أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الرواية – الأقصوصة : جداريات الماهُ(و)ة















المزيد.....

الرواية – الأقصوصة : جداريات الماهُ(و)ة


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 1472 - 2006 / 2 / 25 - 07:54
المحور: الادب والفن
    


الرواية – الأقصوصة : جداريات الماهـُ(ـو)ة
ـ1ـ جدارية الفراغ...
دلف إلى حجرته وهو يكاد يستقيل من حياته، لم يغلق الباب، بحث عنها في كل الزوايا ، لم يجدها،ركضت خلفه حياته تتبعها خرائط العشق وفناجين القهوة ومساحة العينين المكتظتين بمسحوق المشاعر الثليجة، التفت إلى الإطار الذهبي المعلق فوق السرير، إنه فارغ..لقد ..لقد رحلت..إنها عادتها، تحمل صورتها الوحيدة ليوم العُرس..إنه الشيء الوحيد الذي يضمن عودتها..فهي غير متيقنة من أن هذا الإطار سيبقى فارغا...

تساقط جسده على الألوان، يكثر فيها البياض الممزوج بعتيق العذرية وقرع الطبول..وشيء ما يُحرض الذكريات على اجتياز العتبات.. لا ضوء أحمر في كل الطرقات التي تسري بك إلى المفردات الخرساء في بلاط الكائنات الشعرية..

لكن..هذه المرة أحس بأنه سيفقد صوابه حتما لأن كل الأشياء حوله تقول عكس ما يدور برأسه...
ـ2ـ جدارية الممكن...
مر أمامه شريط الأحداث التي عاشها في المدة الأخيرة، فبدت له الحقائق أكثر عريا وطهارة ـ من ذي قبل ـ لقد كان منفتحا على يوميات انكسرت على أشهر تدور فوق كلمات مشتعلة... إنه تعلم كل لغات العشق من خلال الثابت في شخصيتها.. والساكن في رؤيتها للحياة الزوجية ..إنها تفتح أسماعها لقارئات الفناجين الباردة..كل الشهور الصماء لم تكن لتبيعه دموعها كي يستلقي سعيدا تحت قوس قزح ، أسماعها مملوءة بآراء الفناجين تُحرضها على تحرير الشامات والخنجر من جسدها يستحم في صوت الأيام.

تتكوّم حوارات الجارات.. فوق دبابيس شعرها الأشقر وترسمها الذاكرة كأقرب صورة لزوجة هاوية.. تعمق حضور الغائب في حياتها ليحل محل الحاضر المُغَيَّب ..تربص بها السحر الذي يصهل من جسدها تأكل الألوان بعضها من الغيرة ..إنها قصيدة غزلية ما زال الشعراء تائهين في مطلعها...تُحرضهم على كتابة النثر وتجميع فتافيت الشوق..

