أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - لمن -ضحى- السيسى بشعبيته ؟!















المزيد.....

لمن -ضحى- السيسى بشعبيته ؟!


سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)


الحوار المتمدن-العدد: 5706 - 2017 / 11 / 22 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لقد حظى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، بشعبية "هائلة"، عقب اطاحته بالاخوان المسلمين من الحكم فى 2013، بغض النظر عن مدى "جدية" توليتهم الحكم من المجلس العسكرى. لقد ساهمت في تشكل هذه الشعبية الـ"هائلة" بشكل فعال، بعضً من قوى ثورة 25 يناير 2011، وكذلك قوى معادية لنفس الثورة!، وقادتها ماكينة اعلامية هائلة، تمتلكها الدولة ورجال اعمال من رأسمالية محاسيب "مبارك"، تلك الشعبية التى حظى بها السيسى قورنت، بشكل ما، بالشعبية التى حظى بها كلً من الرئيسين عبد الناصر والسادات، وذلك فى اوقات مختلفة وفى سياقات تاريخية ووطنية مختلفة.

بالرغم من الشعبية الجارفة التى حظى بها عبد الناصر حتى منتصف الستينات من القرن الماضى، الا انها انهارت عقب الهزيمة المذلة لنظامه فى 1967، والتى مازالت مصر والمنطقة العربية تعانى من اثارها الفعالة والمدمرة للاستقلال الوطنى حتى الان، ومن المؤكد لفترة قادمة.
هذه الهزيمة التى كشفت عن الخلل الاساسى فى نظام عبد الناصر، المتمثل فى انه، لا يمكن لنظام ان يحقق انتصار فى اى معركة اياً كان مجالها، ويحافظ عليه، حال استبعاده لقوى الشعب الفاعلة من المشاركة الفعلية فى هذه المعركة، هذا من ناحية، ومن الناحية الاخرى، لا يمكن لنظام ان ينتصر فى معركة يسير بها منفردة، "معركة التنمية مثلاً"، بينما لا يسير فى المعارك "القضايا" الاخرى، فجميع معارك "قضايا" الوطن مترابطة، فلا يمكن فصل قضية التنمية عن قضية النضال ضد الاستعمار عن قضية الحريات الشخصية والعامة "الديمقراطية"، فالمجتمع مثل جسم الانسان كلً مترابط.

كذلك حظى السادات بشعبية هائلة عقب حرب اكتوبر 1973، والتى استغل زخمها للقيام بخطوة لم تكن تخطر على بال احد ولا فى الاحلام، فقام بزيارة "اسرائيل" ومن ثم وقع اتفاقية صلح منفرد معها!، فتحت غبار المعارك يمكن فعل ما لا يمكن فعله بعد انقشاعها. وعلى خلفية الصورة الوردية التى اشاعتها الماكينة الاعلامية عن الرخاء الذى سينعم به كل مصرى حصاداً للسلام، وانتهاء عصر الحروب، كما اعلن السادات بأن "حرب اكتوبر آخر الحروب"!، حصل السادات على الشعبية الهائلة التى سرعان ما انهارت، والتى لم يكن قد مر عليها اكثر من ثلاث سنوات، فكانت الانتفاضة العارمة فى يناير "ايضاً" 1977 من الاسكندرية الى اسوان، بعد اكتشاف الشعب لزيف هذه الدعاوى!.

