أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبير سويكت - كتاب (في الشعر الجاهلي) و معركة عميد الأدب العربي مع الإلحاد و التكفير















المزيد.....

كتاب (في الشعر الجاهلي) و معركة عميد الأدب العربي مع الإلحاد و التكفير


عبير سويكت

الحوار المتمدن-العدد: 5719 - 2017 / 12 / 6 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما بين عميد الأدب العربي طه حسين و جربوع التكفير السوداني عزت السنهوري


لن يعيش السودان في جلباب الجرذان التكفيري عزت السنهوري


خفافيش الظلام الفكري ينتشرون في السودان إرهابا و تكفيرا


ظاهرة الإرهاب و التكفير الفكري ما بين الأمس واليوم


إرهاب الخصوم بالالحاد و التكفير ما بين الماضي و الحاضر


كتاب (في الشعر الجاهلي) و معركة عميد الأدب العربي مع الإلحاد و التكفير


بقلم عبير سويكت



مقال عزت السنهوري التكفيري بعنوان:(الأدِلة الشرعية والقانونية على كُفر المُرتدين أعضاء الحركة الشعبية)ما زال صداه يتردد في ذهني فتذكرت معركة عميد الأدب العربي مع حملات التفكير.

ففي 1926 أصدر طه حسين عميد الأدب العربي كتابه (في الشعر الجاهلي)، و بما أنه يعتبر نفسه عالم يبحث بعقله للتوصل إلى الحقيقة الأديبة و التاريخية و لا ينحاز لعواطفه أو ديانته ،و يري أن على العالم أو الباحث التجرد من انتمائاته الدينية و الاثنية و غيرها، حتي يتوصل إلى الحقيقة، و أن يكون محايدا في بحثه غير منحازا أو متأثرا بأي عامل حتي و أن كان الدين.

و طه حسين باعتباره متبنيا للفكر العلماني كانت نظرته للدين كنظرته للغة و الفقه و اللبس أي ظاهرة إجتماعية يحدثها وجود الجماعة، و اعتماداً على ذلك فهي قابلة للتطوير حتي تتماشى مع تطورات العصر، و إنطلاقا من هذا المحور فهو يبين العلاقة بين الدين و العلم بأن من الممكن أن يكون الإنسان ذا دين يؤمن بما لم يثبته العلم، أو يكون عالماً لا يقر ما لم يثبته العلم، إذن من حق الجميع البحث و الاجتهاد و النقد الي أن نتوصل إلى حقيقة الأمور أو نقتنع برؤية عقلانية منطقية، و لذلك فقد أكد طه حسين منذ البداية أن هذا منهجه الذي سيبني عليه بحثه قائلاً :( «سأسلك فى هذا النحو من البحث مسلك المحدثين من أصحاب العلم والفلسفة فيما يتناولون من العلم والفلسفة. أريد أن أصطنع فى الأدب هذا المنهج الفلسفى الذى استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء فى أول هذا العصر الحديث. والناس يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هى أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما. والناس جميعا يعلمون أن هذا المنهج الذى سخط عليه أنصار القديم فى الدين والفلسفة، يوم ظهر، قد كان من أخصب المناهج وأقواها وأحسنها أثراً) .

و اتباعاً لهذا النهج نجد أن في كتابه (في الشعر الجاهلي) يقول عميد الأدب العربي :(" للتوراة أن تحدثنا عن ابراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما ايضاً ، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة اسماعيل بن ابراهيم الى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون الى أن نرى فى هذه القصة نوعاً من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الاسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة اخرى")، لكن مثل هذه الفقرات و أخرى في كتابه كانت سبباً في أن وجد هذا الكتاب نقداً كبيراً، و صدرت آنذاك العديد من الكتب في إنتقاده، و تسبب في ضجة كبيرة أدت إلى مصادرته و سحبه من الأسواق، فقد أعتبره البعض بمثابة التشكيك في الدين، و القدح في رموزه الدينية، و منهم من رأى في أفكاره خروج على ثوابت الأمة و الدين ،و انه تعمد إهانة الدين و الخروج عليه، و أسرف في حرية التعبير إلى أن وصل حد الكفر و الضلال.