لم يكن ليتولد لديها الوعي بهذه الأشياء التي يستقيل فيها الشجر من لحائه.. والورد من عبيره.. ما لم تراهن الأحداث على إقامة مفارقة بين الأزمنة الممكنة والمتخيلة...
3- جدارية المتاهة...
هكذا إذن...
.. لا جدوى من الأنفاس الساخنة داخل الفضاء المحنط باستنطاق المخاوف داخل الهمس والإنصات ... فالدرب الملتوي يؤدي دائما إلى مزيد من الإلتواء.. يؤدي كلعبة إلى الدرب المسدود.. إلى المتاهة...
تخلص من نظارته ، زحف الزمان على جبينه، أزال الشعور باللحظة الشاهدة من حواره المفجوع حول الزمن الذي يكرر نفسه باستمرار، يعيش مداراته قطرات من فراغ روحه .
تعرى حنينه الذي استباح أن يعرف خبيء زوجته يوم كانت مشروع امرأة، بين ضفائر الخلق حين رمت أضراسها مع الهمسات المحمومة التي طالب فيها آدم بالسجن المؤبد بين نهديها...
ـ4ـ جدارية احتراق الأسئلة...
تقدم نحو المرآة ، إنه فقط يؤخر رغبته في البكاء .. يؤجل سقوطه في فوهة النحيب ..لماذا ..!..لماذا..!..لماذا..!؟ لم يفطن الى تلميحات جمال ...
إيقاع ما بحوله لا يوحي بأن الجرح سوف يندمل بسرعة.. نسخة من استفساراته تجتر الأسئلة التي احترقت استنكارا مع زوجة غير محروسة ولو نظريا...
الغيرة هي هامش الاستفهامات الملتهبة لاستعادة بكارة المشاهد الضاغطة على الحروف المنتصبة للجواب بين لعنة الهامش ولعنة الفضاء الفارغ من السؤال..
إنه لا يستطيع أن يلتفت إلى الإشارات والعلامات التي تشير إلى حضور الوشم الذي يذكره بواجب التدخل الحاسم لوقف نزيف الخبر المتآكل في فم صديقه (جمال) وفي نظرات الشباب المتحلق حول بائع الديتاي...
- ها هو الديوتي جاي...
- ...المخدوع...
- ...المسكين لا يعلم...
- ...واكل الجوانط...
- ..الله وعلم...
- ... ﮔولو الله يستر ويعفو يا شباب...
ردد بائع الديتاي في استغفار... نطق كل الشباب بصوت واحد (آمين)
لم يلتفت ، لم يهتم، نظر إلى الساعة ثم إلى النافذة ...نزار ليس بالبيت...لم يفتح النافذة كعادته عندما يكون داخل البيت ... تأكد من ذلك باستدارة بسيط نحو باحة السيارات ثم غمغم:
ـ سيارته ليست هناك...
رسم ابتسامة على شفتيه ثم أردف بصوت مهموس:
ـ لا شك أن أحد الإطارات انفجر مرة أخرى...المسكين (نزار) يعاني في الأيام الأخيرة من عدة مشاكل مع سيارته...
نظرات قاسية موحدة في اتجاهه، تحاصره، تلعنه..تتابع بحياد من نوع خاص تهميش الآية الواضحة التي تزعزع إيمانه الراسخ بنزاهة زوجته وعفتها...
ـ5ـ أنيثُ [1] الفُحولة...
هل هو كشف المستور فيما يجري ويدور...
تصفح العيون المحدقة في بلاهته..ترسم أخاديد عميقة بإيمانه الراسخ.. تظاهر بالوقار،أسئلة كثيرة محمومة فجرها إلْحاحُ جمال .
لن يكون النائم إلا تاريخا أصفر يخاف من الزفاف وتكسير الأحلام... البيان المستورد يحاصر فراغ جمجمته.. كيف أخذله التراث...أين نخوة الفارس دونكيشوط الطاعنة في جسم الفحولة ومخاض الحلم وانبعاث الرماد... إن الغرام لا يعيش برئتين... إنه يشكل ملامح وجه المحارب .. فيمر السيف فوق عروق يده لينتفض برقا ورعدا ويلغي المسافات ..محال أن تنتهي الزاوية من صنع الإسفلت.. لم يحس يوما أن العزوبة قد فارقته بالرغم من اللمسات الأنثوية التي دخلت صحراء حياته ، فتحجر جسده وامتد حارسا كأبي الهول...
ـ6ـ جدارية الاستفحال...
لا زال غيابها يخلخل وعيه الرافض لكلمات التأسف المباح وعلامات الوقوف الممنوع الذي حكم عليه باستئناف السفر في قاموس الألوان والأشكال الموحشة في تفاصيل عشقه وتخوم الوشاية التي تحركت موحشة من بؤس الحي .
قصته وشم ضاع رونقه بين الغمزات والتلميحات والمنسابة كالشلال على شجاعة اعتقاده بإيمانه الراسخ...
...عاودته لحظة المد التي صادفها لمّا باغث زوجته تحتضن الوسادة ولم تنتبه إليه.. وقد شدّتها الرعشة إلى آهات الخواء المملوء فكانت الأطياف تحلم بالأحضان المعتصرة والأجساد المتراكمة المعلقة في الحافلة كشخوص من ورق ترسم ثعابينها إلتواءات شاردة حول النتوءات الجنسية لهزيمة النهارـ الواقف...
ـ7ـ جدارية الأنثى..
زغب ساقها لا ينتسب لذاكرته، فزع من مجرد ذكر ذلك، قفز إلى ذهنه حواره مع نزار حول الخصائص المثيرة لدى الرجل في المرأة المعاصرة ... كان نزار يكرر على مسامعه:
ـ ...العصور تختلف.. لكل عصر ملامح متفردة يعشقها في نسائه، أعتقد أن هاجس الجمال عند الذكر العربي هو زغب ساقي أنثاه.. إنها حبة الجمال والفتنة التي قصمت ظهر بعيره...
فرت أوراقه من صفحات المكابرة ..من لحظتها بدأ يعشق الصمت المنقوش على الشفتين.. مصقولة نظراتها رتلا طويلا من الآهات الممزقة تحت جسد نزار.. تحت الحضرة المدمرة..الغامضة.. ذهابا من رصيد النهد والأعجاز إلى زغب الساقين...
...هو يشتهيها وهي تود أن تُشتهى.. تتحسس جسدها فتجد جمرة ملتهبة كان لخمودها طيف الأحجية استمر حاضرا في بطاقة ملغاة.. إنها تبحث عن قانون لجسدها عبر قانون الكلمات الثاوية في لذة النص الشبقي ...
ـ8ـ جدارية الجسد...
لايجتمع سيفان في غِمْد...
الغيرة تتخثر.. تخرج من الوشم الأطلسي تشكيلا يزحف على الرسم نقشا مرتبا على النهد في ملف الليل .. الحديث عن العشق الممنوع يغري بالفصاحة والزهد.. الرغبة طائشة تمتد جنِّية تحت الأزرار... تحبل الفضاءات بلعنة الحركة والقفر ..
ظلت عجيزته ملتصقة بالجدار في مواجهة الإطار الفارغ.. كم كان من قبل ساحرا !
اقتلعه من مكانه ، خرج وابتسامته الكريهة ، الصفراء لا تفارقه ..سيارة جاره نزار تقبع بلا مبالاة تحت ضوء الشارع السخيف...
طاق..طاق..طاااااااق...
الطرقة الثالثة كانت عنيفة ، حمَّلها كل مقته وكراهيته ، فتح نزار الباب ، تلمس العذر عن عدم دعوته على فنجان شاي بحجة ما عنده من ضيوف..
كان تيار الهواء الذي يمشي وراءه منتشيا بأغلى العطور التي كانت تحيط بزوجته كلّما عادت من " عملها" ...
أضاف إلى ابتسامته برودة الحصير ثم ناوله الإطار الذهبي المصقول...ثم استدار آليا كجثة أوطوبيس.. نزع عينيه عن ركام القمامة بعدما انغرست تَفْلي صورة عرسه الممزقة...
ـ9ـ جدارية النُّشوز...
كان يرى أمامه سيلا أحمر..هل هو دم أم صباغة ؟ هل كان يعي أم لا؟..هل يعرف أنه يشبه الميت في ثوب الأحياء... اختلطت أمامه دوائر عديدة ..اتكأ على إثرها على حافة الباب...لا لم يكن يحلم...
أحس بأن الزمن صار مساحة لعينيه فحرَّضه على البكاء، لكن ألياف الصراخ اختنقت بحنجرته فطرَّز كلمات مكشوفة تحت جرس الباب...
" ألاحظتِ كم كنتِ أنثى....
و... كم كنتُ ممتلئا بالرجولة..."
فأنت لستِ طالقا....لستِ طاااااااالقا....



