أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - توفيق التميمي - موفق محمد سفير للوجع العراقي














المزيد.....

موفق محمد سفير للوجع العراقي


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 09:54
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


موفق محمد شاعر عراقي .. لاتكمن موهبته في أقتناص الوجه الانساني بل ،في قدرته على تحويل هذا الوجه الى عويل ونواح شعب بكامله ..قادرا على فتح ابواب الضمائر الموصدة والمشاعر البليدة للانحياز لهذا الألم ،وهذا الوجع الرافديني الذي يختزل ألام العراقيين كلها عبر العصور .

أيقن “موفق محمد” ذلك القروي البابلي .. أن الشعر قادر على تغيير وجه العالم عندما صرخت به ((جزائرية )) وهي مصابة بالذهول والدهشة لجيريان الدم وتناثر الاطراف البشرية من هذه الاشعار النازفة التي يستبيح فيها ((موفق محمد )) بذخ “القاعة السويسرية “في زيورخ ..
نعم .. لم تصرخ فقط هذه الجزائرية المستمعة للزوميات “موفق محمد “ بل
قالت : أنها كربلاءات جديدة ..وليست أشعارا ألفناها … … ....

وأضافت : هل من المعقول أن قادتنا القوميين الابطال هم أبطال هذه المسالخ البشرية ؟ سأعود لبلادي واقول لتلاميذي .. بأن كل ما علمته لكم عن الرموز القومية هو محض أكاذيب . وهكذا ايقن موفق محمد ..بأن الشعراء قادرون على ترميم العالم اذا لم يستطيعوا تغييره ..

كان من فضل الدكتاتورية على هذا الشاعر .. أن أكتشف في نفسه بطولة خفية لمواجهتها .. وكان من فضلها أيضا أن أمتحن قدرته على المواجهة مابين الخيارات المفتوحة .. أما التورط في ففاخ التملق والنفاق وخيانة القصيدة وهذا مافعله الكثير . من الشعراء أو ان يكون شاهدا . حقيقيا على مأساة شعبه وأهوال مصائبه وهكذا كان الاختيار الاخير اختياره . ومضى موفق محمد من (( الكوميديا العراقية )) قصيدته الاولى وهو يذبح أشعاره بأحبار الاوجاع العراقية وينطق بأوجاعها ويتوكل عن قضايا المظلومين والمحرومين واليتامى والثكالى .. ممن دمرتهم الحروب والمعتقلات ومسالخ الارهاب الجديد..
وجزاء لذلك أستحق موفق منصة الكبرياء الوطني بجدارة كما أستحق وسام البياض في الموقف والقصيدة بجدارة ايضا .

