أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حارسٌ للمسجد … حارسٌ للكنيسة … فتّشْ عن البغضاء














المزيد.....

حارسٌ للمسجد … حارسٌ للكنيسة … فتّشْ عن البغضاء


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5712 - 2017 / 11 / 28 - 17:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قال أحدُ الأطباء الفلاسفة لمريض، عجزَ الطبُّ عن تشخيص مرضه: "الحبُّ علاجُ جميع أمراض البشر." فسأله المريضُ: "وماذا لو لم ينجحِ الحبُّ في علاج المرض؟" أجابه الحكيمُ مبتسمًا: "ضاعِف الجرعة."
لهذا هم مصابون بمرض عَصِيٍّ على كلّ ألوان العلاج الأمنيّ والسياسيّ والأخلاقيّ. لأن رصيدهم من الحب يساوي "صفرًا”. غيابُ الحبِّ أصلُ كلّ شرور العالم. عن الإرهابيين الأشرار أتحدث دون شك. الإرهابيون الذين يُفجّرون الكنائس والمساجد ويمتلكون جحودَ القلب الذي يقتل إنسانًا يقول: "اللهُ ربّي"، وهو يرفع يديه للسماء يناجي ربَّه. لا تطرفُ عيونهم وهم يرون أجسادَ الأطفال النحيلة تتهاوى مُضرجةً في الدم في صحن كنيسة أو مسجد، قبل أن يدرك أولئك الأطفالُ أن شيئًا شريرًا ينتظرُ حَتفَهم عند بابٍ مقدس، دخلوه ينشدون ذِكرَ اسم الله، ولن يخرجوا منه إلا جثاميَن في نعوش. الإرهابيون يكرهون الجميعَ دون استثناءات، وفي الأصل لا يحبّون أنفسَهم. فمَن يكره الناسَ، بالضرورة يكره نفسَه. فالكراهيةُ مرضٌ يجعلُ الإنسانَ يأكل مَن حوله، ثم يتحوّل إلى نفسه يأكلها. البغضاءُ هي غذاء الإرهاب. لهذا، فإن محاربة الإرهاب لا تبدأ إلا بمحاربة غذائهم: البغضاء. والبغضاءُ، بكل أسفٍ، تسكن الكثيرَ مما يُسمى: “كتب التراث". وأنا لا أُسمّي كلَّ ما يخالف قيمَ: الحق والخير والجمال والعقل، من أمور السلف: “تراثًا"، بل هو "موروثٌ". وثمّةُ فارقٌ هائل بين "التراث" وبين "الموروث"؛ أوضحتُه في مقالات سابقه، وأوجزه هنا قائلة: إن "الموروث"، هو كل ما ورثناه عن السلف، بحُلوه ومُرّة، جادِّه وهذلِه، عادِله وظالِمه، عاقلِه وأحمقِه. وأما "التراث" فهو العاقلُ المتزنُ الرصينُ المنطقيُّ الجادُّ النقيُّ الطيبُ من "الموروث”. فيا تُرى مَن ذا يُماري في وجوب تنقية "التراث" من مخلفاتِ "الموروث" الضّالة المُضلّة المُضلّلة؟! مَن له مصلحة في العنف والقتل والدمار والويل؟!
في مقالات سابقة، أعلنتُ بحزن أنني أتأذّى كلما مررتُ بكنيسة في بلادي وشاهدت جنديًّا يحرسها. لأن وجوده يُشير لي بإصبع الاتهام! وجوده يعني أن بيننا، نحن المسلمين، إرهابيين يكرهون أن يُرفَعَ اسمُ الله في بيوت الله، مهما اختلفتِ العقائدُ. وكنتُ أشعر بالحزن الممزوج بالغِبطة، ولا أقولُ: الحسد، حين أزورُ دولة الإمارات ولا أجد حارسًا على الكنائس، ولا حتى على المعابد البوذية والهندوسية هناك. غيابُ الحارس عن دور العبادة، يعني أن تلك الدور غيرُ مهددة؛ يعني أن ذاك المجتمعَ متحضرٌ. فهل مصرُ يُعوِِزُها التحضّرُ؟! يا أسفي!
واليومَ، بعد مذبحة مسجد "الروضة" بقرية "بئر العبد"، شمال سيناء، وسقوط أكثر من ثلاثمائة شهيد من المسلمين الصوفيين من بينهم أطفال، صار من المحتّم زراعةُ جندي لحراسة المساجد، أيضًا! نحن إذن نتراجع أخلاقيًّا وحضاريًّا. تبدّد اليومَ رجاؤنا أن يختفي حارسُ الكنيسة، بعدما أُضيف إليه حارسُ المسجد! رجاؤنا اليوم هو اختفاءُ "البغضاءُ" من "قلب" مجتمعنا الذي تعلم الجحود بليلٍ. البغضاءُ هي عدّونا الأول وهي الحائل بيننا وبين الحياة. علينا أن نعمل على انتزاع جرثومة الكراهية من قلوب النشء الجديد. فالإرهابيُّ المتطرف لا يبغضُ المسيحيّ ولا البهائيّ ولا اليهودي، وفقط، إنما يكره السنيَّ المعتدل، ويكره الشيعيّ، ويكره الصوفيَّ، لأنه ببساطة يكره "الإنسان".
أيها الأزهر الشريف، اُنصُرِ الإسلامَ وارفعْ هامتَه عاليًا؛ بأن تُنقّي ثوبَه من دنس الإرهاب. نُصرة الإسلام تبدأ وتنتهي بتنقية "الموروثِ" من كل شائبة عنف ودماء وبغضاء. نُصرة الإسلام هي محو كل ما ألصقه به بعضُ السلف غير الصالح من ممارسات التكفير والقتل، حتى لا نُفرّخ أجيالا جديدة من السفاحين، ينتسبون، بكل أسف، لي ولك، ولكل مسلم فوق الأرض. أربأُ بالأزهر الشريف أن يقفَ في خانة واحدة مع المتطرفين حين تهدمون الإسلام، معهم يدًا بيدٍ، بدفاعكم الُمستميت عن موروث دموي بغيض، نحاول نحن أن نمنع العمل به لصالح الإسلام ولصالح الإنسانية.
للمرة الألف أُعلنُها بكل اطمئنان، أن معول وأد الإرهاب في يد الأزهر الشريف، إن أراد، قبل أن يكون في يد الملف الأمني والعسكري.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموعُ الفارس | إلى الفنان محمد صبحي
- اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل
- -الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة
- -المنيا- مهانةُ مصرَ … والسبب -قُبلة يهوذا-!
- عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل
- عيد ميلاد البابا تواضروس
- خالد جلال يرفع مرآة ميدوزا في وجوهنا
- هل تذكرون الدكتور محمود عزب؟
- الفنون والسجون
- صناديقُ عمّ محفوظ
- جيشُنا العظيم أحبطَ حرقَ مصر
- صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حارسٌ للمسجد … حارسٌ للكنيسة … فتّشْ عن البغضاء