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفول الأصنام (1) لفريدريك نيتشه
- حبيبة الإميل
- شهوة الخط المستقيم
- CHAT@قصيدة شات
- النص الديني بين ميثولوجيا المقدس و العقل الفقهي
- صهيل الهذيان الرقمي(2) لا..لا..تغضبي...
- صهيل الهذيان الرقمي (3) صلاة امرأة
- صهيل الهذيان الرقمي(1) قوائم الروح...
- ماهية الكتابة النسائية
- الجسد بين فينومينولوجيا ميرلو بونتي وسيميولوجيا رولان بارت
- سيمون دي بوفوار والجنس الآخر
- الأدب النسائي ... إشكالية المصطلح والمفهوم
- النقد النسائي بين فيرجينيا وولف وجوليا كريستيفا
- وضعية المرأة السوسيو- ثقافية بين الثابت والمتحول
- الجسد الأنثوي وفِتنة الكتابة
- مقاربة سوسيو- جندرية لوضعية المرأة الصفيحية بالمغرب
- المرأة المثال في وجدان الشعر العربي
- أنثى مُنْطَفِئَة...شعر
- الضوابط السوسيولوجية والقانونية للنفقة بمدونة الأسرة المغربي ...
- تفكيكية جاك ديريدا...من ميتافيزيقا الحضور إلى لعبة-الاخ(ت)لا ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الرواية – الأقصوصة : جداريات الماهُ(و)ة