد شعبية وقبلية ونخبوية عريضة من اليمنيين.

قد يفهم البعض من هذا المقال أنه انتصار لفئة على أخرى في صنعاء..وهذا غير صحيح، علي صالح كانت له حسنات في مقاومة العدوان والصمود 3 سنوات لم يغادر فيها اليمن كما غادرها آخرون، وهذه صفة الشجعان ..حتى لو اختلفنا مع تاريخه أو طريقة إدارته للأمور، كذلك عندما قيل له تنحى عن الحكم فعلها لمصلحة اليمنيين..سلوكه هذا أضاف له الكثير، وقد عزيت أصدقائي المؤتمريين على موقعي في تويتر وفيس بوك مراعاة لمشاعرهم وصدقا إليهم بالحزن على الفقيد.

نعم أخطأ الرجل بالانقلاب على حليفه ، ولم يُحسن من قراءة المشهد..لكن لا يستدعي قتله أن ينضم أنصاره للعدوان وتتحول مواقفهم 180 درجة، فلا ينبغي أن تتعلق مقاومة العدوان السعودي بشخص - أيا كان هو - حتى إذا قتل ينقلب أنصاره للمعسكر الآخر وتضيع كل القيم والمبادئ التي اكتسبوها ، اليمن أكبر من صالح والحوثي معا، والدفاع عنه شيمة المخلصين والشجعان، فلو صدق هؤلاء في الانتقام له عليهم تعزيز موقفه الذي عاش به أواخر عمره بالدفاع عن اليمن ضد الأجانب.

كذلك يجب الانتباه لشئ مهم جدا وهو : أنه لو أردت القضاء على الحوثي فاقض على مصادر قوته ، بح صوتنا منذ بداية عاصفة الحزم أن الحرب _ خصوصا المذهبية_ تزيد الحوثي اتساعا بحيث تعطيه لمحة وطنية ودينية معا... هذه تؤثر على علاقته بالقبائل إيجابا..والمجتمع اليمني أقل تواصلا بالإعلام.. يعني أسلوب الحرب النفسية الإعلامية لا تجدي معه، ورفع شعارات المذهب يُزده قوة تماسكا ويلتف أكثر حول الحوثي.

كذلك لا يجب استعمال مفردات تليق بعصر (التقدمية والجمهورية) في الستينات كمحاربة الكهنوت والسلالية.. هذه ألفاظ انتهى زمنها، فالعصر هو عصر (المذهبية) ومطلب العلمانية فيه للحل الفكري والقانوني وليس للمواجهة العسكرية.. لأن قيم السلاح مختلفة عن قيم الدولة، هذا الكلام لا يفهمه محللي قنوات الخليج والمستمعين إليهم الآن من المؤتمر، فهم نشأوا في بيئة مذهبية خليجية أثُرت على مواقفهم تجاه شعوب كثيرة عربية لا تنتمي لنفس المذهب..واستعمالهم مفردات التقدمية هو نوع من التجارة ليس إلا ..فالسعودية بيئة رجعية صرفة وكان عليهم أن ينتقد الكهنوت السعودي بوصفه المبادر بالحرب..

أما عن الحوثيين فهم أخطأوا بالانفراد التام بالسلطة حتى لو بالاتفاق مع صالح، هذا كان مقصود (لتأليب) عامة الشعب عليهم واتهامهم بالاستيلاء والفساد وحصر امتيازات الدولة لهم، الحكم الرشيد يبدأ بالشراكة وليس بالانفراد..وسبق أن قلت وقت تشكيل المجلس الرئاسي أن ينبغي على الجميع الشراكة، فإذا قيل أن حصتهم في الحكومة والمجلس الرئاسي أقل..قلت: هذا نظريا على الورق..توجد سلطة معنوية وسيطرة للحوثيين على الجيش والحرس الجمهوري، كذلك فرئيسي الحكومة والمجلس الرئاسي موالين لأنصار الله، وثبت في المعارك الأخيرة مواقفهم..هذا يستدعي تنازلا حوثيا على قاعدة الشراكة..رغم صعوبة ذلك جدا بعد الأحداث الأخيرة.

أخيراً: يجب على اليمنيين تعلم الدرس واحتواء الموقف، خصوصا (بعض) المؤتمريين الذين ينتهجون الآن خطابا تصعيديا..عليهم أن لا تتجاوز مطالبهم الواقع والفرص المتاحة، إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع، فمطلبهم بإقصاء الحوثي والقضاء عليه فشلت فيه 10 دول وجيش جنوبي من 200 ألف جندي، وظهر بعد أحداث الحسم الأخيرة أن الحوثي مسيطر على الأرض ، وجميع الأقوال أن نسبته 5% من الشعب غير حقيقية ..حتى لو أغضب البعض ذلك لكنه حقيقة واقعية على الجميع الاعتراف بها خصوصا قوى العدوان.

وعلى السعودية أن تتفاهم مع الحوثي على أساس حسن الجوار، لن يحل السلام في اليمن بدونهم، ولن تكون هناك دولة يمنية إلا بهم ولو بالشراكة..لا شرعية حقيقية لهادي، الرجل لا يستطيع حماية مكتبه..وبقاله 3 سنوات هربان.. كفاكم حرب وحصار على فقراء اليمن..خصومكم لم يهبطوا من المريخ ، هؤلاء جزء كبير من الشعب وفشلكم في احتواءه هو قصر نظر وعجز وهدية ثمينة لغريمكم في طهران.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. مراد وهبة بين التقدمية والرجعية (2)
- د. مراد وهبة بين التقدمية والرجعية
- ابن تيمية يبيح قتل المُصلّين في مسجد الروضة
- قوى التواصل وقوى السيطرة
- الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية بمصر
- كيف يكون الاقتصاد قويا؟
- رؤية موضوعية لحزب الله
- هل الإصلاح ممكن في العالم الإسلامي؟
- عشرة أسباب لشيوع الفقر في مصر
- المادية الجدلية
- كشف حساب للوزير الخرافي حلمي النمنم
- نظرات في الرقص
- فلسفة الحجاب
- أضواء على المسيحية
- كيف يقوم الاقتصاد وكيف ينهار؟
- اللغة المصرية ليست عربية
- مصر بحاجة لنموذج تونسي عاجل
- إطلالة على فلسفة الأديان
- دلالات صواريخ اليمن
- قاعدة محمد نجيب..قوة أم خدعة؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - أنصار صالح ومصير حزب البعث العراقي