أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سالم جورج - الاحتفاء بالفيلسوف ديكارت في امستردام















المزيد.....

الاحتفاء بالفيلسوف ديكارت في امستردام


سالم جورج

الحوار المتمدن-العدد: 5712 - 2017 / 11 / 28 - 19:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



منذ فترة اصبح اهتمام جمعية الرافدين الثقافية العراقية في امستردام بالجانب الفلسفي التنويري وخاصة في اوروبا، ودوره في اخراجها من سلطة الدين والكنيسة وما مارسته من قمع ضد المفكرين والعلماء وحرية شعوبها في ابداء الرأي. لقد لعب المفكرون والفلاسفة التنويريون دوراً بارزاً في انهاض شعوبهم من اجل الحصول على حقهم في التفكير والحياة وبناء مجتمعات متطورة بعيدة عن الاحتراب الطائفي الديني متطلعة للعلم والتقدم، فكان اهم عمل للسير في هذا الطريق هو ابعاد الدين عن الدولة واقامة انظمة مدنية علمانية تحترم جميع العقائد والاديان.

في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها بلدنا العراق من صراعات طائفية ودينية وقومية وسيطرة الاسلام السياسي على مقاليد الحكم بشكل كبير، وما آلت اليه الاوضاع من سوء وخراب وفساد ونهب لأموال الدولة، فلا بد للقوى المدنية الديمقراطية والعلمانية ان تا خذ دورها في انقاذ البلاد من هذه الزمرة الفاسدة بعد هذا الفشل الذريع، وهذا يتطلب العمل بسياسة علمية مدروسة والأخذ من تجارب الدول الاوروبية المتطورة وغيرها، والصراعات التي حدثت فيها ودور الفلاسفة التنويريين ورجال السياسة في احداث تغيرات جوهرية في مجال حقوق الانسان في بلدانهم.

لهذا السبب أرتأت جمعيتنا ان تناقش الجانب الفلسفي التنويري في اوروبا عبر محاضرات وجلسات حوارية يستفاد منها الحضور لتوسيع مداركهم الفكرية والسياسية وتمكينهم من مناقشة الاخريين بشكل علمي مقنع، وتتمنى جمعيتنا من ابناء شعبنا وخاصة جيل الشباب ان يساهموا بتشكيل جمعيات ومنتديات ثقافية تناقش مواضيع اجتماعية وفلسفية مبنية على مفاهيم علمية واقعية بعيدة عن الخرافات والغيبيات والاكاذيب لتثقيف وتوعية اكبر عدد من جماهيرنا..

سبق وان القيت محاضرات في قاعة جمعية الرافدين دارت فيها نقاشات مثل : محاضرة حول التطرف ومحاضرة حول المرجعية الدينية وموقفها من الدولة المدنية ومحاضرة عن الفيلسوف التنويري سبينوزا ومحاضرة عن مارتن لوثر بمناسبة مرور 500 سنة على ثورته  الاصلاحية ومحاضرة عن المصلح او المخلص المنقذ في الاديان وتضمنت المهدي المنتظر والاثني عشرية والاسلام السياسي الشيعي .

في يوم السبت الموافق 18-11-2017 وعلى قاعة جمعية الرافدين الثقافية في امستردام كان لقاء حضره جمهور واسع من امستردام ومدن اخرى، موضوع القاء هو محاضرة عن الفيلسوف والعالم رينيه ديكارت وكان المحاضر الزميل رعد جليل مطر. كما وحضر اللقاء زميلان من قيادة تنسيقية هولندا للتيار الديمقراطي هم الزميل نهاد القاضي والزميل د. هلال البندر فبعد تناول وجبة غداء، افتتح الجلسة الزميل حسين سميسم ورحب بالحضور وبالزميلين عن التيار الديمقراطي وكذلك بالزميل المحاضر.

في البدء تكلم الزميل نهاد القاضي عن عمل ومهام تنسيقية التيار الديمقراطي ودورها في تغير الواقع المؤلم لبلدنا وتعاونها مع القوى والاحزاب المدنية الديمقراطية الحقيقية الاخرى في العراق.وفي هذا الموضوع عقب الزميل الشاعر سعد الشريفي بأن، أول عملية فصل الدين عن الدولة عبر التأريخ كان اصلها من بلاد الرافدين من قبل الملك سرجون الاكدي وبالتحديد سنة 2334 قبل الميلاد (أي قبل أكثر من 4300 عام) ونص المرسوم كان " مرسوم ملكي : تلغى جميع المحاكم الدينية وتستبدل بمحاكم مدنية وتقوض سلطة الكهنة " . كما وتحدثت الزميلة د.هدى العلي عن تعديل قانون الاحوال الشخصية 188 لعام1959 بقانون يسمح بزواج القاصرات واستنكرت وجود فقرات سيئة تمزق النسيج الاسري والاجتماعي العراقي.