"تضحية" السيسى المؤسفة !
حالياً، تعانى قطاعات واسعة من الشعب المصرى من ازمات معيشية طاحنة غير مسبوقة، تهدد بأنفجار وشيك، كما يعانى الواقع السياسى المصرى من ازمة حريات شاملة وحادة، كانت فى الماضى، خاصة فى الفترة الناصرية، مبردة بقدر من القدرة على المعيشة بشكل افضل بكثير – نسبياً - عما يعانيه المواطن الان.
لقد ذكر الرئيس السيسى فى اكثر من مناسبة انه قد ضحى بالشعبية من اجل اتخاذ اجراءات اصلاح اقتصادى ضرورية، "غير شعبية"، من اجل انقاذ الاوضاع المتردية للاقتصاد المصرى، تلك الاجراءات التى خشى اتخاذها رؤساء مصر السابقين، رغم حتميتها!.
ومن اجل اتخاذ اجراءات اقتصادية صادمة وغير شعبية، لا تحظى بقبول قطاعات واسعة من الشعب، كان لابد من "عنف الدولة" من اجل ان تمر هذه السياسات الاقتصادية القاسية. فكما لا يوجد طريقة لطيفة ورقيقة لاحتلال الشعوب رغم اراداتها، كذلك، ما من طريقة رقيقة سلمية لسلب ملايين المواطنين ما يحتاجون اليه ليعيشوا بكرامة.*
ايضاً، لا يمكن لسياسات اقتصادية وامنية عنيفة ان تسير دونما غطاء سياسى، داخلياً وخارجياً، فكان داخلياً، اغلاق مجال العمل العام، والسماح نظرياً والتجميد فعلياً، لكل اشكال العمل المدنى المستقل، احزاب، نقابات، منظمات اهلية .. الخ، وخارجياً كان، الارتباط بالقوى الاقليمية المعادية للتغيير لتأبيد سيطرتها المطلقة على مقدرات مجتمعاتها، والارتباط بالقوى الدولية الداعمة للسوق الحر والمتغاضية عن المجتمع الحر لدول العالم الثالث "دول مستعمراتهم السابقة / الحالية"، تحت اغراءات مصالح مؤسساتها الاقتصادية بمليارات الدولارات او اليوروهات، مجلوبة من تلك الدول الاقليمية ذاتها، او من "لحم الشعب الحى" على حد التعبير المصرى الشهير. وبذلك حصل نظام "فريق السيسى" على هدوء فى الداخل ودعم واعتراف من الخارج، ومن المؤكد وعبر خبرة التاريخ البعيد والقريب، كلاهما مؤقت!.

السؤال الذى يتوجب الاجابة عليه:
ما هى النتيجة النهائية لتطبيق هذه السياسات الاقتصادية العنيفة "النيو ليبرالية"؟
هل تؤدى هذه السياسات الى توزيع اكثر عدلاً لثروات الوطن على كل المصريين؟
ام انها تؤدى الى تراكم مزيد من الثروة فى ايدى الفئات القادرة اقتصادياً، التى تحتل الدرجات العليا من السلم الاجتماعى، وافقار اكثر للفئات الغير قادرة اقتصادياً، والتى تحتل الدرجات الادنى من السلم الاجتماعى؟

ولان الليبرالية الجديدة الاقتصادية التى يطبقها "فريق السيسى" ويتبناها صندوق النقد الدولى، ودول ومؤسسات مجلس ادارته، تؤمن برفع يد الدولة كلياً عن التدخل فى "سوق الليبرالية الجديدة الحر"، كان على "فريق السيسى" التخلص، على هيئة "صدمات"، من كل الاجراءات الحمائية التى سبق اتخاذها من قبل رؤساء مصر السابقين، لصالح الفئات الغير قادرة اقتصادياً، من اجل استمرار تماسك المجتمع المصرى واستمرار منظومة الحكم فيه.
ان هذه السياسات الجديدة، والتى لم يتبناها الرؤساء السابقين، بنفس الحدة والشمولية، والتى تسببت فى "الصدمة" لفئات واسعة من الشعب المتضررة منها، هذه "الصدمة" التى بدونها ما كان يمكن تطبيق هذه السياسات القاسية وبدون مقاومة تذكر!، تلك السياسات التى لا تعنى فى حقيقة الامر سوى ترك السوق الحر، "الحر شكلاً، والغير حر فعلاً"، تركه نهباً للفئات القادرة اقتصادياً منفردةً!. ليتم نزح الثروات الى الاعلى، ويتم ارسال مزيد من الافقار الى الاسفل!.
اذا ما كان السيسى قد "ضحى" بشعبيته، فقد ضحى بها، "للأسف"، لهذه الفئات القادرة اقتصادياً، فقط!.

