أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل















المزيد.....

في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل


عقيل عيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1470 - 2006 / 2 / 23 - 04:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الذكرى السنوية الثالثة لرحيل آنا ماري شيمل
مرّت قبل أيام وتحديداً يوم 28 يناير الذكرى السنوية الثالثة لرحيل عميدة الاستشراق الألماني المعاصر العالمة القديرة الدكتورة آنا ماري شيمِّل (1922- 2003) .
تعتبر الدكتورة شيمل من جملة أولئك المستشرقين والعلماء الذين انجذبوا للحضارة والثقافة والتمدّن الإسلامي ، وأبدوا احتراماً بالغاً – على الدوام – لهذه الحضارة ومنجزاتها . بل لقد تميّزت الدكتورة شيمل عن أترابها من المستشرقين وأقرانها من العلماء في إدراك الكثير من الأهداف السامية والمقاصد النبيلة التي عجز عن تحقيقها نظرائها من الدارسين لحضارة الإسلام وثقافته .
ويمكن أن نعزو هذه النظرة الايجابية إلى الخلفية التي تعاملت بها الدكتورة شيمل مع الحضارة الإسلامية التي درستها ؛ فقد ارتكزت هذه الخلفية على الكثير من الحب والرغبة في اكتشاف الجوانب المضيئة فيها الأمر الذي "خالف" منهج عُتاة المستشرقين الغربيين بل ومدرسة الاستشراق عموماً .
تاريخياً ، كان المنهج الأكاديمي للدراسات (الإسلامية) هو وليد منهج يزيده قدماً ، وهو تحديداً الدراسات (الشرقية) . والدراسات الشرقية بدورها ، تأتَّت من منهج فرعي في "اللاهوت المسيحي" . وكان المقصود ومن هذه المناهج دعم اللاهوت المسيحي عبر تأمين المعرفة الكافية باللغات التي كانت ضرورية لفهم الكتاب المقدّس ونشر رسالته ؛ أبرزها كانت العبرية والآرامية والعربية . إذن ، كانت الدراسات الشرقية منهجاً يركز بشكل خاص على النصوص (الكَنَسيّة) ، وشاركت منهجها الأم ، اللاهوت في مَيله على التركيز على "التباين" والاختلاف بين تلك النصوص ، أي الكتاب المقدس والقرآن الكريم ، وبالتالي ، العالم المسيحي وعالم الإسلام . وبما أن المناهج صُمِّمت كذلك ، فقد طوَّرت (الدراسات الشرقية) نصاً محورياً تقليدياً ركَّز على "الفروقات" وحتى على "عدم الانسجام" الأبدي بين الإسلام والعالم الغربي (المسيحي) .
في وقتنا يعد المستشرق برنارد لويس (1916- ...) الشخصية الأساسية والأكثر تأثيراً داخل هذا التقليد الثقافي وأكبر المتحمسين له ، فهو يستعمله لدعم فكرة (تصادم الحضارات) التي تتبناها بعض المراكز والدوائر في العالم .
ولكن ، وخلافاً لبرنارد لويس ، كانت آنا ماري شيمل أحد أبرز الاستثناءات "داخل" النص التقليدي ؛ عبر استعمالها النوع الأدبي المناسب ، وتحديداً الشعر الصوفي ، كانت قادرة على بناء جسور عاطفية وعقلانية في وقت واحد رابطة بين فروقات التقاليد اللاهوتية والقضائية المتنازعة .
لقد وصفت الدكتورة شيمل منهجها في الدراسة والبحث عندما قالت في إحدى المناسبات وبكل وضوح : (( إن طريقي ليس هو طريق التصريحات والبيانات ، ولا هو طريق الإثارات والزوابع . إنني أؤمن أن الماء الصافي سوف ينتصر بحركته الدءوبة على مر الزمن وعلى صم الحجر )) .
ولدت آنا ماري شيمِّل في 7 إبريل 1922 في مدينة ايرفورت بألمانيا ، بدأت تتعلم اللغة العربية في سن الخامسة عشرة على يد صحفي ألماني اسمه د.إلينبرج ويعرف بالأفندي . حصلت على درجة الدكتوراه عام 1941 في برلين في التاسعة عشر من عمرها عن رسالتها حول حضارة العصر المملوكي في مصر ، وبعد ثلاث سنوات حصلت على درجة الأستاذية من جامعة ماربورغ ، وتعتبر شيمل أصغر من حصل على مثل هذه الدرجة العلمية في هذا الوقت . وفي عام 1951 حصلت على درجة دكتوراه ثانية في رسالتها عن تاريخ الأديان ومكانة الإسلام بين الأديان السماوية .
