أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 53














المزيد.....

سيرة أخرى 53


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5697 - 2017 / 11 / 13 - 00:04
المحور: الادب والفن
    


1
دمشق القديمة، تشتهر بأسوارها الحجرية وأبوابها المنيفة وأسواقها العظيمة وأزقتها المنيعة ومنازلها الرائعة، وكذلك بقلعتها وخاناتها وحمّاماتها ومساجدها ومكتباتها. منذ الصف السادس الإبتدائي، أخذتُ أتعرف على مجاهل المدينة القديمة بفضل زياراتي الدورية لمكتبة الظاهرية. قبل ذلك، كان المكان بالنسبة إليّ لا يتعدى حدود الأسواق المحيطة بالمسجد الأموي، وخصوصاً " الحميدية "؛ السوق الأثير عند النساء.
حتى فترة متأخرة من وجودي بالوطن، كنتُ أفضّل النهار لأوقات جولاتي في دمشق القديمة. أما ليلاً، فإنّ المدينة الحديثة كانت هيَ مكاني الحميم. الغريب أنّ أحلام نومي، من بداية حلولي في بلد الغربة، صارت وقائعها تدور غالباً هنالك في دمشق القديمة. فلما تعرّفتُ على مدينة مراكش المغربية، قبل حوالي عشرة أعوام، راحت أحلامي تماهي بين أماكن هذه المدينة ومثيلاتها في مسقط رأسي. ولا غرابة في ذلك، طالما أن المدينتين القديمتين هنا وهناك هما على شبهٍ كبير في أوجه عديدة. إلا أن تلك الأحلام، في المقابل، عليها كان أن تتحول أحياناً إلى كوابيس في كلّ مرة يخاطبني فيها أحدهم بالقول: " كيف تخاطر بحياتك، فتأتي إلى الشام وأنت مطلوبٌ للأمن؟! "

2
أيام زمان، كان من المألوف رؤية الدواب في دروب الحارة وأزقتها. الحمار، كان وسيلة نقل القمامة وكان منظره محزناً حينَ يتلقى ضربات عصا عامل النظافة. أما الخيل، الذي كان يجر غالباً خزان المازوت، فإنه كان يسير مختالاً بزينته. لم نكن نعدم أيضاً مصادفة البغل، وهوَ محمّلٌ بالعنب الدوماني اللذيذ. فيما أذكر، أنني من النادر ما كنتُ أشاهد جملاً يجول في الجادّة وعلى كاهله أثقالُ الحطب.
من أشهر دواب الحارة، ذلك الحمار المعروف باسم الرجل الصالحاني الطيّب؛ " أبو غنو ". كان الرجل يعمل في بستان عمّنا، وكثيراً ما حقق رغبتنا بركوب حماره. لسوء حظ هذا الأخير وصاحبه، أنهما ماتا معاً في حادث سير على طريق أوتستراد الفيحاء. جارنا العجوز، " عبده كوتشي "، كان آخر رجل في الزقاق يحوي في منزله اسطبلاً مخصصاً لماعزه وحماره الأثير. خلال تحضيرنا لإمتحان الشهادة الإعدادية، كنا نزعم بأن نهيق هذا الحمار عند منتصف الليل، كان مرتبطاً بدقات ساعة بيغبن، المبثوثة من القسم العربي في دار الإذاعة البريطانية!

3
حديقة بيتنا، أصبحت محجّ أقاربنا وجيراننا إعتباراً من أواخر الثمانينات. السبب، أن بيتنا بقيَ على حاله في وقتٍ تحولت فيه البيوت الأخرى إلى عمارات سكنية حديثة. الحنين إلى جلسات أيام زمان، أضحى مثل سوطٍ يضرب أولئك الأشخاص وأغلبهم كبار في السنّ. أحد أقاربنا من جهة الأم، كان من النادر أن يزورنا فيما مضى. إلا أن زياراته لبيتنا، صارت آنذاك شبه يومية. وكان يختار دوماً الجلوس في الحديقة خلال النهار، فيما هو يتأمل أزهارها وذقنه مستندة على عكازه.
حينما كنتُ مراهقاً، أذكر كيف حضر هذا القريب ذات صباحٍ ربيعيّ ليزور جدتي. كنا نجلس ثلاثتنا في الحديقة، لما ظهرَت على الأثر جارة صبية وكانت تكبرني بنحو العام. ثم ما لبثت الصبية أن أخذت تتنقل بخفة في ممرات الحديقة، وهيَ تشم الأزهار. إلتفت إليّ الخال وهمس قائلاً بالكردية: " لاو، بَجْنا وِيْ دُخْرَه.. ! ". وأنا بسذاجة ذاك العُمر، فهمت منه أن الفتاة يحكها بدنها ( وهو تعبيرٌ شاميّ يقال عمن يسبب لنفسه مشكلة ). وإذا بالصبية تخاطبني، طالبة مني أن أقطف لها وردة جورية. فأجبتها متأثراً بكلام قريبنا، أنني لا أريد مشكلة مع والدي. قالت لي باستياء قبل أن تتوجه لتغادر المنزل: " من أجل وردة..؟ ". عند ذلك، عاد الخال ليقول لي بالعربية هذه المرة: " ما شاء الله!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة أخرى 52
- سيرة أخرى 51
- الأغراب
- الإشارة الحمراء
- أردوغان ولعنة الكرد
- سيرة أخرى 50
- مسؤولية الرئيس بارزاني
- تركيا؛ دولة غاصبة
- سيرة أخرى 49
- الإرهابيون؛ من تنظيمات إلى دول
- تشي غيفارا؛ الملاك المسلّح
- سيرَة أُخرى 48
- الفردوسُ الخلفيّ: الخاتمة
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 3


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 53