ان الازمة المزمنة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى المتردى على مدى عقود، تعود بالاساس الى الخلل البنيوى فى بنية النظام السياسى الحاكم، والمتمثل اقتصادياً فى استبعاد السلطة الحاكمة للغالبية العظمى من القوى الفاعلة من الشعب لمصرى من عملية التنمية، لتأبيد استمرار تفردها الانانى بالسلطة المرتبطة بالامتيازات الاجتماعية والاقتصادية، والتى ترى فى اى قوى اخرى تهديداً محتملاً لتفردها بالسلطة، ولما تتمتع به من امتيازات اجتماعية واقتصادية نتيجة لتفردها بالسلطة.
انها الدائرة الشريرة المغلقة التى تدور فيها مصر منذ 1952، فئة محدودة "القوة والعدد" تنفرد بالسلطة، وتحرم فئات غير محدودة "القوة والعدد" من المساهمة فى بناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم ووطن ابناؤهم!. والنتيجه الحتمية، الفشل المزمن.
لن يتم كسر هذه الدائرة الشريرة عن طريق تبنى اكثر حدة وشمولاً لسياسات كارثية سبق ان تبناها النظام المصرى، فى نسخ سابقة، وان باشكال اقل حدة واقل شمولاً، وفشلت جميعها فشلاً ذريعاً، وان لم تكن انتفاضاتى يناير 77 ويناير 2011 كافيتان لاقناع "فريق السيسى" بخطأ الطريق، فلا مفر من ان تقنعهما انتفاضات قادمة، وان باشكال مختلفة وبتكلفة مختلفة!.
لن يتم كسر هذه الدائرة الشريرة عن طريق تبنى سياسات سبق وان فشلت باشكال متنوعة فى العديد من دول العالم التى انتهجتها!.
لا خروج من هذه الدائرة الشريرة الا بمشاركة كل القوى المجتمعية المرتبطة مصالحها ارتباطاً عضوياً بتقدم وازدهار هذا الوطن، بدون اطماع لأى فئة، ولا تقدم وازدهار لهذا الوطن الا بتحقيق العدالة الاجتماعية والحريات الشخصية والعامة والكرامة الانسانية، اى، لا تقدم لهذا الوطن الا بتحقق الديمقراطية.


سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam



* عن الكتاب الرائع "عقيدة الصدمة"، صعود رأسمالة الكوارث. للكاتبة والباحثة الفذة، كندية الاصل، نعومي كلاين.
https://www.4shared.com/office/WE6mvlL6/____-_.htm
فيلم مترجم للعربية عن نفس الكتاب. https://www.youtube.com/watch?v=YRDDQ9H_iVU&feature=youtu.be



#سعيد_علام (هاشتاغ)       Saeid_Allam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة -الابادة الجماعية- الرائعة !
- شرين وخيانة الوطن ولصوص الفن !
- -الرباعية المصرية-، -خارطة انقاذ مصر-.
- انتخابات رئاسية -سابقة التجهيز-، لا جديد !
- هل حقاً -السيسى- يسير بمصر الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة ؟!
- رئيس عسكرى، ذو خلفية عسكرية !
- دستور مصر، دستور دولة دينية بامتياز !
- هل يرحل -السيسى- بعد -صفقة القرن- ؟!
- -فوبيا- اللجان الخاوية !
- تعديلات دستور -حسن النية-: السيسى، رئيس -منزوع الدسم-!
- التعديلات الدستورية وتسلق شجرة السلطة:
- تعديلات دستورية، ام انقلاب دستورى ؟!
- اعلان فوز السيسى فى انتخابات 2018 !
- أحدث جرائم الإعلام المصرى العلاج بالأمراض النفسية
- من قتل أبرياء أكثر: الارهاب ام الحرب على الارهاب؟!
- مأزق الجزيرة، ومأزق خصومها ! كل الطرق تؤدى الى -صفقة القرن-.
- مصر الحائرة ! مخاض ولادة متعسرة: طبيعية ام قيصرية؟!
- رجعية الدعوة للعودة ل-زمن الفن الجميل-!
- النخب المصرية، وحلم ال-شعبوية-!
- ممر -تيران- الى -صفقة القرن- !


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - لمن -ضحى- السيسى بشعبيته ؟!