أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله النملي - الاعتداء على الأساتذة..إِهانة للمدرسة والعامِلين تحت سَقْفِها















المزيد.....

الاعتداء على الأساتذة..إِهانة للمدرسة والعامِلين تحت سَقْفِها


عبد الله النملي

الحوار المتمدن-العدد: 5696 - 2017 / 11 / 12 - 19:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قُم للمُعلم وفِّهِ التّبْجيلا،كاد المعلم أن يكون رسولا. الكثير من تلاميذ الأمس كانوا يرددون ويحفظون قولا وفعلا هذا البيت الشعري الشهير الذي كتب لتعظيم مكانة المعلم والمدرسة. ومع مرور الوقت خلف من خلفهم تلاميذا أسقطوا هالة التقديس والاحترام عن المدرسة والفاعلين تحت سقفها، ولم يعد للأستاذ حق التبجيل والاحترام، وأصبح الأساتذة يخافون على حياتهم، ويميلون أكثر إلى اتباع " السبل السلمية " في طريقة توبيخ التلميذ إذا ما اقترف فعلا يخالف أعراف المدرسة و تقاليدها، ويتغاضون عن التلميذ إذا لم ينجز واجباته درءا لأي تصرف عنيف قد يصدر عنه، ويعانون صعوبات على مستوى التحكم في الفصل وحسن تدبيره بسبب اكتظاظه، وارتفاع موجة الشغب ومنع العقوبات الزجرية. والنتيجة انتشار صور الاعتداءات على المدرسين، جعلت بعضهم يصاب بمرض نفسي، يزورون بسببه الطبيب بحثا عن الراحة بعد أن أرهقتهم كثرة الضغوط الممارسة عليهم، التي تجعل منهم ضحية تلميذ " منحرف" داخل القسم.
والأخبار التي تتناقلها الصحافة، وشبكات التواصل الاجتماعي، والملفات الرائجة في المحاكم، كافية لكشف الستار عن المنحى التصاعدي الخطير الذي اتّخذته الظاهرة. وقد لقيت حادثة الاعتداء على أستاذ بورزازات من قبل تلميذه، استنكارا واسعا من طرف المغاربة الذين استشاطوا غضبا من الحالة المتردية التي وصل إليها فضاء التربية والتعليم في بلادنا، مطالبين بإنزال أشد العقوبات على التلميذ. وحظيت هذه الحالة بمتابعة سياسية وإعلامية كثيفة في المغرب وخارجه، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي ( هاشتاغ ) تحت عنوان " شكرا معلمي " تنديدا بالاعتداء الذي تعرض له الأستاذ، كما أظهر ذلك شريط فيديو انتشر على نطاق واسع. وخرجت دعوات بين صفوف الأساتذة للاحتجاج في مختلف المدن، من أجل إعادة الاعتبار لكرامة رجال ونساء التعليم.
وكشفت دراسة لوزارة التربية الوطنية، بناء على مؤشرات العنف داخل المؤسسات التعليمية وفي محيطها، من خلال المتابعة الصحفية للجرائد الوطنية من 01 شتنبر 2012 إلى 28 فبراير 2013، عن كون العنف الذي يمارسه التلميذ ضد أستاذه يحتل الصدارة في قائمة أنواع العنف داخل المدرسة بنسبة 20%، تليها حالات العنف الذي يمارسه التلميذ إزاء زميله التلميذ بنسبة 11%، وعنف التلميذ اتجاه المدرسة بنسبة 8%. وسجلت الدراسة ذاتها بأن حالات العنف داخل المؤسسات التعليمية بلغت 25 في المائة من مجموع حالات العنف، وناهزت حالات العنف في محيط المدرسة نسبة 48%، كما أن العنف المدرسي في المدينة يفوق العنف في القرية بنسبة 75% مقابل 25% .
وعرضت على القضاء 149 حالة اعتداء، 109 ملف يتعلق بالذكور، والباقي يهم الإناث. وتصدرت مراكش المدن التي عرفت أكبر عدد من قضايا العنف المدرسي، ب 8 ملفات عرضت على القضاء خلال الموسم الدراسي 2013 _ 2014، وجاءت في المرتبة الثانية مدن: تارودانت، بني ملال، وخنفرة، ب 6 قضايا لكل مدينة. والعديد من الحالات تم التنازل عنها ولم تصل للقضاء،حسب إحصائيات التضامن الجامعي المغربي التي تهم فقط نسبة 30% من أعضاء الهيأة المنخرطين. وعموما يمكن إجمال أهم العوامل الرئيسية في ظاهرة العنف المدرسي كما وقف عليها مختصون ومحللون في الآتي:
1_ إن ارتفاع العنف المدرسي من قبل التلاميذ يعود إلى ما يتميزون به في هذه المرحلة العمرية، حيث يكون التلميذ كثير الضيق ويقاوم النقد، مما يجعله سريع الغضب، ميالا للعدوان، لأنه في مرحلة نمو سريع يسبب له الارتباك، لذا تزداد حساسيته الانفعالية، ويميل إلى التقلب المزاجي، وتظهر عليه مظاهر انفعالية مثل: العناد، التهور، الخوف، الغضب، والسلوك العدواني لظروف طارئة أو مؤقتة، أو بسبب عدم تكيف التلميذ بشكل سليم مع أسرته، أو فشله المتكرر في الدراسة، وعدم إشباع حاجاته النفسية، أو معاناته من قلق انفعالي، ووقوعه في خبرات سيئة. ناهيك عن أن بعض الدوافع البيداغوجية والتربوية تدفع التلميذ إلى العنف إزاء أستاذه ومحيطه المدرسي، ومن ذلك سوء التواصل التربوي لدى المدرسين مع بعض التلاميذ ذوي الصعوبات النفسية والاضطرابات السلوكية، نتيجة غياب التكوين والوعي السيكولوجيين. فضلا عن أن بعض التلاميذ يتعرضون إلى عنف بيداغوجي يعيدون تفريغه على مدرسيهم، نتيجة كثرة ساعات الدراسة والمواد والمقررات الدراسية، والاكتظاظ داخل الأقسام، وغياب الأنشطة التربوية والترفيهية والتثقيفية التي تساعد على التنفيس، وتفجير طاقات التلاميذ بطرف إيجابية.
