أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - واقع العمل السياسي والحزبي في الأحزاب الدينية في العراق















المزيد.....

واقع العمل السياسي والحزبي في الأحزاب الدينية في العراق


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5701 - 2017 / 11 / 17 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتميز الأحزاب السياسية عموما بوجود نظم داخلية تتحكم في مسيرتها العملية على مستوى التنظيم وبنائها الفكري والأيديولوجي وطرق التطوير والتحديث والتوافق مع المتغيرات السياسية والفكرية التي تؤثر عليها وفيها، وهذه النظم والقواعد دائما ما تتجلى من خلال تفصيلات العمل اليومي والدوري في قضايا مهمة أو من خلال رؤية فكرية متكاملة تشير إلى مكنون الجزب أو الحركة الثقافي والسياسي والأجتماعي عموما، منها على سبيل المثال ما يعرف بقواعد التعامل بين القيادات والقواعد صعودا ونزولا وقضيا الأنتخاب وتبادل الأفكار والرقابة الداخلية على طريقة إدارة الحزب لبرنامجه السياسي ومحاسبة الهيئات العامة لأية تجاوزات وخروقات على العمل السابق وضبط توجهات القيادة في خططها المستقبلية لوجود الحزب ونشاطه التنظيمي.
هذه الأمور من البديهيات الأساسية في العمل الحزبي سواء أكانت الأحزاب السياسية تمثل توجهات أيديولجية محددة أو تقوم على تحالفات فكرية يجمع بينها رابط الفكرة المقاربة أو الرؤية السياسية المتماثلة، في الأحزاب الدينية عامة ومنها الإسلامية على وجه الخصوص هناك تفرد عجيب ومظاهر قد لا تجعل من هذه الأحزاب شكلا من أشكال التنظيم السياسي المنظم بقواعد حاكمة ومفهومة، إبتدأ من فكرة تأسيس هذه الأحزاب وتبني أيديولجياتها الفكرية، فهي لا تنشأ نتيجة نضالات وأفكار توافقية بين مجموعة من المفكرين أو الساسة أو حتى أصحاب المبادئ المشتركة، فهي تنشأ بالغالب الأعم بناء على توجهات فردية تتحول ومن خلال شخصية محورية إلى تجمع مؤيدين لا يملكون حتى حرية إبداء الرأي أو تطوير أفكار الزعيم.
أعتماد الأحزاب الدينية على شخصية القائد وألتفافها حوله لا يفسر إلا من خلال مفهوم الشخصنة الطاغية، التي تميز الإيمان بالفكر من خلال الشخصية وليس من خلال المبادئ التي يقوم عليها الحزب، هنا نواجه مشكلة حقيقية حين لا يكون هناك فاصل فكري حقيقي يتيح لأعضاء الحزب أو المنظومة السياسية أن يتحركوا بها خارج إرادة الزعيم الروحي، أو من خلال طريقة ومنهج العمل السياسي المتعارف، لذا فإن تغير الزعيم أو رحيله يتفكك الحزب ويوزع الولاء تبعا لمراكز النفوذ التي يتركها من خلفه.
من دراسة كل النماذج الراهنة من هذه الأحزاب ومتابعة التطور التنظيمي لها نجد من المناسب أن نشير للملاحظات التالية:
• كل الأحزاب الدينية في العراق بشقيها السني والشيعي وحتى الأحزاب الدينية الأخرى من خارج المنظومة الإسلامية ولدت تحت حاجة زعامات دينية تترجم أفكار محدودة بها وتجسدها عقيدة لكل من يريد أن ينتمي لها، فهي مولدة لذات الزعيم وليس بناء على إرهاصات فكرية أو حورات فكرية جماعية تملك برنامجا جماعيا يمثل رؤية شريحة واسعة من المنتمين لها (الدعوة الإسلامية وكل تشظياتها، التيار الصدري والفرق الخارجة عنه، الحزب الإسلامي العراقي بأمتداداته عبر الأخوان المسلمون، المجلس الأعلى الإسلامي، حزب الفضيلة الإسلامي).
• كل هذه الأحزاب مشخصنة بالرمز وتعتبر أن وجوده هو الشرعية التنظمية له، فغياب الرمز يعني غياب أصل الفكرة المؤسسة له، لذا فتنتقل القيادة والزعامة داخل هذه الأحزاب بالتوريث وليس بالأنتخاب الديمقراطي للقاعدة وأختيار القيادات التي تمثل المنهج أو تحاول الحفاظ عليه، فهذه الأحزاب بغالبيتها تتمحور حول فكر الزعيم وليس حول فكر الحزب، مما يحولها من كيان تنظيمي سياسي ديمقراطي إلى مجموعة أتباع وأنصار تنفذ ولا تناقش والزعيم مثل الملك يسأل ولا يسئل.