ومن ثم بدأ الزميل المحاضر رعد مطر بألقاء محاضرته عن الفيلسوف ديكارت بشكل واسع وممتع وهنا نوجز مختصرمهم حول المحاضرة وقد استهلها بنبذة عن حياة الفيلسوف الشخصية. حيث ولد ديكارت عام 1596 في فرنسا من اسرة هولندية لصغار النبلاء ذات اهتمامات علمية واجتماعية ...  وتوفي عام 1650.   في عام 1604 التحق ديكارت بمدرسة تابعة للطائفة الدينية اليسوعية وتعتبر من ارقى المدارس في اوروبا وتلقى فيها تعليما في مختلف المجالات في الرياضيات والفيزياء والفلسفة والادب والمنطق والاخلاق والميتافيزيقا ودراسة اللغات القديمة، وفي عام1612 دخل جامعة بواتيه الفرنسية ونال شهادة البكلوريوس في القانون الديني والمدني عام 1616. وبعد ذلك وحسب نصيحة أبوه التحاق بالجيش الهولندي حيث كان افضل جيوش اوروبا فسافر عام 1618 الى هولندا وهناك تعرف على طبيب هولندي اسمه اسحق بيكمان كان متبحراً في العلوم، وشجعه على دراسة الفيزياء والرياضيات والربط بينهما واحدثت هذه الطريقة تطورا هائلا في تشكيل منهجه ومذهبه الفلسفي. وعاش في هولندا من عام 1628 الى 1649 تفرغ خلالها لكتابة معظم مؤلفاته في مجال الفلسفة والرياضيات، كما وتتلمذ في علوم الرياضيات على يد الاستاذ ياكب يوليوس في جامعة لايدن الهولندية، ويعتبر ديكارت مؤسس الرياضيات الحديثة والتي تشمل الهندسية التحليلية والجبرالتي اكتشفها في المانيا حيث تنقل بين العديد من المدن الاوروبية، وفي مجال الفيزياء اكتشف قوانين انكسار الضوء.

كما وتطرق الزميل المحاضر الى الظروف المحيطة بديكارت في ذلك الزمن ودور محاكم التفتيش والكنيسة الكاثوليكية في روما، فبعد كتابته رسالة " العالم " وفيها يبحث في الطبيعة على اساس النتائج التي توصل اليها كوبرنيكوس وكبلر وجاليليو في النظام الشمسي ودوران الارض حول الشمس، وفي تلك الفترة ادانت محكمة التفتيش العالم جاليليو لان ارائه الجديد تودي الى سقوط الاعتقاد القدم للكنيسة بأن الارض ثابتة والشمس والكواكب والنجوم تدور حولها، وهذا ما احدث خوفا لدى ديكارت ان يكون مصيره نفس مصيرجاليليو، فلم يكمل رسالته وقرر ان يحرقها والا يكتب اي شيء، وفي عام 1643 أدانت جامعة أوترخت الهولندية الفلسفة الديكارتية، ولكن صيت ديكارت بدأ ينتشر والناس يتابعون كتاباته العلمية والفلسفية فادرك  انه لا يمكن ان يتوقف عن الكتابة، فنشر ثلاث رسائل حول موضوعات في الرياضيات والطبيعة ومقال بعنوان " مقال في المنهج " ولم يذكر اسمه على غلاف الكتاب خوفا من العواقب ويضع فيه قواعد المنهج الاربعة وهي : 1- اليقين( البداهة )... لا اقبل الحق حتى اعرف يقينا انه كذلك وان تكون لنا القدرة على التميز بين الصح والخطأ، ولا يتم هذا الا بممارسة الشك المنهجي الى ان نصل الى اليقين. 2- التحليل، تجزئة المشكلة او المسألة وبحث كل جزء منها بشكل دقيق وصولا الى الافكار البسيطة فالابسط منها. 3- التركيب او التناسق بين الافكارالبسيطة التي كشفها التحليل والانتقال نحو المفاهيم المركبة الاكثر تعقيد في تدرج منطقي ينتج فيه المركب عن البسيط.4- الاستقراء والاحصاء وفيه يتم مراجعة كل شيء.

كما وقرر ديكارت ان يضع مذهبا للفلسفة ويطبقه على الميتافيزيقا فنشر عام 1641 كتاب " التاملات في الفلسفة الأولى " وشمل على ست مواضيع: 1- الشك في كل شيء " أنا اشك أذن أنا موجود ".         2- الوصول الى اليقين بوجود العقل المفكر. 3- اثبات وجود الله. 4- التميز بين الوضوح وعدم الوضوح. 5- ثنائية ديكارت، الفكر والجسد جوهرين متمايزين. 6- زوال الاشياء وبقاء النفس.

تطرق الزميل المحاضر بشكل موسع لشرح هذه المواضيع المعقدة في فلسفة ديكارت الذي يعتبر" ابو الفلسفة الحديثة " مع العلم ان تخصص ديكارت الاساسي لم تكن الفلسفة بل الرياضيات والجبر والبصريات وتشمل ست مجلدات تحتل الفلسفة منها نصف مجلد.

ومن ثم لخص الزميل المحاضر اهم ما جاء به ديكارت بما يلي : مؤسس لفلسفة حديثة وفق منهج عقلاني . اسقط فلسفة ارسطو التي كانت مقدسة، لا تقديس لفلسفة ارسطو التي كانت سائدة في الكنائس . النهوض بالفلسفة لمواكبة العلوم الاخرى، الفلسفة القديمة لم تتمكن من حل المشاكل القائمة . اسس منهج مبني على العقل ومن خلال الشك نصل الى اليقين، والتحليل عبر التجزئة والتركيب . شك ديكارت هو شك أرادي وليس شك مطلق أو هدمي . لا للمسلمات وانما العقل هو الحكم، ووقف عند حدود العقل ولم يفسح مجال للايمان . نقل الحكمة والمعرفة الى الذات الفردية بدل الفكر الجماعي السائد للكنيسة . ديكارت يمتلك بعد مادي في افكاره أبعد وأعمق من البعد المثالي . طبق طريقة التفكير الرياضي على الفلسفة ولم يطبق المنهج الرياضي على الفلسفة . لم تعد القضية ترتبط بالمقدس ولا بالمجموع بل بالفرد المفكر . افكاره كان لها تأثير كبير على من جاء بعده ولا زالت تدرس . رفض ان تكون الحقيقة مقبولة دون شك (الحقيقة كانت مرتبطة بالكنيسة والكتاب المقدس والبابا) . انكر المعجزات الواردة في الكتاب المقدس لعدم استنادها الى برهان عقلي . النفس والجسد جوهران مختلفان في اتحاد تام والغدة الصنوبرية تشكل اتحاد النفس والجسم . الله يشبه العقل ولكنه غير محدود ولا يعتمد في وجوده على خالق اخر وادراك  وجود الله بالعقل تشمل : 1- وجود أله عادل وكامل يغذي العقل. 2- وجود الله من وجود الانسان نفسه. 3- ما هو ممكن ومقبول منطقيا موجود واقعيا . 

كما وان ديكارت اعطى مبررات لاثبات وجود الاله وتشمل ثلاث ادلة، لامجال لذكرها الان ... ولكن الزميل المحاضر يعتقد ان طرح ديكارت لهذه المبررات لمخاوفه من أجراءات الكنيسة ضده.

من خلال قرأة كاتب المقال لفلسفة ديكارت استنتج انه لاديني اي يؤمن بوجود خالق ويذكر " لأن الوجود جزء من مفهوم الإله، اذن الإله موجود " ولكنه لا يؤمن بالاديان والانبياء والرسل والمعجزات.

وارى ان علاقة الانسان بالايمان ذات اتجهات ثلاث : 1- المؤمنون الذين يؤمنون بوجود اله وله انبياء ورسل ينزل عليهم تعاليمه لينقلوها للبشر ويعلم بكل صغيرة وكبيرة ويعاقب كل من لا يؤمن به او يعمل بتعاليمه، ويعطي لانبيائه القدرة على عمل المعجزات . 2- اللادينيون الذين يؤمنون بوجود اله خالق للكون وتركه للتسير الذاتي، وهم لا يؤمنون بالاديان والانبياء والمعجزات واعتقد ان ديكارت من هذا الاتجاه . 3- الملحدون الذين لايؤمنون بوجود خالق للكون وانما تكون وفق قوانين علمية وطبيعية.

كانت المحاضرة واسعة وشيقة وجرت نقاشات ومداخلات حولها وكانت مداخلة للزميل حسن مطر حول فلسفة الشك وذكر فيها، ان هذه الفلسفة كانت  موجودة منذ القدم اي قبل ديكارت وتعتبر الفلسفة الشكوكية احد اهم علوم الفلسفة وكانت موجودة عند الفلاسفة المسلمين ومنهم ابو حامد الغزالي(1058 - 1111 )، وابن الهيثم واتهموا بالكفر، ويذكر ابو حامد الغزالي " من لم يشك فلم ينظر، ومن لم ينظر لم يُبصر، ومن لم يُبصر، يبقى في متاهات العمى ". وقد تطرق الزميل حسن الى ان احد مصادر ديكارت عن فلسفة الشك هو ابو حامد الغزالي لقد وجد كتاب له في مكتبة ديكارت مترجم الى اللغة اللاتينية ,

وفي ختام اللقاء قدم الزميل حسين سميسم الشكر للزميل المحاضر رعد مطر على الجهد الذي بذله وكذلك للحضور وللضيوف من التيار الديمقراطي الاستاذ نهاد القاضي و د.هلال البندر لتلبيتهم دعوة الجمعية .



#سالم_جورج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنقذ في الاديان


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سالم جورج - الاحتفاء بالفيلسوف ديكارت في امستردام