2_ مختصون في علم الاجتماع أرجعوا الظاهرة إلى نقص التأطير والمرافقة النفسية والاجتماعية في الوسط المدرسي لتوجيه طاقات التلاميذ إلى مظاهر الإبداع والثقافة بدل توجيهها نحو العنف، مؤكدين أن العنف المدرسي لا يمكن تشخيصه كظاهرة معزولة عن العنف المجتمعي، حيث يأتي التلميذ إلى المدرسة وهو يحمل القيم الثقافية والاجتماعية لوسطه الأسري والمجتمعي، ذلك أن أغلب حالات العنف التي تسجل في المدارس العمومية ينتمي أغلب تلامذتها إلى فئات أسرية يطغى عليها الفقر والتفكك. ومن اعتدى على والديه وذويه، لا يجد أدنى حرج في الاعتداء على الأساتذة. ولعل انتشار ظاهرة العنف ضد الأساتذة جعل البعض منهم يرفع شعار " النقطة مقابل السلامة "، خاصة أن المحيط المدرسي أصبح يعرف انتشار المخدرات وحبوب الهلوسة، مما يجعل التلاميذ عرضة لتعاطيها، ويولد الممارسات العدائية. علاوة عن أن بطالة الخريجين دون تأهيلهم للانخراط في سوق الشغل تزرع ثقافة الإحباط لدى المتعلمين، مما يدفعهم إلى اللامبالاة ومن تم تكوين " عصابة " منظمة من المشاغبين، تخلخل قيم التربية المدرسية.
3_ أصدرت وزارة بلمختار سنة 2014 مذكرة حول العقوبات التأديبية التي تتخذها مجالس الأقسام في حق التلاميذ، حيث ألغت المذكرة عقوبة التوقيف التي لم تعد تأديبية و غير ناجعة، لأنها تعمق الهوة بين التلميذ وبين المدرسة، وتحرمه من مجموعة من الحصص المدرسية بحسب الوزارة الوصية. وفي المقابل قدمت مقترحات تأديبية تعوض الإقصاء المؤقت، كإنجاز أشغال البستنة، وتنظيف المكتبات المدرسية وترتيبها، إضافة إلى المساعدة في تحضير الأنشطة الرياضية. هذه القرارات الوزارية التي تم فرضها على الأساتذة دون إشراكهم، اعتبرها العديد من العاملين في الوسط التربوي، تساهم في تفاقم الشغب والعنف في الوسط المدرسي، وتحد من صلاحيات المدرسة في ضمان استتباب المناخ السليم للدراسة، في ظل غياب الصرامة في التعامل مع " مشاغبي المدارس"، والاكتفاء فقط بالردع عبر العقوبات البديلة.
4_ تفكك منظومة القيم لدى النشء، في غياب شبه تام لدور جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، وكذا فعاليات المجتمع المدني والسلطات المعنية، دون أن تتبنى الوزارة استراتيجية واضحة للحد من هذه السلوكات المشينة، ناهيك عن اكتفاء المدرسين بعرض التلاميذ على المجالس التأديبية للمؤسسة دون ولوج المحاكم، وتنازلهم في كثير من القضايا عن حقهم في المتابعة القضائية، بعد وساطات أسرية أو تعليمية، استحضارا منهم لدورهم التربوي، ومراعاة للمرحلة العمرية التي يمر منها التلاميذ. كما أن استخدام المعتدين للتقارير الطبية الكيدية وبصورة مستفزة، يوفر لهم الفرصة لابتزاز المعتدى عليه وأحيانا تهديده، الأمر الذي يضع الأستاذ أمام خيارات صعبة بين التوقيف أو الصلح، مما يضطر معه الأستاذ لإسقاط حقه أو عدم التقدم بشكوى ضد المعتدين من الأصل، رغبة في تفادي مشاكل الشكاوي والتوقيف والإجراءات. زيادة على عدم رغبة بعضهم في ولوج المحاكم خوفا من الإدانة، مثل ما حدث لأحد الأساتذة، عندما منع أحد المتمدرسين من الغش، فما كان من التلميذ إلا الاعتداء على الأستاذ، واستصدر من أحد الأطباء شهادة طبية، ولما رفع الأستاذ دعوى قضائية ضد التلميذ، أدينا معا بتبادل الضرب والجرح، مما جعل كثيرا من الأساتذة ينأون بأنفسهم عن متابعة التلاميذ قضائيا.
5_ تعيش بعض الأسر حياة الأمية، وليس لها مستوى تعليمي يمكنها من تربية وتأطير أبنائها، كما أن واقع الفقر، يجعل التلميذ يشعر بالحرمان بين أقرانه، وهذا يدفعه إلى الإحساس بالكراهية تجاه الآخر الذي هو أحسن منه حالا، ويولد تصرفات تسوقه إلى اقتراف بعض الممارسات العنيفة. وهناك أسباب أخرى ظهرت حديثا في المجتمع، منها الدروس الخصوصية، وتفاوت إمكانية أسر التلاميذ الاقتصادية، الرشوة والمحسوبية في نقط المراقبة المستمرة، وتسريبات الامتحانات للتلاميذ من الأسر الميسورة دون شريحة الفقراء، كلها عوامل تعزز عدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ، في التطور والتنافس المدرسي، وتنمي الحقد المجتمعي المولد للعنف.
وقد عبرت النقابات مجتمعة في بيانات مختلفة عن نبذها للعنف بصفة عامة، واصفة العنف الموجه ضد الأساتذة بالظاهرة الخطيرة، داعية الوزارة إلى إعادة النظر في بعض التشريعات ذات الصلة بالموضوع، مع التزام الصرامة والحزم في التعامل مع الاعتداءات المتكررة ضد نساء ورجال التعليم، فسلسلة الاعتداءات جعلت فعاليات نقابية و تربوية تدق ناقوس الخطر، مطالبة وزارة التربية الوطنية بمناظرة وطنية حول العنف المدرسي، خاصة أن التشريعات الحالية لا تسعف في الحد من الظاهرة أو القضاء عليها لعدم وجود نصوص تشريعية رادعة في قانون العقوبات، ونظرا للتلاعب الكبير في التقارير الطبية الكيدية التي تساوي بين المعتدي والمعتدى عليه أمام القضاء.