• القواعد التنظمية لهذه الأحزاب قواعد سلبية عليها مهمة الطاعة لأن الفكر الجذري لهذه الأحزاب قائم على نظرية التولي وليس على نظرية العمل السياسي المؤسساتي، لذا تحول مؤيدي وأنصار وحتى قادة الصفوف الأولى في هذه الأحزاب إلى مجرد ببغاوات تسبح بمجد الزعيم وتبرر له كل القرارات كيف كانت وتحت أي عنوان، لأن أنتقاد هذه الزعامة تمثل لهم أنتقاد الدين ذاته وخروج على إمامة الزعيم للحزب.
• غياب شبه تام وكلي لمبدأ المحاسبة الحزبية من قبل الهيئات العامة والمؤتمرات لو حصلت للقيادة الزعمائية وأنتقاد أو مراجعة المرحلة السابقة أو التخطيط للمرحلة اللاحقة، فالزعيم هو الملهم وهو المخطط وهو الدستور والنظام الداخلي الذي يتحكم في عمل الحزب، حتى في أوجه الصرف المالي أو واردات الحزب فلا يحكمها نظام أو قواعد أو حتى ضوابط تكشف عن حدودها، فالزعيم هو مالك الحزب والمسئول عن ماليته وكيفية الصرف، بل أن أموال الحزب هي أموال الزعيم وبالعكس.
• أرتباط هذه الأحزاب ومن خلال زعاماتها بمرجعيات دينية محددة وحتى داخل المذهب الواحد تشير إلى إنقسام هذه المرجعيات وعدم أتفاقها على ثوابت عملية تستطيع من خلالها تبني توجهات جمعية تمثل عموم المذهب، وتشير من جانب أخر إلى صراعات زعامة على المذهب، وبالتالي الأفكار الحزبية داخل التنظيم لا تمثل فكر حزبوي بقدر ما تشير إلى إرتدادات صراع المرجعيات على القاعدة الشعبية للمذهب أو الطائفة، وهنا سيكون بالتأكيد عدم وجود حقيقي لفكر سياسي جمعي يمثل الحزب ويترجم أهدافه على وجه الفرادة والتخصص، فهي جميعا تمثل الخلاف والأختلاف الفوقي ولا تعبر عن وجود للقواعد الحزبية ولا تقبل حتى التدخل في هذا الصراع.
• هذا يؤسس لمفهوم أخر يتعلق بالقواعد الجماهيرية للحزب كونها قواعد مستعبدة وجودها وعدمه لا يمثل أي أهمية في بناء الحزب وتطوير عمله، وبالحقيقة أن قواعد الحزب تنقسم لنوعين الجزء الذي يعمل وملتصق بالحزب فهم أجراء وأصحاب مصالح مادية، والجزء الأكبر يمثلون الغوغاء المدفوعين بأتون الصراع تحت تأثير عواطف وأنحيازات غير سياسية ولا تمثل فكرا محددا خارج روح الأنتماء الطائفي.
من كل ذلك يتضح لنا أن هذه الأحزاب السياسية لا تمثل بأي شكل من الأشكال التنظيم السياسي الحقيقي الذي تسري عليه الأحزاب في العالم، ولا يمكن تسميتها أحزاب بقدر ما يمكن الإشارة إلى تجمعات طائفية وعقائدية لا تملك منهج واضح خارج فكر العقيدة الذي يتولاها الزعيم ويؤمن بها، وليس لها فكر مميز خارج صراعات المرجعيات والزعامات ولا يمكن تطويرها أو تبني مسارات عملية وحقيقة لنضجها، فهي ولدت من عباءة الزعيم وستبقى كذلك ما دام هناك صراع وهناك مصالح وهناك تناقضات.
لذا فالحزب الذي لا يؤمن بالديمقراطية الداخلية في تنظيمه ولا يقبل التجديد الفكري والتعددية في أطار التنافس الإيجابي في داخل بنيته التنظيمية، لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا في تعامله مع الخارج الشعبي ولا حتى مؤمن بهذه الضرورة خارج تحقيق مصالحه المذهبية، كما وأنه لا يساهم أو يؤسس لمجتمع ديمقراطي ناضج يمكن أن يقود لمراحل تطورية وفكرية في بنية النظام والمجتمع على أساس فكرة الرأي والرأي الأخر.
إن هذه القراءة السريعة للأحزاب الدينية في العراق على وجه الخصوص تكشف هشاشة ونمطية التفكير السياسي الديني ومشغوليته الفكرية القائمة على الصراع ونتائجه، وإن لا نستثني وجود أمثلة وأشكال متماثلة لها في المنطقة والمحيط الإقليمي تعاني من نفس الإشكالية، يؤكد أن التيار الإسلاموي السياسي تيار غير ديمقراطي ولا يؤمن بالديمقراطية التعددية ولا حتى بحقوق الإنسان الأساسية طالما أنه يرجع في كل ذلك إلى ثوابته التي تكفر الأخر المختلف وتستعديه.
هذا التنظيم والممارسة التي يطرحها سياسيا وبكل الأحوال يمثل موجه عاطفية حسية شعورية عقيدية لا بد أن ينتهي للفشل وتتحطم مشاريعه وأفكاره بمجرد أن تهتز الصورة في الأصل المعتمد عليه وهي الأيديولوجية الدينية المتزمتة بقواعدها، ولأنها أحزاب شكلية ولدت ميتة لتحي فكر ميت في مجتمع وعالم متحرك للأمام خارج تراث ما ضوي تأريخي ساكن ومتحجر، ولا يقبل أن يخضع مرة أخرى إلا للوصاية على الفكر والعقل والسلوكيات الجمعية من خلال رؤية الزعيم الملهم، الذي يملك كل الحلول وبيده كل الأمور، هذه الحقيقة يجب أن لا تغيب عن البال ونحن نرى عجز هذه الأحزاب أن تقدم مشروعا جماهيريا جمعيا يقود العراق إلى مرحلة النمو والتطور والوحدة.
حتى تتحول أحزاب الإسلام السياسي وتتأقلم مع قانون الأحزاب والعمل السياسي لعام 2015 بأعتباره المرجع الأساسل لعمل الحزبي، لا بد لها من إحداث تغيرات عميقة في المنهج والرؤية والتنظيم، وأعتماد الشفافية المطلوبة في عملها ومواردها وأن تخضع بالكلية للقانون وأهدافه، وأن تتحولت القيادات الحزبية فيه إلى ثيادات منتخبة وخاضعة للمسئولية والفصل بين كيان الحزب وكيان الزعامة، هذا لا يمكن تطبيقه وتحقيقه إلا من خلال ألية مراقبة ومحاسبة قانونية وقضائية وتدقيق مالي حسب الأصول المتبعة.
هذا من جهة التنظيم والإعداد البنائي لهذه الأحزاب خاصة فيما يتعلق بخروجها من عباءة المرجعيات الدينية إلى ظل المرجعية الوطنية التي يكفلها ويشرعها الدستور، فما زالت بعض هذه الأحزاب تدين في ولائها لمرجعيات غير عراقية لا بالهوية ولا بالأنتماء مما يجعلها في تقاطع حقيقي بين أن تكون أحزاب وطنية عراقية تمثل مصلحة جماهيرها وقواعدها، وبين أن تكون أمتدادات وذيول للأجنبي ومصالحه وأهدافه الخاصة، على الجهات المعنية أن تدقق في النظام السياسي لكل حزب وأن تراقب عملية أتخاذ القرارات فيه ومدى أرتباط هذه الأمور بالمصلحة والأمن القومي العراقي.
إن تنظيم العمل السياسي والحزبي في البلاد وفقا للقانون هو المقدمة الحقيقية واللازمة لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي، يضمن للحزب أولا ولجماهيره الحق السياسي والدستوري ويفصل بين الفوضى السائدة الأن وبين أساس العمل السياسي القائم على النظام والحقوق والواجبات، كما أنه يعمل على ترسيخ القيم الوطنية ويصون حقوق الوطن والمواطن، دون أن تهمش القواعد والجماهير المرتبطة بالحزب أو التنظيم من ممارسة دورها التعبوي والنضالي، وبذلك نضمن للمجتمع أيضا بناء تقاليد العمل الحزبي المنضبط والعملي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قررت أن أعرف ربي ح1
- قررت أن أعرف ربي ح2
- واقع الإسلام وواقع المسلمين
- تجربة الخلق والمصير
- مفهوم الظلم ودلالاته
- الحياة وتجربة ما بعدها
- العقل العربي ومسئولية الفكر
- سر المعرفة ...كلمة السر
- مصطلحات فكرية
- محاولة في تعرية العقل
- التأريخ ومفهوم الحتمية التأريخية
- نحو بناء فلسفة لما بعد عصر الفلسفات التقليدية
- فهم الوعي على أنه جزء من المعرفة
- من إشكاليات العقل الملحد
- من إشكاليات العقل الديني التقليدي
- إشكاليات العقل الملحد
- تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ بين شرعة حقوق الإنسان الأ ...
- تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ بين الشرعية الدينية والمش ...
- حرية الإيمان وحرية التدين
- هل تقودنا الواقعية العقلية للتخلي عن الدين؟.


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - واقع العمل السياسي والحزبي في الأحزاب الدينية في العراق