أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم القيّم - أشكالية العلاقة بين الأخلاق .. و الدين ..!















المزيد.....

أشكالية العلاقة بين الأخلاق .. و الدين ..!


هيثم القيّم

الحوار المتمدن-العدد: 5696 - 2017 / 11 / 12 - 00:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أشكالية العلاقة بين الأخلاق .. و الدين ..!

دائماً ما تُطرح هذه الأشكالية بين فريقين .. فريق المتديّنين و فريق غير المتديّنين .. و بينهما فريق متأرجح بين هذا و ذاك ..!
و يجري الجدال تحت عنوان رئيسي : ماهو مصدر الأخلاق ..؟ فريق يقول الدين مصدر الأخلاق ولولاه ( لخربَت الدنيا ) و عاش المجتمع بلا ضوابط أخلاقية و بالتالي سيحّل الفساد و التعرّي و الأعتداءات الجنسية و الأغتصابات و ما ألى ذلك ..!
و الفريق الآخر سينتفض و يُحاجج بقوة بأن الأخلاق وجِدت قبل الأديان ..!

سأتناول هذا الموضوع بشكل مُبسّـط بعيداً عن الطروحات الفلسفية وآراء أفلاطون و سقراط أو أبن خلدون و ديكارت و نيتشة أو دوركهايم .. و ما شابهَهم من المفكرين الكبار ، حتى لا نُـعقّد الموضوع على القارئ الكريم ..!
-----
الملامح الأولية لفكرة ( الأخلاق ) بدأت مع الأنسان القديم قبل حوالي عشرة آلاف سنة .. لكن لأنهُ لم يكن هناك تدوين و كتابة ، وصلتنا المعلومات من أنسان قبل خمسة آلاف سنة .. أي قبل ظهور الأديان و بالخصوص الأديان الأبراهيمية ( اليهودية / المسيحية / الأسلام ) ..!
بدأ الأنسان القديم يتحسَّـس بفطرتهِ و شعورهِ أن هناك شئ خطأ و شئ صح .. أو شئ مَحمود و شئ مَكروه .. و وصل الى قناعة يقينية أن القتل هو شئ خطأ و مكروه مثلاً .. و أن السرقة عمل مكروه .. و أن رعاية الأبوين شئ صح و مَحمود .. و أن مساعدة الآخرين شئ حَسِن و مَحمود .. و هكذا باقي السلوكيات البدائية الأخرى ..!
فبدأ يتشكّل في هذه المرحلة ( الضمير ) عند الأنسان ، وهو هنا الضمير الشخصي للفرد ، حينَ حصَلَ فرز نفسي في داخلهِ أن هذا السلوك الفلاني صحيح و مرغوب و أن ذاك العمل الفلاني مكروه و خطأ ..!
و حين خرجَ هذا الأنسان من كهوفهِ و مجالهِ المحدود بعدد الأفراد الذين يعيش معهم .. الى التفاعل مع الجماعة نتيجة الأستقرار و العمل بالزراعة ، كان ( ضميرهُ ) الفردي قد وضعَ الأساس الأوّل لمنظومة الأخلاق .. و عندما بدأت علاقته بالأخر تتسّع نتيجة تنوّع المعاملات و الأنشطة المُستحدَثة كالديون و التبادل السلعي و نموّ فعالية تدجين الحيوانات و تربيتها و من ثم تأجيل التبادل السلعي لحين الحصاد أو لحين تكاثر الحيوانات .. أنتقل ( ضميرهُ ) الشخصي بكل ما ترسّـبَ فيه مِن مفاهيم مبسّطة عن ( الأخلاق ) الى ما نستطيع تسميتهُ ( الضمير الجمعي ) أي للجماعة .. هذه الأرضية أسّـسَـت لمنظومة أخلاقية بسيطة تعارَفَ عليها الناس في حينها دون توثيق أو تدوين ..!
يقول العالم الأمريكي و الباحث في التاريخ (هنري بريستد ) في كتابهِ ( فجر الضمير) : وجدتُ برديّـة مصرية قديمة يعود تاريخها الى حوالي خمسة آلاف سنة مكتوب عليها نصاً : ( كنتُ أفعل ما هو ممدوح و أتـجنَّـب ماهو مكروه ..! ).
كذلك نجد في مسلّة حمورابي قبل ثلاثة آلاف و سبعمائة سنة من الأن .. أحدى المواد ألـ ( 282 ) مادة في المسلّـة تقول ما نصُّـه : ( لو رجل ضرَبَ إمرأه حامل و بسبب ضربه لها مات الجنين فى بطنها, تُـقـتل بنت الرجل اللى ضرَب .. كتخليص لنار الامرأة الحامل ..! ) .

