|
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5705 - 2017 / 11 / 21 - 04:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اللعب خارج الملعب . المملكة العربية السعودية نموذجا ******************************************** اجتمع وزراء خارجية العرب وبعض ممثليهم البارحة بالقاهرة لتدارس حدث اطلاق صاروخ باليستي على الرياض . ولم يجتمع هؤلاء ولا زعماؤهم ، ولا مفكروهم من أجل قصف يناهز ثلاث سنوات أبرياء اليمن . بل ان اليمن تواجه اليوم ما واجهته بعض دول العالم منذ قرن وأكثر ، الكوليرا . وأطفاله يموتون جوعا ويعانون من نقص هائل في الأدوية . كيف تحكمون ؟؟ . ما يعيشه العالم العربي اليوم ، لم نقرأ عنه أبدا . تفاهة زعمائه تجعلهم يحاصرون بعضهم البعض ، بل ان احدهم دخل التاريخ من باب اعتقال رئيس حكومة بلد ذي سيادة وعضو في الجامعة العربية وهيأة الأمم المتحدة ، واحتجازه دون اعتبار للحصانة الديبلوماسية ورمزيته في وطنه ، ومكانته الاجتماعية . هكذا أصبحنا نتابع أحداثا دولية تخص ،بلدننا العربية لا تشكل في سلم اولويات اهتمامات الدول ذات البعد الحضاري والمركز أي اعتبار . واذا كانت قضية الشعوب العربية الأولى قد أغفلها حكام العرب اليوم ، وهي فلسطين السليبة ، لم تعد تثير أدنى اهتمام لديهم ، فقد حددت بوصلة اهتماماتهم اسرائيل بدقة ، وألزمتهم بتبني ملف ايران ، التي نشهد كمتابعين أنها لم تتدخل في دولة عربية بالأسلحة والعسكر والصواريخ ، بقدر ما دخلت عبر فجوات استغلتها بحكمة الفرس ، ودهائمهم ، وتسللت الى أكثر من بلد عربي عبر الفكر ونشر المذهب الشيعي بدعم مالي يعتمد على تأهيل التابعين والمنخرطين عقليا وفكريا . بينما اعتمدت الدول العربية على تقديم المال من أجل التفجير والتفخيخ واحداث أكبر قدر ممكن من الدمار في الدول العربية والاسلامية وغيرها من الدول الأجنبية ، الى درجة ارتباط الارهاب بالعرب والمسلمين ارتباط السب بالمسبب . وحين تلتئم وحدة العرب حول صاروخ ، ولا تلتئم حول الأرض والعباد ، فان هذا الالتئام ، والذي غالبا ما يكون مدعوما بالرشاوي والأعطيات ، لا يلحم الجسد العربي ، بل بالعكس ، يفككه ويظهر هشاشته . اذ لا يعقل أن توافق الشعوب العربية من يحكمها في قرارات عشوائية وصبيانية . وتمنح الشعوب العربية شبابها وثرواتها وسلمها وأمنها من أجل أسباب تافهة . اذ كان من الانساني قبل الديني والأخلاقي أن يتم توقيف قصف المدنيين وتدمير الديار والمستشفيات والمدارس منذ الشهر الأول . فدولة بتحالفها الأخطبوطي تعجز عن وضع حد لفئة قليلة من سكان اليمن ، دولة لا تستحق أن تقود الدول العربية . المال لا يصنع القوة ، المال يصنع الشهرة ويغذي الصورة ، لكنه لا يرقي العقول ولا يفتح الأبصار . ان التوترات العربية العربية لا ترقى الى هذه الانكماشات والتنابذات . العرب اليوم هم في حاجة الى حكماء يلملمون أمورهم ويصوبون بوصلتهم نحو رفاهية مجتمعاتهم . أغنى منطقة في العالم يموت أبناؤها بحصار اخوي ، وتدمر مدنهم بأسلحة ممولة من خزائن الدول العربية ومستعملة بأيادي أبناء هذه الدول . ويقتل نساؤها من اجل قفة طحين وزيت . الأمر لا يصدقه كل ذي عقل وحس سليم ، لكنه الواقع للأسف . السعودية داعمة الارهاب تحاصر بمساعدة ثلاث دول عربية دويلة صغيرة ، هي قطر . وتعتقل رئيس حكومة لبنان ، وتدمر بلدانا عربية كسوريا واليمن ، من اجل ماذا ؟ . من اجل ارضاء اسرائيل ، التي صرح وزير حربيتها " موشيه يعلون " أن ما تقوله السعودية بالعربية تقوله اسرائيل بالعبرية " ، بمعنى ان ما تقوله السعودية بلغات أخرى نقوله نحن بلغتنا . ويكفي ان ينشر موقع ايلاف السعودي حوارا مطولا وصريحا مع رئيس الأركان الاسرائيلي "غادي ازنكوت " ، لنعرف مدى التقارب وتطابق الرؤى بين آل سعود وبين الاسرائيليين . فالعدو مشترك حسب الجهتين ؛ هو ايران . غير أن ايران لم تستعمر بلدا عربيا ، ولم تطرد أهله ، ولم تأكل أرضه ، ولم تستحوذ على زيتونه وزعتره . اسرائيل هي من صنعت كل هذا وأكثر . فهل سننسى بهذه الخفة جرائم اسرائيل ، لنصنع لايران جرائم ونلفقها لها ؟؟ ، وندخل المنطقة في توترات هي في غنى عنها . يبدو أن بعد اقتصاد الفقاعات ، جاء عهد سياسة الفقاعات ، وحروب تشن من أجل فقاعات . لنعد الى الوراء قليلا فقط . نفس وزير خارجية السعودية ، وقبل أشهر فقط ، كان يتوعد العالم ويتحدى حكام العالم أن لا بديل عن تحييد الرئيس السوري بشار الأسد ، وكأنه الوصي الوحيد على ملف سوريا ، وأي حل آخر فان الدمار لن يتوقف في سوريا ، والمنظمات الارهابية ستلقى كل الدعم من السعودية وحلفائها ، وعلى رأسهم قطر التي تحاصرها السعودية اليوم . فكيف انقلب السحر على السحرة أنفسهم ؟ لكن وبعد اندحار أكذوبة داعش ، كان ملف ايران جاهزا ، وهو الملف الذي يمكن أن تركبه الدول المعادية لها في أي وقت . لأن ايران دولة ذات نفوذ وقوة وسلطة ، وهي تخدم على استراتيجية طويلة المدى وذكية . وليست كداعش الآتية من لاشيئ ، من فراغ العقيدة الوهابية ، ومن أموال كان الأجدى ان تستثمر في النهوض بالدول العربية التي يعاني سكانها من هشاشة الفقر والحاجة والأمية . لنتصور أن المملكة السعودية وقطر والامارات العربية وظفت تلك الأموال في خدمة الشعوب العربية وتأهيلها . كم كانت ستستفيد ، وأين كان سيقف ولاء أبناء الأمة العربية والاسلامية لها ؟ . لكنها رأت عكس ذلك ، وعملت على تحطيم دول ذات مجد تاريخي وحضاري كالعراق وسوريا .وهي اليوم تجيش مشاعر العرب والمسلمين ضد الشيعة . فماكينة صناعة الحروب والدمار لا تتوقف عند السعودية . بل انها انقلبت على آل سعود أنفسهم باعتقال أكثر من 500 امير ومسؤول ورجل أعمال سعودي .في حين أن ايران تعيش سلاما داخليا وخارجيا .دون ان تفقد شيئا من ثرواتها . ولعل هذا ما يجعل ايران تجيد اللعب داخل الملعب وان كانت مساحاته أضيق ، بينما المملكة العربية السعودية لا تجيد اللعب الا خارج الملعب مع شساعة مساحته.
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
-
أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
-
خطاب الملك بين التفكك والسمو
-
مرحلة الجثث المتحركة ...السياسة بالمغرب الآن
-
وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا
-
بين الاستقلال والانفصال والمطالب الاجتماعية البحثة
-
حزب الاستقلال وحرب الصحون
-
أفلح قوم ولوا امرأة وذل قوم ولوا رجالا
-
خيانة فقهاء الدين للأمة
-
مقارنة بين استفتاءين وحراك الريف
-
خطاب ثورة الملك والشعب والعودة الى الأدغال
-
خطاب ثورة الملك والشعب ، هل يفعلها ؟
-
خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة
-
الأبعاد الجيوستراتيجية لحراك الريف
-
القبطان مصطفى أديب يدخل أسبوعه الثالث في الاضراب عن الطعام
-
عري
-
الثورة وضرورة المرافقة التنويرية
-
أردوغان ديكتاتورية أم براغماتية متطرفة؟
المزيد.....
-
هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟..
...
-
شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
-
الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
-
-مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في
...
-
البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال
...
-
جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|