جازف “موفق محمد “ في محاولته الشعرية الاولى وسط أصوات شعرية .. ظهرت على صفحات المجلات الثقافية والشعر ليس بأمتيازها الشعري وموهبتها المتميزة .. بل ظهرت ونمت وسط غطاءات أيديولوجية ومحميات حزبية .. الاأن موفق محمد ..راهن على موهبته وفرادة قصيدته وأنحيازه لألم الانسان العراقي مهما كان شكله ومهما كان إنتماؤه.. ولم تأخذه غواية الحداثة وفن التجريب كثيرا.. كما لم يراهن عليهما في تنامي تجربته الشعرية .. التي كان يعتبرها خلاصة أحزان لعذاب بشري .. لم يفعل سوى أن يلملم شرارات هذه الاحزان.. أي أنه خباز للالم الانساني وليس شاعرا .. هكذا عرف موفق محمد ((الشاعر )) للاوربيين الذين أحتشدوا في ساحة ((الاندلس )) الخضراء وفي قاعات ((زيورخ)) الباذخةليسمعوا هذا الصوت البابلي .. الذي خدش الحضارة .. وفجرينابيع الالم الانساني الهامدة .. بعرض ملهاة من الكوميديا العراقية السوداء التي لم تناظرها كوميديا مماثلة في كل تجارب البشرية . في الوجه الاخر لموفق محمد .. ذلك الذي لن يغادر مملكته .. مادام فيها شبح لولده الغض وهو يغيب وسط هياكل عظمية هي ما تبقى من تركات هذه الدكتاتورية الهمجية ..
وكان متخصصا وبارعا في صناعة الالم والنحيب ولكنه في وجه اخر كان يصنع الضحك والمتعة لاصدقائه وأهله ..
لانه يؤمن بأن الشاعر يتحمل مسؤوليه كاملة في تهذيب الذائقة وتوفير المتعة كما يتحمل مسؤولية القضايا الانسانية الكبرى . يتجلى أخلاص موفق لاشعاره بتلك الامتدادات المتواصلة في المعنى والدلالة والتناظر اللفظي .. لهذه الكوميديا العراقية التي أفتتحها في نهايات ستينات القرن الماضي .. ولم يغلقها أمام آخر بوابات المقابر الجماعية الجهنمية .
قصيدة واحدة ..تفصلها وترقمها رزنامات العذاب والقهر .. وضحايا الحروب .. ونافورات من الدم لم تنقطع حتى بغياب الدكتاتورية .فيظل الشاعر ينزف مع نزيف الشعب .. وهو لا يطمع بمجد أو شهرة أو يسعى اليهما .. فهومتيقن تماما من ان (( قلامة أظفر واحد من الشهداء تعادل كل قصائدنا )) هكذا يقول موفق محمد .. هذا أيمانه .. وهذه قضيته .. وهذه قصيدته عارية الامن البراءة والمحبة والعشق البابلي الاسطوري ينزل من عذابات الفرات وطرائق قراه المستباحة الى منصة البوح لينشر هذه العذابات وليعلن عن هذه الحرائق ..كشاهد لايهاب النتائج ولايخشى مصيره المجهول .

فهو حمل صليبة الشعري مرات عديدة على مرابد السلطة المقبورة وأخطاته أنيابها المسعورة .. فظل هذا القديس يسرب قصائده المحتقنة بالغضب والاحتجاج الحالمة بالتغيير والثورة في.. كل مكان ،مهرجانات الشعر ..حانات الادباء .. مقاهي الحلة القديمة .. حلقات الاصدقاء السرية .. أوراق الاستنساخ .. في كل ذلك كان هذا الشاعر يقاوم ويقاوم .. حتى أستحق منا نحن أصدقاءه وسام البطولة والكبرياء وبياض الموقف بجدارة ..

يكفيك أنك ستبقى أيها القديس رسولا للعذاب العراقي ووفيا لهذا العذاب .. الذي لم تنتم لغيره منذ أزدهار الايديولوجيات وحتى سقوطها الاخير في ملعب العولمة الجديدة
موفق مؤرخ الكوميديا العراقية السوداءحقا



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة القرصنة والانقلابات
- احمد خلف يعبر حده الفاصل ليتنبا بموت ابيه
- مكتبة عراقية في نادي الاخاء التركماني
- المشترك في نكباتنا المقدسة
- ملتقى السياب التاسيسي/المعلم محمد خضير وتسيد القصيدة العمودي ...
- ناظم السعود يتامل البنايات العالية
- العرفان والامتنان لشهداء رصيف الكتاب وشهوده
- حوار مع الفنان العراقي هادي السيد
- الدرس العراقي في خروج عبد الحليم خدام
- لا تحولوا حناء البنفسج الى نافورات دماء
- مراجعة للمشهد الثقافي العراقي خلال عام/عام الوعود ورحيل الشع ...
- اليبراليون العرب والصمت القهري
- اللعنة على قراصنة البر والبحر
- اصدقاء العراق النبلاء/ شاكر النابلسي....عباس بيضون.....صافين ...


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - توفيق التميمي - موفق محمد سفير للوجع العراقي