و قد خرج طلاب الأزهر الشريف في مظاهرات عارمة كردة فعل ثائرة غضباً و احتجاجاً على كتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي)، و توجهت تلك المظاهرة نحو بيت الأمة المقر الرئيسي لسعد زغلول زعيم الأمة آنذاك ، علماً بأنه من خريجي الأزهر، و تلميذ جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده، فما كان من سعد زغلول إلا أن أطل من شرفته ورد على ذاك الحشد العظيم قائلاً :(إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر فى هذه الأمة المتمسكة بدينها. هبوا أن رجلاً مجنوناً يهزى فى الطريق فهل يضير العقلاء شىء من ذلك؟ إن هذا الدين متين، وليس الذى شك فيه زعيما ولا إماما حتى نخشى من شكه على العامة، فليشك ما شاء، ماذا علينا إذا لم يفهم البقر؟» ،و جملة (ماذا علينا إذا لم يفهم البقر) يشير هنا الي عميد الأدب العربي طه حسين و يصفه بالبقر بسبب إختلاف الآراء و الأفكار، و نحن نردد دائماً :(إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية).

و لم يتوقف الأمر عند ذلك فقط، فالجدل الذى وقع آنذاك أحدث انقساما في الرأي ما بين مؤيد ومعارض،و صدرت العديدة من الكتب في نقد هذا الكتاب، و لاحق هذا النقد ضجة إعلامية كبيرة على سبيل المثال :مجلة الفتح، الاتحاد، المنار) و غيرها من الصحف التي كانت عناوينها بالخط العريض (طه حسين ينتحر) ،(طه حسين ينكر جود الله تعالي و لا يتفق مع الدين)، (ماذا يريدون من نشر هذا الإلحاد).

إضافة إلى أنه كان هنالك العديد من الكتاب المنتقدين لطه أمثال: الكاتب و الشاعر المعروف صادق الرافعي الذي كان يكتب في جريدة (كوكب الشرق)، الملقبة بجريدة الأمة و التابعة لسعد زغلول (حزب الوفد) الذي كان طه حسين من أشد معارضيه، فكتب الرافعي العديد من المقالات الساخنة التي هاجم فيها طه و اتهمه بأن أراءه عبارة عن نقل بالنص لبعض آراء المستشرقين في الأدب العربي أمثال ديفيد صامويل مارغليون من مقاله الذي تم نشره في الجمعية الآسيوية الملكية، حيث أن بعض المستشرقين كانوا قد اعتبروا قصة بناء الكعبة خرافه ،و إسماعيل و إبراهيم شخصيتان و هميتان ،و جميع هذه القصص شككوا في صحتها التاريخية و اعتبروها مجرد أساطير و خرافات و قصص شبه مسيسة من فقهاء العرب و اليهود، دعت إليها حاجة سياسية و اقتصادية و دينية بهدف دفع الروم عن بيت المقدس و عندما وجد الرسول (ص) فيها مصلحة أقرها و اعتمدها، فأتهم الرافعي طه حسين بأنه أداة أوروبية استعمارية تشويه الإسلام، و أتهمه أيضا بالزندقة و الإلحاد، و أنه متأثر بزوجته الفرنسية سوزان و ناده بي (ابا مارجريت)، و (ابا ألبرت)، و طالب بإبعاد طه حسين من هيئة التدريس بالجامعة قائلاً أنه يعمل على نشر الإلحاد و يعمل على تشويه و تسميم عقول الطلبة و أنه تحول من أديب إلى مبتدع و مضل .

و في جانب آخر نجد أن هنالك من دافع طه حسين و فكره ،و اعتبروا أن كتابه عباره عن إسلوب جديد لتجديد الأدب العربي و تحرير الفكر، و أن على الأديب و العالم أن يعتمد على دقة البحث و إنكار الذات في عمله حتى يتوصل إلى الحقيقة، و أنتقد بعض الناس الرافعي في أسلوبه النقدي مع طه حسين و أتهموه بأنه لم يتبع أدب المناظرة و المجادلة ،و عجز عن نقد الكتاب نقداً أديبا فخرج عن نطاق الموضوع و حاول جر طه الي معركة دينية و من ثم تحريض الشارع المصري و علماء الدين عليه، بينما دافعت عنه أيضاً جريدة السياسة الناطقة بلسان حزب الأحرار الدستوريين آنذاك و عل رأسهم أحمد لطفي الذي اعتبر آراء طه هي حرية فكر.

و عندما اشتدت الضغوط على طه سليمان صرح مدير الجامعة آنذاك أحمد لطفي السيد الذي كان على صله طيبة به بأن طه حسين كتب له رسالة يوضح فيها أنه يؤمن بالله و رسوله و ملائكته و كتبه السماوية، إلا أن أمثال الرافعي الذين هاجموه بعدة مقالات قال أن طه حسين مسلم لفظا لا معني.

و بعد ذلك أعيد نشر كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي تمت مصادرته و جمعه من الأسواق و منع تداوله، و لكن تم النشر بعد أن حذفت جميع الفقرات التي أثارت جدلا دينياً آنذاك.

