أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - نصف الحكاية














المزيد.....

نصف الحكاية


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5716 - 2017 / 12 / 2 - 14:53
المحور: الادب والفن
    


جلست تروي نصف حكايتها مع أهلٍ، فارقت وقع الاحساس بوجودهم عن قرب يوم غادرت عراق الحرب والحصار نهاية تسعينات القرن الماضي، رافضة تلك الحرب وحروب تجر الى التخلف وخراب الذات، وقلق البقاء على قيد الحياة.
قالت وحسرة تُقطعُ أنفاسها سيدة تملأ شِعْرها الهزج، تراتيل الاحساس بالوطن والانسان:
كانت كلوديا صديقة مقربة يوم ولدنا سوية في ناحية القوش، اتصلت بعد انقطاع طويل فرضته ظروف الأمس، بكت شلل ألمَّ بالشقيقة الحبيبة وسن من إصابة في الظهر، أقعدتها وريعان الشباب لم يخبو بعد. زاد تمسكها، وكلمات استعطاف تدمي القلب في أن أجد لها علاجاً بدولة أوربية يومَ عرفت إدارتي منظمة انسانية.
لم أنم ليلتها، أعطيت وعداً من نفسي في حَلٍ سيكون قريب، وصورة وسن لن تفارق مخيلتي، زهرة متفتحة كانت في حفل وداعي طفلة ترقص فرحاً يوم غادرتُ العراق.
قصدتُ في يومٍ تلا دولة التشيك، ومشفاً مشهور بالعلاج الطبيعي، حجزت سريراً، أكملت مستلزمات التأشيرة لها مقعدة وأخ يرافقها وكلوديا من يرعاها ومن كانت يوماً هي الأقرب للعائلة والقلب.
لم يمضِ شهر وضع الثلاثة أحمالهم الخفيفة في المشفى، وبدأت رحلة علاج طبيعي من نوع خاص ورعاية إنسانية كذلك من نوع خاص، مهدت بعد عشر أيام متواصلة بلياليها لوقوف وسن على قدميها غضة لا تتسع الأرض ابتسامتها المشرقة، ووقوف المشفى معلناً نجاح الخطوة الأولى من العلاج، واحتمالات أضحت عالية لمشيها في القريب.
رن هاتفي في ساعة مبكرة بعد يوم من الاعلان والثلوج تتساقط فوق أبنية فينا العاصمة النمساوية حيث أقيم، كان المشفى، وكان الطبيب المعالج يحتج بصوت يشبه الزعيق على طلب الخروج وانهاء العلاج بدعوى إكماله خارجها، قال لم يستطع أحد إكماله غير من بدأه بطريق خاص وهو مكلفٌ والمشفى عمل خصومات عالية لأغراض انسانية، لا أنصحهم ترك العلاج، فتوجهتُ من جانبي متصلةً بكلوديا ودار بيننا الحوار:
- كلوديا ما قصة إيقاف العلاج كما يقول الطبيب جون.
- نعم سأنقلها الى النمسا ونكمل العلاج هناك هكذا يريد أخي وهو قرارنا ونحن المسؤولين.
- لكن هذا خطأ ولا يمكنكم علاج حالتها شبه المستعصية خارج المشفى، والطبيب يقول قد تصاب بنكسة.
- سنعالجها نحن، علاجها مجرد مساجات، وماء، وقليل من الأشعة، يمكننا القيام به في أي مكان.
خرجوا سريعاً، تركوا التشيك والمشفى، كأنهم قطعوا الاتصال عمداً، وتبين بعد حين أنهم توجهوا الى النمسا بقصد استخدام حالة وسن حجة في قصة لجوء. كسبوا اللجوء، وخسرت وسن صحة لها تدهورت، فألزمتها الفراش بلا حراك، زاد وزنها الضعف، لازمها الاكتئاب حد البكاء طوال الليل والنهار، ورغبة في الموت بعديد الأيام والشهور، ومحاولات عدة للانتحار.
تَوقفتْ عن الكلام قليلاً ثم واصلت قائلة هذه نصف الحكاية.
سألت عن نصفها الآخر.
ردت متشائمة:
يوم عدت بعدها الى البلاد، لم أجد ناسي أولئك الناس الذين تركتهم ولم أجد البلاد هي البلاد. لم يعيدوا لي حقوقي، ولم يشهدوا تثبيت حقوق ابني من ورث أجداده، ولم، بعدها أخرى أكثر إيلاما وأسى، شكوت منها وصدمة وسن وماذا فعل الأشقاء، وكيف تاجروا بالروح وبعض الأشياء، وردٌ كان على لسان كبير الجالسين أن القوم قالوا من قبل (الحي أبقى من الميت).
تركت الدار التي عايشت داخل جدرانها الحجرية كلوديا أيام الطفولة والشباب، أكلمُ نفسي على غير عادتي:
لكنها لم تموت، روحها لم تموت، وإن استمرت تذرف الدموع.
تَركتُهمْ والمكان قفراً، حرت فكانت وجهتي المطار، أذرف الدمع مثلها فيّاضٌ، أفكر في حلٍ، لم أجده، أيقنت أني لن أجده يوماً في نفوس مسختها الحروب وكثر الأحداث.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى نهاية حرب
- معركة الموصل وعملية استثمار الفوز
- أزمة قطر السعودية الى زين
- في الكرى السنوية الثالثة
- اكتمال الصورة
- قمة الرئيس الأمريكي واستجابة العرب والمسلمين
- حمى السلاح وشيوع فعل الفوضى
- الحروب العالمية محلياً
- قصور الهمّة في مؤتمر القمة
- العراق بمواجهة جيل الارهاب الثالث
- 8 شباط وعمليه الهدم المنظم للمؤسسة العسكرية
- خور عبد الله ومشاعر العداء المتبادل
- نينوى ما بعد التحرير
- الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه: ما له وما عليه (3 - 3)
- الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه: ما له وما عليه (2 - 3)
- الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه: ما له وما عليه (1 - 3)
- عام آخر من التمنيات
- كبوة التعليم في العراق ثانية
- هل يصح للعشيرة قانوناً
- داعش تندحر


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - نصف الحكاية