نشأة الضمير عند الأنسان البدائي .. أدّت بدورها الى نشوء فكرة العدالة .. و فكرة العدالة تبلوَرت بالنتيجة الى قانون ، نتيجة الحاجة الى عملية ضبط أجتماعي لسلوكيات الأفراد و علاقـة الفرد بالفرد و الفرد بالسلطة ..! و كل ذلك حصل قبل نشوء الأديان ..!
-----
سأتناول جزئيّة واحدة هنا لكنها مهمة في الرؤية الحالية لموضوعة الأخلاق ، و أيضاً بعيداً عن التنظير الفلسفي ..!
يحصل عند الكثيرين خلط في الرؤية لموضوعة الأخلاق و خصوصاً عند المتديّنين ، أذ حين تُطرَح قضية الأخلاق ينصرف ذهنهم مباشرة الى ( موضوع الجنس و التعرّي و الأباحيّة ) و كأن مفهوم الأخلاق ينحصر فقط في هذه النقطة ، وهي ليست كذلك بالطبع ..!
يمكننا تقسيم القيـَم الأخلاقـية الى نوعين أو مُستويين :
- مستوى ثابت تشترك به جميع المجتمعات البشرية من الشرق الى الـغرب و من الشمال الى الجنوب .. أي هناك قيم أخلاقـية أصبحت من صُـلب صفات البشر الأسوياء و الطبيعيين ، كالصدق ، و النزاهـة ، و العدل ، و الأمانـة ، و الشهامـة ، و الـنظافـة ، و الشجاعـة في قول الحق ، و أحترام العمل و الأبداع ، و رفض الظـُلم ..ألخ أذ لا يمكن أن تجد شخصاً واحداً في العالم يقول لك : أن الصدق مثلاً قيمة أخلاقية سيّـئة أو أن صفة الأمانة صفة مذمومة ..!
هذه القيَم طـَرَحها الفكر البشري عِـبر مسيرتـهِ قبل الأديان .. ثم جاءت الأديان و منها الأسلام لـتؤكـّـد في جوهـر رسالاتـها على عددٍ منها .. و في الحقيقة لا تكاد تخلـوا منها أو بعضها أي نظرية أو فلسـفة أو دين ...!!
- مستوى مُتحرّك ، نسبي ، مُتغـيّر .. يعتمد على طبيعة المجتمعات ، و نوعـية الموروث الأجتماعي و الأعـراف و المفاهيم السائدة في كل مجتمع .. النظرة الى المرأة ، مُفردات السلوك المجتمعي اليومي كأحترام النظام و الأنتظام في المُراجعات لدوائر الدولة ، قيَم الشرف أو مفهوم الشرف ، العلاقات الـبيـنيّة بين الأفراد كالأحترام أو الشتائم ..! القيم العشائرية ، أحترام الرأي المختلف ، القيم الدينية .. ألخ .
هـذه القيم تختلف من مجتمع لآخـر .. وما هو مقبول منها في مجتمع ما .. تجدهُ غير مقبول أو غير موجود في مجتمع آخـر .. كذلك في المجتمع الواحد نفسهُ قد تتغيّر بمرور الزمن لتصبح مرفوضة أو مقبولة في فترة زمنية أخرى ..!
فمثلاً قـيَم الفصل العشائري و النهوة تختفي و تعود في مجتمعنا لتصبح شيئ مُعتاد .. لكـنّها مرفوضة و مُـستهجنة في مجتمعات أخـرى .. أو مفهوم الشرف في مجتمعنا الـذي يرتبط بـعـفـّـة المرأة .. أي أن الرجل و العائلـة و العشيرة ، يرتبط شرفهم بـعـفـّة نسائهم .. بينما في مجتمعات أخـرى لكل فرد شرفـهُ الشخصي الخاص بـه سواء رجل أم امرأة ، و الذي يعتمد بالأساس على مدى أقترابه أو بُـعدهِ عن المستوى الأوّل من القيَم الثابتة التي وردَت أعلاه .. أي أن الصدق أو النزاهة مثلاً هي معيار الشرف هناك ، بغضّ النظر عن السلوك الجنسي أو نوعية الملابس ..!

هيثم القيّم
11 / 11 / 2017



#هيثم_القيّم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا التديّن .. ماهو الدِين
- اللعب و التلاعب بورقة التوت .. عمّار الحكيم نموذجاً
- عرض مُبسّط .. ل قصة الخلق البابلية ( الأنوما أليش ) ..!
- مسرحية برلمانية .. عراقية ..!
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 7 - 9 )
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 3 -6 )
- ورود من بُستان العَلمانية .. - ( 1-2 )
- موجز عن خلفية العلاقة بين تنظيم الأخوان المسلمين و حزب الدعو ...
- تقديس الأنثى في الميثولوجيا الأولية ...
- كلام من الضرور أن يُقال
- ميثولوجيا الطوفان في الحضارات القديمة ..!
- موجزحول أشكاليّة العلاقة بين العَلمانية و الألحاد
- رؤية لأحداث اليمن
- المختصر المفيد في موضوعة الدولة العلمانية و الدولة الدينية
- أما آن الأوان ...
- لماذا الدولة العَلمانية هي الحل
- كلام لابد أن يُقال ... في ذكرى أربعينيّة الأمام الحسين
- مشكلة الوزارتين ( المُقدّستين ) ..!
- هل لازال شعار ( الأسلام هو الحل ) صالحاً ..؟
- النظام العلماني .. هو الحل


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم القيّم - أشكالية العلاقة بين الأخلاق .. و الدين ..!