أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - بانوراما الألوان واحتفالية الأشجار














المزيد.....

بانوراما الألوان واحتفالية الأشجار


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1471 - 2006 / 2 / 24 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


يقال "تموت الأشجار وهي واقفة" لكنها تحيا أبدا بألوان الفنان التشكيلي في قلب قماش لوحته، والأشجار كما هو الحال بالنسبة للفن، ليس لها وطن، تجوب الأرض عبر كل الحدود وتتجاوز الأوطان، تستقر حيث تنمو وتقيم، على السهل والجبل وفي كل الوديان، ترتدي ضياء الشمس نهارا مبتهجة أينما تكون، تتوشح نور القمر بهاء في عتمة الليل، وتفرش ظلالها السمراء حيثما تشاء كمحطة هادئة للمتعبين من السفر، وللحالمين من العشاق والمحبين، ترقص بأوراقها الخضراء حفيفا على أنغام وموسيقى النسيم العليل، تتغنى الطيور على أغصانها العالية من أجل حياة أجمل وأمل أطول في الحياة، حياة حالمة تفيض متعة وحبور بين غابات أشجار الصفصاف العالية التي جسدتها فرشاة الفنانة التشكيلية المغربية أحلام المسفر في أعمالها الفنية وهي تشدو على إيقاع ومقامات المدرسة الرومانسية والتي تذكرنا بماضي الفن الجميل.
إن المتتبع لمسيرة الفنانة التشكيلية أحلام المسفر يلمس بوضوح خطواتها الفنية الثابتة على مدى أكثر من خمس سنوات منذ عودتها إلى أرض الوطن… فقد حافظت في كل معرض من معارضها، التي أقامتها خارج الوطن وداخل الوطن، على المستوى الإبداعي المتميز لحركة الفرشاة وتوزيع الألوان توزيعا متناغما يرقى إلى المستوى الذي يلبي حاجة المتلقي فنيا، فقد حافظت الفنانة على حضور العنصر الجمالي وتميزه في اللوحة إلى جانب العناصر الفنية الأخرى، وهو حضور لم يأت مصادفة ولم يكن حدثا اعتباطيا وإنما جاء نتيجة بحث متواصل واجتهاد فني مستمر لمسيرة فنية زاخرة، قبل العودة وبعدها، عبر المعارض الفنية الخاصة والمشاركات الدولية، وقد نالت أحلام جائزة التفوق من طرف لجنة تحكيم خاصة للفنون الدولية، وحصلت أيضا على الميدالية الفضية من أحد الصالونات الدولية للفنون التشكيلية للعامين 1996/95.
تتميز الفنانة التشكيلية أحلام المسفر بقدرتها على الإبحار في جميع محيطات الألوان بواسطة شراع فني يجيد ركوب الأمواج في بحر الفن، فقد أبهرتنا الفنانة المسفر بالتنوع السافر في أجواء ومناخات أعمالها الفنية، ففي كل معرض لها تطل علينا "بأطياف لونية" مختلفة ومتعددة توحدها طريقة العمل والأسلوب على مستوى التقنيات الفنية، فأجواء كل مجموعة من تلك الأعمال الفنية لها خصوصيتها في توظيف الألوان وتعدد انسجاماتها، منها تلك التي اعتمدت على الانسجام باللون الأحمر وأقرانه وتوابعه، والبعض الأخر تمثله قافلة لونية جديدة ارتدت اللون الأخضر ومشتقاته وما يقاربه من ألوان اللازوردي والسماوي، وهناك أطياف أخرى تؤطرها انسجامات لونية مختلفة تتمثل في لقاء الأضداد من الألوان، إنها قدرة الفنانة أحلام المسفر على الغناء بالوان ممتناقضة، يجمعها لحن معين وإيقاع موحد على قدر كبير من الروعة، وهي قدرة إن دلت على شيء فإنما تدل على تفوقها في الأداء الجمالي وسيطرتها على أدواتها الفنية التي استمدت أصولها إلى جانب موهبتها، من دراستها للفن في البوزارت بباريس عام 1968 .
إن الوحدة التشكيلية في جميع الأعمال التي أنتجتها الفنانة أحلام المسفر هي الشجرة، وهي العنصر الوحيد الذي شكل مضامين أعمالها التشكيلية خلال مسيرتها الفنية، شجرة لا تشكو من الوحدة، ولا تعاني من الغربة، فقد آثرت أحلام أن تزرع بفرشاتها ألوانا من الأشجار و تخلق منها بانوراما لونية زاهية غطت جميع مساحات القماشة البيضاء، وتمنحها مناخا احتفاليا يدعونا إلى الاستمتاع بموسيقى الألوان وهي تطربنا بصريا، وجعلت من إيقاعاتها اللونية المنسجمة أغان كان قاسمها المشترك هو الضوء. إن الفنانة أحلام أدركت بأن الأشجار لا تستقيم جماليا إلا بتوزيع الضياء والظلال داخل اللوحة وتوظيفها توظيفا رائعا عبر هندسة مساقط الضوء في أجواء المشهد الطبيعي، فقد حرصت أحلام دائما على أن تلاحق الطبيعة أثناء مولد النهار وأن تقتنص الشمس في مهدها، بحيث يجد المتلقي نفسه على حين غرة يتنزه بين ظلال وأغصان غابات أحلام المسفر، وهذا لا يعني بأن أعمالها الفنية تتسم بطابع الواقعية المحضة أو أنها تنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية، فقد عالجت أحلام موضوعاتها بأسلوب أقرب إلى الرومانسية وبتقنيات أقرب إلى التجريدية، فنسجت بإتقان خيوط المدرسة التجريدية المعاصرة بظلال المدرسة الرومانسية في عمل فني معاصر يمتلك خصوصية معينة لا يحمل سوى توقيع الفنانة التشكيلية أحلام المسفر.



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان التشكيلي المغربي المكي مغارة وحوار العتمة والنور
- ثلاث محطات ضوء مغربية من شمس الموسيقى العربية
- أنين العود في ليل العراق الطويل
- إعلان مدفوع الثمن
- من الذي أساء إلى الإسلام غير المسلمين ؟
- الأغنية العربية في ميزان الفيديوكليب
- الشمس والغربال / رأي في الأغنية العربية
- رنين العود أنين العراق
- بغداد الحرية في ظل الاحتلال
- الإبداع والمدينة
- محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال
- حدود اللون وآفاق الكلمة
- فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية
- ليت شعري هذا العراق لمن؟
- هموم التشكيل وأوهام الحداثة
- جاهلية المسلمين في زمن الانفتاح والعولمة
- العراق تحت رحمة الحرية والحوار والديمقراطية


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - بانوراما الألوان واحتفالية الأشجار