فكما تمكن قاهر الظلام طه حسين الذي تمكن أن يقهر الظلام المتمثل في الجهل الذي حرمه من نعمة بصره و هو في الثالثة من عمره عند إصابته بالرمد، و نسبة للجهل و التخلف ذهب به الي حلاق القرية التى كانوا يعيشون فيها بدلاً من الطبيب فتمت معالجته بطريقة خاطئة أدت إلي فقدانه البصر فحرمته من التمتع بطفولته و أصبح أسير الظلام و ولازمته نوبات الاكتئاب من صغره و حتى كبره رغم الإنجازات و النجاح الذي حققه.


و للأسف مجتمعاتنا العربية و الإسلامية قرأت جميع كتب عميد الأدب العربي و استمتعت بها ، و لكن لم يتعظوا من تجربته، و لم يستفيدوا و يتعلموا منها في بسط الحريات و تقبل الآخر بفكره و ديانته و لونه و لغته و ثقافته ،و لم يفصلوا بين الدين و العلم، و الدين و السياسية، و بدل أن يحصروا الدين في أن يكون علاقة بين العبد وربه فقط ، و يكون الدين لله والوطن للجميع ،جعل من الدين أداة للإرهاب و قتل الآخرين، و أستخدموه أسوأ إستخدام حتي صاروا يحكموا الشعوب عنوة بإسم الدين و التضليل ،و صاروا يكفروا و يقيموا الحد علي كل من خالف رأي الجماعة، و ظهرت لنا هيئة علماء السلطان التي باتت تصدر الفتاوى الدينية التضليلة لإطالة عمر الأنظمة الإسلامية الإستبدادية القمعية الديكتاتورية، و أصبح الدين أداة لاغتيال السياسيين أدبياً و سياسياً عن طريق الإتهام زوراً و بهتاناً بالكفر و الردة و الإلحاد و غيرها من التهم، و تتم مطاردة العلماء و المثقفين و المستنرين و كل من يحاول أن يقول لن أعيش في( جلباب أبي)، لن نعيش تحت ظل عادات وتقاليد و مفاهيم خاطئة تخطاها الزمن، فلندعوا للتسامح و السلام و الحوار و الديمقراطية و العدالة و تقبل الآخر ،و لنكون مستقلين، و أصحاب فكر حر ، و لا نقع تحت سطوة الجهلة و المتخلفين و الارهابيين و المتطرفين فكريا و عرقيا و دينياً.


عبير سويكت
5/12/2017

 



#عبير_سويكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهر الداعشي عزت السنهوري يبكي منتفخاً خوفاً من مجئ الأسد)
- مصطفى المنفلوطي يعري و يفضح هيئة علماء الدين التي لا تفرق بي ...
- فرح أنطون و المدن الثلاث ما بين العلمانية و الماسونية (الدين ...
- فرح أنطون و المدن الثلاث ما بين العلمانية و الماسونية (الدين ...
- توضيح مهم حول المقال المنشور عن مصطفي سري
- أدعو لي كلما دقت أجراس الكنيسة، دعوة صوفية مسيحية
- ليكن القانون حكم في مقال مصطفي سري
- مصطفى سري يوجه عدة إتهامات للصادق المهدي، جبريل إبراهيم،الحل ...
- عنصرية أبناء الهامش البغيضة و الرجوع إلى شعوبية العصر العباس ...
- إلي متي ظلم المرأة و تقليص دورها في عروسة و عريس؟؟؟ 2_1
- عندما يعمل مستعمر الأمس علي إطالة عمر النظم الإستبدادية لابد ...
- حكومة النفاق و الكذب تحارب الإرهاب شكلياً و تضطهد المسيحيين ...
- طفلة السماء تكشف عن إستمرارية قهر المرأة بإسم العيب و الحرام ...
- كيف تمكن سفهاء القوم بإسم الدين التفرعن في البلاد و استعبدوا ...
- يا دكتور جبريل تبت يدا كل معاون لنظام الفساد تبت يداه الي يو ...
- نريد معرفة الحقيقة يا د. مريم المهدي ،د. جبريل و القائد مني ...
- فنون القيادة السياسية المفتقدة في وسط المعارضة السودانية ، م ...
- كلنا مريم الصادق في وجه الإرهاب الأمني و كبت الحريات
- نقول لتجار الدين :كفوا عن التضليل حد الردة المزعوم لا وجود ل ...
- شروط آل سعود لقيادة المرأة للسيارة أقبح وجه لإنتهاك حقوقها و ...


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبير سويكت - كتاب (في الشعر الجاهلي) و معركة عميد الأدب العربي مع الإلحاد و التكفير