#عبد_الله_النملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيرة الخضراء..تفاصيل غير معروفة
- تهميش العربية
- غازات كيماوية تخنق ساكنة آسفي
- التطبيع مع الكيان الصهيوني يحط الرحال بالبرلمان المغربي
- الحرب على الإرهاب..ذريعة لها فروع في كل قارات العالم
- المتصرفون يحتجون لهذه الأسباب
- إبادة شعب -الروهينغا- وسياسة الغرب المزدوجة
- - شارلي إبدو - والإساءة المُتَعمّدة للإسلام مرة أخرى
- أشكال إجرامية غير مألوفة، فماذا نحن فاعلون؟
- حتى لا ننسى -رابعة-..أفظع مَجزرة في العصر الحديث
- كِبار رحَلوا في صمت في حين أن مهرجاناتنا مُنشغلة بغيرهم !
- الزجال الراحل عبد المجيد بنخالي.. سلام عليك حاضرا وغائبا
- الفساد المالي مسؤول عن فَقْرِنا
- هواتف جوالة تَشْدو بالموسيقى في صلاة التراويح !
- النفار شخصية رمضانية تراثية عميقة بآسفي
- الشهيد كمال عماري..مسار ملف قضائي يُراوح مكانه
- حراك الريف البطولي والفرز في الساحة
- وفاة -إيديا- تُعري واقع الصحة المُزري
- قصر البحر..من يُنقذه من مَصير الانهيار المَحتوم؟
- الحكومة الجديدة..تمخض الجبل فولد فأرا !


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله النملي - الاعتداء على الأساتذة..إِهانة للمدرسة والعامِلين تحت سَقْفِها