قامت الدكتورة شيمل بأول زيارة لها إلى العالم الإسلامي سنة 1952 وبالتحديد إلى تركيا التي عادت إليها في عام 1956 بعد تلقيها دعوة من كلية الإلهيات في جامعة أنقرة حيث عملت كأستاذة في العلوم الإسلامية واللغة العربية . وأثناء إقامتها في تركيا ، وفضلاً عن تدريسها في قسم تاريخ الأديان بجامعة أنقرة ، شرعت الدكتورة شيمل بإجراء تحقيقات واسعة في الآداب التركية القديمة ولاسيما تراث الصوفية العريق هناك ، وفي المسائل الإسلامية في العالم الحديث .
ابتداء من عام 1961 شغلت الدكتورة شيمل بعد عودتها إلى ألمانيا منصب مستشارة الشؤون العلمية في مجال الدراسات الإسلامية في جامعة بون ، إلى جانب عملها كأستاذة للغة العربية والعلوم الإسلامية ، وكذلك إشرافها وتحريرها في المجلة الدورية (فكر وفن) حتى سنة 1973 ، وهي مجلة علمية كانت تنشر باللغة العربية من لدن مؤسسة (غوته) الألمانية ، نَشَرَت عبرها الكثير من أبحاثها عن الحضارة والثقافة الإسلامية .
في عام 1967 تلقَّت دعوة للتدريس في جامعة هارفارد العريقة بالولايات المتحدة ، وفي عام 1970 خصص لها كرسي تاريخ أديان الشرق في تلك الجامعة ، هذا فضلاً عن إلقائها دروساً في مؤسسة الأبحاث الإسلامية بلندن في صيف كل عام .
بفضل تحقيقاتها وأبحاثها ومؤلفاتها العديدة في مجال الحضارة والثقافة والتمدّن الشرقي نالت الدكتورة شيمل العديد من شهادات الدكتوراه الفخرية من جامعات شرقية وغربية عدة ، كما نالت أيضاً الكثير من الجوائز وأوسمة التكريم لعل أهمها جائزة (فريدريش ركارت) الألمانية سنة 1965 ، ووسام الاستحقاق الألماني من الدرجة الأولى سنة 1982 . كما منحت في العام 1995 جائزة السلام كأحسن كاتب بالألمانية ساهم بفكرة في دعم السلام بين الشعوب وكما جاء في حيثيات الجائزة (( تقديراً لإنتاجها الفكري لتحقيق فهم أفضل للإسلام وقِيَمة الروحية العميقة ، وقدرته الدائمة على التجديد في مجابهة الغرب (...) وأن أفكارها المدعمة للسلام تطرح إمكانية التوافق بين الإسلام والعصر الحديث بشكل ومنطلق ينبع من القيم الأصيلة للإسلام وليس من خارجة (...) وإن إتحاد الناشرين الألمان إذ يأخذ بعين الاعتبار تفاقم ظواهر التعصب الذي شاع في مختلف بقاع العالم ، فإنه يعتبر تكريم الدكتورة شيمل اعترافاً بإمكانية بل بضرورة التفاهم بين الحضارات كبديل عن المجابهة والتصادم )) .
كتبت الدكتورة شيمل في حياتها ما يزيد على مائة كتاب ، أما المقالات المبثوثة في الدوريات الألمانية والعالمية والمحاضرات باللغات المختلفة ، فلم تحص بعد . أتقنت الدكتورة شيمل من اللغات الشرقية : العربية والفارسية والتركية والأردية والسندية والباشتوية والبنجابية . مما أهلها إلى ترجمت الكثير من الشعر الصوفي ، خصوصاً لمولانا جلال الدين الرومي ، محمد إقبال ، الحلاّج ، ميرزا أسد الله ، غالب الدهلوي ، فريد الدين عطّار وغيرهم .
لقد نذرت الدكتورة شيمل حياتها العلمية والعملية على امتداد ما يزيد على نصف قرن في خدمة الإسلام ، ديناً وحضارة وثقافة ، وفي الدفاع عن العرب والمسلمين في العالم كله . ويكفي أن نلقي نظرة على الموضوعات التي بحثت فيها وكتبت عنها عشرات الكتب ومئات الأبحاث والدراسات والمقالات لندرك ذلك . لقد كتبت ، على سبيل المثال ، في التعريف بالإسلام ، وعن الرسول (ص) ، وعن تاريخ الحضارة العربية والإسلامية ، وعن الصوفية والفكر الصوفي ، وعن الشعر العربي والفارسي والتركي ، وعن الخط العربي ، وعن الحياة المعاصرة للمسلمين وغيرها .
وعن أعز أمانيها وهل حقَّقت الدكتورة شيمل كل ما طمحت إليه ، قالت : (( لقد جذبني عالم الشرق منذ كنت طفلة بدأت أتعلم اللغة العربية وعمري خمسة عشر عاماً وسأظل أحب العالم العربي والإسلامي حتى وفاتي )) .



#عقيل_عيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود الحرية
- التسامح الديني مطلب إنساني
- في مفهوم الثقافة العربية
- الاجتهاد .. وراهنية التغيير
- تأسيس المجتمع المدني .. وصراع المجتمع والدولة


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل